الفصل التاسع عشر

جيمي يَصْدُقُ فِي وَعْدِهِ

قَضَى الْعَمُّ بيلي لَيْلَةً لَيْلَاءَ بِسَبَبِ مَا حَدَثَ؛ فَحِينَ أَنْهَكَهُ الشِّجَارُ مَعَ الظَّرِبَانِ جيمي، حَاوَلَ أَنْ يَغْفُوَ قَلِيلًا. فِي الْبِدَايَةِ، حَاوَلَ النَّوْمَ فِي أَحَدِ الْأَعْشَاشِ، ثُمَّ آخَرَ، لَكِنَّ أَيًّا مِنَ الْعُشَّيْنِ لَمْ يُنَاسِبْهُ، وَكَانَ ذَلِكَ إِلَى حَدٍّ مَا يَعُودُ إِلَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَشْعُرُ بِالنُّعَاسِ مُطْلَقًا. كَانَ جَائِعًا وَرَاغِبًا عَنِ النَّوْمِ تَمَامًا، وَكَانَ يَتَمَنَّى مِنْ كُلِّ قَلْبِهِ لَوْ لَمْ يَسْتَسْلِمْ بِحُمْقٍ لِنَوْبَةِ الْغَضَبِ الْمُفَاجِئَةِ تِلْكَ الَّتِي دَفَعَتْهُ إِلَى رَكْلِ الْبَيْضَةِ الْخَزَفِيَّةِ خَارِجَ الْعُشِّ لِتَسْقُطَ عَلَى رَأْسِ الظَّرِبَانِ جيمي؛ مِمَّا جَعَلَ جيمي يَثُورُ غَضَبًا.

لَمْ تَكُنْ لَدَى الْعَمِّ بيلي أَيَّةُ نِيَّةٍ فِي النُّزُولِ بَيْنَمَا جيمي يَنْتَظِرُهُ بِالْأَسْفَلِ، وَقَدْ ظَنَّ أَنَّهُ سُرْعَانَ مَا سَيَمَلُّ وَيَرْحَلُ؛ لِذَا لَمْ يَشْعُرِ الْعَمُّ بيلي بِالْقَلَقِ لِبَعْضِ الْوَقْتِ، لَكِنَّهُ — مَعَ اقْتِرَابِ الصَّبَاحِ — بَدَأَ يَشْعُرُ بِالتَّوَتُّرِ؛ إِذْ إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ يُرِيدُ أَنْ يَجِدَهُ ابْنُ الْمُزَارِعِ براون فِي الْحَظِيرَةِ حِينَ يَأْتِي لِيُطْعِمَ الدَّجَاجَ.

عِلَاوَةً عَلَى أَنَّهُ كَانَ جَائِعًا. كَانَ يَحْسَبُ أَنَّهُ سَيَجِدُ وَجْبَةً شَهِيَّةً مِنَ الْبَيْضِ، لَكِنَّهُ لَمْ يَجِدْ وَلَوْ بَيْضَةً وَاحِدَةً، فَصَارَ يَرْغَبُ فِي الْخُرُوجِ مِنْ حَظِيرَةِ الدَّجَاجِ لِلْبَحْثِ عَنْ شَيْءٍ آخَرَ يَأْكُلُهُ، لَكِنْ لَمْ يَكُنْ بِإِمْكَانِهِ ذَلِكَ دُونَ مُوَاجَهَةِ جيمي، وَهُوَ كَانَ يُفَضِّلُ الْجُوعَ عَنْ ذَلِكَ. نَعَمْ؛ كَانَ الْجُوعُ أَفْضَلَ كَثِيرًا مِنْ مُوَاجَهَةِ جيمي، وَقَدْ حَاوَلَ أَكْثَرَ مِنْ مَرَّةٍ، حِينَ ظَنَّ أَنَّ جيمي نَائِمٌ، أَنْ يَتَسَلَّلَ هَارِبًا، وَكَانَ حَرِيصًا عَلَى أَلَّا يُصْدِرَ صَوْتًا قَدْرَ الْمُسْتَطَاعِ، لَكِنَّ جيمي كَانَ يَشْعُرُ بِهِ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَيَنْتَظِرُ نُزُولَهُ. كَانَ الْعَمُّ بيلي يَتَمَنَّى لَوْ لَمْ تُوجَدْ حَظِيرَةُ دَجَاجِ الْمُزَارِعِ براون، وَلَوْ لَمْ يُفَكِّرْ فِي الْبَيْضِ عَلَى الْإِطْلَاقِ، وَأَخَذَ يَتَمَنَّى كَثِيرًا مِنَ الْأُمْنِيَّاتِ الْحَمْقَاءِ الْأُخْرَى، لَكِنَّ أَكْثَرَ مَا تَمَنَّاهُ هُوَ لَوْ أَنَّهُ لَمْ يَفْقِدْ أَعْصَابَهُ وَيَرْكُلْ تِلْكَ الْبَيْضَةَ الَّتِي سَقَطَتْ عَلَى رَأْسِ جيمي. وَحِينَ تَسَلَّلَ أَوَّلُ شُعَاعٍ مِنَ النُّورِ مِنْ تَحْتِ بَابِ الْحَظِيرَةِ وَبَدَأَتْ حَرَكَةُ الدَّجَاجِ الْقَلِقَةُ فِي مَسَاكِنِهِ، لَمْ يَعُدْ قَلَقُ الْعَمِّ بيلي يَسْمَحُ لَهُ بِأَنْ يَبْقَى سَاكِنًا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ.

فَقَالَ مُجَازِفًا: «أَلَا تَرَى أَنَّهُ مِنَ الْأَفْضَلِ لِكِلَيْنَا أَنْ نَتَصَالَحَ وَنَخْرُجَ مِنْ هُنَا يَا صَدِيقِيَ الظَّرِبَانُ؟»

فَرَدَّ جيمي، نَاظِرًا إِلَى أَعْلَى حَيْثُ الْعَمُّ بيلي نَظْرَةً جَعَلَتِ الْأَخِيرَ «غَيْرَ مُرْتَاحٍ» عَلَى الْإِطْلَاقِ، قَائِلًا: «أَنَا لَا أُمَانِعُ فِي الْبَقَاءِ هُنَا؛ فَالْمَكَانُ مُرِيحٌ جِدًّا.» كَانَ مِنَ الْوَاضِحِ تَمَامًا أَنَّ جيمي لَمْ يُسَامِحِ الْعَمَّ بيلي.

ظَلَّ الْعَمُّ بيلي صَامِتًا لِبَعْضِ الْوَقْتِ، لَكِنَّ قَلَقَهُ كَانَ فِي ازْدِيَادٍ؛ فَقَدْ كَانَ يَعْرِفُ أَنَّهُ عَمَّا قَرِيبٍ سَيَحِينُ وَقْتُ قُدُومِ ابْنِ الْمُزَارِعِ براون لِإِخْرَاجِ الدَّجَاجِ وَإِطْعَامِهِ. وَأَخِيرًا أَقْدَمَ عَلَى الْحَدِيثِ مَرَّةً أُخْرَى.

فَقَالَ الْعَمُّ بيلي: «أَعْتَقِدُ أَنَّكَ قَدْ نَسِيتَ شَيْئًا.»

فَقَالَ جيمي مُتَسَائِلًا: «مَا هُوَ؟»

رَدَّ الْعَمُّ بيلي: «أَعْتَقِدُ أَنَّكَ غَافِلٌ عَنْ أَنَّ وَقْتَ قُدُومِ ابْنِ الْمُزَارِعِ براون قَدْ حَانَ، وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَجِدَنَا هُنَا.»

رَدَّ جيمي فِي حِدَّةٍ: «إِنَّنِي لَا أَكْتَرِثُ لِابْنِ الْمُزَارِعِ براون، فَلْيَأْتِ مَتَى يَشَاءُ.» ثُمَّ ابْتَسَمَ.

كَانَ ذَلِكَ يَبْدُو تَفَاخُرًا أَجْوَفَ مِنْ جَانِبِ جيمي، لَكِنَّهُ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فِي حَقِيقَةِ الْأَمْرِ. نَعَمْ؛ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ، وَكَانَ الْعَمُّ بيلي يَعْرِفُ ذَلِكَ، كَانَ يَعْرِفُ أَنَّ جيمي يَعْنِي مَا قَالَهُ. هَكَذَا، شَعَرَ الْعَمُّ بيلي بِالْيَأْسِ؛ إِذْ لَمْ يَكُنْ يَجْرُؤُ عَلَى الْبَقَاءِ حَيْثُ هُوَ، وَلَمْ يَكُنْ يَجْرُؤُ كَذَلِكَ عَلَى النُّزُولِ وَمُوَاجَهَةِ جيمي. بِالتَّأْكِيدِ كَانَتْ تِلْكَ إِحْدَى أَسْوَأِ اللَّيَالِي الَّتِي مَرَّتْ عَلَى الْعَمِّ بيلي الْأَبُوسُومِ.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤