الفصل الثاني عشر

الدَّجَاجَةُ الْمَفْقُودَةُ

عِنْدَمَا وَضَعَتِ الْجَدَّةُ ثعلبة الْعَجُوزُ الدَّجَاجَةَ الَّتِي جَلَبَتْهَا إِلَى الْمَنْزِلِ لِلثَّعْلَبِ ريدي أَرْضًا مِنْ أَجْلِ الْإِمْسَاكِ بِالْأَرْنَبِ بيتر، كَانَتْ تَنْوِي الْعَوْدَةَ وَإِحْضَارَهَا بِمُجَرَّدِ أَنْ تُمْسِكَ بِبيتر. الْآنَ تَرَى بيتر يَعْبُرُ الْمُرُوجَ الْخَضْرَاءَ بِأَسْرَعِ مَا يُمْكِنُهُ. كَانَتْ غَاضِبَةً جِدًّا، حَتَّى إِنَّهَا كَانَتْ تَقْفِزُ مِنْ شِدَّةِ الْغَضَبِ. قَامَتْ بِتَمْزِيقِ الْعُشْبِ وَكَزَّتْ عَلَى أَسْنَانِهَا الْبَيْضَاءِ الطَّوِيلَةِ. حَدَّقَتْ بِغَضَبٍ نَحْوَ الصَّقْرِ ميستاه الْعَجُوزِ الَّذِي قَامَ بِتَحْذِيرِ بيتر. كَانَ كُلُّ مَا يُمْكِنُهَا فِعْلُهُ هُوَ التَّوْبِيخَ وَلَمْ يَنْفَعْهَا ذَلِكَ؛ إِذْ كَانَ الصَّقْرُ ميستاه الْعَجُوزُ يُحَلِّقُ فِي السَّمَاءِ الزَّرْقَاءِ، وَلَمْ يَكُنْ يَسْمَعُ أَيًّا مِمَّا تَقُولُهُ. وَلَكِنْ يَبْدُو أَنَّ الْجَدَّةَ ثعلبة الْعَجُوزَ كَانَتْ غَاضِبَةً جِدًّا جِدًّا! فَلَوْ أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ غَاضِبَةً إِلَى هَذَا الْحَدِّ، كَانَتْ سَتَرَى الْخُلْدَ جوني وَهُوَ مُسْتَلْقٍ تَمَامًا عَلَى بَطْنِهِ وَرَاءَ مَجْمُوعَةِ عُشْبٍ كَبِيرَةٍ.

كَانَ الْخُلْدُ جوني خَائِفًا. أَجَلْ؛ كَانَ جوني خَائِفًا حَتَّى الْمَوْتِ. كَانَ قَدْ قَاوَمَ الثَّعْلَبَ ريدي وَتَغَلَّبَ عَلَيْهِ، وَلَكِنَّهُ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّ الْجَدَّةَ ثعلبة الْعَجُوزَ سَتَكُونُ أَقْوَى مِنْهُ. لِذَلِكَ شَعَرَ الْخُلْدُ جوني بِارْتِيَاحٍ كَبِيرٍ عِنْدَمَا شَاهَدَهَا وَقَدْ تَوَقَّفَتْ عَنْ تَمْزِيقِ الْعُشْبِ وَهَرْوَلَتْ لِتَرَى كَيْفَ حَالُ الثَّعْلَبِ ريدي، ثُمَّ تَسَلَّلَ الْخُلْدُ جوني زَحْفًا حَتَّى أَصْبَحَ بَعِيدًا بِمَا يَكْفِي لِيَرْكُضَ. كَيْفَ تَمَكَّنَ مِنَ الرَّكْضِ؟! كَانَ قَصِيرًا وَسَمِينًا؛ فَكَانَ يَتَنَفَّسُ بِصُعُوبَةٍ عِنْدَمَا وَصَلَ إِلَى مَنْزِلِهِ، وَكَانَ مُتْعَبًا لِلْغَايَةِ؛ حَتَّى إِنَّهُ سَقَطَ عَلَى عَتَبَةِ بَابِهِ لِيَلْتَقِطَ أَنْفَاسَهُ.

قَالَ الْخُلْدُ جوني لِنَفْسِهِ: «أَنَا أَسْتَحِقُّ ذَلِكَ نَتِيجَةً لِفُضُولِي الْكَبِيرِ.»

رَاقَبَ الثَّعْلَبُ ريدي الْجَدَّةَ ثعلبة الْعَجُوزَ وَهِيَ تَعُودُ بِسُرْعَةٍ. كَانَ ضَعِيفًا وَجَائِعًا جِدًّا جِدًّا. وَلَكِنَّهُ كَانَ مُتَأَكِّدًا أَنَّ الْجَدَّةَ ثعلبة الْعَجُوزَ سَتُحْضِرُ لَهُ شَيْئًا لَذِيذًا لِلْإِفْطَارِ، وَبِمُجَرَّدِ سَمَاعِهِ صَوْتَ خُطُوَاتِهَا بَدَأَ يَسِيلُ لُعَابُهُ.

سَأَلَ الثَّعْلَبُ ريدي: «هَلْ أَحْضَرْتِ لِي شَيْئًا يَا جَدَّةُ؟»

كَانَتِ الْجَدَّةُ ثعلبة الْعَجُوزُ قَدِ انْشَغَلَتْ بِمَا حَدَثَ وَبِفَشَلِهَا فِي الْإِمْسَاكِ بِالْأَرْنَبِ بيتر؛ فَنَسِيَتْ أَمْرَ الدَّجَاجَةِ الَّتِي تَرَكَتْهَا أَعْلَى التَّلِّ. وَعِنْدَمَا تَحَدَّثَ ريدي تَذَكَّرَتْهَا وَلَمْ تَجْعَلْهَا فِكْرَةُ الْعَوْدَةِ لِإِحْضَارِهَا فِي مِزَاجٍ أَفْضَلَ.

صَاحَتِ الْجَدَّةُ ثعلبة فِي غَضَبٍ: «لَا! لَمْ أُحْضِرْ شَيْئًا! أَنْتَ لَا تَسْتَحِقُّ وَجْبَةَ إِفْطَارٍ عَلَى أَيِّ حَالٍ. فَلَوْ كَانَ لَدَيْكَ أَيُّ قَدْرٍ مِنَ الدَّهَاءِ، لَمَا وَقَعْتَ فِي الْمَشَاكِلِ وَلَتَمَكَّنْتَ مِنْ إِحْضَارِ إِفْطَارِكَ بِنَفْسِكَ.»

لَمْ يَكُنِ الثَّعْلَبُ ريدي يَعْلَمُ مَا هُوَ الدَّهَاءُ، وَلَكِنَّهُ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُ جَائِعٌ جِدًّا؛ وَلِذَلِكَ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ مُقَاوَمَةِ دُمُوعِ خَيْبَةِ الْأَمَلِ. وَلَاحَظَتْهَا الْجَدَّةُ ثعلبة الْعَجُوزُ.

قَالَتِ الْجَدَّةُ ثعلبة الْعَجُوزُ: «لَا تَبْكِ يَا ريدي! لَقَدْ أَحْضَرْتُ دَجَاجَةً سَمِينَةً مِنْ أَجْلِكَ، تَرَكْتُهَا عِنْدَ أَعْلَى التَّلِّ، وَسَأَعُودُ لِأُحْضِرَهَا لَكَ.»

وَهَكَذَا انْطَلَقَتْ نَحْوَ أَعْلَى التَّلِّ إِلَى حَيْثُ تَرَكَتِ الدَّجَاجَةَ عِنْدَمَا بَدَأَتْ فِي مُحَاوَلَةِ الْإِمْسَاكِ بِالْأَرْنَبِ بيتر. وَعِنْدَمَا وَصَلَتْ إِلَى هُنَاكَ، لَمْ تَجِدِ الدَّجَاجَةَ. لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ أَيُّ دَجَاجٍ عَلَى الْإِطْلَاقِ، فَقَطِ الْقَلِيلُ مِنَ الرِّيشِ. لَمْ تَسْتَطِعِ الْجَدَّةُ ثعلبة الْعَجُوزُ تَصْدِيقَ عَيْنَيْهَا، وَنَظَرَتْ حَوْلَهَا فِي كُلِّ الِاتِّجَاهَاتِ، وَلَكِنْ لَا يُوجَدُ دَجَاجٌ، فَقَطِ الْقَلِيلُ مِنَ الرِّيشِ. شَعَرَتِ الْجَدَّةُ ثعلبة الْعَجُوزُ بِغَضَبٍ عَارِمٍ أَكْثَرَ مِنْ ذِي قَبْلُ.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤