تمهيد
اعتمدنا في هذه الترجمة على نسختين:
-
الأولى هي المنشورة في لندن عام ١٨٢٨م ضمن كناش جمعه إ. كوري I. P. Cory١ بعنوان: «الشذرات العتيقة» The Ancient Fragments، ويضم إلى جانب رحلة حنون عددًا مما يسميه «بقايا الكتابات التاريخية» لمانيثو وبروسوس (الكاهن الكلداني برعوشا)، وغيرهما، كالعقيدة الهرمسية، والأثبات التاريخية القديمة، والحوليات الصورية، وتعاليم زرادشت. وقد اعتمد كوري النسخة التي كان فالكونر٢ قد اعتمدها قبله، مع اعتماد ترجمتها. وعن كوري قمت بترجمة نص الرحلة.
-
الثانية نشرها كونستانتينوس سيمونيدس Konstantinos Simonides٣ في لندن عام ١٨٦٤م بعنوان: «طواف حنون ملك القرطاجيين، حول الأرجاء الليبية من الأرض وراء أعمدة هرقل، وهو الذي كرسها للإله كرونوس، الإله الأعظم، ولجميع الآلهة المعبودة معه.»٤ وقد اقتصرت من نسخته على تذييل نص الرحلة الخاص بملوك قرطاج، والنُّساخ اليونانيين.
إنه ليسعدني تقديم هذه الرحلة إلى قراء العربية في كل مكان لإعادة استظهار جانب تكاد تفاصيله تكون مجهولةً في ثقافتنا التاريخية العامة، وهو جانب صغير، ولكنه ليس عابرًا، من جوانب الحضارة الليبوفينيقية القرطاجية التي ربما يعرف عنها الكثيرون من الخرافات والأساطير أكثر مما يعرفون من الوقائع المثبتة تاريخيًّا.
إشارةٌ أختم بها هذه التنبيهات، وهي أن كلمة «ليبيا» في زمن رحلة حنون كانت تُطلق على كامل قارة أفريقيا، ولم تُعرف ليبيا الحالية بحدودها الجغرافية إلا بعد الاحتلال الإيطالي لها عام ١٩١١م والذي انتهى مع نهاية الحرب العالمية الثانية، فهي — غير ذلك — لم تكن تُعرف إلا بأسماء أقاليمها الثلاثة: طرابلس وبرقة وفزان، وكان اسم طرابلس في الغالب الأعم علمًا عليها جميعًا.