الفصل الأول

الْجَدَّةُ ثعلبة الْعَجُوزُ تَتَسَبَّبُ فِي ذُعْرِ ريدي

كَانَ الثَّعْلَبُ ريدي يَعِيشُ مَعَ جَدَّتِهِ الْجَدَّةِ ثعلبة الْعَجُوزِ؛ فَقَدْ كَانَ ريدي يَنْتَمِي إِلَى عَائِلَةٍ كَبِيرَةِ الْعَدَدِ، حَتَّى إِنَّهُ كَانَ عَلَى الثَّعْلَبَةِ الْأُمِّ أَنْ تَعْمَلَ جَاهِدَةً لِإِطْعَامِ الْكَثِيرِ مِنَ الْأَفْوَاهِ الْجَائِعَةِ؛ وَلِذَلِكَ كَانَ عَلَيْهَا تَرْكُ ريدي لِيَعِيشَ مَعَ الْجَدَّةِ ثعلبة الْعَجُوزِ. كَانَتِ الْجَدَّةُ ثعلبة الْعَجُوزُ أَكْثَرَ الثَّعَالِبِ حِكْمَةً وَدَهَاءً وَذَكَاءً فِي كُلِّ أَنْحَاءِ الْمِنْطَقَةِ. وَالْآنَ حَيْثُ إِنَّ ريدي قَدْ كَبِرَ، قَرَّرَتِ الْجَدَّةُ أَنَّهُ قَدْ حَانَ وَقْتُ تَعْلِيمِهِ مَا يَجِبُ عَلَى كُلِّ ثَعْلَبٍ مَعْرِفَتُهُ؛ لِذَلِكَ كَانَتْ تَأْخُذُهُ مَعَهَا كُلَّ يَوْمٍ لِلصَّيْدِ، وَعَلَّمَتْهُ كُلَّ مَا تَعْرِفُهُ عَنْهُ. عَلَّمَتْهُ كَيْفِيَّةَ سَرِقَةِ دَجَاجِ الْمُزَارِعِ براون دُونَ إِيقَاظِ كَلْبِ الصَّيْدِ باوزر، وَعَلَّمَتْهُ الْأَلْفَ طَرِيقَةٍ وَطَرِيقَةً الَّتِي تَعْرِفُهَا لِلتَّحَايُلِ عَلَى الْكَلْبِ وَخِدَاعِهِ.

أَخَذَتِ الْجَدَّةُ ثعلبة الْعَجُوزُ ريدي ذَاكَ الصَّبَاحَ عَبْرَ الْمُرُوجِ الْخَضْرَاءِ، وَاجْتَازَا الْغَابَةَ الْخَضْرَاءَ حَتَّى وَصَلَا لِقُضْبَانِ السِّكَّةِ الْحَدِيدِيَّةِ. لَمْ يَكُنْ قَدْ سَبَقَ لِريدي الذَّهَابُ إِلَى هُنَاكَ مِنْ قَبْلُ، وَلَمْ يَكُنْ يُدْرِكُ مَا يُمَثِّلُهُ الْأَمْرُ بِالضَّبْطِ. هَرْوَلَتِ الْجَدَّةُ حَتَّى وَصَلَا إِلَى جِسْرٍ طَوِيلٍ ثُمَّ تَوَقَّفَتْ.

أَمَرَتْهُ الْجَدَّةُ: «تَعَالَ إِلَى هُنَا يَا ريدي وَانْظُرْ لِأَسْفَلَ.»

قَامَ ريدي بِمَا أَمَرَتْهُ، وَلَكِنَّ نَظْرَةً وَاحِدَةً لِأَسْفَلَ أَصَابَتْهُ بِالدُّوَارِ حَتَّى كَادَ يَسْقُطُ. ابْتَسَمَتِ الْجَدَّةُ ثعلبة الْعَجُوزُ ابْتِسَامَةً عَرِيضَةً.

وَقَالَتْ وَهِيَ تَرْكُضُ بِخِفَّةٍ لِتَعْبُرَ إِلَى الْجَانِبِ الْآخَرِ: «تَعَالَ وَاعْبُرْ.»

وَلَكِنْ كَانَ الثَّعْلَبُ ريدي خَائِفًا. أَجَلْ؛ كَانَ خَائِفًا أَنْ يَخْطُوَ خُطْوَةً وَاحِدَةً عَلَى الْجِسْرِ الطَّوِيلِ. كَانَ يَخَافُ أَنْ يَسْقُطَ فِي الْمَاءِ أَوْ عَلَى الصُّخُورِ الْقَاسِيَةِ أَسْفَلَهُ. رَكَضَتِ الْجَدَّةُ ثعلبة الْعَجُوزُ عَائِدَةً إِلَى حَيْثُ جَلَسَ ريدي.

قَالَتْ: «يَا لَلْعَارِ أَيُّهَا الثَّعْلَبُ ريدي! مِمَّ تَخَافُ؟ فَقَطْ لَا تَنْظُرْ إِلَى أَسْفَلَ وَسَوْفَ تَكُونُ بِأَمَانٍ. الْآنَ، تَعَالَ مَعِي إِلَى الْجَانِبِ الْآخَرِ.»

وَلَكِنْ بَقِيَ الثَّعْلَبُ ريدي مَكَانَهُ وَتَوَسَّلَ لِكَيْ يَعُودَ إِلَى الْمَنْزِلِ وَتَذَمَّرَ. قَفَزَتِ الْجَدَّةُ ثعلبة الْعَجُوزُ فَجْأَةً وَكَأَنَّهَا فِي حَالَةِ ذُعْرٍ. صَرَخَتْ: «كَلْبُ الصَّيْدِ باوزر! تَعَالَ يَا ريدي، تَعَالَ!» وَعَبَرَتِ الْجِسْرَ بِأَسْرَعِ مَا يُمْكِنُهَا.

لَمْ يَتَوَقَّفْ ريدي لِيَنْظُرَ أَوْ يُفَكِّرَ؛ فَقَدْ كَانَتِ الْفِكْرَةُ الْوَحِيدَةُ الَّتِي سَيْطَرَتْ عَلَيْهِ هِيَ الْهَرَبَ بَعِيدًا عَنْ كَلْبِ الصَّيْدِ باوزر. صَرَخَ: «انْتَظِرِي يَا جَدَّةُ! انْتَظِرِي!» وَرَكَضَ خَلْفَهَا بِأَسْرَعِ مَا يُمْكِنُهُ. كَانَ قَدْ وَصَلَ بِالْفِعْلِ إِلَى مُنْتَصَفِ الْجِسْرِ قَبْلَ أَنْ يُدْرِكَ أَنَّهُ يَعْبُرُهُ، وَعِنْدَمَا عَبَرَهُ بِسَلَامٍ، وَجَدَ الْجَدَّةَ ثعلبة الْعَجُوزَ جَالِسَةً تَضْحَكُ مِنْهُ؛ وَعِنْدَئِذٍ نَظَرَ ريدي لِلْمَرَّةِ الْأُولَى خَلْفَهُ لِيَرَى أَيْنَ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ كَلْبُ الصَّيْدِ باوزر. لَمْ يَرَهُ فِي أَيِّ مَكَانٍ. هَلْ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ قَدْ سَقَطَ مِنْ فَوْقِ الْجِسْرِ؟

صَاحَ ريدي: «أَيْنَ كَلْبُ الصَّيْدِ باوزر؟»

أَجَابَتِ الْجَدَّةُ ثعلبة الْعَجُوزُ بِسُخْرِيَةٍ: «فِي مَنْزِلِهِ فِي فِنَاءِ الْمُزَارِعِ براون.»

نَظَرَ ريدي إِلَيْهَا لِدَقِيقَةٍ، ثُمَّ بَدَأَ يَفْهَمُ أَنَّ الْجَدَّةَ ثعلبة الْعَجُوزَ قَدْ أَخَافَتْهُ فَقَطْ لِيَرْكُضَ عَبْرَ الْجِسْرِ. شَعَرَ ريدي أَنَّهُ جَدِيرٌ بِالشَّفَقَةِ.

قَالَتِ الْجَدَّةُ ثعلبة الْعَجُوزُ: «وَالْآنَ سَنَرْكُضُ لِلْعَوْدَةِ.»

وَهَذِهِ الْمَرَّةَ رَكَضَ ريدي.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤