الفصل الحادي والعشرون

الْبَيْضَةُ تَفْضَحُ الْعَمَّ بيلي

هِيَ أَشْيَاءُ صَغِيرَةٌ كَثِيرًا مَا تَبْدُو تَافِهَةً قَدْ يَتَّضِحُ فِي النِّهَايَةِ أَنَّ عَوَاقِبَهَا وَخِيمَةٌ.

أَخَذَ ابْنُ الْمُزَارِعِ براون يُرَاقِبُ الظَّرِبَانَ جيمي وَهُوَ مَاضٍ فِي سَبِيلِهِ فِي هُدُوءٍ وَسَكِينَةٍ، فَابْتَسَمَ، ثُمَّ حَكَّ رَأْسَهُ مُتَأَمِّلًا وَقَالَ: «أَعْتَقِدُ أَنَّ هَذَا أَفْضَلُ مِثَالٍ عَلَى قِيمَةِ الِاسْتِعْدَادِ. لَقَدْ كَانَ جيمي وَاثِقًا مِنْ أَنَّهُ مُسْتَعِدٌّ تَمَامَ الِاسْتِعْدَادِ لِمُوَاجَهَةِ الْمَتَاعِبِ إِذَا قَرَّرْتُ أَنَا إِثَارَتَهَا، وَإِنِّي لِذَلِكَ لَمْ أَكُنْ لِأُثِيرَهَا؛ لِذَا غَادَرَ الْمَكَانَ فِي هُدُوءٍ كَأَنَّهُ أَكْبَرُ مِنِّي حَجْمًا بِقَدْرِ مَا أَنَا أَكْبَرُ مِنْهُ. لَا يُوجَدُ شَيْءٌ أَفْضَلُ مِنْ أَنْ تَكُونَ مُسْتَعِدًّا إِذَا كُنْتَ تَرْغَبُ فِي تَجَنُّبِ الْمَتَاعِبِ.»

بَعْدَ ذَلِكَ، عَادَ ابْنُ الْمُزَارِعِ براون إِلَى حَظِيرَةِ الدَّجَاجِ مَرَّةً أُخْرَى وَدَخَلَهَا، ثُمَّ أَلْقَى نَظْرَةً لِيَتَأَكَّدَ مِنْ أَنَّ الْحَمَاقَةَ لَمْ تَصِلْ بِإِحْدَى الدَّجَاجَاتِ إِلَى أَنْ تَنَامَ حَيْثُ كَانَ جيمي يَسْتَطِيعُ الْإِمْسَاكَ بِهَا. وَبَعْدَ التَّأَكُّدِ مِنْ ذَلِكَ، كَانَ سَيَشْرَعُ فِي مَهَمَّةِ إِطْعَامِ الدَّجَاجِ الصَّبَاحِيَّةِ الْمُعْتَادَةِ، لَوْلَا شَيْءٌ وَاحِدٌ، وَكَانَ هَذَا الشَّيْءُ هُوَ الْبَيْضَةَ الْخَزَفِيَّةَ الْمُلْقَاةَ عَلَى الْأَرْضِ.

صَاحَ ابْنُ الْمُزَارِعِ براون حِينَ رَأَى الْبَيْضَةَ: «عَجَبًا! كَيْفَ أَتَتْ هَذِهِ الْبَيْضَةُ إِلَى هُنَا؟ لَا بُدَّ أَنَّ الظَّرِبَانَ جيمي سَحَبَهَا مِنْ أَحَدِ الْأَعْشَاشِ السُّفْلِيَّةِ هَذِهِ.»

كَانَ الصَّبِيُّ يَعْرِفُ الْأَعْشَاشَ الَّتِي يُوجَدُ بِهَا الْبَيْضُ الْخَزَفِيُّ، فَلَمْ يَسْتَغْرِقْ سِوَى دَقِيقَةٍ لِاكْتِشَافِ أَنَّهُ لَا يُوجَدُ أَيُّ بَيْضٍ مَفْقُودٍ مِنَ الْأَعْشَاشِ السُّفْلِيَّةِ؛ فَتَمْتَمَ قَائِلًا: «هَذَا غَرِيبٌ، لَا بُدَّ أَنَّ هَذِهِ الْبَيْضَةَ جَاءَتْ مِنْ أَحَدِ الْأَعْشَاشِ الْعُلْوِيَّةِ. إِنَّ جيمي لَمْ يَتَمَكَّنْ بِالتَّأْكِيدِ مِنَ الْوُصُولِ إِلَى تِلْكَ الْأَعْشَاشِ بِالْأَعْلَى، وَلَا يُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ أَيَّةُ دَجَاجَةٍ قَدْ أَسْقَطَتْهَا لَيْلَةَ أَمْسِ؛ لِأَنَّ الدَّجَاجَ كُلَّهُ كَانَ فِي مَسَاكِنِهِ حِينَ أَغْلَقْتُ عَلَيْهِ الْحَظِيرَةَ أَمْسِ، وَبِالتَّأْكِيدِ لَمْ يَفْعَلِ الدَّجَاجُ ذَلِكَ هَذَا الصَّبَاحَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِيَجْرُؤَ عَلَى مُغَادَرَةِ مَسَاكِنِهِ مَعَ وُجُودِ الظَّرِبَانِ جيمي هُنَا. عَلَيَّ أَنْ أَنْظُرَ فِي هَذَا الْأَمْرِ.»

لِذَا، بَدَأَ بِالصَّفِّ الثَّانِي وَأَخَذَ يَنْظُرُ دَاخِلَ كُلِّ عُشٍّ، ثُمَّ اتَّجَهَ إِلَى الصَّفِّ الْعُلْوِيِّ، حَتَّى وَصَلَ إِلَى الْعُشِّ الَّذِي يَخْتَبِئُ بِهِ الْعَمُّ بيلي الْأَبُوسُومُ تَحْتَ الْقَشِّ حَابِسًا أَنْفَاسَهُ. كَانَ الْعَمُّ بيلي قَدْ غَطَّى نَفْسَهُ جَيِّدًا بِالْقَشِّ، لَكِنَّهُ نَسِيَ شَيْئًا وَاحِدًا، لَقَدْ نَسِيَ ذَيْلَهُ. أَجَلْ؛ لَقَدْ نَسِيَ الْعَمُّ بيلي تَغْطِيَةَ ذَيْلِهِ، فَكَانَ مُتَدَلِّيًا مِنْ عَلَى حَافَةِ الْعُشِّ، وَبِالطَّبْعِ رَآهُ ابْنُ الْمُزَارِعِ براون. لَمْ يَكُنْ ثَمَّةَ مَفَرٌّ مِنْ أَنْ يَرَاهُ.

فَصَاحَ قَائِلًا: «عَجَبًا! عَجَبًا! إِذَنْ كَانَ ثَمَّةَ أَكْثَرُ مِنْ زَائِرٍ لَيْلَةَ أَمْسِ، يَبْدُو أَنَّ حَظِيرَةَ الدَّجَاجِ هَذِهِ لَهَا شَعْبِيَّةٌ كَبِيرَةٌ. أَعْتَقِدُ أَنَّ أَوَّلَ شَيْءٍ عَلَيَّ الْقِيَامُ بِهِ بَعْدَ تَنَاوُلِ إِفْطَارِي هُوَ تَثْبِيتُ لَوْحٍ عَلَى هَذِهِ الْفُتْحَةِ فِي الْأَرْضِيَّةِ. إِنَّهُ أَنْتَ إِذَنْ أَيُّهَا الْعَمُّ بيلي مَنْ رَكَلَ الْبَيْضَةَ الْخَزَفِيَّةَ خَارِجَ الْعُشِّ؛ وَجَدْتَهَا قَاسِيَةً قَلِيلًا عَلَى أَسْنَانِكَ، أَلَيْسَ كَذَلِكَ؟ فَقَدْتَ أَعْصَابَكَ وَرَكَلْتَهَا، أَلَيْسَ كَذَلِكَ؟ هَذَا حُمْقٌ مِنْكَ أَيُّهَا الْعَمُّ بيلي، حُمْقٌ بَالِغٌ فِعْلًا. لَا تَفْقِدْ أَعْصَابَكَ أَبَدًا بِسَبَبِ تَفَاهَاتٍ؛ فَهَذَا لَا يُجْدِي نَفْعًا. وَالْآنَ، تُرَى مَا الَّذِي يَنْبَغِي لِي أَنْ أَفْعَلَهُ بِكَ؟»

طَوَالَ ذَلِكَ الْوَقْتِ، لَمْ يُحَرِّكِ الْعَمُّ بيلي سَاكِنًا. بِالطَّبْعِ، لَمْ يَكُنْ يُمْكِنُهُ فَهْمُ مَا يَقُولُهُ ابْنُ الْمُزَارِعِ براون، وَلَمْ يُمْكِنْهُ رُؤْيَةُ مَا يَفْعَلُهُ؛ لِذَا كَتَمَ أَنْفَاسَهُ وَأَخَذَ يَتَمَنَّى أَلَّا يَكُونَ أَمْرُهُ قَدِ انْكَشَفَ. وَكَانَ مِنَ الْمُمْكِنِ أَلَّا يَنْكَشِفَ أَمْرُهُ لَوْلَا تِلْكَ الْبَيْضَةُ الْخَزَفِيَّةُ عَلَى الْأَرْضِ الَّتِي كَشَفَتْ أَمْرَهُ. لَقَدْ كَانَتْ تِلْكَ الْبَيْضَةُ سَبَبَ مَتَاعِبِهِ كُلِّهَا؛ أَوَّلًا أَغْضَبَتِ الظَّرِبَانَ جيمي — كَمَا تَذْكُرُونَ — حِينَ سَقَطَتْ عَلَى رَأْسِهِ، ثُمَّ دَفَعَتِ ابْنَ الْمُزَارِعِ براون إِلَى الْبَحْثِ فِي الْأَعْشَاشِ كُلِّهَا. كَانَ رَكْلُ الْبَيْضَةِ خَارِجَ الْعُشِّ يَبْدُو شَيْئًا تَافِهًا، لَكِنِ انْظُرُوا إِلَى عَوَاقِبِهِ. حَقًّا، إِنَّ الْأَشْيَاءَ الَّتِي تَبْدُو تَافِهَةً عَادَةً لَا تَكُونُ كَذَلِكَ فِي الْحَقِيقَةِ.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤