الفصل الحادي عشر

ولن يتمَّ وصف الربع وتصوير البيئة التي عاش فيها الصبيُّ لأوَّل عهده بالقاهرة، إذا لم يُذْكر أشخاص كانوا يُقيمون في الربع وكأنهم ليسوا من أهله، وأشخاص آخرون كانوا يلمون بالربع بين حين وحين وكأنهم من أهله المقيمين فيه. فمن المقيمين النازحين ذلك الشيخ الذي تقدَّمت به السنُّ حتى جاوز الخمسين، والذي طلب العلم جادًّا في طلبه ما استطاع، والتمس الدرجة محتملًا في ذاتها ما أطاق، فلم يُحصِّل من العلم إلا قليلًا، ولم يتقدم إلى الدرجة إلا رُدَّ عنها فيئس ولم ييأس، وأقام جسمه في الربع ونزحت نفسه عنه؛ استحيا أن يعود إلى بلده مخفقًا فأقام في القاهرة، وفي حيث كان يقيم أيام كان يطلب العلم جادًّا مجتهدًا. ودبَّر أمر أسرته في الريف من بعيد يخطف نفسه إليها يوم الخميس إذا أمسى ليعود إلى الربع يوم السبت إذا أصبح. وله حظٌّ من ثراءِ وفضلٌ من نعمة؛ فهو يعيش بين هؤلاء الطلاب عِيشة الأغنياء من أهل الريف. قد أَثَّث غرفته بمتاعٍ ممتازٍ، وأقام فيها مُصبحًا وممسيًا لا يُفارقها إلا قليلًا، يُخَيِّل إلى الناس أنه يقرأ ويدرس، وأنه قد حفظ العلم ووعى أسفاره فليس هو في حاجة إلى أن يختلف إلى الدروس ويسمع للشيوخ، ولو قد أسعده الحظ وواتته الأقدار لكان شيخًا مثلهم يُلقي الدروس ويختلف إليه التلاميذ؛ فقد صحب أكثرهم حين كانوا طُلابًا، واستمع معهم للشيخ الإمبابي وزار معهم الشيخ الأشموني، ولكن الحظ وفَّى لهم وأخلفه، فأصبحوا أساتذة وظل هو في هذه المنزلة بين المنزلتين، منزلة الطالب ومنزلة الأستاذ.

ولكنه على كل حال قد اتَّخذ أكثر خصال الأساتذة؛ فهو لا يُشارك أصدقاءه الشباب في درس ولا يقرأ معهم كتابًا، وإنما يلقاهم بين حين وحين مترفعًا عليهم شيئًا، مترفقًا بهم قليلًا، يشهد طعامهم وشايَهم ويدعوهم إلى طعامه وشايه. ويتحدث إليهم في صوت هادئ ممتلئ وبحروف مُضخَّمة مُفخَّمة، ولكنه لا يتحدَّث إليهم في العلم وإنما يتحدَّث إليهم عن العلماء يعيب أكثرهم ويمدح أقلهم، يغلو في العيب ويقتصد في الثناء. ويتحدَّث إليهم عن المال وعن تدبيره، وعن مكانته بين أهل القرية وصيته بين أهل المركز وارتفاع شأنه بين أهل الأقاليم. وعن إخوته الذين يُشرفون على الحرث والزرع، وأخيه النابه النجيب الذي عظم نصيبه من الذكاء وقل نصيبه من مواتاة الحظ، فلم يفتح الله عليه بنيل الشهادة الابتدائية على تقدُّم سنِّه حتى كاد يبلغ العشرين؛ لا لأنه كان مُقصِّرًا أو غبيًّا، بل لأن الحظ كان يمانعه ويُعاكسه، وقد قررت الأسرة أن تُغالب الحظ، وصمم الشيخ على أن يغلب الحظ على أخيه، ويَثِبَ بهذا الفتى من الخمول إلى نباهة الذكر وارتفاع الشأن، فأزمع أن يُدخله المدرسة الحربية ويجعل منه ضابطًا باسلًا تزدان كتفه لا بالنجمة بل بالنجمتين، بل بالنجوم.

ولكن الحظ كان أقوى من الشيخ ومن أُسرته، فرد الفتى عن المدرسة؛ لأن هيأته لم تُعجب الممتحنين، والشيخ ساخطٌ على الحظ مصمم على مغالبته، يتحدَّث بهذا كله حديثًا متقطعًا متصلًا، تقطعه قرقرة الشيشة التي كان صاحب القهوة يحملها إليه وجه النهار وآخره وحين يتقدم الليل، والتي كان ربما أعدها لنفسه أو أعدها له خادمه الصغير، والتي كانت تُبهر هؤلاء الطلاب وتُثير في نفوسهم شيئًا من الإعجاب بثرائه يُمازج ازدراءهم لجهله وتندرهم بغبائه.

وما ينسى الصبي أن هذا الشيخ الغني أراد ذات يوم أن يتخفف من بعض أثاثه ويشتري خيرًا منه وأرقى، فعرض قديمه على هؤلاء الطلاب، فكلهم نكل عن الشراء إلا أخا الصبي، فإنه اشترى منه دولابًا يأتلف من قطعتين تقوم إحداهما على الأخرى، فأما القطعة السفلى: فقد كان لها بابان مُصْمَتان، وقد خُصص أعلاها لثياب الشيخ الفتى وخصص أسفلها لكتبه التي لم تُجلد، والتي لا يَحْسُنُ أن تُرى، وخُصص جزء منه لما كان الشيخ يحرص على ادخاره لنفسه من طيب الطعام. وكان في أعلى هذه القطعة السفلى درجان خصصهما الشيخ الفتى لأوراقه المنتثرة ولنقوده حين كانت تصل إليه أول الشهر؛ فكان يضعها في أحد هذين الدرجين ويأخذ منها بمقدارٍ بين يوم ويوم، وقد حفظ مفتاحيهما في جيبه. وأما القطعة العليا: فكان لها بابان زجاجيَّان وقد خُصصت للكتب المجلَّدة التي يبعث منظرها في النفوس بهجة ورضا.

وقد غالى الشيخ بدولابه هذا وساوم في ثمنه حتى تجاوز به الجنيه؛ لأنه كان من خشب البندق، واشتراه الشيخ الفتى على ذلك، ومن المحقق أن شراءه قد جرَّ على الشيخ الفتى وعلى أخيه أعباءً ثِقالًا، فلم يكن بُدَّ من دفع هذا الثمن أقساطًا، ومن أن تقتطع هذه الأقساط من وظيفة الشهر الضئيلة التي كانت تأتي من القرية، ثم لم يكن بد من أن تُشترى الكتب ومن أن تُجلَّد وتُرصَّ لتبدو أعقابها مزدانة باسم الشيخ الفتى من وراء الزجاج. وكان هذا كله يُقتطع من وظيفة الشهر ويضطر الطالبَيْنِ إلى أن يُقتِّرا على أنفسهما في الرزق. ثم عجزت وظيفة الشهر عن أن تنهض بهذه الأعباء، فبدأت الاستدانة، وقلَّ ما كان يُودع في الدَّرَجِ من نقود، وكثُر الإلحاح على الشيخ الوالد في أن يزيد الوظيفة أو يُضيف إليها شيئًا بين حين وحين.

ولكن شراء هذا الدولاب قد رفَّه على الصبيِّ وأثار في نفسه كثيرًا من الفرح والبهجة؛ فقد كان للشيخ الفتى صندوق طويل عميق عرفه الصبي في أثناء طفولته حين كانت أمه تحفظ فيه ثيابها ونفائس هذه الثياب خاصة، وكان لهذا الصندوق غطاءٌ مجوَّف قليلًا يُرفع فيتكشَّف عن عمقٍ، كان الصبي يراه عظيمًا، ويتكشَّف عن درجين خفيين كانت أمه تحفظ فيهما حُليَّها حين كان لها حُليٌّ، ثم افتقد الصبيُّ هذا الصندوق في مكانه من الدار ذات يوم فلم يجده، وكان كثيرًا ما يلعب عنده مع أخواته، وكان كثيرًا ما يجلس عليه مُتربِّعًا وتجلس أخواته بين يديه على الأرض متربعات وهو يقص عليهن أحاديثه ويسمع منهن أحاديثهن.

افتقد الصبي هذا الصندوق ذات يوم فلم يجده؛ لأنه حُمل إلى النيل حيث أودع سفينة ذاهبة إلى القاهرة، وهناك تلقاه الفتى الشيخ فحفظ فيه ثيابه وكتبه التي لم يكن يجد لها مستودعًا. وقد حزن الصبيُّ على هذا الصندوق حزنًا شديدًا، واضطر إلى أن يجلس مكانه متربعًا على الأرض ليتحدَّث إلى أخواته ويسمع منهن.

فلما انتقل الصبي إلى القاهرة كان شديد الشوق إلى أن يمس الصندوق ويجلس عليه ويمسح بيده الصغيرة خشبه الأملس، ولكن الصندوق كان بعيدًا من مجلسه، قد وُضع في زاوية من زوايا الغرفة، فلم يكن ذهاب الصبي إليه سهلًا ولا ميسورًا. فلما اشترى الدولاب وانتقلت إليه ثياب الشيخ الفتى وكتبه، سقط أمر الصندوق، فانتقل من مكانه في الغرفة إلى مكان مُهَمَلٍ في الدِّهليز يكون عن شمال الصبيِّ إذا دخل، وقيل للصبي: ضع في هذا الصندوق ثيابك وما قد يكون لك من كتبٍ إن اشتريت كتبًا.

ومنذ ذلك الوقت هجر الصبي مجلسه ذاك من الغرفة أثناء النهار واستحيا أن يجلس على الصندوق فيضحك منه من يراه، ولكنه جلس إلى جانبه مما يلي عتبة الغرفة مسندًا ظهره إلى الحائط معتمدًا بيده على الصندوق، متحينًا فرصةً إن أتيحت له لينهض فيجلس على الصندوق ويداعبه، وقد يرفع غطاءه ويضع يده في هذا الدَّرَج ثم في ذاك، ولكنه لم يكن يجد فيهما شيئًا. وربما انحنى على ثيابه القليلة التي كانت ملقاةً في أعماق هذا الصندوق يقلبها مستمتعًا بذلك، كأنه يملك شيئًا ويتخذ له حرزًا لا يشاركه فيه غيره، ولكن الأيام قد مضت وتبعتها الأيام وامتلأ هذا الصندوق كتبًا.

وشخص آخر كان يقيم في الربع نازحًا عنه غريبًا بين أهله وإن وصلت القرابة بينه وبين بعض هؤلاء الطلاب، ووصل الود الخالص بينه وبينهم جميعًا. كان قصير النظر، لا يكاد يبصر إلا عن قربٍ شديدٍ، وكان طويل الجسم، طويل الإقامة على طلب العلم في الأزهر، طويل السكنى في هذا الربع، قد جَدَّ في طلب العلم ما استطاع، وجَدَّ العلم في الهرب منه ما استطاع، فلم يكن غريبًا بين الطلاب وحدَهم وإنما كان غريبًا بين الكتب التي كانت تملأ غرفته أيضًا، شهد الدروس وسمع من الشيوخ، فلما استيأس من هذا كله قبع في غرفته لا يكاد يتنقل منها إلا إلى هذه الغرفة أو تلك من غرفات الرَّبع ليتحدَّث إلى هذا الصديق أو ذاك. وقد كان أصدقاؤه منصرفين إلى علمهم ودرسهم فانقطع حتى عن زيارتهم، ولكنه كان طيب القلب، سمح النفس، عذب الحديث، شديد الوفاء، سريعًا إلى معونة أصدقائه، منتظرًا بهم إنْ تَعَسَّرَ الأداء.

فكانوا هم يذكرونه لأنهم كانوا يحبونه، وكانوا هم يزورونه لأنهم كانوا يستمتعون بحديثه ويجدون اللذة في محضره. ولم تطاوعه نفسه على فراق القاهرة ولا على ترك الرَّبع، على أنه كان مستيئسًا من العلم والدرجة، فأقام حيث كان يدبِّر أمرَه أو يُدبَّر له أمرُه وهو مقيم في القاهرة، لا هو بالطالب ولا هو بالفلاح ولكنه شيء بين ذلك. وما أكثر ما كان يزوره أقاربه وأهل قريته فيحملون إليه من طيبات الريف ما يسرع فيدعو أصدقاءه إلى المشاركة فيه، أو يسرع فيحمله إليهم في غرفاتهم. وقد أقام هؤلاء الطلاب ما أقاموا في الربع لا يذكرون هذا الصديق إلا محبين له مثنين عليه، ثم تفرقوا وأخذ كل منهم طريقه، وانقطعت عنهم أخباره، ولكنهم ظلُّوا لا يذكرونه إلا أثنَوا عليه.

وشخص آخر كان يقيم في الربع، ولكنه لم يكن يسكن فيه غرفةً بعينها ولا يستقرُّ منه في مكان بعينه، ولم يكن لقاؤه سهلًا ولا التحدث إليه ميسورًا، وإنما كان هؤلاء الشباب يتحدثون عنه بين حين وحين حديثًا مخطوفًا سريعًا مهموسًا، يتبعه شيء من الضحك السريع الخفيف الذي كان يقطعه التحفظ والحياء.

وكان هذا الشخص يزور ولا يُزار، وكان لا يزور وحدَه إنما يزور ومعه شخص آخر، وكان لا يزور في النهار ولا في أول الليل، ولا يزور في اليقظة وإنما يزور في أوساط الليل وفي أثناء النوم العميق.

وكانت زيارته حُلوة البدء مُرة العاقبة، وكانت زيارته تُكلف الذين يُلِمُّ بهم عناءً ثقيلًا، ربما آذاهم في أنفسهم، ولكنه كان يُؤذيهم في علمهم وفي أجسامهم دائمًا، وكان يُعرضهم للعلة أحيانًا وللزكام في كثير من الوقت ولا سيَّما في الشتاء.

وكان هذا الشخص يُسمَّى بين هؤلاء الشباب أبا طرطور، ولم يكن هذا الشخص غيرَ الشيطان الذي كان يُلِمُّ بأحدهم إذا جنَّه الليل وشمله النوم، فإذا انصرف عنه أفاق الفتى مذعورًا ضيق النفس متأثِّمًا مُتَحَرِّجًا، وانتظر حتى يدنو الفجر، فهبَّ من فِراشه عَجِلًا وَجِلًا حريصًا على أن يطَّهَّر ليُدرك درس الفجر. فأمَّا في الصيف فقد كان الأمر يسيرًا محتَمَلًا، وأيُّ شيءٍ أيسر وأحب من أن يغمس الفتى نفسه في الماء البارد في هذا المغطس أو ذاك من هذا المسجد أو ذاك، أو أن يصب الفتى على جسمه مقدارًا من الماء البارد يعمُّ جسمَه ويحقق شرائط الغسل كما فرضتها كتب الفقه! ولكن الجهد كل الجهد والعذاب كل العذاب حين يلم أبو طرطور بالفتى في ليلة من ليالي الشتاء، هنالك لا يجد الفتى الوقت لإسخان الماء، ولا يجد الوقت — وقد لا يجد النقد — للذهاب إلى حمام من هذه الحمامات العامة، وحسْب أبي طرطور أن يُضيع على الفتى وقته فأما أن يُضيع عليه نقده فلا.

ولا بد من الذهاب إلى الأزهر ولا بد من الاستماع إلى الدرس، ولا بد من أن يكون الفتى طاهر النفس والجسم معًا، وإذن فهو الماء البارد يُصب على الجسم في البيت صبًّا سريعًا ثم الخروج إلى الأزهر. والخير أن يغمس الفتى نفسه في مغطس من مغاطس المساجد؛ ذلك لا يكلفه شيئًا إلا البرد والرعشة، فالماء في البيت يُشترى، وما ينبغي أن يُستنفد في غير الشرب إلا أن تقضي بذلك الضرورة، ولا بد من أن تحمل الضرورة نفسها على الاقتصاد.

وكان أبو طرطور مُلحًّا في زياراته على هؤلاء الشباب، كأنما أقام في أعلى سُلَّم الربع مُختفيًا في تلك الزاوية حيث لا يسمع ما كان الطلاب يدرسونه من العلم ويقرءونه من الكتب. فإذا انصرف الطلاب عن علمهم أو كتبهم وخلَوْا إلى ذلك الشيخ الذي كان يسكن أقصى الربع من شمال، أو ذلك الكهل الذي كان يسكن أقصى الربع من يمين، وثب أبو طرطور فدخل عليهم غرفتهم من حيث لا يرونه ولا يسمعونه ولا يحسونه، ثم انسلَّ فمضى حتى ركب كتفي الشيخ أو كتفي الكهل أو تقمَّصه وتحدَّث بصوته ولسانه إلى هؤلاء الشبان، فأثار في نفوسهم ورءوسهم هذه الخواطر المنكرة التي كانت تصرفهم عنها الكتب. فإذا تفرَّقوا عن شيخهم أو كهلهم، وأووا إلى مضاجعهم وأغرقوا في نومهم، كان أبو طرطور قد اختار منهم فريسته فزاره زيارته المنكرة الآثمة.

وربما استخفى أبو طرطور في زاويته تلك من أعلى السلم، حتى إذا صعدت تلك الفتاة من الطبقة السفلى إلى الطبقة العليا تحمل إلى أحد هؤلاء الطلاب ثيابه غسيلة نظيفة، أو تأخذ من أحد هؤلاء الطلاب ثيابه لتغسلها وتنظفها، اعترضها أبو طرطور فسايرها لا يُرى ولا يُسمع ولا يُحسُّ، فلا تكاد تدخل على أحد هؤلاء الطلاب، حتى يستحيل أبو طرطور نظرةً تُلقى من طرْف هذه الفتاة، أو كلمة تجرى على لسانها، أو ابتسامة ترتسم على شفتيها أو حركة تنبعث من أحد أعضائها.

ثم تنصرف الفتاة وينصرف معها أبو طرطور لم يُرَ ولم يُسمع ولم يُحسَّ، ولكنه مع ذلك قد ضرب للفتى موعدًا حين يجنه الليل ويشمله النوم. وربما أمعن أبو طرطور في البراعة وغلا في المكر والكيد، فلم يكلف نفسه الصعود إلى أعلى السلم، وإنما اندسَّ في الطبقة السفلى، واختلط بأولئك النساء اللاتي كُن يختصمن أحيانًا ويتضاحكن أحيانًا، ويتحدَّثن بأصواتٍ مرتفعة يُشكِّلنها أشكالًا مُختلفة على كل حال؛ فيستحيل أبو طرطور إلى جوهر لطيف يجري في صوت من هذه الأصوات، أو حركة من هذه الحركات، ويرتفع هذا الصوت أو هذه الحركة بأبي طرطور أو يرتفع هو بهذا الصوت أو بهذه الحركة، حتى يبلغ الفتى في الطبقة العليا، وينصرف عنه لوقته وقد ألقى في نفسه شرًّا خفيًّا وضرب له موعدًا حين يجنه الليل ويشمله النوم.

وكذلك لم تكن حياة هؤلاء الطلاب في ربعهم وفي أزهرهم صفوًا كلها، ولا علمًا كلها، ولم تكن حياة الصبي بين هؤلاء الطلاب صفوًا خالصًا، ولا علمًا خالصًا، وإنما كان يلم بهم أبو طرطور فيحمل إليهم عذابًا حلوًا مرًّا، ويسمع الصبيُّ من أحاديثهم ما كان يدعوه إلى التفكير.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤