الفصل الثالث عشر

الْجَدَّةُ ثعلبة الْعَجُوزُ تُوَجِّهُ الشَّتَائِمَ لِلظَّرِبَانِ جيمي

لَمْ تَسْتَطِعِ الْجَدَّةُ ثعلبة الْعَجُوزُ تَصْدِيقَ عَيْنَيْهَا، لَا يَا عَزِيزِي لَمْ تَسْتَطِعْ، وَقَامَتْ بِفَرْكِهِمَا مَرَّتَيْنِ وَثَلَاثًا لِتَتَأَكَّدَ مِنْ صِحَّةِ مَا تَرَاهُ. لَكِنِ الْحَقِيقَةُ أَنَّ تِلْكَ الدَّجَاجَةَ قَدِ اخْتَفَتْ بِالْفِعْلِ وَلَمْ يَعُدْ لَهَا أَثَرٌ.

كَانَ ذَلِكَ أَمْرًا غَرِيبًا جِدًّا، جَلَسَتِ الْجَدَّةُ ثعلبة الْعَجُوزُ لِتُفَكِّرَ مَنِ الَّذِي يَجْرُؤُ عَلَى سَرِقَةِ أَيِّ شَيْءٍ مِنْهَا، ثُمَّ قَامَتْ بِالسَّيْرِ فِي دَائِرَةٍ وَاسِعَةٍ وَهِيَ تُلْصِقُ أَنْفَهَا عَلَى الْأَرْضِ وَتَتَشَمَّمُ. لِمَاذَا كَانَتْ تَفْعَلُ ذَلِكَ؟ لَقَدْ كَانَتْ تَرْغَبُ فِي أَنْ تَجِدَ أَيَّ أَثَرٍ مِمَّنْ سَرَقَ دَجَاجَتَهَا.

هَتَفَتِ الْجَدَّةُ ثعلبة الْعَجُوزُ: «أَهَا! سَأُمْسِكُهُ هَذِهِ الْمَرَّةَ!» وَبَدَأَتْ تَرْكُضُ بِمُحَاذَاةِ أَعْلَى التَّلِّ وَهِيَ تُلْصِقُ أَنْفَهَا بِالْأَرْضِ.

وَفِي غُضُونِ بِضْعِ دَقَائِقَ؛ بَدَأَتْ تَرْكُضُ بِسُرْعَةٍ أَبْطَأَ وَتَنْظُرُ إِلَى الْأَمَامِ بَيْنَ كُلِّ خُطْوَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثٍ، وَفَجْأَةً وَسَّعَتْ عَيْنَيْهَا وَبَدَأَتْ تَزْحَفُ عَلَى بَطْنِهَا تَمَامًا كَمَا فَعَلَتْ مِنْ أَجْلِ الْأَرْنَبِ بيتر، وَلَكِنَّهُ لَمْ يَكُنِ الْأَرْنَبَ بيتر هَذِهِ الْمَرَّةَ. مَنْ كَانَ بِرَأْيِكَ؟ إِنَّهُ الظَّرِبَانُ جيمي! أَجَلْ يَا عَزِيزِي؛ كَانَ الظَّرِبَانَ جيمي. لَقَدْ كَانَ يَمْشِي بِبُطْءٍ؛ إِذْ لَمْ يَكُنْ مِنْ عَادَتِهِ أَنْ يُسْرِعَ عَلَى الْإِطْلَاقِ. كَانَ يُحَرِّكُ كُلَّ مَا يُمْكِنُهُ تَحْرِيكُهُ، وَيَقُومُ بِرَفْعِهِ أَوْ يَنْظُرُ تَحْتَهُ؛ فَقَدْ كَانَ يَبْحَثُ عَنِ الْخَنَافِسِ.

رَاقَبَتْهُ الْجَدَّةُ ثعلبة الْعَجُوزُ وَتَمْتَمَتْ: «لَا بُدَّ أَنَّ لَدَيْهِ شَهِيَّةً هَائِلَةً لِيَبْحَثَ عَنِ الْخَنَافِسِ بَعْدَ الْتِهَامِ دَجَاجَتِي!» ثُمَّ قَفَزَتْ أَمَامَ الظَّرِبَانِ جيمي وَعَيْنَاهَا تَلْمَعَانِ وَأَسْنَانُهَا ظَاهِرَةٌ، وَيَنْتَفِشُ الشَّعْرُ عَلَى ظَهْرِهَا فَتَبْدُو شَرِسَةً جِدًّا، وَلَكِنْ طَوَالَ الْوَقْتِ حَرَصَتِ الْجَدَّةُ ثعلبة الْعَجُوزُ عَلَى أَلَّا تَقْتَرِبَ كَثِيرًا مِنَ الظَّرِبَانِ جيمي.

زَمْجَرَتِ الْجَدَّةُ ثعلبة الْعَجُوزُ قَائِلَةً: «أَيْنَ دَجَاجَتِي؟!» وَكَانَتْ تَبْدُو شَرِسَةً جِدًّا جِدًّا.

نَظَرَ إِلَيْهَا الظَّرِبَانُ جيمي، وَكَأَنَّهُ تَفَاجَأَ، وَتَسَاءَلَ: «مَرْحَبًا أَيَّتُهَا الْجَدَّةُ ثعلبة، هَلْ فَقَدْتِ دَجَاجَةً؟»

صَاحَتِ الْجَدَّةُ ثعلبة الْعَجُوزُ فِي غَضَبٍ: «لَقَدْ سَرَقْتَهَا أَيُّهَا اللِّصُّ!»

الْكَلِمَاتُ لَا يُمْكِنُهَا تَحْوِيلُ الْأَسْوَدِ لِأَبْيَضَ؛
فَقَبْلَ أَنْ تَتَحَدَّثِي تَأَكَّدِي مِنْ أَنَّكِ مُحِقَّةٌ.

قَالَ الظَّرِبَانُ جيمي: «أَنَا لَسْتُ لِصًّا.»

قَالَتِ الْجَدَّةُ ثعلبة الْعَجُوزُ وَغَضَبُهَا يَزْدَادُ: «بَلْ أَنْتَ لِصٌّ!»

«لَسْتُ لِصًّا!»

«بَلْ أَنْتَ لِصٌّ!»

كَانَ الظَّرِبَانُ جيمي يَضْحَكُ فِي نَفْسِهِ، وَكُلَّمَا ضَحِكَ زَادَ غَضَبُ الْجَدَّةِ ثعلبة الْعَجُوزِ، وَطَوَالَ ذَلِكَ الْوَقْتِ كَانَ الظَّرِبَانُ جيمي يَتَحَرَّكُ نَحْوَ الْجَدَّةِ ثعلبة الْعَجُوزِ وَكَانَتْ هِيَ تَرْجِعُ لِلْخَلْفِ؛ فَقَدْ كَانَتْ مِثْلَ سَائِرِ أَهْلِ الْمُرُوجِ وَالْغَابَةِ، تَحْمِلُ قَدْرًا كَبِيرًا مِنْ الِاحْتِرَامِ لِحَقِيبَةِ الرَّائِحَةِ الَّتِي يَمْلِكُهَا الظَّرِبَانُ جيمي!

وَالْآنَ — وَهِيَ تَرْجِعُ لِلْخَلْفِ — لَمْ تَكُنْ تَرَى أَيْنَ تَذْهَبُ. وَهَكَذَا رَجَعَتْ نَحْوَ شُجَيْرَةِ عُلَّيْقٍ مَزَّقَتْ تَنُّورَتَهَا وَخَدَشَتْ سَاقَيْهَا. صَرَخَتِ الْجَدَّةُ ثعلبة الْعَجُوزُ: «آهْ!»

ضَحِكَ الظَّرِبَانُ جيمي: «هَا! هَا! هَا! هَذَا جَزَاؤُكِ لِاتِّهَامِكِ لِي.»

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤