الفصل العشرون

وُصُولُ ابْنِ الْمُزَارِعِ براون

تَسَلَّلَ مَزِيدٌ مِنْ ضَوْءِ النَّهَارِ مِنْ تَحْتِ بَابِ حَظِيرَةِ دَجَاجِ الْمُزَارِعِ براون، وَفِي ذَلِكَ الْوَقْتِ كَانَ الدَّجَاجُ قَدِ اسْتَيْقَظَ، وَقَدِ اكْتَشَفَ الدَّجَاجُ وُجُودَ الظَّرِبَانِ جيمي بِالْأَسْفَلِ، فَأَحْدَثَ جَلَبَةً كَبِيرَةً. كَانَ قَوْقُ الدَّجَاجِ مُرْتَفِعًا جِدًّا، حَتَّى إِنَّ الْعَمَّ بيلي كَانَ مُتَأَكِّدًا مِنْ أَنَّ ابْنَ الْمُزَارِعِ براون سُرْعَانَ مَا سَيَسْمَعُهُ وَيَأْتِي لِيَعْرِفَ سَبَبَ كُلِّ تِلْكَ الْجَلَبَةِ.

جَازَفَ الْعَمُّ بيلي قَائِلًا: «أَعْتَقِدُ يَا صَدِيقِيَ الظَّرِبَانُ، أَنَّكَ إِذَا مَا غَادَرْتَ، فَإِنَّ هَذَا الدَّجَاجَ الْأَحْمَقَ سَيَكُفُّ عَنْ ضَوْضَائِهِ.»

رَدَّ جيمي قَائِلًا: «لَا أُبَالِي بِضَوْضَاءِ الدَّجَاجِ، إِنَّهَا لَا تُزْعِجُنِي عَلَى الْإِطْلَاقِ.» ثُمَّ ابْتَسَمَ. كَانَ وَاضِحًا تَمَامًا لِلْعَمِّ بيلي أَنَّ جيمي مُسْتَمْتِعٌ بِالْمَوْقِفِ.

لَكِنَّ الْعَمَّ بيلي لَمْ يَكُنْ مُسْتَمْتِعًا، كَانَ قَلِقًا جِدًّا حَتَّى إِنَّهُ لَمْ يَسْتَطِعِ الْبَقَاءَ سَاكِنًا، وَأَخَذَ يَذْرَعُ الرَّفَّ الْمُقَابِلَ لِلصَّفِّ الْعُلْوِيِّ مِنَ الْأَعْشَاشِ جِيئَةً وَذَهَابًا، مُحَاوِلًا أَنْ يُقَرِّرَ إِنْ كَانَ مِنَ الْأَفْضَلِ أَنْ يَنْزِلَ وَيُوَاجِهَ الظَّرِبَانَ جيمي أَمْ أَنْ يَخْتَبِئَ تَحْتَ الْقَشِّ فِي أَحَدِ الْأَعْشَاشِ. وَطَوَالَ الْوَقْتِ ظَلَّ مُصِيخًا السَّمْعَ تَرَقُّبًا لِسَمَاعِ خُطُوَاتِ ابْنِ الْمُزَارِعِ براون.

وَفِي النِّهَايَةِ سَمِعَهَا، وَأَدْرَكَ مِنْ صَوْتِهَا أَنَّ ابْنَ الْمُزَارِعِ براون آتٍ عَلَى عَجَلٍ؛ فَكَانَ قَدْ سَمِعَ صَوْتَ الْجَلَبَةِ الَّتِي أَحْدَثَهَا الدَّجَاجُ، وَأَتَى لِيَعْرِفَ سَبَبَهَا. وَتَمَنَّى الْعَمُّ بيلي أَنْ يَنْسَحِبَ جيمي إِلَى دَاخِلِ الْحُفْرَةِ الْمَوْجُودَةِ فِي الْأَرْضِ لِيُتِيحَ لَهُ فُرْصَةً لِلْهَرَبِ.

هَمَسَ الْعَمُّ بيلي: «إِنَّهُ آتٍ! ابْنُ الْمُزَارِعِ براون آتٍ يَا صَدِيقِيَ الظَّرِبَانُ! عَلَيْكَ أَنْ تَهْرُبَ قَبْلَ فَوَاتِ الْأَوَانِ.»

رَدَّ جيمي بِهُدُوءٍ قَائِلًا: «أَنَا أَسْمَعُهُ، وَأَنْتَظِرُ مَجِيئَهُ لِيَفْتَحَ لِيَ الْبَابَ لِأَخْرُجَ مِنْ هُنَا؛ فَهَذَا أَسْهَلُ كَثِيرًا مِنْ أَنْ أَحْشُرَ نَفْسِي فِي هَذِهِ الْفُتْحَةِ الضَّيِّقَةِ.»

شَهَقَ الْعَمُّ بيلي. كَانَ يَعْرِفُ بِالطَّبْعِ أَنَّ عَدَمَ خَوْفِ جيمي مِنْ أَحَدٍ هُوَ مَحَلُّ فَخْرِهِ، لَكِنْ كَانَ مِنَ الصَّعْبِ أَنْ يُصَدِّقَ أَنَّ جيمي كَانَتْ لَدَيْهِ النِّيَّةُ حَقًّا فِي مُوَاجَهَةِ ابْنِ الْمُزَارِعِ براون فِي حَظِيرَةِ الدَّجَاجِ الْخَاصَّةِ بِهِ حَيْثُ لَا شَأْنَ لِجيمي، وَتَمَنَّى الْعَمُّ بيلي أَنْ تُؤَدِّيَ جُرْأَةُ الظَّرِبَانِ جيمي إِلَى وُقُوعِهِ أَخِيرًا فِي الْمَتَاعِبِ. نَعَمْ؛ تَمَنَّى ذَلِكَ؛ حَيْثُ إِنَّ هَذَا قَدْ يَمْنَحُهُ فُرْصَةً لِلتَّسَلُّلِ هَرَبًا، وَإِلَّا فَسَيَكُونُ هُوَ نَفْسُهُ فِي مَأْزِقٍ بَالِغٍ.

اهْتَزَّ مِزْلَاجُ بَابِ الْحَظِيرَةِ، فَتَسَلَّلَ الْعَمُّ بيلي إِلَى دَاخِلِ أَحَدِ الْأَعْشَاشِ، لَكِنَّهُ عَلَى الرَّغْمِ مِنْ شِدَّةِ خَوْفِهِ، لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَمْنَعَ نَفْسَهُ مِنَ اخْتِلَاسِ النَّظَرِ مِنْ فَوْقِ الْحَافَةِ لِيُشَاهِدَ مَا سَوْفَ يَحْدُثُ. انْفَتَحَ الْبَابُ، فَأَغْرَقَ ضَوْءُ النَّهَارِ الْحَظِيرَةَ. كَفَّ الدَّجَاجُ عَنْ ضَوْضَائِهِ، وَوَقَفَ ابْنُ الْمُزَارِعِ براون فِي الْمَدْخَلِ وَأَلْقَى نَظْرَةً دَاخِلَ الْحَظِيرَةِ، فَرَفَعَ الظَّرِبَانُ ذَيْلَهُ الْكَبِيرَ الشَّبِيهَ بِالرِّيشِ أَعْلَى قَلِيلًا مِنَ الْمُعْتَادِ، وَسَارَ فِي هُدُوءٍ دُونَ أَنْ يَبْدُوَ عَلَيْهِ اسْتِعْجَالٌ تِجَاهَ الْبَابِ الْمَفْتُوحِ مُبَاشَرَةً. وَقَدْ رَآهُ ابْنُ الْمُزَارِعِ براون عَلَى الْفَوْرِ طَبْعًا.

صَاحَ ابْنُ الْمُزَارِعِ براون قَائِلًا: «إِنَّهُ أَنْتَ إِذَنْ، أَيُّهَا الْوَغْدُ ذُو اللَّوْنَيْنِ الْأَبْيَضِ وَالْأَسْوَدِ! أَعْتَقِدُ أَنَّكَ تَتَوَقَّعُ مِنِّي أَنْ أَتَنَحَّى جَانِبًا وَأُفْسِحَ لَكَ الطَّرِيقَ، وَأَعْتَقِدُ أَنَّ هَذَا هُوَ بِالضَّبْطِ مَا سَأَفْعَلُهُ. أَنْتَ أَكْثَرُ مَنْ أَعْرِفُهُمْ وَقَاحَةً وَاعْتِمَادًا عَلَى النَّفْسِ؛ تِلْكَ حَقِيقَتُكَ. لَمْ تَحْصُلْ عَلَى أَيِّ بَيْضٍ؛ لِأَنَّنِي جَمَعْتُهُ كُلَّهُ اللَّيْلَةَ الْمَاضِيَةَ، وَلَمْ تَأْخُذْ أَيَّ دَجَاجٍ؛ لِأَنَّهُ كَانَ ذَكِيًّا بِمَا يَكْفِي لِلْبَقَاءِ فِي مَسْكَنِهِ؛ لِذَا لَا أَظُنُّنِي فِي نِزَاعٍ مَعَكَ، وَأَنَا وَاثِقٌ مِنْ عَدَمِ رَغْبَتِي فِي مُنَازَعَتِكَ؛ فَهَيَّا اخْرُجْ مِنْ هُنَا أَيُّهَا الْوَغْدُ.»

تَنَحَّى ابْنُ الْمُزَارِعِ براون جَانِبًا، وَخَرَجَ الظَّرِبَانُ جيمي بِهُدُوءٍ وَدُونَ أَدْنَى اسْتِعْجَالٍ أَوْ قَلَقٍ، وَتَوَقَّفَ لِيَشْرَبَ مِنْ إِنَاءِ الْمَاءِ فِي فِنَاءِ الْحَظِيرَةِ، ثُمَّ عَبَرَ بَوَّابَةَ الْفِنَاءِ، وَاتَّجَهَ إِلَى الْجِدَارِ الْحَجَرِيِّ الْقَدِيمِ عَلَى أَطْرَافِ الْبُسْتَانِ الْقَدِيمِ.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤