الفصل العشرون

الْجَدَّةُ ثعلبة الْعَجُوزُ تَرْتَكِبُ خَطَأً

كَانَتِ الْجَدَّةُ ثعلبة الْعَجُوزُ تَرْكُضُ عَبْرَ أَحَدِ الْمَرَاعِي الْقَدِيمَةِ خَلْفَ مَزْرَعَةِ براون لِمَسَافَةٍ بَعِيدَةٍ، وَكَانَتْ غَاضِبَةً وَمُتْعَبَةً وَتَشْعُرُ بِالْحَرَارَةِ؛ حَيْثُ إِنَّ الْيَوْمَ كَانَ دَافِئًا، وَقَدْ كَانَ كَلْبُ الصَّيْدِ باوزر خَلْفَهَا وَأَنْفُهُ يُلَاحِقُ أَثَرَهَا بَيْنَمَا يُصْدِرُ ضَوْضَاءَ عَالِيَةً بِصَوْتِهِ. كَانَتِ الْجَدَّةُ ثعلبة الْعَجُوزُ غَاضِبَةً لِأَنَّهَا كَانَتْ مُتْعَبَةً، فَلَمْ تَكُنْ قَدْ قَامَتْ بِالْكَثِيرِ مِنَ الرَّكْضِ مُؤَخَّرًا، لَمْ تَكُنِ الْجَدَّةُ تُمَانِعُ الرَّكْضَ فِي الشِّتَاءِ عِنْدَمَا يَكُونُ الْجَوُّ بَارِدًا، وَلَكِنِ الْآنَ تَنَهَّدَتِ الْجَدَّةُ قَائِلَةً: «يَا إِلَهِي، الْجَوُّ حَارٌّ!» وَتَوَقَّفَتْ لِتَرْتَاحَ دَقِيقَةً.

كَانَتِ الْجَدَّةُ ثعلبة الْعَجُوزُ ذَكِيَّةً جِدًّا جِدًّا، وَحَكِيمَةً جِدًّا جِدًّا، فَكَانَتْ تَعْرِفُ كُلَّ الْخُدَعِ الَّتِي يَسْتَخْدِمُهَا الثَّعَالِبُ لِخِدَاعِ أُولَئِكَ الَّذِينَ يُحَاوِلُونَ الْإِمْسَاكَ بِهِمْ، وَكَانَتْ تَعْرِفُ أَنَّهُ يُمْكِنُهَا خِدَاعُ كَلْبِ الصَّيْدِ باوزر وَتَضْلِيلُهُ، بِحَيْثُ لَا يَسْتَطِيعُ اللَّحَاقَ بِهَا عَلَى الْإِطْلَاقِ، وَلَكِنَّهَا لَمْ تَكُنْ مُسْتَعِدَّةً لِذَلِكَ بَعْدُ، لَا؛ مُطْلَقًا! كَانَتِ الْجَدَّةُ ثعلبة الْعَجُوزُ تَحْرِصُ عَلَى أَنْ تَكُونَ كُلُّ آثَارِهَا سَهْلَةَ الْمُلَاحَقَةِ؛ فَقَدْ كَانَتْ تُرِيدُ لِكَلْبِ الصَّيْدِ باوزر أَنْ يَتَتَبَّعَهَا، عَلَى الرَّغْمِ مِنْ أَنَّ ذَلِكَ يُتْعِبُهَا وَهِيَ تَشْعُرُ بِالْحَرَارَةِ. لِمَاذَا كَانَتْ تَفْعَلُ ذَلِكَ؟ حَسَنًا؛ كَمَا تَرَى، لَقَدْ كَانَتْ تُحَاوِلُ تَضْلِيلَهُ هُوَ وَابْنِ الْمُزَارِعِ براون لِيَذْهَبَا بَعِيدًا أَبْعَدَ مَا يَكُونُ عَنِ الْمَنْزِلِ؛ حَيْثُ يُعَالِجُ ريدي جِرَاحَهُ بِسَبَبِ رَصَاصَةِ ابْنِ الْمُزَارِعِ براون الَّتِي أَصَابَتْهُ قَبْلَ بِضْعَةِ أَيَّامٍ.

زَمْجَرَ كَلْبُ الصَّيْدِ باوزر: «بُو! وَاوْ! وَاوْ!» وَهُوَ يُلَاحِقُ كُلَّ لَفَّةٍ وَمُنْعَطَفٍ تَأْخُذُهُ الْجَدَّةُ ثعلبة الْعَجُوزُ، تَمَامًا كَمَا أَرَادَتْ هِيَ.

قَادَتِ الْجَدَّةُ ثعلبة الْعَجُوزُ كَلْبَ الصَّيْدِ باوزر ذَهَابًا وَإِيَابًا عَبْرَ الْمَرْعَى الْقَدِيمِ وَإِلَى أَعْلَى حَافَةِ الْجَبَلِ بَيْنَ الصُّخُورِ، كَانَ هَذَا بَعِيدًا جِدًّا عَنِ الْمُرُوجِ وَالْغَابَةِ الْخَضْرَاءِ، وَقَدْ تَعَمَّدَتِ الْجَدَّةُ ثعلبة الْعَجُوزُ ذَلِكَ؛ فَقَدْ كَانَتْ عَلَى اسْتِعْدَادِ أَنْ تُتْعِبَ نَفْسَهَا إِذَا كَانَ ذَلِكَ فِي مُقَابِلِ إِرْهَاقِ كَلْبِ الصَّيْدِ باوزر وَابْنِ الْمُزَارِعِ براون أَيْضًا؛ فَقَدْ كَانَتْ تُرِيدُ إِرْهَاقَهُمَا، بِحَيْثُ لَا يَقْدِرَانِ عَلَى الْعَوْدَةِ لِلْمُرُوجِ الْخَضْرَاءِ عِنْدَمَا تَخْدَعُهُمَا فِي النِّهَايَةِ وَتَتْرُكُهُمَا هُنَاكَ.

وَفِي النِّهَايَةِ وَصَلَتِ الْجَدَّةُ ثعلبة الْعَجُوزُ إِلَى حُفْرَةٍ فِي الْأَرْضِ؛ بَيْتٍ قَدِيمٍ كَانَ مِلْكًا لِجَدِّهَا. كَانَ لِهَذَا الْبَيْتِ الْقَدِيمِ بَابٌ خَلْفِيٌّ يَخْتَفِي خَلْفَ جِذْعٍ أَجْوَفَ لِشَجَرَةٍ سَاقِطَةٍ. رَكَضَتِ الْجَدَّةُ ثعلبة الْعَجُوزُ دَاخِلَ الْمَنْزِلِ إِلَى الْبَابِ الْخَلْفِيِّ وَعَبْرَ الشَّجَرَةِ الْجَوْفَاءِ، ثُمَّ قَفَزَتْ إِلَى جَدْوَلٍ صَغِيرٍ بِالْكَادِ يُبَلِّلُ مَاؤُهُ أَقْدَامَهَا، وَلَمْ تَتْرُكْ أَيَّ رَائِحَةٍ لِأَثَرِهَا بِسَبَبِ الْمَاءِ.

جَاءَ كَلْبُ الصَّيْدِ باوزر وَهُوَ يُزَمْجِرُ أَمَامَ بَابِ الْمَنْزِلِ الْقَدِيمِ. قَادَتْهُ آثَارُ الْجَدَّةِ إِلَى الدَّاخِلِ، وَقَدْ تَحَمَّسَ باوزر كَثِيرًا وَأَخَذَ يُصْدِرُ ضَوْضَاءَ هَائِلَةً؛ فَقَدْ وَجَدَ أَخِيرًا مَنْزِلَ الْجَدَّةِ ثعلبة الْعَجُوزِ، أَوْ عَلَى الْأَقَلِّ هَذَا مَا ظَنَّهُ! كَانَ مُتَأَكِّدًا مِنْ أَنَّهَا بِالدَّاخِلِ؛ فَقَدْ كَانَتْ آثَارُ دُخُولِهَا حَدِيثَةً، وَلَمْ يَكُنْ هُنَاكَ أَثَرٌ لِخُرُوجِهَا. لَمْ يُفَكِّرْ كَلْبُ الصَّيْدِ باوزر إِطْلَاقًا فِي الْبَحْثِ عَنْ بَابٍ خَلْفِيٍّ. وَلَوْ كَانَ فَعَلَ ذَلِكَ، لَمَا كَانَ أَكْثَرَ حِكْمَةً؛ لِأَنَّ الْجَدَّةَ ثعلبة الْعَجُوزَ، كَمَا تَعْلَمُ، قَدْ تَسَلَّلَتْ عَبْرَ الشَّجَرَةِ الْجَوْفَاءِ.

ابْتَسَمَتِ الْجَدَّةُ ثعلبة الْعَجُوزُ ابْتِسَامَةً عَرِيضَةً وَهِيَ تَسْتَمِعُ إِلَى الضَّجَّةِ الَّتِي يُحْدِثُهَا كَلْبُ الصَّيْدِ باوزر. وَعِنْدَمَا ارْتَاحَتْ قَلِيلًا، تَسَلَّلَتْ إِلَى أَعْلَى التَّلِّ حَتَّى تَرَى مَدْخَلَ الْمَنْزِلِ الْمَهْجُورِ الْقَدِيمِ فِي الْأَسْفَلِ، وَأَخَذَتْ تُرَاقِبُ كَلْبَ الصَّيْدِ باوزر وَهُوَ يَحْفِرُ وَيَنْبَحُ.

وَبَعْدَ مُرُورِ قَلِيلٍ مِنَ الْوَقْتِ، بَدَأَتْ نَظَرَاتُ الْقَلَقِ تَظْهَرُ عَلَى وَجْهِ الْجَدَّةِ ثعلبة الْعَجُوزِ.

وَتَمْتَمَتْ قَائِلَةً: «أَيْنَ ابْنُ الْمُزَارِعِ براون؟! كُنْتُ أَعْتَقِدُ أَنَّهُ سَيَلْحَقُ بِكَلْبِ الصَّيْدِ باوزر بِالتَّأْكِيدِ.»

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤