قافية الغين

وقال:

دعني وشأنكَ لا تكن بي لاغي
فأنا لربِّ العذل لستُ بصاغِ
كيف السلوُّ عن الهوى وجوارحي
بجميع ألحانِ الغرامِ تناغي؟
يا من بغى سلوانَ قلبيَ أنتَ في
طلب المحالِ، وكم يخيبُ الباغي؟
لو كنتَ تعلمُ من أحبُّ من الدُّمى
لعذرتني عوضَ الملام الطاغي
غيداءُ قد صاغ الجمالُ لجيدها
طوقَ السنا، فَاكْرِمْ بلطف مصاغِ!
وغزالةٌ صبغ الحياءُ خدودَها
إذ أقبلت نحوي بخير صباغِ
وا فرحتاهُ! مُذُ التقينا بعدَ أن
ضرمَ الفراقُ لهيبهُ بدماغي
وأطلت لثمَ المعصمينِ محاولًا
إيداعَهُ في الثغر والأصداغِ
حتى جنت أرساغُها من عبرتي
دُرَرًا، ويحلو الدرُّ في الأرساغِ
أرسلتُ دمعيَ كي يبلِّغها الهوى
عني وليسَ عليهِ غيرُ بلاغِ

وقال:

للهِ عينٌ بعلم السحر قد نبغتْ
فما بغت إن تمنَّتْ قتلتي وبَغَتْ
وقامةٌ مثلَ غصن البانِ قد خطرت
في مهجة الصبِّ منها شمسهُ بَزَغت
من لي بها، غادةً جارت وما رَحَمتْ
أشكو ولم أَرَها يومًا إليَّ صغت
ربيبةٌ كلُّ حسنٍ، تحتَ برقعها
وكلُّ باهرةٍ للناظرين طغت
لو لم تكُنْ قتلت قلبي بمقلتها
ما برقعت وَجَناتٍ من دمي صُبغت
مهما جَنَتْ فأنا راضٍ بما رَضيَتْ
وكلُّ نفسٍ عَصَتْ أمرَ الحبيبِ بغت
لولا تذلُّلُ نفسي في الغرامِ لما
كانت إلى شمس ذاك الخدر قد بلغت
آليتُ حلفةَ صدق لا سلوتُ وقد
آلت ولكنني برِّيتُ وهيَ لغت
أصلت فؤَاديَ نارًا قطُّ ما لطفت
ولاطفتها دموعٌ كالبحار طغت
ذي أبحرُ الدمعِ سحرُ الطرفِ حولها
إلى دمٍ أزبدت من زفرتي ورغت
أفدي عيونًا رمتني، والجفونُ لها
كنانةٌ من نبال الغنج ما فرغت
لمَّا أضعنَ فؤَادي رحتُ أنشدُهُ
بين الطلى والحلى حيث النجوم صغت
يا للهوى! من لقلبٍ قلبتهُ على
نار الجوى حدقٌ في جنَّةٍ ربغت
ذي جنَّةُ الحسن منها للحشى سَقَرٌ
وألسنُ النار عنها للقلوبِ نغت
كم نعمةٍ أنتجتها نقمةٌ دمغت
ونقمةٍ أولدتها نعمةٌ سبغت!

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤