الفصل الثامن عشر

صانع السيوف في ورطة

وصل الوريث المنتظَر للعرش بهدوء شديد إلى فرانكفورت على متن سفينة رئيس الأساقفة، التي رست عند الدَّرج المائي للقصر الإمبراطوري، بعد حلول الليل. جرت مراسم تشييع جثمان الإمبراطور الراحل وكأنها مُناسَبةٌ خاصة. كان من المتوقَّع حدوث اضطرابات عنيفة؛ لذا جرى تأمين مسار الموكب بحشدٍ من قوات الأساقفة الثلاثة على كلا جانبي المسافة القصيرة الفاصلة بين القصر والكاتدرائية. ثبت أن هذه التدابير كانت بلا داعي. فالمواطنون البائسون لم يهتمُّوا بأمر حاكمهم الاسمي الذي رحل، وأظهروا كراهيتهم للحكام الفعليِّين، رؤساء الأساقفة، فمكثوا في منازلهم بينما كان جنودهم يملئون الشوارع.

كان وضع العاصمة غير مسبوق. فقد عانت من مجاعة مالية وليس مجاعة غذائية. تضورت فرانكفورت جوعًا وسط وفرة الموارد. فالأرض لم تشهَد خصوبة أكبر من التي شهدتها ذلك العام، والخريف القادم كان يُبشِّر بحصادٍ كان سيملأ مخازن الحبوب ويفيض، ورغم ذلك لم يَجلِب أحد طعامًا إلى فرانكفورت؛ لأن العامة لم يكن بحوزتهم أيُّ أموال للشراء. اعتمد أهل البلد على حرفَتي التجارة والصناعة بنحوٍ أساسي، ومع انهيار التجارة شُرِّد الآلاف من أشغالهم، ومع التوقُّف السريع للصناعة تضاعف أعداد هؤلاء الغوغاء المفلسين.

تضاءل عدد سكان المدينة بعد الإخماد العنيف لرؤساء الأساقفة للاحتجاجات غير المجدية التي اندلعت في وقتٍ سابق من العام، بسبب مطالبة العامة بقوت يومهم، واكتظَّت المنطقة التي حولها بالمشردين الهائمين الذين كانوا واثقين بأنهم سيَجدُون شيئًا يأكلونه على الأقل، ولكن نظرًا لنشأتهم في المدينة لم يَصلُحوا للاشتغال بحرفة الزراعة، فانضموا تدريجيًّا إلى فِرق وعصابات للنهب وشكَّلوا تهديدًا كبيرًا للمقاطعات التي اجتازوها. بالطبع انتشرت الشائعات حول وقوف تلك الفِرق الجامحة وراء عمليات السطو التي جرت في بعض القلاع الواقعة على نهر الراين، وحرق فورستنبرج؛ ومن ثمَّ ساد شعور بالقلق في الإمبراطورية بأكملها، وبدأ حكامها من أكبرهم لأصغرهم في التنبؤ بحلول كارثة على الأغنياء شأنهم شأن الفقراء المساكين، حالَ استمرارِ الوضعِ على ما هو عليه. وأثبت العمل الخيري، المتقطع وغير المنظم، أنه عاجز تمامًا عن مواجهة الكارثة التي حلَّت بالعاصمة.

في الليلة الثالثة من عودة رولاند إلى فرانكفورت وبعدما حل الظلام، تسلل إلى الشوارع المظلمة في حذرٍ حتى تأكَّد من عدم وجود مَن يتعقبه، وبعدها ذهب باتجاه القصر الذي يملكه رئيس أساقفة كولونيا.

في البداية رفض حارس البوابة إدخاله وأخبره رولاند بأن لديه موعدًا مع سيادته؛ لأنه لم يرغب في الكشف عن هويته. ولثقته بأن هذا التابع لا يستطيع القراءة، أظهر له وثيقة المرور الآمن وطلب منه أن يُعطيَها لسيادته وأن ينقل له رسالة مفادها أن حامل هذه الوثيقة في انتظار سعادته. عندما لاحظ الخادم المرتاب أن الوثيقة تحمل ختم الإمبراطورية العظيم، اصطحب رولاند على الفور إلى غرفة بالطابق الأرضي، ثم غادر ومعه الوثيقة ليعثر على سيده.

عاد رئيس الأساقفة معه وفي يده الوثيقة التي تحمل الختم الإمبراطوري، وبدت ملامح العبوس على جبينه. وعندما انصرف خادمه وأغلق الباب قال رئيس الأساقفة:

«يا صاحب السمو، إن تصرُّفك بهذا النحو محفوف بالمخاطر.»

«لماذا يا سيدي؟»

«لأنك على يقين بأن هناك مَن يتبعك.»

سأله الشاب: «وما أهمية ذلك؟ فلا أحد يعرفني في فرانكفورت.»

خاطبه رئيس الأساقفة بحزم قائلًا: «أيها الأمير رولاند، من الحكمة ألا تفعل ما يثير شكوك رئيس أساقفة ماينتس حتى ينقضيَ فعليًّا اختيارك إمبراطورًا. يخضع هذا القصر للرقابة ليلًا ونهارًا، وكل مَن يدخله أو يغادره يخضع للملاحظة. ويُمكنني الجزم بأنه في غضون خمس عشرة دقيقة سيعلم رئيس أساقفة ماينتس بأمر زيارتك لي.»

«عزيزي رئيس الأساقفة، لن يُمكنهم ملاحظة رجل مجهول الهوية. لقد راوَدَني القلق بالفعل مما يدور في فرانكفورت، ولهذا تأكَّدت من عدم وجود مَن يتبعني.»

«إن لم يتبعك أحدهم عند قدومك، فلا شك أنه سيُوجد مَن يتبعك في أثناء عودتك.»

«في هذه الحالة يا سيدي سيتعقَّبني الجواسيس إلى منزل التاجر النزيه السيد جوبل في فارجاسه.»

«سيلازمونك كظلِّك عندما تغادر منزله.»

«حينئذٍ سأُكافئهم على مثابرتهم بمحطة نهائية ممتعة؛ ما أعنيه هو قبو الشراب الذي في راينجولد.»

«تأكَّد يا صاحب السمو أنهم في النهاية سيتبعونك حتى تصل إلى القصر الإمبراطوري.»

«مرةً أخرى يا سيدي أؤكد لك أن ذلك لن يحدث. سأقودهم عبر الجسر إلى حي الحرفيين في زاكسينهاوزن، وإن استمرَّت مراقبتهم لي فعليهم قضاء الليلة هناك لأنني سأدخل غرفتي المتواضعة هناك وسأخلد للنوم.»

علَّق رئيس الأساقفة المستاء بقوله: «أرى أنكَ خططت لكل شيء جيدًا.»

ضحك الشاب.

«أتوقَّع أن أعيش حياة مليئة بالإثارة يا سيدي، فمن عادتي التفكير في كل شيء قبل القيام بأي فعل، ولاحظت أن ذلك يبدو مُحيرًا للأمراء الناخبين. الحقيقة أن ثلاثتكم ماكرون للغاية ويَخشى كلٌّ منكم الآخر بشدة؛ لذا فأنتم دائمًا في حالة تأهب حتى لا يباغتكم أيُّ أمر، إلا أن أفعالي المباشرة تُطيح بكل المؤامرات. أؤكد لك الآن أنك عاجز عن تخمين سبب مجيئي إلى هنا الليلة.»

«بالعكس، أنا أعرف السبب جيدًا.»

«حقًّا؟ أنا مندهش. ما السبب إذن؟»

«لقد أتيت لرؤية كونتيسة فون ساين.»

«هذا صحيح، هل السيدة بالداخل؟ عجبًا، لا بد أنها بالداخل بالطبع. لقد تذكَّرت الآن أنها كانت ستُرافقك إلى فرانكفورت وبطبيعة الحال ستكون ضيفتك.»

«إنها ضيفتي يا صاحب السمو، وأحد أسباب عدم تمكنك من رؤيتها أنها في هذه اللحظة تتحدَّث مع كونت بالاتين الذي وصل للتو من جوتنفيلس. فقد شرفت أنا والكونتيسة بضيافته لنا داخل حصنه منذ وقت ليس ببعيد؛ لذا فقد دعوته ليحل ضيفًا عليَّ حتى انتهاء مراسم التنصيب.»

«سيدي، يؤسفني انقطاع ضيافتك بوصول إمبراطورك المنتظَر. لماذا لا تُعرفني بكونت بالاتين؟»

«تعارُف كهذا يجب ألا يحدث إلا في حضور بقية الأمراء الناخبين. يمكنك تخيل مدى قلقي تجاه وقوع أي أمر قد يهدِّد خططك المستقبلية. إننا يا صاحب السمو في مواجهة لحظة حرجة. يُشير التاريخ إلى وجود أكثر من مرشح كادوا أن يصلوا للعرش ولكنهم استُبعدوا في اللحظة الأخيرة. وأنا صديق شديد الإخلاص لك ولا أود المخاطرة لينتهي بك الأمر بمثل هذه النتيجة.»

«إذن هل تظنُّ أنه ليس من الحكمة أن ألتقي الكونتيسة قبل انتهاء عملية الانتخاب؟»

«أنا لا أرى أنه ليس من الحكمة وحسب، يا صاحب السمو، بل إنني أيضًا أنوي منع أي لقاء بينكما.»

ضحك الشاب مرة أخرى.

«الحمد لله إذن أنني لم آتِ لهذا الغرض وإلا لأصابتْني خيبة أمل كبيرة.»

«إذن، ما الغرض الذي أتى بك إلى هنا، يا صاحب السمو؟»

«سيدي، لم يَعُد القصر الإمبراطوري ملكًا لأمي. وإذا استمرَّت إقامتي أنا وهي به، فسيبدو الأمر وكأنَّنا نَعدُّ انتخابي إمبراطورًا أمرًا مُسلَّمًا به، وأنا أرى أن ذلك ليس عدلًا في حق الأمراء الناخبين السبعة، فلا بد أن يكون اختيارهم غير مرهون بأي ملمَح من ملامح التأثير. لذا أرجو منك يا سيدي أن تَشمل والدتي بضيافتك. لقد تحدَّثت معها في هذا الأمر ويُسعدها أن تكون ضيفتك، وأنا متأكد أنها ستكون سعيدة لترك هذا القصر الكئيب.»

«يُشرفني، يا صاحب السمو، أن أحظى بهذه الفرصة التي منحتني إياها. سأنتظر الإمبراطورة غدًا لتستقبلني في أيِّ وقت يحلو لجلالتها.»

«هذا لطف بالغ منك. لقد اقترحتُ عليها اختيار الوقت المناسب، ووقع الاختيار على وقت الظهيرة.»

انحنى رئيس الأساقفة في امتنان عميق. نهض الشاب ومد يده مُصافحًا رئيس الأساقفة الذي صافَحه هو الآخر بود. نظر الأمير مباشرة إلى مضيفه، وظن الأخير أنه لمح بريقًا في عين الأمير وهو يخبره بلهجة حاسمة:

«غدًا سأُخبر رئيس أساقفة ماينتس بأن الإمبراطورة اختارت قصرك لتُقيم به لحين انتهاء مراسم التنصيب، وسأسأل سيادته أن يطلب منك السماح لي بزيارة قصرك يوميًّا لرؤية والدتي.»

انحنى رئيس أساقفة كولونيا مجددًا ولم يُظهِر المزيد من الاحتجاج، وبدا رولاند مُستعدًّا لاحتجاجه ولكنه لم يحدث؛ ولذا تابع الأمير قائلًا:

«ها هو ذا عنواني في زاكسينهاوزن، إن أردتَ أن تبعث لي أيَّ رسالة عاجلة، وأرجو منك أن تأمر حارس بوابة قصرك بألا يَعترض طريقي عندما أطلب التحدُّث مع سيادتِكَ مرةً أخرى. أتمنَّى لك ليلة طيبة. وأشكرك يا سيدي على لطفك»، واختفى الشاب المفعم بالحيوية على الفور قبل أن يتمكَّن رئيس الأساقفة البطيء التفكير من استحضار الكلمات المناسبة ليرد بها.

لم ينضمَّ رئيس أساقفة كولونيا لضيوفه على الفور، بل وقف في حيرة من أمره، وتمتم في نفسه قائلًا:

«إن كان صديقي رئيس أساقفة ماينتس يظنُّ أن الشاب سيكون طوع أمره كالعجين في يده، فهو مخطئ تمامًا. آمل ألا يدفعه رولاند لاستخدام قبضته الحديدية في القريب العاجل. أتساءل ما الدافع وراء تأخير رئيس أساقفة ماينتس للانتخابات؟ هل لأنه بالفعل ليس واثقًا في اختياره، أم أن الأمر متعلق بالزوجة؟»

في هذه الأثناء، أُوصد الباب الأمامي لقصر رئيس الأساقفة، وسار رولاند عبر الميدان غير عابئ بمن يتبعونه أو غافل عنهم، ولم يَلتفت يمينًا ولا يسارًا. وشق طريقه سريعًا إلى فارجاسه قاطعًا هذا الطريق وصولًا إلى منزل السيد جوبل حيث طرق الباب وسُمح له بالدخول. دخل إلى الغرفة التي ودَّع فيها التاجر، ووجد السيد جوبل جالسًا إلى طاولته وكأنه لم يُغادرها قط. حيَّا التاجر الشاب بصيحة بهجة.

«حسنًا، أرأيت يا سيد جوبل أنني مُهرِّب ناجح؟ فها هي ذي بالات بضائعك كلها قابعة في قلعة فالتس، وأنا واثق أن السفينة عادَت إليك بأمان ومعها الأموال.»

«هذا ما حدث بالفعل، يا صاحب السمو.»

«هل أحصيتم العملات؟»

«أجل، وبلغت مبلغًا هائلًا، يكاد لا يُمكن تصديقه، وقد دوَّنته هنا حتى آخر ستيفر.»

«تلك أخبار رائعة. هل أتتك أيُّ مطالبات بشأن تقسيمها؟»

«لا، يا صاحب السمو.»

«والآن يا سيد جوبل لقد قررتُ أن تذهب جميع الأموال، التي هي في الواقع ممتلكات مسروقة، لإطعام فقراء فرانكفورت. إذا اشترينا طعامًا بحكمة، فكم المدة التي سينجح هذا الكنز في دفع الجوع بعيدًا عن أعتاب فرانكفورت؟»

«هذا الأمر سيتطلَّب بعض الحسابات، يا صاحب السمو.»

«شهرًا؟»

«بالتأكيد.»

«أو ربما شهرين؟»

«هذا أمر مُحتمَل، ولكني أتاجر في الأقمشة لا في الطعام، ولهذا لا يمكنني حسم الأمر دون إجراء الحسابات والأخذ بمشورة الخبراء في هذا الشأن.»

«عظيم يا سيد جوبل؛ جهِّز حساباتك في أسرع وقت ممكن. واجتمع بعصبة التجار الخاصة بك واسأل أفرادها …» ثم قطع رولاند حديثه فجأة وقال: «بالمناسبة أعطني ورقة مكتوبًا فيها عدد العملات التي أرسلتها إليك.»

فعل التاجر النزيه ذلك، واتَّسعت عينا رولاند من الدهشة برؤية المبلغ الإجمالي. ثم وضع الورقة في المحفظة التي كان يحملها.

ثم شرع التاجر بالحديث قائلًا: «لقد كنتُ على الأرجح على وشك اقتراح تعيين لجنة.»

«أجل؛ لجنة صغيرة العدد ولكنها تتمتَّع بالكفاءة وستكون أنت رئيسها وأمين صندوقها. لكن عليك أولًا أن تطلب من التجار المساهمة، مِن ثرواتهم المعروفة، بمبلغ مساوٍ لمقدار الذهب الذي سلبتُه من البارونات.»

بدا التاجر مُحبَطًا وعلت وجهه ملامح الحزن.

«يا صاحب السمو إن الأحوال لا تَسُر منذ وقت طويل، ولا أحد منَّا يجني أيَّ أموال …»

أشار الأمير بيده، وتوقَّف التاجر عن متابعة شكواه.

وقال: «إن استطعتُ تجريد البارونات من ثرواتهم، فلن أهدِر وقتي بالحديث عن تجريد التجار من أموالهم. ستُقدِّم هذه المساهمة باسم رؤساء الأساقفة الثلاثة الذين بطشت أيديهم بكم بعد أعمال التمرُّد الأخيرة. يمتلك رؤساء الأساقفة في فرانكفورت الآن قواتٍ قوامها تسعة آلاف جندي. وفي حال منحهم الإذن، سيكون بإمكانهم جمع ثلاثة أضعاف المبلغ في غضون ساعات قليلة؛ لذا بصفتك رئيسًا للجنة عليك اتخاذ القرار؛ فهذا الأمر لا يَعنيني: هل سيكون هذا الصندوق نتاج مساهمة طوعية أم ضريبة يجمعها الجنود؟ ولتُعلن في جميع أنحاء فرانكفورت انتهاء المجاعة في المدينة بفضل كرم رؤساء الأساقفة الثلاثة.»

«يا صاحب السمو، مع كامل احترامي، ولكن اسمح لي إنه لمن الظلم أن نساهم بالمال ولا ينسب إلينا هذا الفضل.»

«أجل يا سيد جوبل، إننا نعيش في عالَم ظالم للغاية، وهذا ما يراه بلا شك العديد من الجياع حين يجدون أن بضع مئات منكم يمتلكُون ثروات هائلة بينما هم مفلسون. ورغم ذلك، هناك أيام هانئة في انتظارنا جميعًا. حسنًا لنأمُل أن تكون الأموال التي أرسلتها لك كافية؛ ومن ثمَّ يمكننا إعادة مساهمات التجار إليهم مرة أخرى، هذا إن كان صندوق الإغاثة يُدار بأمانة. لذا استعِدَّ للعمل بنشاط مبكرًا من الغد. لقد أمضيتم عطلة طويلة أيها التجار. أعتقد أن نهر الراين سيُفتَح قبل انقضاء أسابيع قليلة، وبعدها يُمكنكم مباشرة جنْي الأموال، ولكن واجبنا الأول هو إطعام الجياع. طابت ليلتك، يا سيد جوبل.»

ترك رولاند التاجر في حالة ذهول مثلما كان حال رئيس الأساقفة. ومن جديد خرج واتجه مباشرة إلى قبو النبيذ في راينجولد. وفور وصوله إلى الدَّرج سمع حديثًا صاخبًا يقطعُه بين الحين والآخر صوتُ ضحكات. توقَّف لحظة قبل أن ينزل الدَّرج. كان واضحًا أن الرِّفاق يستمتعون بأوقاتهم، وتمتم رولاند مناجيًا نفسه بلهجة يشوبها الحزن:

«إنني عنصر الإزعاج في تلك المجموعة. يبدو أنهم ينسجمون معًا أشد انسجام عندما يكونون بمفردهم. حسنًا، لا يُهمُّ ذلك على أي حال. إنهم سيتخلَّصون مني قريبًا!»

عندما هبط رولاند الدَّرج استقبله مالك الحانة بسعادة.

وقال مخاطبًا إياه: «لقد اشتقتُ إليك يا سيد رولاند، ويمكنك أن تتخيَّل مدى الأسف الذي يشعر به أفراد العصبة لغيابك.»

«نعم؛ يُمكنني سماعهم يتحسَّرون على مصيرهم.»

ضحك صاحب الحانة.

«كم عدد الموجودين منهم هنا الليلة؟»

«إنهم كاملو العدد يا سيد رولاند.»

«حقًّا؟ وهل كورزبولد وجينسبين أيضًا في الداخل؟»

«أجل إنهما بالداخل، وأنا أعرف أنه بفَضلِك لن يكون هناك أيُّ عجز مالي.»

«في الواقع الشكر الجزيل لك أيها المضيف المبجل؛ فقد دعمتنا فترة طويلة جدًّا عندما كنا مُفلسين. لن ننسى لك ذلك أبدًا»، وهكذا ترك رولاند صاحب القبو المبتهج بعد أن قدَّم له تحية شبه عسكرية، وبعدها دفع وفتح باب غرفة المأدبة التي يوجد بها أفراد عصبة الحدادين. وخيَّم الصمت فورًا فوق رءوس الجمع.

قال الأمير وهو ينزع قبَّعته ويلفُّ كتفيه ليُزيح عباءته: «طاب مساؤكم أيها السادة.»

علت على الفور صيحات التهليل، وتقدَّم جريسل، الذي كان يشغل المقعد الموجود على رأس الطاولة، إلى الأمام وأخذ قبعة رولاند وعباءته وعلَّقهما. وبعدها حاول توجيه قائده ليجلس على المقعد الشرفي.

إلا أنَّ رولاند رفض ذلك ووضع يده على كتف مرافقه بود، قائلًا: «لا، لا يا نائبي العزيز، إن هذا المقعد يخصُّ رجلًا أفضل منِّي ولن أجرؤ على تنحيته أبدًا.»

نهض البقية، باستثناء كورزبولد وجينسبين، وعلَت أصواتهم مطالبين رولاند باتخاذ هذا المقعد. هز رولاند رأسه بابتسامة ورفع يده مشيرًا إليهم بالصمت.

وقال: «استريحوا في مقاعدكم أيها الرفاق؛ وأنت يا جريسل إن كنتَ تودُّ مني إعطاء أوامر فإني آمرك بالجلوس في مقعدك دون مزيد من الاحتجاج.»

أطاعه جريسل على مضض واضح.

«الحقيقة أيها الإخوة أنني لن أبقى هنا سوى لحظات. لم آتِ هنا إلا للاستمتاع برشفة من النبيذ بصُحبتكم، ولأُقدِّم لكم عرضًا سيجعلني في غضون خمس دقائق أكثر شخص مكروه بين جدران هذه الغرفة؛ لذلك كان من الحكمة رفضي الجلوس على المقعد الذي سأُطرد منه فورًا.»

أمسك أحد أفراد العصبة بإبريق النبيذ وسكب كوبًا من النبيذ وحمله إلى رولاند، الذي بدوره وجَّه التحية لرفاقه وشربه.

«جريسل أنت لم تقسِّم الأموال، أليس كذلك؟»

«نعم يا رولاند. لقد أعطينا كل رجل منهم خمسمائة تالر ليكونوا في أفضل حال مُمكن. ثم أخفينا بقية الذهب بين قاع القارب وألواحه الداخلية. واجتهدت أنا وإبرهارد إلى حدٍّ كبير في تفسير أوامرك، وتصوَّرنا أنك ترغب في وصولنا نحن والكنز بأمان إلى فرانكفورت.»

صدَّق رولاند على كلامه قائلًا: «هذا صحيح.»

«وعندما حل الصباح سرعان ما أدركنا الجلبة التي ثارت في أرجاء البلاد بأكملها إثر تدمير فورستنبرج ونهب زونيك. كان الريف كله في حالة اضطراب، فلا أحد يعلم أين ستقع الغارة التالية. وحتى الآن لا يَعلم المنهوبون سوى حقيقة واحدة؛ ألا وهي ظهور سفينة سوداء طويلة أمام قلاعهم مع تعرُّضها للهجوم من الجهة الخلفية. أدركنا أنه لن يمكننا التحرك أعلى النهر إلا بحلول الظلام؛ لذا خشية تعرُّضنا للتفتيش، أخفينا الكنز في مكان غير محتمل التفتيش فيه، وكنا نهارًا نتوقَّف في منطقة نائية من النهر، ونجدف طوال الليل. ولم نُغامر بالإبحار في وضح النهار إلا بعد أن وصلنا رافد ماين. واتفقنا بالإجماع على إيداع المال بحوزة السيد جوبل لحين عودتك.»

علَّق رولاند قائلًا: «أحسنتم صنعًا جميعًا. لقد عدتُ للتو من زيارة السيد جوبل، وذُهلت حين أخبرني بالمبلغ الذي جنيناه بالفعل. والآن، أطلب منكم تقديم تضحية كبيرة. إن هذه المدينة تتضوَّر جوعًا. فإن أنفقنا هذا المال في سبيل إغاثتها، سيُساهم تجار فرانكفورت بمبلغ مُساوٍ. لا أعلم المدة التي يمكن لفرانكفورت أن تصمُدها في وجود هذا المبلغ؛ ستة أشهر على الأرجح. سأعلم القول الفصل غدًا.» بهذه الكلمات أوجز رولاند خطته الإغاثية التي قوبلت بالصمت.

تحدَّث كورزبولد.

وقال: «هل لي بمعرفة قيمة إجمالي المبلغ؟»

تذمَّر جريسل من سؤاله قائلًا: «هذا أمر ليس من شأنك»؛ ثم التفت إلى رولاند الذي لم يتخذ مقعدًا بعد، وقال له: «أُوافقك الرأي فيما يخص نصيبي من الأموال.»

وأضاف إبرهارد قائلًا: «وأنا أوافق»؛ وتابع بقيةُ الجالسين على جانبي الطاولة الحديثَ مُعلنين موافقتهم، حتى وافق الثمانية عشر رجلًا.

نهض كورزبولد وهو يبتسم.

«أنا لا أعرف السبب، أيها الزعيم السابق، وراء إثارتك لجوٍّ من الجدال منذ لحظة انضمامك إلى صفوفنا ووجودك.»

«الغريب في الأمر يا سيد كورزبولد أنني خطرَت لي الفكرة نفسها عندما استمعت إلى صخبك المَرِح قبل دخولي. ولكن اسمح لي أن أضيف بأن هذه هي زيارتي الأخيرة للعُصبة، ولن أفسد انسجامكم هذا مرة أخرى، وأتمنى أن يرضيك ذلك.»

صاح إبرهارد، وهو يَنهض مبتسمًا، قائلًا: «إنك لا تفسد أيَّ انسجام بيننا. لقد كانت الموافقة فعليًّا بالإجماع؛ لقد كان هناك إجماع فيما بيننا في الواقع نحن مَن يملك نصيبًا في الكنز الهائل. أعتقد أن السيد كورزبولد يُطالب بنصيبه في غنيمة راينستاين، ما لم يكن قد صُودِرَ بسبب ما قام به.»

تابع كورزبولد قائلًا: «إن حتى إبرهارد الودود يتحدَّث بلهجة لاذعة، رغم أن كلماته لا تَحمل أيَّ لوم، أما صديقي جريسل فقد أصبح فظًّا بشدة.»

قال رولاند: «لستُ بحاجة إلى إيضاح فكرتك أكثر من ذلك يا سيد كورزبولد. فإنني قد استقلت.»

أكمل كورزبولد حديثه قائلًا: «أردتُ فقط أن أوضِّح أن نهوضي لم يكن إلا بغرض الإشارة بأن لي نصيبًا بسيطًا في شيء؛ أعني الممتلكات المسروقة، وكما تعلم، الشرف بين اللصوص. هل نصيبي في هذين الأمرين محل نزاع؟»

أجابه الرئيس سريعًا: «لا.»

اختتم كورزبولد حديثه قائلًا: «عظيم، نظرًا لتكرُّمكم بالسماح لي بالحديث في حضور قائدنا السابق المهيب، أودُّ القول بأنه أيًّا كان مقدار نصيبي فإنني أهبه بكل سرور، بل وبهجة، إلى فقراء فرانكفورت.»

اختتم كورزبولد حديثه بتلك الكلمات وجلس، وفي البداية علا صخب الضحكات وتلاها تصفيق حار. نهض جينسبين وقال بإيجاز:

«وأنا سأفعل مثلما فعل كورزبولد.»

قال رولاند: «والآن أريد عددًا من المتطوعين الذين سينطلقون في جميع أنحاء البلاد بدءًا من الغد في الصباح الباكر، وأنت يا جريسل بصفتك القائد ستُحدِّد المسارات التي سيسلكونها. على كل رجل منهم التوغُّل قدْر الإمكان على طول الطرق الرئيسية، وليطلب من المزارعين إحضار أي شيء يصلح طعامًا ويُمكنهم بيعه. وأخبروهم أن مبلغًا هائلًا من المال قد جُمع وأن محتويات عرباتهم ستُشترى بالكامل فور دخولها المدينة. ولن يضطرُّوا للانتظار لتحصيل أموالهم. الدفع فوري وكل شيء صالح للأكل سيُشترى على الفور. أما أنت يا جريسل فأوكلك بالمهمة الأصعب. عليك التوغُّل في الغابة جنوب رافد ماين، وإبلاغ الحطَّابين وصنَّاع الفحم بضرورة إحضار المواد اللازمة لإشعال نيران مواقد الطهي. والآن، مَن سيتطوع منكم؟»

نهض جميع الرجال. وشكرهم رولاند. وقال: «سأُفصح لكم الآن عن سرٍّ، وستعلمون أنني فكَّرتُ في مصلحتكم عندما أُطلِعتُ عليه. لقد حظيت بشرف لقاء أكثر من حاكم لهذه الإمبراطورية منذ التقيتكم.»

صاح أحدهم مُتسائلًا: «هل أخبروك مَن سيكون الإمبراطور الجديد؟»

«هذا أمرٌ لا يعلمه سوى الأمراء الناخبين. ولكن إليكم ما كنتُ بصدد قوله. ستنشئ الحكومة ورشًا للمصنوعات الحديدية على نطاق واسع لم يَشهد العالم مثيلًا لها من قبل. وأنا واثق أننا على أعتاب العصر الحديدي، وقد بذلتُ قُصارى جهدي لغرس هذا الاعتقاد في نفوس الآخرين، ونظرًا لمعرفتي بمهاراتكم فيُشرِّفني أن أعرض على كلٍّ منكم تولي مسئولية الإشراف على إحدى هذه الورش، وستتقاضَون مقابلًا سخيًّا لم يُعطَ لأحد من قبلُ في ألمانيا بأكملها. وأنا مُوقن أيضًا بأن الإمبراطور الجديد سيمنح لقبًا لكلِّ مَن يرغب منكم في نيل هذا الشرف لئلا تُثار أيُّ تساؤلات حول أحقيتكم في حمل السيف. جريسل عليك تلقِّي التقارير التي سيأتي بها العاملون في فرق الطعام الاستطلاعية الخاصة بنا، ويُسعدني أن أعرف ما توصلتم إليه، هذا إن لم تجد مشقة في زيارتي في غرفتي القديمة بزاكسينهاوزن في أي ساعة بعد التاسعة مساءً. والآن أتمنى لكم ليلة طيبة، وبالتوفيق لكم جميعًا.»

عبَر رولاند الجسر ووصل إلى غرفته على الجانب الآخر. تلفَّت حوله عدة مرات ليطمئن أنه لا يوجد مَن يتلصص عليه، وضحك على المخاوف التي راودت رئيس الأساقفة. دخل إلى غرفته وأضاء المصباح، وخلع عباءته وألقاها على السرير ثم فك حزام سيفه وعلَّقه هو والسيف على مشجب، ووضع عباءته فوقهما. وأصابه الذهول حين سمع طرقًا قويًّا على الباب، ووقف مندهشًا لحظة حتى تكرَّر مع التحذير الصارم التالي:

«افتح الباب باسم رئيس الأساقفة!»

تقدَّم الشاب وسحب المزلاج وفتح الباب. وتخطَّى عتبة الباب ضابطٌ وخلفه اثنان من الجنود، وبإشارة جانبية من رأس الضابط أغلق أحد الجنديين الباب وأوصده. انتاب رولاند للحظة شعورٌ بالسخط إثر هذا الاقتحام الوقح، وبعدها تذكَّر أنه حِرَفيٌّ وأن أمثاله لا بد أن يتَّسموا بالخنوع والإذعان.

«لقد زرتَ القصر الإمبراطوري الليلة. فماذا كنت تفعل هناك؟»

«كنتُ أحاول الحصول على إذن بالدخول يا سيدي.»

«لأي غرض؟»

قال رولاند وهو يُحاول التفكير في فكرةٍ للدفاع عن نفسه: «كنت أتمنى … كنت أتمنى مقابلة أحد الضباط من ذوي الرتب؛ ضابط مثلك يا سيدي، لكن لم يُحالفني الحظ ولم أنجح في مهمتي. لم أستطِع تخطي أفراد الحراسة دون تصريح، وهو ما لم أكن أحمله معي آنذاك، لكنَّني آمُل الحصول عليه غدًا.»

«أسألك مرة أخرى، لأي غرض؟»

«لغرضٍ يجعلني أشعر بالسعادة لمقابلتك يا صاحب السعادة.»

«أنا لستُ بصاحب سعادة. ولْتدخل في صلب الموضوع! أخبرني لأي غرض ذهبت.»

«لأعرض على الضابط سيفًا فائق الجودة، والذي لن يُهزم حامله أبدًا ما دام يَمتلك قدرًا من المهارة في استخدامه.»

«هل تقصد إخباري بأنك ذهبت إلى القصر الملكي بغرض بيع سيف مُستعمَل؟»

«بالطبع، لا، أيها الأمير.»

«كفاك توزيع ألقاب كما يحلو لك. نادني بالملازم.»

«حسنًا يا سيدي الملازم، كنتُ آمُل الحصول على أمرٍ بصُنع مائة أو ربما ألف قطعة من هذا السلاح.»

«وإلى أين اتجهت بعد مغادرة القصر؟»

«ذهبت إلى مكان إقامة أمير الكنيسة العظيم هذا، رئيس أساقفة كولونيا.»

«فهمت! ولم تَنجح في رؤية سيادته، أليس كذلك؟»

«عذرًا أيها الملازم، ولكنَّني قابلته. إن سيادته مهتم بشدة بكلٍّ من الأسلحة والدروع.»

«هل منحكَ أمرًا بصنع السيوف؟»

«لا أيها الملازم؛ فقد بدا رجلًا شديد الحذر. لقد طلب منِّي زيارته في كولونيا أو مقابلة رئيس قواته الموجود الآن في فرانكفورت، إن لم أستطِع زيارته. أنت تعلم أيها الملازم أن وجود رؤساء الأساقفة الثلاثة برُفقة جيوشهم يُعد فرصة عظيمة لي وآمل الاستفادة منها.»

نظر إليه الضابط وبدا متحيرًا.

«وأين ذهبت بعد ذلك؟»

«ذهبت إلى منزل أحد التجار في فارجاسه.»

«حسنًا قصتك هذه لن تُفلح! فالتجار لا يُسمح لهم بحمل السيوف.»

«أجل أيها الملازم، ولكن التاجر في بعض الأحيان يُمكنه توفير رأس المال الذي يتيح للعامل الماهر قبول عقد كبير. وإن كنت سأقابل رئيس قوات معاليه غدًا وطلب مني صنع ألفَي سيف على سبيل المثال، فليس بحوزتي المال الكافي لشراء المعدن اللازم، ولن أستطيع طلب الدفع حتى أُسلِّم الأسلحة.»

«وهل وافق التاجر على تمويلك؟»

«كان هو الآخر شخصًا حذرًا أيها الملازم. فقد طالبني بالاطِّلاع على العقد أولًا ومعرفة المسئول عن السداد.»

علَّق الضابط قائلًا: «رجل حكيم، وأفترض أنك عُدتَ بعدها إلى هنا محبطًا، أليس كذلك؟»

«نعم أيها الملازم؛ لقد كان يومًا حارًّا، كما أنني قطعت مسافة طويلة. غادرت منزل التاجر وذهبت إلى حانة راينجولد؛ حيث احتسيت كوبًا من النبيذ مع رفاقي، وهم مجموعة من الرجال الذين شكَّلوا ما يُطلقُون عليه اسم عصبة الحدادين. شربت كوبًا من النبيذ برفقتهم وبعدها أتيت مباشرة إلى هنا؛ حيث وصلت قبل لحظات قليلة فقط.»

زادَت حيرة الضابط أكثر فأكثر. فعلى الرغم من الأسلوب الخاضع لهذا الشاب، فإن اللغة التي كان يتحدَّث بها لم تكن لغة حِرَفيٍّ، ولكن تلك بالتأكيد كانت غرفته الخاصة، وقد قال الحقيقة كاملةً عن جولته وكأنه شخص لا يَخشى شيئًا.

وقف الملازم محدقًا في الأرض بعض الوقت، صامتًا شأنه شأن الجنديين الواقفين خلفه. وفجأة نظر لأعلى.

«أرني السيف. وسأُخبرك بمكان صناعته!»

إنه لمخطئ لو ظنَّه سيتردَّد. هتف رولاند بابتهاج وأزاح العباءة جانبًا وانتزع السيف بخفة وقذفه لأعلى وأمسك به من نصله، ثم انحنى قليلًا وسلَّمه إلى الضابط الذي لوَّح به في الهواء، وثنى النصل بين السبابة والإبهام، وبعدها وجَّهه قربَ المصباح وفحصه بعين خبير.

«إنه سلاح جيد يا صديقي. أين صُنعَ؟ أنا لم أرَ مثله قط.»

«لقد صنعته بيدي هاتين هنا في فرانكفورت. بالطبع ذهبتُ أولًا لأولئك الذين لا يعرفون شيئًا عن الأمر، ولكن إن تمكنتُ من مقابلة معالي رئيس أساقفة ماينتس فإن ضباطه سيعجبون بالسيف حين يرونه، وأتمنى أن يكون حظي الليلة قد قاد لي أحد ضباط رئيس أساقفة ماينتس، بمجيئك إلى باب غرفتي.»

نظر إليه الملازم وابتسم للمرة الأولى. وأعاد إليه السيف وأشار إلى تابعيه بفتح الباب، وامتثلا لأمره وغادرا، ثم قال الضابط:

«أتمنى لك ليلة طيبة. لقد كانت إجاباتك مُرضية، ولكنني أرى أنك لست مجرد حِرفيٍّ وإنما تاجر سُيوف بارع.»

أجابه رولاند قائلًا: «أيها الملازم لا تُجاملني.» ثم رفع سيفه ليوجِّه له تحية عسكرية. وأضاف: «أنا لستُ بتاجر وإنما صانع سيوف.»

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤