الملاحق

ملحق (١): تحقيق رسالة ابن المجدي

تحفة الأحباب في نصب الباذاهنج والمحراب

وصلت إلينا بعض المخطوطات التي توثِّق لكيفية إرجاء الحسابات الدقيقة لتحديد موقع الملقف من المبنى بحيث يواجه الرياح. من هذه المخطوطات رسالة صغيرة بعنوان «تحفة الأحباب في نصب الباذاهنج والمحراب» لمؤلفها ابن المجدي شهاب الدين أبي العباس أحمد بن رجب بن طيبغا القاهري الشافعي (٧٦٧–٨٥٠ﻫ/١٣٦٥–١٤٤٧م).

وُلد ابن المجدي بالقاهرة ونشأ بها، ويُنسب إلى جده طيبغا أحد مقدمي الألوف في الجيش، فهو سليل عائلة ذات سلطة وجاه. يصف الشوكاني في «البدر الطالع» والسخاوي في كتابَيه «الضوء اللامع» و«التبر المسبوك» تكوينه العلمي فيقول إنه: «حفظ القرآن وبعض المنهاج، ثم جميع الحاوي، وألفية النحو وغير ذلك، وتفقَّه بالبلقيني وابن الملقن والكمال الدميري والشرف موسى بن البابا، وبه انتفع في الحاوي لمزيد تقدمه فيه، والشمس العراقي، وعنه أخذ الفرائض وغيرها، وكذا أخذ الفرائض والحساب عن التقي ابن عز الدين الحنبلي، والعربية عن الشمس العجيمي، وقيَّد عنه شرحًا على الشذور، وكان يخبر أنه سمع الموطأ روايةً عن يحيى بن أعلى المحيوي عبد الوهاب بن محمد القروي السكندري، ولازَم الاشتغال والأخذ عن مشايخ عصره.» فقد جمعت ثقافته بين الدين والأدب والعلوم الأساسية والفلكية، هذا التنوع العلمي الذي اكتسبه ابن المجدي من كبار أساتذة عصره، صقل ذاكرته بعلوم مختلفة؛ مما مهَّد له لتصنيف عشرات المؤلفات في موضوعات متنوعة، وأتاح له تبوُّؤ مكانة مرموقة في مجتمعه. احتل ابن المجدي مكانة مرموقة في عصره؛ فقد أشار المؤرخون إلى أنه كان «رأس الناس في أنواع الحساب والهندسة والهيئة والفرائض وعلم الوقت بلا منازع، وانتُدب للأمراء، فانتفع به الفضلاء، وبقي جل الأعيان من ملازميه.» وكان حجة في التدريس وقراءة أهم المؤلفات، ودرس على يديه نخبة من طالبي العلم، فيقول السخاوي في «التبر المسبوك»: «ومما أقرأه «الحاوي الصغير»، وكان مشهورًا بإجادة إقرائه لما اشتمل عليه من الذكاء المفرِط بحيث كان أحد أفراد معدودين في ذلك، وكذا أقرأ العربية وغيرها من العلوم.» ولمكانته العلمية المتميزة وليَ مشيخةَ الجانبكية الدوادارية، واستمر بها حتى وفاته بالقاهرة. تميَّز ابن المجدي بغزارة إنتاجه العلمي في مجالات الفلك وآلاته والميقات والرياضيات والفرائض، وفي العلوم الدينية والأدبية؛ فقد وضع مؤلفاته كلها «مع الديانة والأمانة والثقة والتواضع والسكون والسمت الحسن وإيراد النكتة والنادرة والظرف»، كما وصفه السخاوي في «التبر المسبوك». ومن مؤلفاته «إرشاد الحائر إلى تخطيط فضل الدائر»، وهي رسالة على ثلاثة أقسام وخاتمة في مجال علم الهيئة، وقد لخَّصها المؤلف باسم «زاد المسافر في معرفة رسم فضل الدائر على البسائط والقائمات والمائلات»؛ و«الدر اليتيم في تسهيل صناعة التقويم»، يصفه المؤرخون بعبارة «نفيس في بابه» فقط، وقد وضع الشيخ سليمان بن حمزة بن بخشيش العثماني الفلكي الحنفي شرحًا له بعنوان «طرز الغرر في حل الدرر». وله رسالة «كشف الحقائق في حساب الدرج والدقائق» مؤلفة من بابين وخاتمة تعالج موضوع النسبة الستينية، وقد شرحها محمد بن شمس الدين سبط المارديني المؤقت في مقدمة وعشرة أبواب وخاتمة، وأسماها «دقائق الحقائق في حساب الدرج والدقائق»؛ ورسالة في العمل بالربع الموسوم بالمقنطرات، ورتَّبها على مقدمة وعشرة فصول، وخصَّصها للمبتدئين لمعرفة العمل بالربع، والذي يعد من الآلات الفلكية المستخدمة في الرصد، وشرحها الرشيدي. وله كتاب «كنز اليواقيت في الكشف عن أصول المواقيت»، وهو مرتَّب على مقدمة وخمس مقالات، وضعه ابن المجدي تعليقًا على رسالة الشيخ الإمام أبي العباس أحمد السراج القلاني الحلبي، و«الجامع المفيد في الكشف عن أصول مسائل التقويم والمواليد» عرضه ابن المجدي في مقدمة وثلاث مقالات وخاتمة، و«التسهيل والتقريب في بيان طرق الحل والتركيب» في علم الهيئة، وهو أصل كتاب «سلك الدرين في حل النيرين»، و«إرشاد السائل إلى أصول المسائل» (في الفلك)، وهو شرح على «الدر المنثور في العمل بالربع الدستور» لجمال الدين المارديني، و«حاوي اللباب وشرح وتلخيص الحساب لابن البنا»؛ والكتاب مرتَّب على جزأين، وهو شرح «تلخيص الحساب» لأبي العباس أحمد البناء، فرغ ابن المجدي من تأليفه سنة ٨٣٤ﻫ، ورسالة «الروض الأزهر في العمل بالربع المستر»، وهي مختصرة في العمل بربع المقنطرات المطوية المقطوعة على مدار الاعتدال، ورتَّبها على مقدمة وعشرة أبواب، وكتاب «إبراز لطائف الغوامض وإحراز صناعة الفرائض»، وهو اختصار لكتاب «الكافي في مواريث الأمة» لابن المجدي نفسه، ورسالة «العشرة فصول» وهي في الحساب، رتَّبها على مقدمة وعشرة فصول، وشرح هذه الرسالةَ الشيخ يونس بن عبد القادر بن أحمد الرشيدي الشافعي باسم «غاية السول في شرح العشرة فصول»، وشرحها الشيخ محمد بن أبي عياشة الدمنهوري من علماء القرن الثالث عشر، و«غنية الفهيم في الطريق إلى حل التقويم» رتَّبها على ثلاثة أبواب، ووردت باسم «اللمعة في تقويم السبعة»، وكتاب «تحفة الأحباب في نصب الباذاهنج والمحراب في جميع البلاد والأقطار»، وهو مخطوط يهتم بتحديد اتجاه القبلة، و«شرح نظم اللآلئ في الفرائض» لصالح بن تيمور الجعبري (١٢٢٣–١٣٠٦م)، ويُسمى أيضًا «شرح الجعبرية» في الفرائض.١

(١) نسبة الكتاب للمؤلف

ورد في إيضاح المكنون في الذيل على كشف الظنون، إسماعيل البغدادي (توفي ١٣٩٩ﻫ)، ج٣، ص٢٣٨، اعتنى بطبعه محمد شرف الدين، دار إحياء التراث العربي، بيروت (د. ت).

هدية العارفين، إسماعيل باشا البغدادي، ج١، ص١٢٨.٢

قمنا بتحقيق الرسالة على نسختين: نسخة دار الكتب المصرية، فلك، ونسخة دير الإسكوريال، إسبانيا (رقم: ٩٧٠ أ. س).

تاريخ نسخ الرسالة الثانية ١٥ / ٨ / ٩١٩ﻫ، الموافق ١٥ / ١٠ / ١٥١٣م؛ أي بعد ٦٦ سنة من وفاة المؤلف.

رمزنا لنسخة دار الكتب المصرية «م»، ورمزنا لنسخة دير الإسكوريال «س».

(٢) رسالة تحفة الأحباب في نصب البادهنج والمحراب من كلام للشيخ ابن المجدي

بسم الله الرحمن الرحيم٣
قال الشيخ الإمام العالم العلامة الشيخ شهاب الدين أحمد بن المجدي، قدَّس الله روحه ونوَّر ضريحه.٤ الحمد لله على نعمائه وأفضاله، والصلاة والسلام على سيدنا٥ محمد أشرف خلقه٦ وآله وصحبه أجمعين.٧ وبعد، فهذه رسالة لطيفة سمَّيتها بتحفة الأحباب في نصب الباذاهنج٨ والمحراب، نذكر ذلك في عرض مخصوص ويقاس عليه غيره، فنقول: اعلم أن سمت القبلة بمدينة مصر حماها الله تعالى على (لز)٩ درجة وسمت الباذاهنج١٠ (كرل)١١ كلٌّ١٢ منهما في الربع الشرقي الجنوبي، فإذا استخرجت الجهات في الدائرة المرسومة في سطح الأفق وأبعدت عن نقطة المشرق على المحيط في جهة الجنوب بقدر١٣ السمتين، وعلمت في المحيط علامة، وأخرجت١٤/ منها إلى المركز خطًّا ونفذته إلى الجهة الأخرى، حصل سمت القبلة أو الباذاهنج،١٥ وطرفه الذي يلي المشرق هو جهة القبلة، ثم ربع سمت الباذاهنج١٦ يحصل تربيعه، وكذا تصنع في غيرهما من السموت للقبلة أو لسمت أي بلد شئت إذا كان معلومًا. والطريق الصناعي في إخراج كلٍّ من السمتين هو أن تتخذ جسمًا صلبًا١٧ من كدان أو رخام١٨ أو نحو ذلك مستوي السطح الذي يرسم١٩ عليه، ويعرف ذلك بوضع حرف المسطرة الصحيحة فينطبق عليه في جميع الجهات، ثم تضع ذلك السطح على الأرض في موضع يمكن وقوع شعاع الشمس عليه وقت الحاجة. وينبغي أن ترفعه٢٠ ببنيان وتضعه مغرقًا في الطين أو الجبس، وينبغي أن يكون السطح حينئذٍ موازيًا للأفق. ويعرف ذلك بأن تصب٢١ في وسطه ماءً، فإن خرج من جميع الجوانب متساويًا فهو صحيح، وإلا فيرفع المنحدر بإدخال شيء تحته، أو يدق على الأعلى بحسب الإمكان قبل جفاف الطين أو أخذ الجبس، فإذا تحرَّر ذلك فضع سطح المسطرة الصحيحة على وجه السطح، وضع على سطحها شلفةً لتزن السطح من جميع جوانبه، وهو أن تدير المسطرة والشلفة فوقها نصف دورة وتنظر إلى خيط الشلفة، ويدق٢٢ على الموضع المرتفع؛٢٣ أعني الجهة التي خرج الخيط عنها دقًّا لطيفًا إلى أن يعتدل له ذلك الموضع من السطح، ثم انقل المسطرة إلى موضع آخر من السطح،٢٤ وافعل كذلك إلى يتحرر جميع السطح جهد الإمكان، وينبغي أن يحمر وجه السطح بمغرة أو نحوها لتظهر فيه الخطوط بسرعة، ثم افتح البركار فتحةً ستينية من الربع وأدِر في وسط ذلك٢٥ السطح دائرةً، وعلم مركزها، ثم خذ ارتفاع الوقت واعرف سمته من جداول السمت وعدِّله بفضل ما بين الارتفاعين إن كان فيه كسر، وينبغي أن تحصل ذلك بعد أن تزيد على الارتفاع درجةً، أو ما يتم به الكسر إلى الصحيح إن كان شرقيًّا وينقص٢٦ منه إن كان غربيًّا فهو أبلغ إلى التحرير، وكذا تعدُّد الأخذين للارتفاع، فإذا بلغ الارتفاع إلى ذلك القدر فهو السمت المطلوب. نساتر حينئذٍ بظل٢٧/خيط الشاقول مركز الدائرة ومحيطها، وعلم على المحيط علامةً مما على جهة الشمس وسمها بالعلامة الأولى، ثم اعرف جهة السمت الذي خرج لك، وهو أن الدرجات الجنوبية سمتها جنوبي، وكذلك الشمالية إن كان ارتفاع الوقت أكثر من الارتفاع الذي لا سمت له وإلا فشمال. ومعرفة الارتفاع الذي لا سمت له من جداول السمت هو أن تفتح صفحةً من صفحات تلك الجداول وتمرَّ من درجة الشمس تحت برجها، فإن وقع انتقال السمت في ذلك البيت، أعني انتقاله من النقص إلى الزيادة، وهو الذي مكتوب عليه علامة الجنوب غالبًا، فما فوق تلك الصفيحة من عدد الارتفاع هو الارتفاع الذي لا سمت له، وإلا فخذ الصفيحة التي قبل تلك إن وقع الانتقال أسفل، والذي بعدها إن وقع فوق، وهكذا إلى أن تجد المطلوب، هذا إذا٢٨ كانت علامة الانتقال في سطر الدرجة المفروضة طولًا، وإلا فخذ الصفحة التي بعدها٢٩ إن وقعت عن يمينك، وإلا التي قبلها وكمل العمل إلى آخره، فإذا عرفت جهة السمت فاجمعه إلى سمت القبلة أو الباذاهنج٣٠ إن كان شماليًّا، وإلا فخذ الفضل هذا في الشرقي وفي الغربي بالعكس، فإن زاد المجموع على «ص» في الغربي فخُذ تمام الزائد، فما حصل بعد ذلك احفظه ثم استقبل الشمس والعلامة الأولى معًا، وأبعد عنها على المحيط بقدر المحفوظ إلى جهة اليسار إن كان الفضل لسمت الوقت، أو زاد المجموع على «ص» وإلا إلى جهة اليمين، وعلم علامةً في المحيط ثانيةً وصل بينهما وبين المركز بخط مستقيم فهو سمت القبلة أو الباداهنج،٣١ وطرفه الذي يلي المحيط هو جهة القبلة أو الباذاهنج،٣٢ إن كان سمت الوقت شرقيًّا، أو زاد المجموع على «ص»، وإلا فالذي يلي المركز ثم ربع سمت الباذاهنج بخط آخر يحصل تربيعه، ويعرف ذلك بأن يتقاطعا على قوائم أو تفتح٣٣ البركار بقدر «ص» من قوس محيط الدائرة، وضع إحدى ساقَيه في تقاطع الخط الأول للدائرة، وتعلم برجله الأخرى علامتين في المحيط، وتصل بينهما بقطر يحصل المطلوب.
ومتى أبعدت عن٣٤ سمت٣٥ الباداهنج بتسع درجات ونصف في جهة اليمين حصل٣٦/سمت القبلة، وإن بعدت عن سمت القبلة بذلك القدر إلى جهة اليسار حصل سمت الباذاهنج.
تنبيه: الذي يُفتح من الدائرة في الباداهنج٣٧ هو ربع الدور وهو سبعة وعشرون ونصف في الربع الشرقي الشمالي٣٨ مما يلي نقطة٣٩ الشمالي، واثنان وستون٤٠ ونصف في الربع٤١ الغربي الشمالي مما يلي نقطة الشمال؛ فعلى هذا إذا استقبلت سمته فإن٤٢ التربيع الذي تجاهك والذي عن يمينك منسدَّان. واعلم أن الذي يقرب من العمل من الصواب مراعاة٤٣ أمور منها:
أخذ السمت من الجداول الصحيحة. ومنها الزيادة على الارتفاع الشرقي والنقص من الغربي لتساتر٤٤ بظل خيط الشاقول حين ذلك الارتفاع. ومنها تعدد الأخذين للارتفاع في ذلك الوقت كما مر. ومنها أن تكون فتحة من قوس معلومة. ومنها أن تكون الدائرة متسعة ليظهر فيها قدر الدرجة الواحدة. ومنها أن تكون الشمس قريبة من الأفق مشرقًا أو مغربًا والله أعلم.
فصل، اقسم مسطحَي٤٥ جيبَي العرضين على جيبَي٤٦ تمام عرض بلدك، وما خرج زِده على ما يحصل من ضرب جيب تمام عرض البلد المطلوب سمتها في جيب تمام فضل الطولين منحطًّا، وما اجتمع اضربه في جيب تمام عرض بلدك منحطًا يحصل جيب ارتفاع سمت تلك البلد فاعرف قوسه وتمامه، ثم اضرب جيب فضل الطولين في جيب تمام عرض البلد المطلوب سمتها واقسم الحاصل على جيب تمام الارتفاع، يحصل جيب تمام السمت قوسه، واطرحه من «ص» يبقى السمت، وجهته جنوب إن كان عرض البلد المطلوب سمتها جنوبيًّا، وكذا إن كان شماليًّا، والارتفاع أكثر من الارتفاع الذي لا سمت له، وإلا فشمال.٤٧
مثاله، أردنا معرفة سمت القبلة في مدينة مصر، طلبنا عرضَي البلدين وطولَيهما في٤٨/جدول٤٩ عروض البلدان وأطوالهما٥٠ فوجدنا عرض مكة «كا» وطولها «سر»، وعرض مصر «ل» وطولها «نه»، ففضل الطولين «يب» هذا على تقدير أن يكون عرضهما وطولهما بغير كسر، وإلا فيعمل٥١ بحسبه ضربنا جيب عرض بلدنا وهي «ل»، في جيب عرض مكة وهو «كا ل ح»، فحصل «ي مه د ة»،٥٢ قسمنا ذلك على جيب تمام عرض بلدنا وهو «نا نر مت» فخرج «يب كد نا»، حفظنا ذلك، ثم ضربنا جيب تمام عرض مكة وهو «نو ة ىد»٥٣ في جيب تمام فضل الطولين منحطًّا وهو «يخ٥٤ ما ﮐ»، فحصل «ند مر كح»، جمعناه إلى المحفوظ فبلغ «سر يب ىط»، ضربناه في جيب تمام العرض منحطًّا فخرج «نح يب ﻫ» وهو جيب الارتفاع قوسه «عه نو به»، تمامه «يد ﺣ مه» جيبه «ىد ﻟﻠ٥٥ ﻣﺤ»، ثم ضربنا جيب فضل الطولين وهو «يب كح كط» في جيب تمام عرض مكة، فحصل «يا لج مه يب»، قسمنا٥٦ ذلك على جيب تمام الارتفاع فخرج «مر نه مح» وهو جيب تمام السمت قوسه يكون «نجـ أ ي»، تمامه «لو نح ن» وهو السمت، وقس على ذلك غيره إن شاء الله تعالى،٥٧ والحمد لله رب العالمين. كان الفراغ منه بتاريخ خامس عشر من شهر شعبان المكرم، سنة تسع عشرة وتسعمائة، وحسبنا الله ونعم الوكيل.

ملحق (٢): جدول ارتفاع الشمس إذا كانت على سمت الباذهنج٥٨

figure

ملحق (٣): ما جاء من أشعار عربية في وصف الباذهنج٥٩

«قال القاضي محيي الدين بن عبد الظاهر في باذهنج مُطل على البحر:

أنا نعمى من ابتهج
أنعش الروح والمهج
وعن البحر يا نسيـ
ـمُ حدِّث ولا حرج

وقال ابن سناء الملك (توفي سنة ثمانٍ وستمائة):

وباذهنج علا علاء
ولكنه قد هوى هواء
دام عليك النسيم فيه
وكأنه يطلب الشفاء

وقال أبو الحسن عبد الكريم الأنصاري:

ونفحة باذهنج أسكرتنا
وجدت بروحها برد النعيم
أتينا من أنيق الشكل سمح
تراه مثل راووق النديم
صفا وجرى الهوى فيه رقيقًا
فسمَّيناه راووق النسيم

ومما يحسن أن يُنشَد على لسان الباذهنج قول بعض العرب:

إذا الريح من نحو الحبيب تبسَّمت
وجدت لرباها على كبدي بردا
وإني بتهباب النسيم موكل
طروب وبعض القوم يحسبني

وللشيخ برهان الدين القيراطي:

يا طيب نفحة باذهنج لم يزل
بهوائه لنفوسنا تنفيس
مغرًى بجذب الريح من آفاقها
فكأنه للريح مغناطيس

وللشيخ شهاب الدين بن أبي حجلة:

وباذهنج لا خلت
ديارنا من أنسه
كأنه ميتم
يلقى الهوى بنفسه

وله:

وباذهنج غدا في الجو منظر
من فوق منظره تبدو على سنن
فانظر فديتُك يا محبوب رفعته
واستنشق الريح من تلقاه يا سكني

وله:

يا باذهنجي كم كذا
تعلو على بان الحمى
أبديت حمقًا زائدًا
رفعت رأسك للسما

وله مضمنًا:

ودار حكت قصر السموءل فاغتدت
تُباهي ببنيان لها وتقول
أرى باذهنجي في الهواء ارتفاعه
يعز على من راحه ويطول

وله مضمنًا:

يا باذهنجي أما ترثي لذي حرق
يبدي لهيب الجوى مذبات يخفيها
عوَّدتنا صدقات من لطيف هوًى
فامنن عليَّ بريح منك يجريها

وله مضمنًا:

يا باذهنجي لا برحت من الهوى
مثلي على حب الديار مولها
داري بحبك دائمًا مشغوفة
خُلقت هواك كما خُلقت هوًى لها

وله:

وباذهنج تره كغصن بان ترنح
يهتز عند العطايا لأنه يتريح

وله ملغزًا فيه:

وذي جناحٍ طوله
أضعاف ما في العرض
ما جار في شرع الهوى
وحكمه إذ يقضي
ولم يطر مع كونه
بين السما والأرض

وقال أبو الفتح بن قادوس يهجوه:

لك باذهنج قلب صب له
نفس يصاعد لوعة الحرق
مات النسيم به فأجمعنا
نبكي عليه بأدمع العرق

ولصدر الدين بن عبد الحق (توفي تقريبًا سنة ثمانين وسبعمائة):

في الباذهنج لا تنم
فما لمرضاه دوى
لا يأمن الشخص الذي
يسرق في الليل الهوى

ولشهاب الدين بن أبي حجلة:

وباذهنجٍ ريحه
تضرم نيران الجوى
مدحته جهلًا به
فراح مدحي في الهوى

وله مضمنًا فيه:

هجا الشعراء جهلًا باذهنجي
لأنَّ نسيمه أبدًا عليل
فقال الباذهنج وقد هجوه
إذا صح الهوى دعهم يقولوا

وقال شهاب الدين السنبلي المالكي (توفي سنة أربع وستين وستمائة):

وباذهنج إذا حرُّ المصيف أتى
أهدى النسيم وقد رقَّت حواشيه
مصغٍ إلى الجو ما ناجاه فحة
إلا ونم عليه فهو واشيه

وأكثر الناس ولوعًا بالباذهنج القاضي الفاضل؛ فإنه قال من رسالة: إني من مدة سنتين وما قاربهما، وهي المدة من تاريخها، فرحٌ بهجرة وكري وعلو سعر شعري، قد نظمت مائتين وخمسين ألف بيت من الشعر بشهادة عيانها وحضور ديوانها، مثل قولي في باذهنج: شديد الحرور، كأنما يتنفس نفس مصدور؛ ما يناهز ألف بيت كل مقطوع منها يخرع العقول اختراعه، ويعفي المحاسن بديع ابتداعه.

ومثل قولي في رجلٍ: طويل الآذان كأنهما في رأسه خفان، أو قد عجل له منهما نعلان؛ ما يقارب ألف بيت تجاوزت بهما وأوريت، وما أدخلت منها الشاعر إلى بيت.

ومثل قولي في رثاء الوطن: الذي درجت من وكره، وخرجت فلم أخرج عن ذكره؛ ما يناهز عشرة آلاف بيت، ومثل قولي:

في مدايح منصوصه
وأهاجي مخصوصه

وللشيخ برهان الدين القيراطي ملغزًا فيه:

أهواؤنا المختلفة
قد أصبحت مؤتلفة
في شامخ بأنفه
على العوالي أنفه
وذي جناح لم يطر
ولك طير ألفه
جناحه طول المدى
يبدي علينا رفرفة
كم من كئيب عاشق
أهدى له مشرفه
ولا يزال مرسلًا
لنجوه ملطفه
في الريح ضاع قول من
على هواه عنفه
عليله الصحيح كم
شفى قلوبًا دنفة
وروحه لطيفة
وذاته منحرفة
عن قلبه الدين أرى
حب الهوى قد صرفه
ولم يكن مع الهوى
أعطافه منعطفة
هواه تحت طوعه
كيف يشاء يصرفه
كم عممت غمامة
هامته المنكشفة
ما زال غير ساكن
ساكنه مذ ألفه
وكلما لاح له
من الهواء التقفه
فنى الوليد ذاته
بذاته مؤتلفة
سكانها سميها
في الغرب يبدي حيفه
فيه تشتي عصبة
قد أصبحت مصيفة
ببدر ذو الرشد ولا
ينسبه إلى السفه
حمدت معْ تبذيره
وبذله تصرُّفه
وكل ما أسرف في
بلدٍ شكرنا أسرفه
ونصفه مع جبل
ملك سطاه متلفه
تصحيف ثلثَيه جلت
فض حديثه الشفة
وثلثه حرفان بل
حرف فدع من حرَّفه
أنفاسه كم أودعت
محاسنًا مستلطفة
كم رنحت من غصن
ذي قامة مهفهفة
معتلة وهو الصحيـ
ـح عند من قد عرفه
وثوبه البيض لا
يزال يبدي صلفه
آخره مصنف
لعالم قد صنَّفه
وبيت سلطان غدا
يصون فيه تحفه
يُكنى بسدسَي لفظه
عصابة مستنكفة
وسدسه أرى السما
والأرض والماء يألفه
فاكشف معمى قلبه
فمثلكم من كشفه
نهار ذهنكم محا
من الظلام سدفه
يجري لحل المشكلا
ت لم يخف توقفه
وبحركم در وما
صادفت فيه صدفة
وللرقاب قلدت
هباتك المؤلفة
كل البرايا نكرة
وأنت فيهم معرفة
وخذ عروسًا شنفت
مذ جليت مشنفة
زهير لو بان له
زهر جلاها قطفة
أغشى سناء طرفها
إذا لاح طرف طرفه
حديقة حاسدها
يرعد مثل السفعة
figure
مصدر الصورة http://abunawaf.com/.
١  الموسوعة العربية، دمشق، المجلد١٧، ص٧٧٧.
٢  بروكلمان، الجزء ٢، ص١٢٨؛ فهرس المخطوطات المصورة (معهد المخطوطات العربية)، جزء ٣، قسم ١، ص١٧؛ عن دار الكتب المصرية (ميقات ١٨٣).
٣  في «م»: وصلى الله على سيدنا محمد.
٤  ناقصة في «م».
٥  ناقصة في «م».
٦  في «م»: الخلق.
٧  ناقصة في «م».
٨  في «م»: الباداهنج.
٩  في «م»: على سبعة وثلاثين.
١٠  في «م»: الباداهنج.
١١  في «م»: سبعة وعشرين درجة ونصف.
١٢  في «م»: وكلاهما.
١٣  في «م»: بقدر أحد.
١٤  ٥٩ظ.
١٥  في «م»: الباداهنج.
١٦  في «م»: الباداهنج.
١٧  في «س»: صليبًا.
١٨  في «م»: من رخام أو كدان.
١٩  في «م»: ترسم.
٢٠  في «م»: يرفع تحته.
٢١  في «م»: يصب.
٢٢  في «م»: وتدق.
٢٣  في «س»: المرقع.
٢٤  ناقصة من «س».
٢٥  في «س»: ذالك.
٢٦  في «م»: وتنقصه.
٢٧  ٦٠و.
٢٨  في «م»: إن.
٢٩  ناقصة من «س».
٣٠  في «م»: الباداهنج.
٣١  في «م»: الباذاهنج.
٣٢  ناقصة من «م».
٣٣  في «م»: يفتح.
٣٤  في «س»: عند.
٣٥  ناقصة من «م».
٣٦  ٦١و.
٣٧  في «م»: الباذاهنج.
٣٨  كلمة «الشمالي» ناقصة من «س».
٣٩  كلمة «نقطة» ناقصة من «م».
٤٠  كلمة «ستون» ناقصة من «م».
٤١  في «م»: النصف.
٤٢  في «م»: كان.
٤٣  في «م»: مراعات.
٤٤  في «م»: ساتر.
٤٥  في «س»: مسطح.
٤٦  في «م»: البلد المطلوب سمتها في جيب تمام فضل الطولين منحطًّا وما اجتمع اضربه في جيب تمام عرض بلدك.
٤٧  في «م»: فشمالي.
٤٨  ٦١ظ.
٤٩  في «م»: جداول.
٥٠  في «م»: طولها.
٥١  في «م»: فتعمل.
٥٢  في «م»: يا.
٥٣  في «م»: ند.
٥٤  في «م»: نح.
٥٥  في «م»: لد.
٥٦  في «م»: فقسمنا.
٥٧  في «م»: تمَّت الرسالة المباركة بحمد الله تعالى وعونه، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم، وحسبنا الله ونعم الوكيل.
٥٨  المنوفي، عنوان المهمات في تحرير الأوقات، محمد بن ناصر الدين المنوفي المصري المؤقت (كان حيًّا في حدود ٩٨١ه‍/ ١٥٧٣م)، دار الكتب المصرية، رقم ٤٧٠ ميقات، ص٧٥ظ.
٥٩  الغزولي، علي بن عبد الله البهائي الدمشقي (توفي ٨١٥ﻫ/١٤١٢م)، مطالع البدور ومنازل السرور، ط١، ج١، مطبعة إدارة الوطن، القاهرة، ١٩٧٩م، ص٤٥–٤٩.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤