الفصل الثاني والعشرون

الْعَمُّ بيلي يُجَرِّبُ حِيلَتَهُ الْقَدِيمَةَ

كَانَ ذَيْلُ الْعَمِّ بيلي هُوَ أَوَّلَ مَا نَبَّهَهُ إِلَى أَنَّ أَمْرَهُ قَدِ انْكَشَفَ … أَجَلْ، ذَيْلُهُ؛ فَقَدْ قَرَصَ ابْنُ الْمُزَارِعِ براون ذَيْلَهُ. كَانَ ذَلِكَ تَصَرُّفًا مَعِيبًا، لَكِنَّ الْفُضُولَ كَانَ قَدْ تَمَكَّنَ مِنَ الصَّبِيِّ، وَأَرَادَ أَنْ يَرَى مَا سَيَفْعَلُهُ الْعَمُّ بيلي، كَمَا أَنَّهُ لَمْ يَقْرُصْهُ بِقُوَّةٍ، لَيْسَ بِالْقُوَّةِ الْكَافِيَةِ لِإِيلَامِهِ. لَقَدْ كَانَ ابْنُ الْمُزَارِعِ براون أَطْيَبَ قَلْبًا مِنْ أَنْ يُؤْذِيَ أَيَّ كَائِنٍ إِنْ كَانَ ذَلِكَ بِاسْتِطَاعَتِهِ.

أَيُّ أَحَدٍ آخَرَ مِنْ سُكَّانِ الْغَابَةِ الْخَضْرَاءِ أَوْ سُكَّانِ الْمُرُوجِ الْخَضْرَاءِ كَانَ سَيَسْحَبُ ذَيْلَهُ فَوْرًا لَوْ كَانَ مَكَانَ الْعَمِّ بيلي، لَكِنَّ الْعَمَّ بيلي لَمْ يَفْعَلْ. أَجَلْ، لَمْ يَفْعَلْ؛ فَمِنْ فَرْطِ سُكُونِهِ كَانَ يَبْدُو كَمَا لَوْ أَنَّ ذَاكَ الذَّيْلَ يَخُصُّ أَحَدًا غَيْرَهُ. لَا شَكَّ أَنَّ الْعَمَّ بيلي شَعَرَ بِرَغْبَةٍ فِي سَحْبِ ذَيْلِهِ؛ فَأَيُّ أَحَدٍ آخَرَ مَكَانَهُ كَانَ سَيَشْعُرُ بِذَلِكَ، لَكِنَّ الْعَمَّ بيلي لَمْ يُحَرِّكْ ذَيْلَهُ عَلَى الْإِطْلَاقِ، وَهُوَ مَا يُثْبِتُ أَنَّ الْعَمَّ بيلي يُمْكِنُ أَنْ يَتَحَلَّى بِقُدْرَةٍ كَبِيرَةٍ عَلَى ضَبْطِ النَّفْسِ حِينَ يُرِيدُ ذَلِكَ.

قَرَصَ ابْنُ الْمُزَارِعِ براون ذَيْلَ الْعَمِّ بيلي مَرَّةً أُخْرَى، لَكِنَّ الْقَرْصَةَ كَانَتْ أَقْوَى قَلِيلًا مِنْ سَابِقَتِهَا، إِلَّا أَنَّ الْعَمَّ بيلي ظَلَّ سَاكِنًا. ضَحِكَ ابْنُ الْمُزَارِعِ براون ضَحْكَةً خَافِتَةً وَبَدَأَ يَجْذِبُ الذَّيْلَ، وَرَاحَ يَجْذِبُ وَيَجْذِبُ حَتَّى أَخْرَجَ الْعَمَّ بيلي أَخِيرًا مِنْ مَخْبَئِهِ، وَتَأَرْجَحَ جَسَدُ الْعَمِّ بيلي مُتَدَلِّيًا مِنْ ذَيْلِهِ الَّذِي كَانَ ابْنُ الْمُزَارِعِ براون مُمْسِكًا بِهِ. لَمْ تَبْدُ أَيُّ عَلَامَةٍ مِنْ عَلَامَاتِ الْحَيَاةِ عَلَى الْعَمِّ بيلي، كَانَ يَبْدُو مَيِّتًا، وَيَتَصَرَّفُ كَأَنَّهُ مَيِّتٌ. وَلَوْ كَانَ رَآهُ أَحَدٌ لَا يَعْرِفُهُ لَظَنَّهُ مَيِّتًا فِعْلًا.

أَلْقَى ابْنُ الْمُزَارِعِ براون الْعَمَّ بيلي عَلَى الْأَرْضِ، فَبَقِيَ حَيْثُ سَقَطَ تَمَامًا، ثُمَّ دَحْرَجَهُ الصَّبِيُّ عَلَى الْأَرْضِ بِقَدَمِهِ، لَكِنَّ الْعَمَّ بيلي لَمْ تَبْدُرْ مِنْهُ أَيَّةُ بَادِرَةٍ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ حَيٌّ. كَانَ يَتَمَنَّى أَنْ يَظُنَّ ابْنُ الْمُزَارِعِ براون أَنَّهُ مَيِّتٌ حَقًّا، كَانَ ذَلِكَ مَا يُرِيدُ، لَكِنَّ الصَّبِيَّ رَفَعَهُ مِنْ عَلَى الْأَرْضِ مَرَّةً أُخْرَى، وَوَضَعَهُ فَوْقَ صُنْدُوقٍ، بَعْدَ أَنْ قَامَ أَوَّلًا بِتَثْبِيتِ لَوْحٍ عَلَى الْفُتْحَةِ فِي الْأَرْضِ وَإِغْلَاقِ بَابِ الْحَظِيرَةِ. بَعْدَ ذَلِكَ، رَاحَ يَقُومُ بِأَعْمَالِهِ الصَّبَاحِيَّةِ مِنْ تَنْظِيفِ الْحَظِيرَةِ وَتَقْدِيمِ الْحُبُوبِ إِلَى الدَّجَاجِ.

تَمَدَّدَ الْعَمُّ بيلي فَوْقَ الصُّنْدُوقِ، وَكَانَ مَنْظَرُهُ مُثِيرًا لِلشَّفَقَةِ حَقًّا؛ فَمَنْظَرُ أَيِّ حَيَوَانٍ أَوْ طَائِرٍ مَيِّتٍ دَائِمًا مَا يَكُونُ مُثِيرًا لِلشَّفَقَةِ، لَكِنَّ مَنْظَرَ الْعَمِّ بيلي وَهُوَ مُمَدَّدٌ عَلَى ذَلِكَ الصُّنْدُوقِ كَانَ الْأَكْثَرَ إِثَارَةً لِلشَّفَقَةِ عَلَى الْإِطْلَاقِ. كَانَ شَعْرُهُ أَشْعَثَ — كَحَالِهِ دَائِمًا — وَقَدِ امْتَلَأَ بِالْغُبَارِ وَالْقَشِّ، وَشَفَتَاهُ مَسْحُوبَتَيْنِ وَفَمُهُ مَفْتُوحًا بَعْضَ الشَّيْءِ، وَقَدْ بَدَتْ عَيْنَاهُ مُغْمَضَتَيْنِ. فِي الْوَاقِعِ، كَانَتْ عَيْنَاهُ مَفْتُوحَتَيْنِ قَلِيلًا جِدًّا بِمَا يَكْفِي لِيُرَاقِبَ ابْنَ الْمُزَارِعِ براون، لَكِنَّكَ لَوْ نَظَرْتَ إِلَيْهِ، لَمَا أَمْكَنَكَ سِوَى أَنْ تَظُنَّ أَنَّهُ قَدْ مَاتَ وَ«شَبِعَ مَوْتًا».

بَيْنَمَا كَانَ ابْنُ الْمُزَارِعِ براون يَقُومُ بِأَعْمَالِهِ، ظَلَّ يُرَاقِبُ الْعَمَّ بيلي خِلْسَةً وَيَضْحَكُ. قَالَ الصَّبِيُّ: «أَيُّهَا الْمُحْتَالُ الْعَجُوزُ، تَظُنُّ أَنَّ خُدْعَتَكَ انْطَلَتْ عَلَيَّ، لَكِنَّنِي أَعْرِفُكَ جَيِّدًا؛ فَلَيْسَ ثَمَّةَ مَا يَقْتُلُ حَيَوَانَاتِ الْأَبُوسُومِ فِي أَعْشَاشِ الدَّجَاجِ. أَنْتَ بِالتَّأْكِيدِ وَغْدٌ عَجُوزٌ ذَكِيٌّ، وَأَفْضَلُ مُمَثِّلٍ رَأَيْتُهُ فِي حَيَاتِي، تُرَى كَمْ مِنَ الْوَقْتِ سَتَظَلُّ مُتَظَاهِرًا بِحَالِكِ هَذِهِ، أَتَمَنَّى لَوْ كَانَ لَدَيَّ نِصْفُ مَا لَدَيْكَ مِنْ قُدْرَةٍ عَلَى ضَبْطِ النَّفْسِ.»

حِينَ أَنْهَى ابْنُ الْمُزَارِعِ براون عَمَلَهُ، رَفَعَ الْعَمَّ بيلي مِنْ ذَيْلِهِ مَرَّةً أُخْرَى، وَفَتَحَ الْبَابَ، ثُمَّ تَوَجَّهَ إِلَى الْمَنْزِلِ وَالْعَمُّ بيلي يَتَدَلَّى مِنْ يَدَيْهِ وَيَرْتَطِمُ بِسَاقَيِ الصَّبِيِّ، إِلَّا أَنَّ الْعَمَّ بيلي ظَلَّ سَاكِنًا لَا يَأْتِي بِعَلَامَةٍ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ حَيٌّ. كَانَ يَتَسَاءَلُ فِي نَفْسِهِ عَنِ الْوِجْهَةِ الَّتِي سَيَأْخُذُهُ إِلَيْهَا ابْنُ الْمُزَارِعِ براون، وَكَانَ خَائِفًا جِدًّا، لَكِنَّهُ ظَلَّ مُتَمَسِّكًا بِحِيلَةِ تَظَاهُرِهِ بِالْمَوْتِ الْقَدِيمَةِ الَّتِي أَفَادَتْهُ كَثِيرًا مَرَّاتٍ عِدَّةً فِيمَا مَضَى.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤