الفصل الثاني

يزيد بن معاوية

٦٠–٦٤ﻫ/٦٨٠–٦٨٤م

(١) أوَّليته

ولد أبو خالد يزيد في سنة ٢٦ للهجرة، وأمه ميسون بنت بجدل بن أنيف الكلبية، وكانت سيدة بدوية، لم تحتمل عيشة المدن والحضارة، فطلبت من معاوية أن يردها إلى البادية فذهبت إليها، وربت ابنها تربية بدوية، وقد نشأ يزيد نشأة فتيان قريش، فصيحًا قويًّا وشاعرًا بارعًا، قال في الفخري: كان موفر الرغبة في اللهو والقنص والخمر والنساء والشعر، كان فصيحًا كريمًا، شاعرًا مفلقًا، قالوا: بُدِئ الشعر بملك وخُتم بملك؛ إشارة إلى امرئ القيس وإليه.١ وكان يزيد ذا مواهب كثيرة من عقل وحنكة وشجاعة ودراية، ولكن الظروف التي أحاطت به قد شوَّهت سمعته.

(٢) خلافته

بويع يزيد بالخلافة بعد وفاة أبيه للنصف من رجب سنة ٦٠ﻫ، وقيل لثمان بقين منه، فأول عمل عمله إقراره ولاته عمال أبيه، فأقر عبيد الله بن زياد على البصرة، والنعمان بن بشير على الكوفة، والوليد بن عتبة بن أبي سفيان على المدينة، وعمرو بن سعيد بن العاص على مكة، ثم التفت إلى طلب بيعة النفر الذين تخلَّفوا عن مبايعته، فكتب إلى الوليد بن عتبة كتابًا فيه: «أما بعد، فإن معاوية كان عبدًا من عباد الله، أكرمه الله، واستخلفه، وخوَّله، ومكَّن له، فعاش بقدرٍ ومات بأجل، فرحمه الله؛ فقد عاش محمودًا ومات برًّا تقيًّا، والسلام.» ثم كتب إليه رسالة أخرى فيها: «أما بعد، فخذ حسينًا، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن الزبير، بالبيعة أخذًا شديدًا ليست فيه رخصة، حتى يبايعوا.» فدعا الوليد مروان بن الحكم وأطلعه على الكتاب، فلما قرأه استرجع وترحَّم على معاوية، ثم قال: أرى أن تبعث الساعة إليهم فتدعوهم إلى البيعة، والدخول في الطاعة، فإنهم إنْ علموا بموت معاوية، وثب كلُّ امرئٍ منهم في جانب، وأظهر الخلاف والمُنابذة ودعا إلى نفسه. لا أدري، أما ابن عمر فإني لا أراه يرى القتال، ولا يحب أن يولَّى إلَّا أن يُدفع إلى هذا. أما الحسين وابن الزبير فإنهما يطمعان فيها. ثم بعث إلى الحسين وابن الزبير فاجتمعا وتشاورا في الأمر، فقال الحسين لابن الزبير: يا ابن الزبير قد ظننت أن طاغيتهم قد هلك، فبعث إلينا ليأخذنا بالبيعة قبل أن يفشو في الناس الخبر، فقال ابن الزبير: وأنا ما أظن غيره، فماذا تريد أن تصنع؟ قال الحسين: أجمع قياني الساعة ثم أمشي إليه، فإذا بلغت الباب احتبستهم عليه ثم دخلت. قال ابن الزبير: فإني أخافه عليك، فقال الحسين: لا آتيه أولًا وأنا على الامتناع قادر، ثم قام فجمع إليه مواليه وأهل بيته، ثم أتاه، فسلَّم عليه بالإمرة، ومروان جالس عنده، فقال الحسين: الصلة خير من القطيعة، أصلح الله ذات بينكما. فلم يجيباه في هذا بشيء، ثم أقرآه كتاب يزيد، ودعياه إلى البيعة، فقال الحسين: إنا لله وإنا إليه راجعون، ورحم الله معاوية، وعظم لك الأجر يا وليد. أما ما سألتني من البيعة فإن مثلي لا يعطي بيعته سرًّا، ولا أراك تجتزئ بها مني سرًّا دون أن نظهرها على رءوس الناس علانية. قال: أجل. قال: فإذا خرجت إلى الناس فدعوتهم إلى البيعة دعوتنا مع الناس فكان أمرًا واحدًا، فقال له الوليد: حسنًا، انصرف على اسم الله حتى تأتينا مع جماعة الناس. وقال مروان: والله لئن فارقك الساعة ولم يبايع لا قدرت عليه أو تضرب عنقه، فوثب الحسين وقال: يا ابن الزرقاء أنت تقتلني أم هو؟ كذبت والله وأثمت، ثم خرج فقال مروان للوليد: عصيتني، «والله لا يمكنك من نفسه أبدًا»، ودخل الحسين بيته ثم خرج ليلًا إلى مكة هاربًا.

أما ابن الزبير فإنه قال للرسول: اذهب فسآتيكم. ثم دخل داره، حتى إذا كان الليل خرج فأخذ طريق الفُرع، هو وأخوه جعفر، وقصد مكة فدخلها قبل الحسين بيوم، فلما دخلها قال: أنا عائذ بالبيت، ولم يكن يصلي مع الناس ولا يفيض بإفاضتهم، وكذلك فعل الحسين. وأما ابن عمر فإنه قال لهم: إذا بايع الناس بايعت. فتركوه وكانوا لا يتخوفونه.٢

(٣) نكبة الحسين

لما اجتمع ابن الزبير والحسين في مكة، وأخذا يثيران الناس على يزيد ضاق يزيد بهما، ولكن مكانتهما وموضعهما كانا يحولان دون الفتك بهما، ويظهر أن ابن الزبير قد رأى في الحسين منافسًا قويًّا، فعزم على السكوت مؤقتًا إلى أن يحين وقته.٣ وأخذ الحسين يُكاتب شيعته في الكوفة ويكاتبونه؛ ومن ذلك ما كتبوا به إليه يقولون: «أما بعد، فالحمد لله الذي قصم ظهر عدوك الجبار العتيد، الذي اعتدى على هذه الأمة فانتزعها حقوقها واغتصبها أمورها، وغلبها على فيئها، وتأمَّر عليها على غير رضًى منها، ثم قتل خيارها، واستبقى شرارها، فبُعدًا له كما بَعُدت ثمود، إذ ليس علينا إمام، فاقدم علينا لعل الله يجمعنا بك على الهدى، فإن النعمان بن بشير في قصر الإمارة، ولسنا نجتمع معه في جمعة، ولا نخرج معه إلى عيد، ولو قد بلغنا مخرجك أخرجناه من الكوفة وألحقناه بالشام.»٤ ومما كتب إليهم قوله: «من حسين بن علي إلى الملأ من المؤمنين والمسلمين، أما بعد، فإن هانئًا وسعيدًا قدما عليَّ بكتبكم، وكانا آخر من قدم عليَّ من رسلكم، وقد فهمت كل الذي قصصتم وذكرتم ومقالة جلِّكم: إنه ليس علينا إمام، فأقبل لعل الله يجمعنا بك على الهدى والحق. وقد بعثت إليكم أخي وابن عمي، وثقتي من أهل بيتي وأمرته أن يكتب إليَّ بحالكم وأمركم ورأيكم، فإن كتب إليَّ أنه قد أجمع رأي ملئكم وذوي الفضل والحجى منكم على مثل ما قدمت عليَّ به رسلكم وقرأت في كتبكم، أقدم عليكم وشيكًا إنْ شاء الله؛ فلعمري، ما الإمام إلَّا العامل بالكتاب، والآخذ بالقسط، والدائن بالحق، والحابس نفسه على ذات الله، والسلام.» ثم تتابعت رُسُل الكوفيين إلى الحسين، يدعونه إلى القدوم عليهم، فوجَّه إليهم ابن عمه مسلم بن عقيل بن أبي طالب، وقال له: اذهب إليهم فانظر ما كتبوا به، فإن كان حقًّا خرجنا إليهم. فلما أتاهم بايعه منهم اثنا عشر ألفًا، وكتب مسلم بذلك إلى الحسين وطلب إليه الحضور، وبلغت هذه الأخبار يزيد، فاستضعف أميره على الكوفة النعمان بن بشير وعزله، وولاها عبيد الله بن زياد بالإضافة إلى البصرة، فقدمها فورًا ومسلم بن عقيل فيها، فلما نزل القصر دعا مولًى له فأعطاه ثلاثة آلاف، وقال له: اذهب حتى تسأل عن الرجل الذي يبايع الكوفيون للحسين عنده، فأعلمه أنك رجل من أهل حمص جئت لهذا الأمر، وهذا مال تدفعه إليه ليتقوَّى به، فذهب المولى ولم يزل يتلطف حتى دُل على شيخ من الكوفيين يلي البيعة، اسمه هانئ بن عمر فأخبر خبره، فقال له هانئ: لقد سرني لقاؤك إياي وساءني؛ فأما ما سرني فما هداك الله له، وأما ما ساءني فإن أمرنا لم يستحكم بعد. ثم بايعه ورجع إلى عبيد الله وأخبره بالخبر، ثم إن عبيد الله علم أن مسلم بن عقيل هو في بيت هانئ بن عمر، فاستدعاه وسأله عن مسلم فأنكره، فنادى عبد الله مولاه فخرج إليه فصعق هانئ، وعلم مسلم بما جرى، فجمع جمعًا من الكوفيين يقرب من أربعة آلاف، وسار بهم للقاء عبيد الله، فأخذوا يتسللون في الطريق حتى إذا بلغوا الإمارة، لم يكن عددهم أكثر من خمسمائة، فلما جاء الظلام وجد مسلم أنه أمسى وحده فالتجأ إلى دار في المدينة، ولما علم عبيد الله بملجئه بعث إليه فقبض عليه، ثم أمر به أن يُصعد إلى أعلى قصر الإمارة، فضربت عنقه وألقيت جثته إلى الناس، ثم أمر بهانئ فسُحب إلى الكناسة فصُلب هناك.

أما الحسين فإنه أخذ يُهيئ نفسه للمسير إلى العراق، ولكن جماعة من القرشيين حاولوا أن يثنوا عزمه مثل عمر بن عبد الرحمن بن الحارث المخزومي وعبد الله بن عباس، أما ابن الزبير فكان يحرضه على المسير، ليخلو له الجو؛ فقد روى الطبري عن أبي مخنف، قال: إن حسينًا لما أجمع المسير إلى الكوفة أتاه عبد الله بن عباس، فقال: يا ابن عم، إنك قد أرجف الناس أنك سائر إلى العراق، فبيِّن لي ما أنت صانع؟ قال: إني أجمعت المسير في أحد يوميَّ هذين إنْ شاء الله، فقال ابن عباس: فإني أعيذك بالله من ذلك. أخبرني — رحمك الله — أتسير إلى قوم قد قتلوا أميرهم، وضبطوا بلادهم ونفوا عدوهم، فإن كانوا قد فعلوا ذلك فسر إليهم، وإنْ كانوا إنما دعوك إليهم وأميرهم عليهم قاهر، وعُمَّاله تجبي بلادهم، فإنهم إنما دعوك إلى الحرب والقتال، ولا آمنُ أن يُغروك ويكذبوك ويخالفوك ويخذلوك، وأن يستنفروا إليك فيكونوا أشد عليك، فقال له الحسين: إني أستخير الله وأنظر ما يكون. قال: فخرج ابن عباس وأتاه ابن الزبير، فحدثه ساعة ثم قال: ما أدري ما تركُنا هؤلاء القوم وكفُّنا عنهم، وعن أبناء المهاجرين وولاة الأمر دونهم؟! خبرني ما تريد أن تصنع؟ فقال الحسين: والله لقد حدثت نفسي بإتيان الكوفة، ولقد كتب إليَّ شيعتي بها وأشراف أهلها، وأستخير الله. فقال ابن الزبير: أما والله لو كان لي بها مثل شيعتك ما عدلت بها. ثم إن ابن عباس أتاه ثانية، فقال له: يا ابن عم، إني أتصبَّر ولا أصبر. إني أتخوَّف عليك في هذا الوجه الهلاك والاستئصال. إن أهل العراق قوم غدر فلا تقربنَّهم، أقم بهذا البلد فإنك سيد أهل الحجاز، فإن كان أهل العراق يريدونك — كما زعموا — فاكتب إليهم، فلينفوا عدوهم ثم اقدم عليهم، فإن أبيتَ إلَّا أن تخرج فسِر إلى اليمن، فإن بها حصونًا وشعابًا، وهي أرض عريضة طويلة، ولأبيك بها شيعة، وأنت عن الناس في عزلة، فتكتب إلى الناس وترسل وتبعث دعاتك، فإني أرجو أن يأتيك الذي تحب في عافية، فقال الحسين: يا ابن عم، واللهِ أعلمُ أنك ناصح مشفق، ولكني قد أزمعت وأجمعت على المسير.

قال ابن عباس: فلا تسر بنسائك وصِبيتك؛ فوالله إني لخائف أن تُقْتل كما قُتل عثمان ونساؤه وولده ينظرون. ثم قال ابن عباس: والله إنك أقررت عين ابن الزبير، بتخليتك إياه والحجاز والخروج منها.٥ وبينا كان الحسين يُهيئ نفسه للخروج، إذ قدم الفرزدق حاجًّا فرآه الحسين، وسأله عن العراق وأهله، فقال له: القلوب معك والسيوف مع بني أمية والقضاء بيد الله.٦ ولكن الحسين لم يلتفت إلى ذلك كله، بل سار بأهله وولده ورهط من شيعته لم يتجاوزوا الثمانين رجلًا، فلما دنا الكوفة وعلم بمقتل مسلم بن عقيل، وخذلان أهلها له قابله الحر بن يزيد التميمي، وقال له: «ارجع فإني لم أدع لك خلفي خيرًا أرجوه.» فداخل الحسين الشك وعزم على الرجوع، ولكن إخوة مسلم بن عقيل أبوا أن يرجعوا وصمموا على الأخذ بثأر أخيهم، فنزل الحسين عند رأيهم وسار حتى لقيته خيل عبيد الله بن زياد، فعدل إلى كربلاء وخيَّم هناك، وكان أصحابه خمسة وأربعين فارسًا ومائة راجل، وبعث إليه عبيد الله بن زياد عمر بن سعد بن أبي وقاص، فلما أتاه قال له الحسين: آخذ واحدة من ثلاث: إما أن تدَعوني فأنصرف من حيث أتيت، وإما أن تدعوني فأذهب إلى يزيد، وإما أن تدعوني فألحق بالثغور. فقبل عمر ذلك، وأبى عبيد الله إلَّا القتال، ونشبت المعركة بين الطرفين في الطف من أرض كربلاء في العاشر من المحرم سنة ٦١ﻫ، فقُتل أصحاب الحسين جميعًا، وفيهم بضعة عشر شابًّا من أهل بيته، ثم هجم عليه المذحج فقتله، وحزَّ رأسه سنان بن أنس النخعي.٧ وانطلق به إلى عبيد الله وهو يقول:
أوقر ركابي فضة وذهبا
فقد قتلت الملك المحجبا
قتلت خير الناس أمًّا وأبًا
وخيرهم إذ يُنسبون نسبا
وقد ظهر من الإمام الحسين في ذلك الموقف حزم وجرأة وصبر واحتساب، وورع يدل على إيمان ويقين، جديرين بنجل علي وسبط النبي، صلوات الله عليهم. قال ابن طباطبا: قُتل الحسين قِتْلَة شنيعة، ولقد ظهر منه عليه السلام من الصبر والاحتساب والشجاعة والورع والخبرة التامة بآداب الحرب والبلاغة، ومن أهله وأصحابه — رضي الله عنهم — من النصر له، والمواساة بالنفس، وكراهية الحياة بعده، والمقاتلة بين يديه عن بصيرة ما لم يُشاهد مثله، ووقع النهب والسبي في عسكره وذراريه عليهم السلام، ثم حُمل النساء ورأسه صلوات الله عليه إلى يزيد بن معاوية بدمشق، فردَّ نساءه إلى المدينة.٨ وكان عمره يوم قُتل خمسًا وخمسين سنة، وكان ممن قُتِلوا مع الحسين أخوه العباس، وجعفر بن علي بن أبي طالب، وعثمان بن علي بن أبي طالب، وعبد الله بن علي بن أبي طالب، ومحمد بن علي بن أبي طالب، وأبو بكر بن علي بن أبي طالب، وعلي الأكبر بن الحسين بن علي، وعبد الله بن الحسين بن علي، وأبو بكر بن الحسن بن علي، والقاسم بن الحسن بن علي، وعون بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، ومحمد بن عبد الله بن جعفر، وجعفر بن عقيل بن أبي طالب، وعبد الرحمن بن عقيل بن أبي طالب، وعبد الله بن عقيل بن أبي طالب، ومسلم بن عقيل بن أبي طالب، وعبد الله بن مسلم بن عقيل، ومحمد بن أبي سعيد بن عقيل، واستُصغر ابنه علي بن الحسين بن علي، والحسن بن الحسن بن علي، وعمرو بن الحسن بن علي.٩ وكان لمقتل هؤلاء ونكبتهم صدًى مؤلم لدى العالم الإسلامي كافة والشيعي خاصة، ولا غرو فإن فداحة النكبة والأسلوب الفظ الذي اتُّبع في قتل هؤلاء الأبرار الأطهار، كان ذا أثر عميق، وجرحًا بالغًا لم يندمل.

(٤) نكبة الحَرة

تألم المدنيون جدًّا مما حلَّ بسبط النبي وريحانته، وأعلنوا سخطهم على يزيد وواليه في المدينة، ثم ازدادت حماستهم، فخلعوه وطردوا عامله عثمان بن محمد بن أبي سفيان، وطاردوا من كان بها من الأمويين ورجالهم، وحاصروهم في دار مروان بن الحكم، وبايعوا عبد الله بن حنظلة الغسيل الأنصاري، وكتب مروان بن الحكم كتابًا إلى يزيد، بعث به مع عبد الملك بن مروان هذه صورته «أما بعد، فإنا قد حُصرنا في دار مروان بن الحكم، ومُنعنا العذب، ورُمينا بالحبوب فيا غوثاه! يا غوثاه.» فلما قرأ الكتاب قال:

لقد بدلوا الحكم الذي من سجيتي
فبدلت قومي غلظة بليان

ثم قال: أما يكون بنو أمية ومواليهم ألف رجل؟ فقال عبد الملك: بلى والله وأكثر. قال: فما استطاعوا أن يقاتلوا ساعةً من نهار؟ فقال عبد الملك: يا أمير المؤمنين، أجمع الناس عليهم فلم يكن لهم بجمع الناس طاقة. قال: فبعث إلى عمرو بن سعيد فأقرأه الكتاب، وأمره أن يسير إليهم، فاعتذر. قال عبد الملك: فبعثني بالكتاب إلى مسلم بن عقبة المري، وهو شيخ كبير ضعيف مريض، فدفعت إليه الكتاب، فقرأه وسألني عن الخبر فأخبرته، فقال لي مثل مقالة يزيد، ثم جاء حتى أتى يزيد فقال: يا أمير المؤمنين لا تنصر هؤلاء فإنهم الأذلاء، أما استطاعوا أن يقاتلوا يومًا واحدًا أو شطره أو ساعة؟! دعهم يا أمير المؤمنين حتى يجهدوا أنفسهم في جهاد عدوهم. قال: ويحك، إنه لا خير في العيش بعدهم، فاخرج وسر بالناس. فخرج مناديه فنادى أن سيروا إلى الحجاز على أخذ أعطياتكم كملًا ومعونة مائة دينار. فانتدب لذلك اثني عشر ألف رجل، وخرج يزيد إلى الخيل يتصفحها وينظر إليها وهو مُتقلِّد سيفه، متنكبًا قوسًا عربية وهو يقول:

أبلغ أبا بكر إذا الليل سرى
وهبط القوم على وادي القرى
عشرون ألفًا بين كهل وفتى
أجمع سكرانٍ من القوم ترى
أم جمع يقظان نفى عنه الكرى
يا عجبًا من ملحد يا عجبا
مخادعٍ في الدين يقفو بالعرى

ثم قال لمسلم بن عقبة: إنْ حدث بك حدث فاستخلف حصين بن نمير السكوني، وادعُ القوم ثلاثًا فإن هم أجابوك وإلَّا فقاتلهم، فإذا ظهرت عليهم فأبحها ثلاثًا، فما فيها من مال أو رقة أو سلاح أو طعام فهو للجند، فإذا مضت الثلاث فاكفف عن الناس، وانظر علي بن الحسين فاكفف عنه، واستوصِ به خيرًا، وأدنِ مجلسه، فإنه لم يدخل في شيء مما دخلوا فيه، وقد أتاني كتابه. وأقبل مسلم بالجيش حتى إذا بلغ الحرة خارج المدينة وعلم المدنيون بذلك، ازداد تضييقهم على الأمويين، وقالوا: والله لا نترككم حتى تعطونا موثقًا أن لا تبغونا غائلة، ولا تدلوا لنا على عورة، ولا تظاهروا علينا عدوًّا، فأعطوهم الموثق، فأخرجوهم من المدينة حتى أتوا مسلم، وقصُّوا عليه من أحوال المدينة ما يستعين به على قتال المدنيين. ثم بعث لأهل المدينة يطلب إليهم الخضوع والاستسلام، ويحدد لهم موعدًا لثلاثة أيام، فلما انقضت الأيام الثلاثة، وكان ذلك لليلتين بقيتا من ذي الحجة سنة ٦٣ﻫ صاح مسلم قائلًا: يا أهل المدينة، قد مضت الأيام الثلاثة فما تصنعون؟ أتُسالمون أم تحاربون؟ فقالوا: بل نحارب.

فقال لهم: لا تحاربوا بل ادخلوا في الطاعة، فردوا عليه بشدة، فطلب إلى جماعته أن يحملوا عليهم، فتقاتل الطرفان قتالًا شديدًا، ودارت رحى القتال على أهل المدينة، فقتل آمرهم عبد الله بن حنظلة الغسيل ثم تفرقوا، وفُتحت المدينة فدخلها مسلم، وفتك بأهلها، وأخذ بيعتهم على أنهم خول ليزيد، ومن لم يَقبل ضربت عنقه، ثم أباح المدينة ثلاثًا كما قال له يزيد، فأسرف هو وجنده في القتل والسلب والنهب، حتى لُقِّب بالمسرف.١٠

والحق أن هذه النكبة التي حلَّت بمدينة الرسول لم تكن أقل بكثير من النكبة الحسينية، فقد هلك فيها جمهرة كبيرة من سيوف الإسلام وناشري لوائه، وعدد كبير من أصحاب رسول الله المهاجرين والأنصار، ولو كان الشيخ مسلم بن عقبة على شيء من الحنكة ورجاحة العقل، لأدرك أن قولة يزيد في إباحة المدينة قولة صدرت عن شاب تحمس لبني قرابته، وللشيوخ من الغلطات والسفاهات ما لا يصدر عن أكثر الشبان حماقةً وضلالة، وإلَّا فأي رجل يبيح المدينة الطيبة التي آوت النبي ونصرته، وأعزَّت دينه ونصرت جنده في ساعة العُسرة، وما أشبه عمل مسلم بن عقبة بعمل ذلك المجرم الصهيوني في دير ياسين، حينما أباح القرية وأهلها للسفاحين السفَّاكين، ففسقوا بالبنات وبقروا بطون الحوامل، ولم يُبقوا في القرية طفلًا ولا شيخًا ولا مريضًا، ولا احترموا مسجدًا أو جامعًا، ولا بيعة ولا كنيسة، خذلهم الله، وشتَّت جمعهم، وأذلَّ عزتهم.

ولا بدَّ لنا قبل ختام البحث عن نكبة الحرة من أن نتعرض لآراء بعض المستشرقين المهتمين بالتاريخ الإسلامي، والذين بحثوا هذه القصة.

يصور دوزي في كتابه «تاريخ إسبانيا»، وأكوست مولر في كتابه «الإسلام في المشرق والمغرب» هذه القصة بأنها إنما قامت بسبب ثورة الأفكار الجاهلية على الأفكار الإسلامية، وأن أهل الشام كانوا يريدون أن يثأروا من أهل المدينة الذين قتلوا آباءهم يوم بدر، وغيرها من المواقع التي فتك فيها المسلمون بالمشركين، أو هي ثورة الأرستقراطية الجاهلية المُشْركة على الديمقراطية الإسلامية المؤمنة! إلخ ما هنالك من أقوال وأحكام يُصدرها المستشرقون تبعًا لأهوائهم، وقلوبهم المريضة المشبعة بكره الإسلام الممتلئة بالحقد والحسد. على أن المستشرق «فلهوزن» يتجرَّد لتهديم آراء المستشرقَين السابقَين، ويخطِّئ أقوالهما ويقول: إن يزيد وأهل الشام إنما قاموا بحركتهم هذه ذودًا عن كيان الحكومة الجديدة، وإن المسألة ليست مسألة أحقاد وإحن جاهلية، وإنما هي مسألة مصالح دولية، وإن القضية تدور حول الحكم، ولا علاقة لها بالتشفي والثأر؛ ولا أدل على ذلك من أن يزيد كان يريد السلم ويسعى إليه، وأن قائده مسلم بن عقبة فعل ما فعل وهو مؤمن أنه قام بعمل يُرضي الله ورسوله. والحق أن هذه الفتنة إنما كانت ذيادًا عن الحكومة الجديدة، وأن يزيد خاف أن تتطور الأمور وتفسد أركان دولته، فلجأ هذا الملجأ. وموقعة الحرة إنما جرت بين طرفين كل واحد يحاول السيطرة على حكم الدولة الإسلامية.

(٥) نكبة الكعبة

وهذه ثالثة الأثافي، فإن يزيد طلب إلى قائده مسلم بن عقبة بعد أن فعل الأفاعيل بوقعة الحرة، أن يولي المدينة روح بن زنباع الجذامي، ويتوجَّه إلى مكة والقضاء على حركة عبد الله بن الزبير الذي ثار فيها، وأعلن خلافته على المسلمين، ودعا إلى خلع يزيد، وقد مات مسلم وهو في طريقه إلى مكة، فتولى الجيش الحصين بن نمير، فسار إلى مكة بعد انتهاء موسم سنة ٦٣ ودخلت سنة ٦٤، وجيش يزيد محدق بمكة بقيادة حصين بن نمير السكوني فاشتبك الجمعان، واستمر القتال من آخر المحرم ومدة صفر، وفي أوائل ربيع الأول ضاق الحصين ذرعًا بأهل مكة، فأخذ يقذف البيت العتيق بالمجانيق والشاميون يرتجزون بقولهم:

خطارة مثل الفنيق المزبد
نرمي بها أعواد هذا المسجد١١
وبينما هم كذلك إذ جاء نعي يزيد، فتخاذل الحصين بن نمير، ورفع الحصار عن الكعبة، وأخذ أمر ابن الزبير ينمو، وأبقى الكعبة على احتراقها ليراها الناس فيثوروا على بني أمية.١٢

(٦) الفتوح في عهد يزيد

في سنة ٦١ استعمل يزيد سلم بن زياد على خراسان، فسار غازيًا، وكان في جيشه نفر من وجوه الناس وأبطال المسلمين مثل عمران بن الفضيل البرجمي، والمهلب بن أبي صفرة، وعبد الله بن حازم السلمي، وطلحة بن عبيد الله الخزاعي وغيرهم، وسار إلى خراسان، وعبر النهر غازيًا، وكان عمال خراسان قبله يغزون، فإذا دخل الشتاء رجعوا إلى مرو الشاهجان، فإذا انصرف المسلمون اجتمع ملوك خراسان بمدينة بما يلي خوارزم، فيتعاقدون أن لا يغزو بعضهم بعضًا، ويتشاورون في أمورهم، فكان المسلمون يطالبون أمراءهم غزو تلك المدينة فيأبون عليهم، فلما قدم سلم غزا فشتا في بعض مغازيه، فألح عليه المهلب وسأله التوجه إلى تلك المدينة، فوجهه في ستة آلاف، وقيل أربعة آلاف فحاصرهم وطلبوا الصلح، فبلغت قيمة ما أخذه منهم خمسون ألف ألف، فحظي بها المهلب عند سلم، وغزا سلم سمرقند، وعبرت معه امرأته أم محمد ابنة عبد الله بن عثمان بن أبي العاص الثقيفية، وهي أول امرأة عربية قطعت النهر، فولدت له ابنًا سماه صفدي.

وفي تلك السنة ولَّى يزيدُ يزيدَ بن زياد أخا سلم على سجستان، فغزاهم فغلبوه وشتتوا جيشه وأسروا عددًا منهم، فأنجدهم سلم بن زياد بجيش عليه طلحة الطلحات بن عبد الله الخزاعي، فاسترد الأسرى، وسار طلحة من كابل إلى سجستان ومات هناك.

وفي سنة ٦٢ أعاد يزيد عقبة بن نافع أميرًا على إفريقية، بعد أن كان أبوه قد استدعاه إلى دمشق، فمات معاوية وعقبة بدمشق فأعاده يزيد، ولما وصلها استمر في فتوحه حتى بلغ طنجة والسوس الأقصى، ورأى البحر المحيط، فقال: يا رب لولا هذا البحر لمضيت في هذه البلاد مجاهدًا في سبيلك.١٣ واستمر في فتوحه حتى قُتل.

(٧) موت يزيد وصفاته

مات يزيد وهو بحوارين من أعمال حمص لأربع عشرة ليلة، خلت من ربيع الأول سنة ٦٤ﻫ، وهو ابن ثمان وثلاثين سنة، وله من الأولاد معاوية، وخالد، وأبو سفيان، وعبد الله، وعبد الله الأصغر، وعمر، وأبو بكر، وعتبة، وحرب، وعبد الرحمن، والربيع، ومحمد.

وكان يزيد عاقلًا مدبرًا، فيه كثير من صفات أبيه، ولكن ما جرى في زمانه من الحوادث المؤلمة جعل الناس ينظرون إليه نظرة ازدراء وانتقاص، وأكثر المؤرخين يذهبون إلى التهجم عليه، وسلبه المزايا التي كان يتحلَّى بها. يقول أستاذنا مؤرخ الشام محمد كرد علي: «سار على خطة أبيه في جهاد الروم، وكان جلدًا صبورًا، ولم تمنعه فتنة ابن الزبير وشيعة العراق عن قتالهم، وأهم الأحداث في زمانه قتل الحسين بن علي — رضي الله عنه — وحمل رأسه الشريف إلى الشام، وإهانة أسرته الطاهرة وقتل بعض رجالها، فارتكب ابن زياد عامل العراق ليزيد من ذلك أمرًا، أكبره أهل الإسلام، وزادت بذلك شيعة علي وآله حنقًا وشدة، ولم يكن يزيد يريد قتل الحسين عملًا بوصية والده، فإن زحر بن قيس لما حمل من العراق إلى الشام أهل بيت حسين، ودخل على يزيد وبشَّره بذلك دمعت عينه، وقال: قد كنت أرضى من طاعتكم بدون قتل الحسين، لعن الله ابن سمية (يعني ابن زياد)، أما والله لو أني صاحبه لعفوت عنه، فرحم الله الحسين.

واتفق أهل المدينة سنة ٦٢ على خلع يزيد، فجهَّز جيشًا فقاتل جند الشام أهل المدينة في الحرة، واستباح مسلم المدينة، وكان قتلى الحرة سبعمائة من وجوه الناس من قريش والمهاجرين والأنصار، وعشرة آلاف من وجوه الموالي، حنقت نفوس الأمة من وقعة الحرة؛ لأن فتنتها التهمت بضع مئات من علية قريش، وكانت غلطة زياد في قتل الحسين وسبي آله الطاهرين، ذريعة أكبر للنيل من يزيد وآل يزيد، فتقَوَّلوا عليه وحطوا من كرامته، مع أنه سار كسيرة أبيه في الملك من التوسع في الفتوح، وقتال أعداء المملكة من الروم. أما وقعة الحرة فإن أهل المدينة استطالوا على يزيد وحاسنهم، فخاشنوه وأحرجوه حتى أخرجوه.»١٤

ونحن لا نشارك أستاذنا في رأيه؛ فإن يزيد مسئول عن أعمال عُمَّاله، فهو الذي وجَّههم، وهو الذي زوَّدهم بما يجب عليهم عمله، وإذا كان ما جرى في كربلاء قد جرى بدون علمه ولا موافقته، بل إنه استنكره واستبكاه، فإن ما جرى في الحرة والمدينة قد جرى بأمره، وما اختياره «مسلمًا» لقتال الحجازيين، وهو يعرف عنه الغلظة والقسوة، إلَّا اختيارٌ مُتعَمد مقصود. وقد كنا نأمل من رجل بلغ من العمر عتيًّا، بل هو على حافة قبره أن يَرْعَى الله في بيته الحرام، ومقبر نبيه — عليه الصلاة والسلام — ولكنه كان شيخًا عاتيًا ظالمًا، أدركته حماقة من حماقات الجاهلية، واستولت عليه نزوة من نزوات الشيطان، ففعل فعلاته، وعين يزيد تراه، وأذنه تسمعه، ويده تدفع به، فلا حول ولا قوة إلَّا بالله.

وبعد، فهذه بعض المآخذ على يزيد؛ على أن له محاسن تتجلَّى في حزمه وعزمه على توطيد أركان الملك الذي شاده أبوه، وحماسته لنصرة الإسلام ونشر رايته في بلاد الروم.

قال الدكتور حتي: «ولقد حاصر جيش الأمويين القسطنطينية ثلاث مرات، ولم يتمكن العرب في غيرها من بلوغ الأسوار الثلاثة حول هذه العاصمة المنيعة، وكان أول حصار بقيادة يزيد سنة «٤٩ﻫ/٦٦٩م»، وقد قصد معاوية من إرسال يزيد على هذه الحملة أن يجعله سندًا لفضالة بن عبيد الأنصاري، الذي توجه برًّا وكان قد قضى شتاء ٦٦٨-٦٦٩م في خلقيدونية ضاحية القسطنطينية الآسيوية، وأن يرد من ناحية ثانية على هؤلاء الذين كانوا يرتابون في كفاءة يزيد لولاية العهد، ولا يرضون عن بيعته. ولقد جاء في الروايات والأساطير العربية أن يزيد أظهر في هذه الحرب من الشجاعة والبأس ما أكسبه لقب فتى العرب. وذكر صاحب الأغاني: أنه في أثناء الحصار نظر يزيد إلى قبتين مبنيتين عليهما ثياب الديباج، فإذا كانت الحملة للمسلمين ارتفع من إحداهما أصوات الدفوف والمزامير، وإذا كانت الحملة للروم ارتفعت أصوات من الأخرى، فسأل يزيد عنهما فقيل له: هذه بنت ملك الروم، وتلك بنت جبلة بن الأيهم، وكل واحدة منهما تظهر السرور بما تفعله عشيرتها، فتحمس يزيد وقال: أما والله لأسرَّنها، ثم حمل حتى هزم الروم، فأحجرهم في المدينة، وضرب باب القسطنطينية بعمود حديد كان في يده فهشمه حتى انخرق.»١٥

(٨) كبار رجال الدولة في عهد معاوية ومن بعده

  • (١)

    عمرو بن العاص السهمي القرشي (؟–٤٣) ولاه النبي إمرة «ذات السلاسل»، وكان أحد أمراء جيوش فتح الشام أيام عمر، فتح قنسرين وصالح أهل حلب، فاتح مصر، وصاحب معاوية، ولَّاه مصر وأطلق له خراجها ست سنين، وله آثار وأخبار كثيرة.

  • (٢)

    عبد الرحمن بن سمرة القرشي (؟–٥٠) فاتح سجستان، وكان من كبار الناس في العقل والحزم والنبل والعزم.

  • (٣)

    عثمان بن أبي العاص الثقفي (؟–٥٠) الذي ولَّاه النبي على الطائف، وفتح على يديه فتوحات كثيرة واستقر في البصرة، وكان من فضلاء الزمان.

  • (٤)
    أبو أيوب خالد بن يزيد الأنصاري (؟–٥٠ أو ٥٢)، كان شجاعًا صابرًا محبًّا للغزو، شهد بدرًا والعقبة وأحدًا والخندق، وكان الرسول يعجب به ويحبه، غزا مع يزيد بن معاوية في بلاد الروم، مرض ومات هناك، فدفنه يزيد تجاه سور القسطنطينية.١٦
  • (٥)

    عمران بن حصين الخزاعي (؟–٥٢) من فضلاء الصحابة، تولَّى قضاء البصرة، بعثه عمر إليها ليفقههم في الدين.

  • (٦)

    عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق (٥٣)، أسلم بعد أبيه قبل الفتح، وكان شجاعًا راميًا، ذا فضل وعزم.

  • (٧)

    زياد ابن أبيه (٥٣) استلحقه معاوية بأبي سفيان، وجمع له إمرة العراقيين، وكان يُعَدُّ من دهاة الرجال وعقلاء الناس وشجعانهم وفصحائهم.

  • (٨)

    مسلم بن عقبة المري (٦٣) قائد شجاع داهية، شهد صفين مع معاوية، وولاه يزيد قيادة الجيش لقتال أهل المدينة يوم الحرة، ومات في طريق مكة، وهو ذاهب إليها بعد يوم الحرة في مكان يسمى بالمشلل.

  • (٩)

    عقبة بن عامر الجهني، أمير من الصحابة (؟–٥٨)، شهد صفين مع معاوية، وولي مصر سنة ٤٤، وعزل عنها سنة ٤٧، وولي غزو البحر، وكان شجاعًا فقيهًا شاعرًا قارئًا راميًا.

  • (١٠)

    مسلمة بن مخلد الخزرجي (٦٢) من كبار الأمراء، ولَّاه معاوية إمرة مصر والمغرب، سيَّر الغزاة إلى المغرب في البر والبحر، أمَّره يزيد إلى أن مات.

  • (١١)

    عتبة بن أبي سفيان (٤٤) أخو معاوية، ولَّاه على مصر سنة ٤٣، فلم يلبث إلَّا سنة ومات، كان عاقلًا فصيحًا مهيبًا من فحول الأمويين.

  • (١٢)

    أبو إدريس عائذ الله بن عبيد الله الخولاني (؟–٨٠) تابعي، فقيه دمشق وقاضيها، كان من الزُّهاد والعُبَّاد والفقهاء، ولَّاه يزيد قضاء دمشق.

١  الفخري، ص٩٨.
٢  الطبري ٦: ١٨٩ وما بعدها.
٣  الطبري ٦: ١٨٩ وما بعدها.
٤  الإمامة والسياسة ٢: ٣-٤، والطبري ٦: ١٩٧.
٥  الطبري ٦: ٢١٦.
٦  الطبري ٦: ٢١٨، والمسعودي، مروج الذهب ٢: ٦٥.
٧  الفخري، ص١٠٠.
٨  وقيل: بل الذي قتله هو شمر بن ذي الجوشن، وقيل: بل هو رجل من مذحج، وقيل: هو عمر بن سعد بن أبي وقاص (انظر الاستيعاب ١: ١٤٣).
٩  الطبري ٦: ٢٧٠.
١٠  الطبري ٧: ٥–١٣، ومروج الذهب ٢: ٩٢، والفخري، ص١٠١.
١١  الطبري ٧: ١٤، والفخري، ١٠٢.
١٢  ابن الأثير ٤: ٤٩.
١٣  ابن الأثير ٤: ٤٢.
١٤  الخطط ١: ١٤٥.
١٥  الأغاني في طبعة الساس ١٦: ٣٣.
١٦  ابن الأثير ٤: ٥١، والطبري ٧: ١٧.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤