الفصل الرابع

الثَّعْلَبُ ريدي يَزْدَادُ جُرْأَةً

كَانَ الثَّعْلَبُ ريدي يَزْدَادُ جُرْأَةً، وَكَانَ الْجَمِيعُ يَقُولُ ذَلِكَ. وَمَا يَقُولُهُ الْجَمِيعُ لَا بُدَّ أَنَّهُ حَقِيقَةٌ! لَطَالَمَا كَانَ الثَّعْلَبُ ريدي خَبِيثًا جِدًّا، وَلَمْ يَكُنْ جَرِيئًا عَلَى الْإِطْلَاقِ. لَا شَكَّ أَنَّ الثَّعْلَبَ ريدي قَامَ بِخِدَاعِ كَلْبِ الصَّيْدِ باوزر وَابْنِ الْمُزَارِعِ براون مَرَّاتٍ عَدِيدَةً حَتَّى ظَنَّ أَنَّهُ ذَكِيٌّ جِدًّا. وَلَكِنَّهُ فِي الْحَقِيقَةِ لَمْ يَخْدَعْ إِلَّا نَفْسَهُ. أَجَلْ يَا عَزِيزِي، لَقْدَ خَدَعَ الثَّعْلَبُ ريدي نَفْسَهُ عِنْدَمَا ظَنَّ أَنَّهُ ذَكِيٌّ جِدًّا وَلَا يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ خِدَاعَهُ!

إِحْدَى أَسْوَأِ الْعَادَاتِ فِي الْعَالَمِ هِيَ الِاعْتِدَادُ الزَّائِدُ بِالنَّفْسِ. وَكَانَتْ لَدَى الثَّعْلَبِ ريدي تِلْكَ الْعَادَةُ. نَعَمْ بِالتَّأْكِيدِ! فَعِنْدَمَا يَذْكُرُ أَيُّ أَحَدٍ اسْمَ كَلْبِ الصَّيْدِ باوزر، كَانَ ريدي يَرْفَعُ أَنْفَهُ لِأَعْلَى قَائِلًا: «إِنَّ خِدَاعَهُ هُوَ أَسْهَلُ شَيْءٍ فِي الْعَالَمِ!»

فَكَمَا تَرَى، لَقَدْ نَسِيَ كُلَّ شَيْءٍ عَنِ الْمَرَّةِ الَّتِي قَامَ فِيهَا باوزر بِخِدَاعِهِ عِنْدَ جِسْرِ السِّكَّةِ الْحَدِيدِيَّةِ.

عِنْدَمَا كَانَ الثَّعْلَبُ ريدي يَرَى ابْنَ الْمُزَارِعِ براون كَانَ يَقُولُ بِاسْتِخْفَافٍ: «مَنِ الَّذِي يَخَافُ مِنْهُ؟! لَسْتُ أَنَا!»

وَبَيْنَمَا أَخَذَ ريدي يُفَكِّرُ أَكْثَرَ وَأَكْثَرَ فِي ذَكَائِهِ، بَدَأَ يَزْدَادُ جُرْأَةً؛ فَكَانَ يَزُورُ حَظِيرَةَ دَجَاجِ الْمُزَارِعِ براون كُلَّ لَيْلَةٍ تَقْرِيبًا. نَصَبَ الْمُزَارِعُ براون الْمَصَائِدَ حَوْلَ الْحَظِيرَةِ كُلِّهَا، وَلَكِنَّ ريدي كَانَ يَجِدُهَا دَائِمًا وَيَبْتَعِدُ عَنْهَا. زَادَ الْأَمْرُ، حَتَّى إِنَّ الْعَمَّ بيلي الْأَبُوسُومَ وَالظَّرِبَانَ جيمي لَمْ يَجْرُؤَا عَلَى الذَّهَابِ إِلَى حَظِيرَةِ الدَّجَاجِ مِنْ أَجْلِ الْبَيْضِ؛ خَوْفًا مِنَ الْوُقُوعِ فِي الْمَصَائِدِ الْمَنْصُوبَةِ لِلثَّعْلَبِ ريدي. وَأَدَّى ذَلِكَ إِلَى افْتِقَادِهِمَا لِلْبَيْضِ الطَّازَجِ، وَبِالطَّبْعِ كَانَ اللَّوْمُ يَقَعُ عَلَى الثَّعْلَبِ ريدي.

«لَا تَهْتَمَّ؛ فَسَيُمْسِكُ ابْنُ الْمُزَارِعِ براون بِهِ فِي يَوْمٍ مَا! أَتَمَنَّى ذَلِكَ.» قَالَهَا الظَّرِبَانُ جيمي وَهُوَ عَابِسُ الْوَجْهِ وَيَنْظُرُ نَحْوَ الثَّعْلَبِ ريدي الَّذِي كَانَ يَأْخُذُ حَمَّامَ شَمْسٍ.

عِنْدَمَا يَظُنُّ النَّاسُ أَنَّهُمْ أَذْكِيَاءُ جِدًّا جِدًّا، يَمِيلُونَ إِلَى التَّبَاهِي؛ فَكَمَا تَعْلَمُ لَا يَكُونُ الْأَمْرُ مُسَلِّيًا أَنْ تَشْعُرَ بِذَكَائِكَ إِذَا لَمْ يَرَهُ الْآخَرُونَ؛ لِذَلِكَ أَخَذَ الثَّعْلَبُ ريدي يَزْدَادُ جُرْأَةً فَقَطْ مِنْ أَجْلِ التَّبَاهِي! فَذَهَبَ إِلَى حَظِيرَةِ دَجَاجِ الْمُزَارِعِ براون فِي وَضَحِ النَّهَارِ، وَخَطَفَ دَجَاجَةَ ابْنِ الْمُزَارِعِ براون الصَّغِيرَةَ رَغْمَ أَنْفِ كَلْبِ الصَّيْدِ باوزر.

كَانَ الصَّقْرُ ميستاه الْعَجُوزُ يُحَلِّقُ فِي السَّمَاءِ الزَّرْقَاءِ الْعَالِيَةِ، وَرَأَى الثَّعْلَبَ ريدي؛ فَهَزَّ رَأْسَهُ قَائِلًا:

أَرَى الْمَشَاكِلَ فِي طَرِيقِهَا إِلَى هُنَا،
أَرَاهَا بِالْفِعْلِ!
أَتَمَنَّى أَلَّا تَكُونَ بَاقِيَةً،
أَتَمَنَّى ذَلِكَ بِالْفِعْلِ!
أَيَّتُهَا الْمَشَاكِلُ، إِنَّ الْعَجُوزَ الرَّشِيقَ
وَاقِفٌ لَكِ بِالْمِرْصَادِ،
وَإِنْ وَجَدَكِ فَسَيَثْبُتُ أَمَامَكِ بِالتَّأْكِيدِ؛
فَعِنْدَمَا تَرَيْنَهُ اهْرُبِي سَرِيعًا.
أَجَلِ، افْعَلِي ذَلِكَ.

وَلَكِنَّ الثَّعْلَبَ ريدي كَانَ يَظُنُّ نَفْسَهُ ذَكِيًّا جِدًّا، وَكَأَنَّهُ هُوَ مَنْ يَبْحَثُ عَنِ الْمَشَاكِلِ، وَعِنْدَمَا أَمْسَكَ بِدَجَاجَةِ ابْنِ الْمُزَارِعِ براون كَانَتِ الْمَشَاكِلُ فِي إِثْرِهِ.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤