الفصل الثاني والعشرون

بَصَرُ الصَّقْرِ ميستاه الْعَجُوزِ الْحَادُّ

اعْتَقَدَتِ الْجَدَّةُ ثعلبة الْعَجُوزُ عِنْدَمَا خَدَعَتْ كَلْبَ الصَّيْدِ باوزر فِي الْمَرْعَى الْقَدِيمِ عَلَى حَافَةِ الْجَبَلِ، أَنَّهُ يُمْكِنُهَا أَنْ تَأْخُذَ وَقْتَهَا فِي الْعَوْدَةِ لِلْمَنْزِلِ. كَانَتْ مُتْعَبَةً وَتَشْعُرُ بِالْحَرَارَةِ، وَكَانَتْ تَنْوِي اخْتِيَارَ طَرِيقٍ لِلْعَوْدَةِ يَكُونُ ظَلِيلًا. كَانَتْ تَعْتَقِدُ أَنَّ ابْنَ الْمُزَارِعِ براون سَيَلْحَقُ بِكَلْبِ الصَّيْدِ باوزر قَرِيبًا عِنْدَمَا أَصْدَرَ كَلْبُ الصَّيْدِ باوزر كُلَّ هَذِهِ الضَّوْضَاءِ بَعْدَمَا وَجَدَ الْمَنْزِلَ الْقَدِيمَ الَّذِي رَكَضَتْ عَبْرَهُ الْجَدَّةُ ثعلبة الْعَجُوزُ.

وَلَكِنَّ ابْنَ الْمُزَارِعِ براون لَمْ يَظْهَرْ حَتَّى الْآنَ، وَقَدْ بَدَأَتِ الْجَدَّةُ ثعلبة الْعَجُوزُ تَشْعُرُ بِالْقَلَقِ. هَلْ يُعْقَلُ أَنَّهُ لَمْ يَتْبَعْ كَلْبَ الصَّيْدِ باوزر مُطْلَقًا؟! ذَهَبَتِ الْجَدَّةُ ثعلبة الْعَجُوزُ لِأَعْلَى نُقْطَةٍ وَنَظَرَتْ وَلَكِنَّهَا لَمْ تَرَ أَيَّ أَثَرٍ لِابْنِ الْمُزَارِعِ براون وَبُنْدُقِيَّتِهِ. وَعِنْدَ ذَلِكَ ظَهَرَ الصَّقْرُ ميستاه الْعَجُوزُ وَهُوَ يُحَلِّقُ فِي السَّمَاءِ الزَّرْقَاءِ وَرَقَدَ عَلَى شَجَرَةٍ طَوِيلَةٍ مَيِّتَةٍ. وَإِلَى الْآنَ، لَمْ تَنْسَ الْجَدَّةُ ثعلبة الْعَجُوزُ كَيْفَ حَذَّرَ الصَّقْرُ ميستاه الْعَجُوزُ الْأَرْنَبَ بيتر وَهِيَ عَلَى وَشْكِ الِانْقِضَاضِ عَلَيْهِ. وَلَكِنَّهَا فَكَّرَتْ أَنَّ الصَّقْرَ ميستاه الْعَجُوزَ يُمْكِنُ أَنْ يُفِيدَهَا.

وَهَكَذَا، رَتَّبَتِ الْجَدَّةُ ثعلبة الْعَجُوزُ تَنُّورَتَهَا وَمَشَتْ حَتَّى الشَّجَرَةِ الَّتِي يَقْبَعُ عَلَيْهَا الصَّقْرُ ميستاه الْعَجُوزُ.

سَأَلَتِ الْجَدَّةُ ثعلبة الْعَجُوزُ: «كَيْفَ حَالُكَ الْيَوْمَ أَيُّهَا الْجَارُ ميستاه؟» وَكَانَتْ تَضْحَكُ لِلصَّقْرِ ميستاه الْعَجُوزِ.

فَأَجَابَهَا الصَّقْرُ ميستاه الْعَجُوزُ: «أَنَا بِأَلْفِ خَيْرٍ وَفِي أَحْسَنِ حَالٍ. شُكْرًا.» وَفَرَدَ جَنَاحَيْهِ حَتَّى يَمُرَّ الْهَوَاءُ مِنْ تَحْتِهِمَا.

قَالَتِ الْجَدَّةُ ثعلبة الْعَجُوزُ فِي دَهْشَةٍ: «عَجَبًا! أَنْتَ تَمْلِكُ أَجْنِحَةً رَائِعَةً أَيُّهَا الصَّقْرُ ميستاه! لَا بُدَّ أَنَّ الطَّيَرَانَ شَيْءٌ رَائِعٌ. أَظُنُّ أَنَّهُ يُمْكِنُكَ رُؤْيَةُ الْكَثِيرِ مِنَ الْأَعْلَى فِي السَّمَاءِ الزَّرْقَاءِ أَيُّهَا الصَّقْرُ ميستاه.»

شَعَرَ ميستاه بِالْإِطْرَاءِ وَقَالَ: «أَجَلْ، يُمْكِنُنِي رُؤْيَةُ مَا يَحْدُثُ فِي الْمُرُوجِ وَالْغَابَةِ الْخَضْرَاءِ.»

تَعَجَّبَتِ الْجَدَّةُ ثعلبة الْعَجُوزُ وَقَالَتْ: «أَيُّهَا الصَّقْرُ ميستاه، أَنْتَ بِالتَّأْكِيدِ لَا تَعْنِي ذَلِكَ!» وَكَأَنَّهَا تُرِيدُ تَصْدِيقَ ذَلِكَ وَلَا يُمْكِنُهَا.

فَأَجَابَ الصَّقْرُ ميستاه الْعَجُوزُ: «بِالطَّبْعِ يُمْكِنُنِي!»

فَقَالَتِ الْجَدَّةُ ثعلبة الْعَجُوزُ: «حَقًّا أَيُّهَا الصَّقْرُ ميستاه؟ حَقًّا؟ عَجَبًا! لَا أُصَدِّقُ أَنَّ عَيْنَيْكَ حَادَّتَانِ هَكَذَا! أَنَا أَعْرِفُ مَكَانَ كَلْبِ الصَّيْدِ باوزر وَمَكَانَ ابْنِ الْمُزَارِعِ براون، وَلَكِنِّي لَا أُصَدِّقُ أَنَّهُ يُمْكِنُكَ رُؤْيَتُهُمَا.»

لَمْ يَقُلِ الصَّقْرُ ميستاه الْعَجُوزُ أَيَّ كَلِمَةٍ وَلَكِنَّهُ فَرَدَ جَنَاحَيْهِ الْعَرِيضَيْنِ، وَفِي دَقَائِقَ قَلِيلَةٍ كَانَ قَدْ حَلَّقَ لِأَعْلَى حَتَّى بَدَا كَنُقْطَةٍ صَغِيرَةٍ لِلْجَدَّةِ ثعلبة الْعَجُوزِ. لَمْ تَكُنِ الْجَدَّةُ قَدْ قَالَتِ الْحَقِيقَةَ عِنْدَمَا قَالَتْ إِنَّهَا تَعْلَمُ مَكَانَ ابْنِ الْمُزَارِعِ براون؛ فَقَدْ فَكَّرَتْ فِي خِدَاعِ الصَّقْرِ ميستاه الْعَجُوزِ لِيُخْبِرَهَا.

وَفِي غُضُونِ دَقَائِقَ قَلِيلَةٍ نَزَلَ الصَّقْرُ ميستاه الْعَجُوزُ وَقَالَ: «كَلْبُ الصَّيْدِ باوزر مَوْجُودٌ فِي الْمَرْعَى الْقَدِيمِ.»

صَاحَتِ الْجَدَّةُ ثعلبة الْعَجُوزُ وَهِيَ تُصَفِّقُ بِيَدَيْهَا: «هَذَا صَحِيحٌ! وَأَيْنَ ابْنُ الْمُزَارِعِ براون؟»

«ابْنُ الْمُزَارِعِ براون عِنْدَ …» وَتَوَقَّفَ الْعَجُوزُ ميستاه.

«أَيْنَ؟! أَيْنَ؟!» هَكَذَا سَأَلَتِ الْجَدَّةُ ثعلبة الْعَجُوزُ فِي لَهْفَةٍ شَدِيدَةٍ، حَتَّى إِنَّ ميستاه الْعَجُوزَ نَظَرَ إِلَيْهَا فِي حِدَّةٍ.

قَالَ الصَّقْرُ ميستاه الْعَجُوزُ: «لَقَدْ قُلْتِ إِنَّكِ تَعْرِفِينَ؛ إِذَنْ فَمَا فَائِدَةُ إِخْبَارِكِ؟!» وَأَضَافَ: «وَلَكِنْ لَوْ كُنْتُ مَكَانَكِ لَذَهَبْتُ لِلْمَنْزِلِ بِسُرْعَةٍ كَبِيرَةٍ.»

تَوَسَّلَتِ الْجَدَّةُ ثعلبة الْعَجُوزُ: «لِمَاذَا؟! أَخْبِرْنِي بِمَا رَأَيْتَ أَيُّهَا الصَّقْرُ ميستاه!»

وَلَكِنَّ الصَّقْرَ ميستاه الْعَجُوزَ لَمْ يَقُلْ أَيَّ كَلِمَةٍ أُخْرَى؛ وَلِذَلِكَ اتَّجَهَتِ الْجَدَّةُ ثعلبة الْعَجُوزُ نَحْوَ الْمَنْزِلِ بِأَسْرَعِ مَا يُمْكِنُهَا.

وَتَمْتَمَتْ قَائِلَةً: «يَا إِلَهِي! أَتَمَنَّى أَنْ يَكُونَ الثَّعْلَبُ ريدي قَدْ أَطَاعَ أَوَامِرِي وَبَقِيَ دَاخِلَ الْمَنْزِلِ.»

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤