الفصل الحادي والعشرون

الثَّعْلَبُ ريدي يُخَالِفُ الْأَوَامِرَ

عِنْدَمَا أَرْسَلَتِ الْجَدَّةُ ثعلبة الْعَجُوزُ الثَّعْلَبَ ريدي إِلَى الْمَنْزِلِ وَأَمَرَتْهُ أَنْ يَبْقَى فِي الدَّاخِلِ حَتَّى تَعُودَ، كَانَ يُرِيدُ أَلَّا يُلْقِيَ بَالًا لَهَا، وَلَكِنَّهُ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّ الْجَدَّةَ تَعْنِي مَا تَقُولُ. وَهَكَذَا زَحَفَ بِبُطْءٍ عَبْرَ الْقَاعَةِ حَتَّى غُرْفَةِ النَّوْمِ تَحْتَ سَطْحِ الْأَرْضِ بِكَثِيرٍ.

وَبَعْدَ قَلِيلٍ، سَمِعَ الثَّعْلَبُ ريدي صَوْتًا. كَانَ الصَّوْتُ ضَعِيفًا جِدًّا، فَكَمَا تَعْلَمُ كَانَتْ غُرْفَةُ الثَّعْلَبِ ريدي تَحْتَ سَطْحِ الْأَرْضِ بِعُمْقٍ وَلَكِنَّهُ كَانَ يَعْرِفُ الصَّوْتَ. أَطْرَقَ أُذُنَيْهِ وَاسْتَمَعَ، كَانَ الصَّوْتُ لِكَلْبِ الصَّيْدِ باوزر وَعَرَفَ ريدي مِنْ صَوْتِهِ أَنَّهُ يُطَارِدُ الْجَدَّةَ ثعلبة الْعَجُوزَ.

ابْتَسَمَ الثَّعْلَبُ ريدي ابْتِسَامَةً وَاسِعَةً. فَلَمْ يَكُنْ قَلِقًا عَلَى الْجَدَّةِ ثعلبة الْعَجُوزِ عَلَى الْإِطْلَاقِ؛ إِذْ كَانَ يَعْلَمُ كَمْ هِيَ ذَكِيَّةٌ وَيُمْكِنُهَا التَّخَلُّصُ مِنْ كَلْبِ الصَّيْدِ باوزر عِنْدَمَا تُرِيدُ. ثُمَّ قَفَزَتْ فِكْرَةٌ إِلَى رَأْسِ ريدي وَاسْتَفَاقَ.

وَفَكَّرَ: «لَقَدْ شَعَرَتِ الْجَدَّةُ ثعلبة الْعَجُوزُ بِقُدُومِ الْمَشَاكِلِ، كَمَا قَالَتْ تَمَامًا.»

تَكَوَّرَ الثَّعْلَبُ ريدي وَحَاوَلَ النَّوْمَ. فَقَدْ عَقَدَ الْعَزْمَ عَلَى أَلَّا يُخَالِفَ الْأَوَامِرَ وَأَنْ يُبْقِيَ أَنْفَهُ الْأَسْوَدَ الصَّغِيرَ فِي الدَّاخِلِ حَتَّى تَعُودَ الْجَدَّةُ ثعلبة الْعَجُوزُ. وَلَكِنْ لِسَبَبٍ مَا لَمْ يَسْتَطِعِ الثَّعْلَبُ ريدي النَّوْمَ؛ فَقَدْ كَانَتْ غُرْفَتُهُ صَغِيرَةً جِدًّا وَكَانَ مُتَأَلِّمًا وَمُتَيَبِّسًا فَلَمْ يَشْعُرْ بِالرَّاحَةِ. أَخَذَ يَتَقَلَّبُ وَيَتَمَلْمَلُ، وَكُلَّمَا تَمَلْمَلَ قَلَّ شُعُورُهُ بِالرَّاحَةِ، وَفَكَّرَ فِي أَشِعَّةِ الشَّمْسِ الدَّافِئَةِ فِي الْخَارِجِ وَكَمْ سَيَكُونُ مُرْتَاحًا وَهُوَ مُتَمَدِّدٌ عَلَى عَتَبَةِ الْبَابِ. سَيَزُولُ ذَلِكَ الْأَلَمُ مِنْ سِيقَانِهِ، لَا بُدَّ وَأَنَّ شَيْئًا قَدْ حَدَثَ وَأَخَّرَ الْجَدَّةَ ثعلبة الْعَجُوزَ هَكَذَا! فَلَوْ كَانَتْ تَعْرِفُ أَنَّهَا سَتَغِيبُ، لَمَا كَانَتْ قَالَتْ لِلثَّعْلَبِ ريدي أَنْ يَبْقَى حَتَّى تَعُودَ.

تَسَلَّلَ الثَّعْلَبُ ريدي عَبْرَ الْقَاعَةِ الطَّوِيلَةِ. كَانَ يُمْكِنُهُ رُؤْيَةُ ضَوْءِ الشَّمْسِ مِنَ الْبَابِ. سَيَكُونُ أَقْرَبَ بَعْدَ قَلِيلٍ. لَنْ يَقُومَ بِعِصْيَانِ أَوَامِرِ الْجَدَّةِ ثعلبة الْعَجُوزِ! لَا أَبَدًا! وَلَكِنَّهَا قَالَتْ لَهُ أَنْ يَبْقَى فِي الْمَنْزِلِ حَتَّى تَعُودَ. لَمْ تَقُلْ لَهُ لَا تَنْظُرْ لِلْخَارِجِ! زَحَفَ ريدي أَقْرَبَ قَلِيلًا إِلَى الْبَابِ الْمَفْتُوحِ وَضَوْءِ الشَّمْسِ.

قَالَ الثَّعْلَبُ ريدي لِنَفْسِهِ: «لَقَدْ أَصْبَحَتِ الْجَدَّةُ ثعلبة الْعَجُوزُ عَجُوزًا وَمُتَرَدِّدَةً، كَمَا لَوْ أَنَّ عَيْنَيَّ لَيْسَتَا حَادَّتَيْنِ مِثْلَهَا! أَوَدُّ أَنْ أَرَى ابْنَ الْمُزَارِعِ براون يَقْتَرِبُ مِنِّي وَأَنَا مُنْتَبِهٌ بِحَقٍّ.» ثُمَّ تَسَلَّلَ أَقْرَبَ قَلِيلًا إِلَى الْبَابِ.

كَمْ كَانَ الْمَنْظَرُ فِي الْخَارِجِ يَبْدُو دَافِئًا وَلَطِيفًا! كَانَ ريدي يَعْلَمُ أَنَّهُ سَيَشْعُرُ بِحَالٍ أَفْضَلَ بِكَثِيرٍ إِذَا تَمَكَّنَ مِنَ التَّمَدُّدِ عَلَى الْبَابِ. كَانَ يُمْكِنُهُ سَمَاعُ النُّمْنُمَةِ جيني وَهِيَ تُثِيرُ جَلَبَةً وَتُوَبِّخُ شَخْصًا أَوْ شَيْئًا مَا، وَتَسَاءَلَ مَاذَا قَدْ يَكُونُ؟ زَحَفَ أَقْرَبَ قَلِيلًا وَكَانَ يُمْكِنُهُ سَمَاعُ صَوْتِ كَلْبِ الصَّيْدِ باوزر، وَلَكِنَّهُ كَانَ صَوْتًا ضَعِيفًا وَكَانَ عَلَيْهِ إِطْرَاقُ أُذُنَيْهِ الْحَادَّتَيْنِ وَمُحَاوَلَةُ الْتِقَاطِ مَا يَحْدُثُ.

فَكَّرَ ريدي: «لَقَدْ قَادَتْهُمَا الْجَدَّةُ ثعلبة الْعَجُوزُ بَعِيدًا إِلَى الْجَبَلِ. مَا أَرْوَعَ الْجَدَّةَ ثعلبة الْعَجُوزَ!» ثُمَّ زَحَفَ إِلَى عَتَبَةِ الْبَابِ تَمَامًا. وَكَانَ لَا يَزَالُ يَسْمَعُ النُّمْنُمَةَ جيني وَهِيَ تَشْتِمُ وَتُثِيرُ جَلَبَةً. «مَا الَّذِي يُزْعِجُهَا؟!»

إِذَا كَانَ الْجَوُّ حَارًّا أَوْ بَارِدًا
فَسَتَشْتِمُ النُّمْنُمَةُ جيني بِشَكْلٍ دَائِمٍ
مِنَ الصَّبَاحِ وَحَتَّى يَنْقَضِيَ الْمَسَاءُ
بِلِسَانِهَا الرَّشِيقِ الْقَوِيِّ.

قَالَ ريدي لِنَفْسِهِ: «سَأَكْتَشِفُ مَا الَّذِي تَعْنِيهِ بِذَلِكَ.»

أَخْرَجَ الثَّعْلَبُ ريدي رَأْسَهُ وَنَظَرَ مُبَاشَرَةً إِلَى وَجْهِ ابْنِ الْمُزَارِعِ براون وَفُوَّهَةِ بُنْدُقِيَّتِهِ الرَّهِيبَةِ!

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤