الفصل السابع عشر

ابْنُ الْمُزَارِعِ براون يَعْقِدُ الْعَزْمَ

لَقَدْ عَقَدَ ابْنُ الْمُزَارِعِ براون الْعَزْمَ، عِنْدَمَا كَزَّ عَلَى أَسْنَانِهِ وَضَمَّ شَفَتَيْهِ مَعًا فِي خَطٍّ رَفِيعٍ مُسْتَقِيمٍ. أُولَئِكَ الَّذِينَ يَعْرِفُونَهُ كَانُوا مُتَأَكِّدِينَ مِنْ أَنَّهُ قَدْ عَقَدَ الْعَزْمَ، كَانَ هَذَا مَا يَفْعَلُهُ الْآنَ؛ كَانَ يُنَظِّفُ بُنْدُقِيَّتَهُ، وَيُفَكِّرُ أَثْنَاءَ الْعَمَلِ فِي دَجَاجَتِهِ الْأَلِيفَةِ وَكُلِّ الدَّجَاجِ الْآخَرِ الَّذِي أَخَذَهُ الثَّعْلَبُ ريدي.

صَاحَ ابْنُ الْمُزَارِعِ براون: «سَأُمْسِكُ بِهَذَا الثَّعْلَبِ حَتَّى لَوِ اسْتَغْرَقَ الْأَمْرُ الصَّيْفَ كُلَّهُ! كَانَ يَجِبُ أَنْ أَتَمَكَّنَ مِنْهُ الْمَرَّةَ السَّابِقَةَ عِنْدَمَا صَوَّبْتُ نَحْوَهُ. فِي الْمَرَّةِ الْقَادِمَةِ سَنَرَى مَا سَيَحْدُثُ أَيُّهَا السَّيِّدُ ثَعْلَبُ!»

الْآنَ كَانَ قَدْ سَمِعَ أَحَدُهُمُ ابْنَ الْمُزَارِعِ براون، سَمِعَ كُلَّ مَا قَالَهُ، وَلَكِنَّ ابْنَ الْمُزَارِعِ براون لَمْ يَعْلَمْ ذَلِكَ. كَانَ ذَلِكَ هُوَ الْعَمَّ بيلي الْأَبُوسُومَ، الَّذِي كَانَ مُخْتَبِئًا فِي كَوْمَةِ الْخَشَبِ الَّتِي يَجْلِسُ عَلَيْهَا ابْنُ الْمُزَارِعِ براون. أَطْرَقَ الْعَمُّ بيلي أُذُنَيْهِ. لَمْ تُعْجِبْهُ نَبْرَةُ الصَّوْتِ الَّتِي تَحَدَّثَ بِهَا ابْنُ الْمُزَارِعِ براون، وَفَكَّرَ فِي أَنَّ الثَّعْلَبَ ريدي مُتَأَلِّمٌ وَمُتَيَبِّسٌ وَبِالْكَادِ يَسْتَطِيعُ الْمَشْيَ؛ وَهَذَا كُلُّهُ مِنْ طَلْقَةٍ ظَنَّ ابْنُ الْمُزَارِعِ براون أَنَّهُ أَخْطَأَ فِيهَا.

تَمْتَمَ الْعَمُّ بيلي الْأَبُوسُومُ لِنَفْسِهِ: «لَنْ تَكُونَ هُنَاكَ مَرَّةٌ أُخْرَى، لَا بِالتَّأْكِيدِ، لَنْ تَكُونَ هُنَاكَ مَرَّةٌ أُخْرَى. رُبَّمَا لَا أُحِبُّ الثَّعْلَبَ ريدي، وَلَكِنْ لَا يُمْكِنُنِي تَرْكُهُ يَتَعَرَّضُ لِإِطْلَاقِ الرَّصَاصِ مَرَّةً أُخْرَى. بِالتَّأْكِيدِ لَا يُمْكِنُنِي فِعْلُ ذَلِكَ.»

بِالطَّبْعِ لَمْ يَسْمَعْهُ ابْنُ الْمُزَارِعِ براون؛ لَمْ يَسْمَعِ الْعَمَّ بيلي الْأَبُوسُومَ، وَلَمْ يَرَهُ عِنْدَمَا تَسَلَّلَ مِنْ خَلْفِ كَوْمَةِ الْخَشَبِ وَهُرِعَ تَحْتَ عُشَّةِ الدَّجَاجِ، فَقَدْ كَانَ عَازِمًا عَلَى خُطَّتِهِ لِلْإِمْسَاكِ بِالثَّعْلَبِ ريدي.

قَالَ ابْنُ الْمُزَارِعِ براون: «سَأُطَارِدُهُ عَبْرَ الْمُرُوجِ وَالْغَابَةِ الْخَضْرَاءِ حَتَّى أَجِدَهُ؛ ذَلِكَ الثَّعْلَبَ!» وَكَانَ وَجْهُهُ يَبْدُو شَرِسًا وَكَأَنَّهُ يَعْنِي مَا يَقُولُ: «لَنْ أَقْبَلَ بِسَرِقَةِ دَجَاجِي بَعْدَ الْآنَ! لَا يَا سَيِّدِي! لَدَى ذَلِكَ الثَّعْلَبِ بَيْتٌ فِي مَكَانٍ مَا فِي الْمُرُوجِ أَوْ فِي الْغَابَةِ الْخَضْرَاءِ، وَسَأَجِدُهُ، فَانْتَبِهْ أَيُّهَا السَّيِّدُ ثَعْلَبُ!»

صَفَّرَ ابْنُ الْمُزَارِعِ براون لِكَلْبِ الصَّيْدِ باوزر وَانْطَلَقَ نَحْوَ الْغَابَةِ الْخَضْرَاءِ.

أَخْرَجَ الْعَمُّ بيلي الْأَبُوسُومُ رَأْسَهُ مِنْ تَحْتِ عُشَّةِ الدَّجَاجِ، وَظَلَّ يُرَاقِبُهُمَا وَهُمَا يَرْحَلَانِ. فِي الْعَادَةِ يَكُونُ الْعَمُّ بيلي الْأَبُوسُومُ مُبْتَسِمًا، وَلَكِنِ الْآنَ لَمْ يَعُدْ لِابْتِسَامَتِهِ وُجُودٌ وَلَا أَثَرٌ، وَبَدَلًا مِنْ ذَلِكَ بَدَا الْعَمُّ بيلي الْأَبُوسُومُ قَلِقًا.

تَمْتَمَ الْعَمُّ بيلي الْأَبُوسُومُ: «هَا هُوَ الصَّبِيُّ يَذْهَبُ وَمَعَهُ الْبُنْدُقِيَّةُ، وَلَا يَعْلَمُ أَحَدٌ مَاذَا سَيَحْدُثُ عِنْدَمَا يُطْلِقُ النَّارَ، إِذَا لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ إِيجَادِ الثَّعْلَبِ ريدي، فَعَلَى الْأَرْجَحِ سَيُصَوِّبُ نَحْوَ أَيِّ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْمَرْجِ. أَتَمَنَّى أَلَّا يُقَابِلَ زَوْجَتِي أَوْ أَيًّا مِنْ صِغَارِي، أَنَا خَائِفٌ مِنَ الصَّبِيِّ صَاحِبِ الْبُنْدُقِيَّةِ، أَنَا خَائِفٌ، يَبْدُو أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ أَيَّ عَقْلٍ! أَعْتَقِدُ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ أَنْطَلِقَ وَأُخْبِرَ أُسْرَتِي أَنَّهُ مِنَ الْأَفْضَلِ الْبَقَاءُ فِي الشَّجَرَةِ الْمُجَوَّفَةِ.» خَرَجَ الْعَمُّ بيلي الْأَبُوسُومُ مِنْ مَخْبَئِهِ، ثُمَّ رَكَضَ بِأَسْرَعِ مَا يُمْكِنُهُ نَحْوَ الْغَابَةِ الْخَضْرَاءِ.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤