الفصل السابع

الْجَدَّةُ ثعلبة يُرَاوِدُهَا كَابُوسٌ

لَا شَيْءَ يَحْدُثُ هَكَذَا، ضَعْ هَذَا فِي الِاعْتِبَارِ.
إِذَا بَحَثْتَ جَيِّدًا وَبِإِمْعَانٍ، فَسَتَجِدُ دَائِمًا أَسْبَابًا.
الْجَدَّةُ ثعلبة الْعَجُوزُ

كَانَتِ الْجَدَّةُ ثعلبة الْعَجُوزُ تَحْلُمُ. أَجَلْ يَا عَزِيزِي، كَانَتْ تَحْلُمُ. كَانَتْ نَائِمَةً هُنَاكَ، مُتَكَوِّرَةً عَلَى نَفْسِهَا عَلَى الرَّبْوَةِ الصَّغِيرَةِ الْمُشْمِسَةِ عَلَى حَافَةِ الْغَابَةِ الْخَضْرَاءِ، تَغُطُّ فِي النَّوْمِ وَتَحْلُمُ. كَانَ الْمَكَانُ سَاحِرًا وَمُرِيحًا جِدًّا بِالْفِعْلِ؛ فَقَدْ سَكَبَ هُنَاكَ قُرْصُ الشَّمْسِ الْمَرِحُ الْمُسْتَدِيرُ الْمُشْرِقُ أَدْفَأَ أَشِعَّتِهِ مِنَ السَّمَاءِ الشَّدِيدَةِ الزُّرْقَةِ. عِنْدَمَا تَكُونُ الْجَدَّةُ ثعلبة الْعَجُوزُ مُتْعَبَةً، كَثِيرًا مَا كَانَتْ تَتَسَلَّلُ إِلَى هُنَاكَ لِتَأْخُذَ قَيْلُولَةً وَحَمَّامَ شَمْسٍ حَتَّى فِي الشِّتَاءِ. كَانَتْ عَلَى يَقِينٍ أَنَّهُ لَا أَحَدَ يَعْلَمُ بِهَذَا الْأَمْرِ. كَانَ أَحَدَ أَسْرَارِهَا.

ذَاكَ الصَّبَاحَ كَانَتِ الْجَدَّةُ ثعلبة الْعَجُوزُ مُتْعَبَةً جِدًّا، عَلَى غَيْرِ الْعَادَةِ؛ أَوَّلًا خَرَجَتْ طَوَالَ اللَّيْلِ لِتَصْطَادَ، ثُمَّ قَبْلَ أَنْ تَصِلَ إِلَى الْمَنْزِلِ، كَانَ كَلْبُ الصَّيْدِ باوزر قَدْ وَجَدَ آثَارَ أَقْدَامِهَا وَبَدَأَ يَتَتَبَّعُهَا. بِالطَّبْعِ، لَمْ تَكُنْ هُنَاكَ جَدْوَى مِنْ أَنْ تَذْهَبَ إِلَى الْمَنْزِلِ، لَمْ تَكُنْ هُنَاكَ جَدْوَى عَلَى الْإِطْلَاقِ؛ كَانَ باوزر سَيَتَتَبَّعُهَا مُبَاشَرَةً وَيَكْتَشِفُ أَيْنَ تَعِيشُ؛ لِذَا قَادَتْ باوزر بَعِيدًا عَبْرَ الْمُرُوجِ الْخَضْرَاءِ وَالْغَابَةِ الْخَضْرَاءِ، وَأَخِيرًا مَارَسَتْ إِحْدَى أَمْهَرِ حِيَلِهَا؛ حَيْثُ مَزَجَتْ آثَارَ أَقْدَامِهَا حَتَّى لَمْ يَعُدْ بِاسْتِطَاعَةِ باوزر أَنْ يَتَتَبَّعَهَا. بَيْنَمَا أَخَذَ الْكَلْبُ باوزر يَتَشَمَّمُ وَيَتَشَمَّمُ وَيَتَشَمَّمُ بِوَاسِطَةِ أَنْفِهِ الْعَجِيبِ، فِي مُحَاوَلَةٍ لِمَعْرِفَةِ أَيْنَ ذَهَبَتْ، كَانَتِ الْجَدَّةُ ثعلبة الْعَجُوزُ قَدْ أَسْرَعَتْ بِدُونِ تَرَدُّدٍ إِلَى الرَّبْوَةِ الْمُشْمِسَةِ، وَعَقِصَتْ هُنَاكَ لِتَسْتَرِيحَ. وَفِي الْحَالِ غَفَتْ.

كَانَتِ الْجَدَّةُ ثعلبة الْعَجُوزُ، مِثْلَ غَالِبِيَّةِ أَهْلِ الْغَابَةِ الْخَضْرَاءِ وَالْمُرُوجِ الْخَضْرَاءِ، تَغْفُو وَأُذُنَاهَا مَفْتُوحَتَانِ مُصْغِيَتَانِ. قَدْ تَكُونُ عَيْنَاهَا مُغْلَقَتَيْنِ، وَلَكِنْ لَيْسَ أُذُنَاهَا؛ فَهُمَا دَائِمًا عَلَى أُهْبَةِ الِاسْتِعْدَادِ حَتَّى وَهِيَ نَائِمَةٌ، وَعِنْدَ أَدْنَى صَوْتٍ تَفْتَحُ عَيْنَيْهَا عَلَى الْفَوْرِ، وَتَكُونُ عَلَى اسْتِعْدَادٍ لِلْفِرَارِ. لَوْلَا هَذَا، لَمَا جَرُؤَتْ أَنْ تَأْخُذَ قَيْلُولَةً فِي الْخَلَاءِ فِي وَضَحِ النَّهَارِ. إِذَا أَرَدْتَ يَوْمًا أَنْ تُمْسِكَ بِثَعْلَبٍ غَافٍ، يَجِبُ أَلَّا تُصْدِرَ أَدْنَى صَوْتٍ، تَذَكَّرْ هَذَا.

فِي هَذِهِ اللَّحْظَةِ، حَالَمَا أَغْلَقَتِ الْجَدَّةُ ثعلبة الْعَجُوزُ عَيْنَيْهَا، بَدَأَتْ تَحْلُمُ. فِي الْبِدَايَةِ، كَانَ حُلْمًا مُمْتِعًا جِدًّا، أَكْثَرَ الْأَحْلَامِ مُتْعَةً لِأَيِّ ثَعْلَبٍ. كَانَتْ تَحْلُمُ بِعَشَاءٍ مِنَ الدَّجَاجِ؛ كُلِّ الدَّجَاجِ الْمُمْكِنِ أَكْلُهُ. بِالطَّبْعِ اسْتَمْتَعَتِ الْجَدَّةُ بِذَلِكَ الْحُلْمِ. لَقَدْ جَعَلَهَا تَتَمَطَّى وَكَأَنَّهُ حَقِيقَةٌ وَلَيْسَ حُلْمًا كَانَتْ تَحْلُمُهُ.

وَلَكِنِ الْآنَ تَغَيَّرَ الْحُلْمُ وَأَصْبَحَ كَابُوسًا. أَجَلْ، بِالْفِعْلِ، أَصْبَحَ كَابُوسًا. كَانَ فِي غَايَةِ السُّوءِ مِثْلَمَا كَانَ فِي الْبِدَايَةِ فِي غَايَةِ الْمُتْعَةِ. بَدَا لِلْجَدَّةِ أَنَّ كَلْبَ الصَّيْدِ باوزر أَصْبَحَ شَدِيدَ الذَّكَاءِ، أَذْكَى مِنْ أَيِّ وَقْتٍ مَضَى. وَعَلَى الرَّغْمِ مِنْ كُلِّ مَا فَعَلَتْهُ، فَإِنَّهَا لَمْ تَسْتَطِعْ خِدَاعَهُ. لَمْ يَخْدَعْهُ أَيٌّ مِنَ الْخُدَعِ الَّتِي تَعْرِفُهَا، مَعَ أَنَّهَا تَعْرِفُ الْكَثِيرَ. لَمْ تَخْدَعْهُ لِوَقْتٍ يَكْفِي أَنْ تَلْتَقِطَ أَنْفَاسَهَا.

أَخَذَ باوزر يَقْتَرِبُ وَيَقْتَرِبُ وَيَقْتَرِبُ، هَذَا كُلُّهُ فِي الْحُلْمِ، حَتَّى بَدَا وَكَأَنَّ صَوْتَهُ الْعَالِيَ قَدِ اقْتَرَبَ تَمَامًا مِنْهَا. كَانَتْ فِي غَايَةِ التَّعَبِ، حَتَّى إِنَّهُ بَدَا لَهَا أَنَّهَا لَا تَسْتَطِيعُ أَنْ تَخْطُوَ خُطْوَةً أُخْرَى. كَانَ حُلْمًا حَقِيقِيًّا جِدًّا جِدًّا. كَمَا تَعْرِفُونَ، فَقَدْ تَبْدُو الْأَحْلَامُ فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ وَكَأَنَّهَا حَقِيقَةٌ. هَذَا مَا كَانَ عَلَيْهِ حُلْمُ الْجَدَّةِ ثعلبة الْعَجُوزِ. بَدَا لَهَا أَنَّهَا تَشْعُرُ بِأَنْفَاسِ كَلْبِ الصَّيْدِ باوزر، وَأَنَّ فَكَّهُ الْكَبِيرَ قَدْ أَوْشَكَ أَنْ يَنْطَبِقَ عَلَيْهَا وَيَخْنُقَهَا حَتَّى الْمَوْتِ.

صَرَخَتِ الْجَدَّةُ وَهِيَ تَسْتَيْقِظُ: «لَا! لَا!» انْفَتَحَتْ عَيْنَاهَا عَلَى الْفَوْرِ، ثُمَّ زَفَرَتْ بِتَنْهِيدَةِ ارْتِيَاحٍ كَبِيرَةٍ؛ حَيْثُ أَدْرَكَتْ أَنَّ رُعْبَهَا الْعَظِيمَ كَانَ كَابُوسًا فَقَطْ، وَأَنَّهَا مُتَكَوِّرَةٌ عَلَى نَفْسِهَا عَلَى الرَّبْوَةِ الْمُشْمِسَةِ الْقَدِيمَةِ الْمَأْلُوفَةِ الْمَحْبُوبَةِ وَلَا تُحَاوِلُ الْهَرَبَ لِلنَّجَاةِ عَلَى الْإِطْلَاقِ.

ابْتَسَمَتِ الْجَدَّةُ ثعلبة الْعَجُوزُ وَهِيَ تُفَكِّرُ فِي الْخَوْفِ الَّذِي اعْتَرَاهَا. حَسَنًا، هِيَ لَمْ تَعْرِفْ هَلْ كَانَتْ يَقِظَةً أَمْ مَا زَالَتْ تَحْلُمُ. لَا يَا عَزِيزِي، لَمْ تَكُنْ. لِمُدَّةِ دَقِيقَةٍ كَامِلَةٍ لَمْ تَكُنْ مُتَأَكِّدَةً إِنْ كَانَ مَا تَرَاهُ حَقِيقِيًّا أَمْ كَانَ جُزْءًا مِنْ كَابُوسِهَا. لَقَدْ كَانَتْ تُحَدِّقُ بِوَجْهِ ابْنِ الْمُزَارِعِ براون وَفُوَّهَةِ بُنْدُقِيَّتِهِ الرَّهِيبَةِ.

لَمْ تَتَحَرَّكْ لِبِضْعِ ثَوَانٍ. لَمْ تَسْتَطِعْ. لَمْ تَتَحَرَّكْ مِنْ شِدَّةِ رُعْبِهَا. ثُمَّ أَدْرَكَتْ أَنَّ مَا رَأَتْهُ كَانَ حَقِيقِيًّا جِدًّا وَلَيْسَ حُلْمًا عَلَى الْإِطْلَاقِ. لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ أَدْنَى شَكٍّ. كَانَ هَذَا ابْنَ الْمُزَارِعِ براون، وَكَانَتْ هَذِهِ بُنْدُقِيَّتَهُ الرَّهِيبَةَ! وَفِي لَمْحِ الْبَصَرِ أَدْرَكَتْ أَنَّ ابْنَ الْمُزَارِعِ براون كَانَ مُخْتَبِئًا وَرَاءَ أَغْصَانِ الصَّنَوْبَرِ.

مِسْكِينَةٌ الْجَدَّةُ ثعلبة الْعَجُوزُ! لِلْمَرَّةِ الْأُولَى فِي حَيَاتِهَا يَتِمُّ الْإِمْسَاكُ بِهَا غَافِيَةً. لَمْ يَكُنْ لَدَيْهَا أَدْنَى أَمَلٍ فِي الْعَالَمِ. كُلُّ مَا عَلَى ابْنِ الْمُزَارِعِ براون هُوَ أَنْ يُطْلِقَ الرَّصَاصَ مِنْ تِلْكَ الْبُنْدُقِيَّةِ الرَّهِيبَةِ، وَتَكُونُ تِلْكَ نِهَايَتَهَا. كَانَتْ تَعْرِفُ ذَلِكَ.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤