رابعًا: جدوى تطبيق المنهج الظاهرياتي في التأويل١

لما كانت الظاهريات أساسًا حدسًا دينيًّا بيَّن تخبط البحوث الدينية، خاصة في التأويل، الجدوى الفائقة لظاهريات التأويل، وتظهر هذه الجدوى في الأمثلة الثلاثة من إشكال التأويل؛ النقد التاريخي، والتحليل اللغوي، والتحقيق العملي.٢

تظهر جدوى تطبيق المنهج الظاهرياتي في الظاهرة الدينية بوضوح في ظاهريات التأويل؛ فالنص المقدس هو الأساس الواقعي والموضوعي للظاهرة الدينية، ويصبح الطرف الموضوعي للشعور، وتظهر مشكلة الصحة التاريخية للنص المقدس للمرة الأولى بعد ظهوره كموضوع أولي في ظاهريات التأويل، لم تكتشف فلسفة الدين أو ظاهريات الدين هذا الإشكال، وهي الصحة التاريخية للنص المقدس، والتي يمكن حلها أولًا عن طريق النقد التاريخي، وهنا تبدو الجدوى الهائلة لمدرسة «تاريخ الأشكال الأدبية» التي ورثت كل النقد التاريخي منذ نشأته، وأصبح الشعور، الفردي والجماعي، هو موطن كل تحليل نصي وليس العقائد أو الحوادث التاريخية.

وكان للمنهج الظاهرياتي الفضل في أن يستأنف معركة الفلسفة الحديثة ضد اللاهوت العقائدي، يضع الشعور كبداهة أولى، يبدأ بالحاضر وليس بالماضي، من اللحظة وليس من التاريخ، من الأنا وليس من الآخر، الله أو الحادثة.

(١) التمييز بين المستويات

وقد بيَّن تأويل الظاهريات أن المنهج الظاهرياتي منهج يبدأ بتمييزات أساسية، وتتلخص الأزمة الحالية في التأويل في الخلط بين ميدانين متميزين؛ ومن ثَم يبدو المنهج الظاهرياتي فعَّالًا وخصبًا لو استطاعت التمييزات الأساسية التي يقدمها إزالة كل أوجه الخلط التي تملأ التأويل، وتكون التمييزات أكثر خصوبة في إشكال عنه في إشكال آخر مثل التمييز بين المفارقة والحلول، بين الواقعة والماهية.

والتمييز بين المقارنة والحلول من بين التمييزات الأساسية في المنهج الظاهرياتي،٣ يمكنه تصحيح كل المواقف التي تم اتخاذها من قبل في التأويل مثلًا من النقد التاريخي عندما يُعتبر النص المقدس كموضوع مفارق، يوجد موضوعيًّا في العالم الخارجي، تحوله الظاهريات إلى موضوعٍ حالٍّ في شعور النبي ومنقول من راوٍ إلى آخر، كما اعتبر الأشخاص والحوادث والمؤسسات أيضًا موضوعات مادية موجودة في العالم الخارجي، وتعتبر الظاهريات الشخص كطرف للشعور في تجربة مشتركة. الحادثة واقعة «ترد» من أجل اقتناص دلالتها؛ ومن ثَم يستطيع هذا التمييز بين المفارقة والحلول أن يساعد على تقدم النقد التاريخي ونقله من ميدان المفارقة إلى ميدان الحلول.

ونفس التمييز خصب للغاية في التحليل اللغوي؛ إذ يتكون منطق اللغة، كما تمت الإشارة من قبل، من منطق القضايا ومنطق الاتساق (الاستنباط) ومنطق الحقيقة (الاستقراء) طبقًا للمعاني الثلاثة للفظ «لوجوس»؛ الكلام، والتفكير، والشيء المفكَّر فيه. والشيء المفكَّر فيه ليس واقعة أو حادثة خارجية، بل معطًى حي في الشعور؛ ومن ثَم لا يصبح النص موضوع التحليل موضوعًا مفارقًا، بل موضوعًا حالًّا في الشعور.

وفي التحقيق العملي، يصحح التمييز بين المفارقة والحلول عدة مواقف؛ فالإحسان ليس موضوعًا خارجيًّا للأخذ أو العطاء، بل هو قصد خالص. لا يظهر كموضوع مفارق بل كفعل حالٍّ في الشعور. ومفارقة الله ليست لحظة التعالي الإلهي، مفارقة الله تستطيع أن تجعله تاريخيًّا وموجودًا خارجيًّا. الله المفارق إعلانٌ ضمني عن مادية العالم والخارجية الإلهية. العالم أو التاريخ موجود باستمرار في مواجهة الله، ومع ذلك منفصِل عنه، وهناك دائمًا الشخص الإنساني تحت مِظلة الله، ومنفصل عنه. مفارقة الله ليست قمة الإعلان عن الإيمان والتدين؛ لذلك لم يستطِع اللاهوت في إطار ظاهريات الدين التخلص من المفارقة، وتمَّت التضحية بالحلول الذي تقدمه الظاهريات.٤

والتمييز بين الواقعة والماهية يضع نهاية لهذه الحالة القائمة التي يوجد فيها التأويل، خاصةً التأويل التاريخي؛ فالواقعة التاريخية والشخص والحادثة والمؤسسة ليس لها وجود مادي في التاريخ، ولكنها معيشة في الحاضر، وتستحضرها الذاكرة. الواقعة التاريخية ليس لها وجود بذاته ولكن بدلالتها؛ فالتجسد كحادثة ليس عرضًا تاريخيًّا في زمن ومكان، الحقيقة ذاتها لا تنكشف إلا ابتداءً من تجربة عيانية، ليس البحث حادثة تاريخية بل حضور الخلود في الزمان، في الشخص الإنساني في حياته المركزة على فعل بطولي أثناء تحقيق رسالته الخاصة. الشخص، شخص النبي أو العالم، ليس له وجود فعلي تاريخي، بل يعني فقط ظهور الحقيقة في الذاتية. الشخص نفسه، بلحمه وعظمه، ليس له وجود مادي بل مجرد مكان انكشاف للحقيقة. والمؤسسة، أي الكنيسة، ليست تنظيمًا ماديًّا على الأرض، بل هو استمرار تجلِّي النص من خلال التجربة المشتركة، تجعل النص دائمًا حاضرًا ومتجددًا باستمرار؛ ومن ثَم «يرد» التاريخ كعلم وقائع، دلالته فقط هي التي تؤسس علم الماهية، وللحادثة المتميزة في التاريخ دورها كواقعة دالة حاملة للماهية.

والتمييز بين الواقعية والماهية يساعد على تجنب كثير من سوء الفهم الذي يوجد الآن في الفهم ابتداءً من التحليل اللغوي للنص المقدس، مثلًا كل النصوص التي تتضمن «أبي» على لسان المبلغ، وهو النبي، لا تشير إلى أن النبي هو بالفعل ابن أبيه، بل تدل على ماهية الأبوة والبنوة. الأبوة هنا نوع من التقريب للفهم، لا يشير إذَن منطق النص إلى واقعة مادية محدَّدة، بل فقط إلى الماهية تحملها واقعة أو حادثة عيانية وفريدة دالة من أجل تقريب الفهم. الواقعة الأولى أصل أو نموذج تحمل الدلالة وتمتد كل مرة تتكرر فيها الحادثة، ليس المقصود إذَن هو الحادثة المادية، وهي مجرد حامل الماهية، بل دلالة الماهية. تستطيع فكرة «الحامل» أن توضح عديدًا من أوجه الخلط في فهم النص المقدس الناتج عن إثبات وجود مادي للوقائع والحوادث. والتمييز بين الواقع والماهية مفيد أيضًا في التحقيق العملي للنص المقدس؛ فالعمل ليس مجرد واقعة للبدن الذي يتحرك، مجرد تحريك للعضو، بل هو عمل حقيقي في العالم، نتيجة نشاط الشخص الخلَّاق. كما ترجع النظرة الخارجية للشعائر الآن إلى النظر إلى العمل كواقعة وليس كماهية. ماهية العمل في ازدهار الذات في العالم الخارجي، تتحقق من خلاله كنشاط خلَّاق في العالم، تُوسع ماهية العمل ميدان السلوك، ليس فقط على إيماءات الشعائر، بل أيضًا على أفعال الإنسان في الحياة اليومية، ليس فقط على أفعال هذا الدين أو ذاك، بل على الأفعال الإنسانية من حيث هي كذلك، دون أي اعتبار لانتماءاتها العقائدية، وبتجنب التمييز بين الواقعة والماهية أي تمييز آخر بين المقدس والدنيوي في الأفعال، وبين القساوسة والعلمانيين في الأشخاص.

يبدأ المنهج الظاهرياتي بتمييزات رئيسية ليوضِّح الخلط الحالي في التأويل، مثلًا مشكلة التراث الحي والحرف الميت، والتي هي على مستوى التاريخ من حيث المبدأ امتدادٌ لمشكلة الرواية على مستوى شعور الراوي، والخلط الحالي بين الرواية والتقرير وبين المشاهد والراوي خلطٌ كبير. الرواية الحالية خليط من الكلام والحادثة، بين شخص النبي وأشخاص آخرين من المحيط، بين الواقع والخيال، بين الطبيعي وما يفوق الطبيعة، بين الكلام المباشر للنبي والوصف الخاص للشاهد.

وبتمييز الظاهريات بين الشعور المحايد والشعور الواضع، وبتحليل تغير الحياد، يمكن أن يلقي كثيرًا من الضوء على الخلط الحالي في الرواية. الراوي شعور محايد وليس شعورًا واضعًا. هو مجرد راوٍ ينقل كلام النبي من جيل إلى آخر، دون إضافة شيء من عنده. الكلام المباشر يكوِّن كل الرواية، مع استبعاد الكلام غير المباشر من وصف الشاهد، ليس الراوي شاهدًا. الأول شعور محايد، والثاني شعور واضع. الأول ينقل الرواية والثاني يرويها، ويمكن استخدام المعطى الحي عند الأخير في التفسير وليس في النقل، ليس الراوي مفسرًا في حين أن الشاهد يفسر، يستعمل الراوي فقط السمع في حين يستعمل الشاهد الرؤية أكثر من السمع، يرتبط السمع بالزمان، في حين ترتبط الرؤية بالمكان.

وترتبط مشكلة الكتاب والتراث بمشكلة التاريخانية والتاريخ. الكتاب هو التاريخانية لأنه مرتبط بالوجود الإنساني وحده، وجود النبي. والتراث هو التاريخ لأنه مجموع الأعمال التي أنتجتها الحوادث والمؤسسات والأشخاص.٥ الخلط الحالي بين الكتاب والتراث هو أن الكتاب خرج من التراث، والتراث يضيف جديدًا إلى الكتاب، وليس للكتاب معنًى دون التراث … إلخ. ويمكن للظاهريات توضيح كل ذلك عن طريق فكرة نواة المعنى، الكتاب هو نواة معنى التراث.

(٢) البنية والتاريخ

وإذا كان التمييزان الأوليان بين المفارقة والحلول، وبين الواقعة والماهية، مفيدين للغاية للإشكال الأول في التأويل وهو النقد التاريخي، فإن التمييز بين صورة الشعور ومضمونه يفيد أيضًا في إشكال الفهم؛ فبعد «رد» التاريخ وتكوينه كتاريخية، وبعد تحويل المفارقة إلى حلول، وبعد إخراج الواقعة خارج دائرة الانتباه من أجل اقتناص ماهيتها، فإن الطريق يكون مفتوحًا من أجل اعتبار الموضوع التاريخي النصي أو العملي كمضمون للشعور. النص المقدس موضوع حي في الشعور، والشعور كعقل متأمل في مضمونه هو صورته؛ ومن ثَم فإن المشكلة الممزقة للتأويل العقائدي بين الإيمان والعقل تجد حلًّا لها في مضمون الشعور وصورته كواجهتين للشعور؛ فتعارض أحدهما مع الآخر أو أولوية أحدهما على الآخر أو توحيد أحدهما مع الآخر، كل ذلك يتحول إلى تكامل أحدهما مع الآخر بفضل مساهمة الظاهريات فيما يتعلق ببناء الشعور الذاتي الموضوعي، الصوري والمادي. فقد فتحت الطريق إلى وحدة الشعور بعيدًا عن تمزقه بين عنصرين متعارضين، وكل مشاكل البدن والنفس، الأبدي والزماني، الروحي والمادي … إلخ، هما فصل في وحدة واحدة. والتمييز بين أنماط الاعتقاد وأنماط الوجود يمكن أن تحل الأزمة الحالية في كل العلوم الدينية خاصةً اللاهوت؛ فالإيمان ليس إثباتًا أو نفيًا لوقائع خارجية أو أنساق عقلية، بل هو نمط لليقين، وليس الاعتقاد أيضًا بالوقائع الخارجية، حوادث ومؤسسات وأشخاص أو أبنية عقلية، بل نمط وجود في الشعور. وتُصطدم ظاهريات الدين أيضًا بتصنيف الحلول المختلفة الممكنة في أي فلسفة للدين، وتبني حلًّا أخيرًا.٦ يكفي اللجوء إلى البناء الذاتي الموضوعي للشعور من أجل إثبات وحدة الدين، وهو مضمون الشعور مع الميتافيزيقا، وهي صورته.
وتطبيقًا لقاعدتَي المنهج الظاهرياتي، «يرد» التاريخ المادي للحوادث والمؤسسات والأشخاص من أجل تكوين دلالاتها أو ماهياتها كتاريخية حية، ويصبح الماضي التاريخي استحضارًا بالذاكرة، ويحلل التاريخ بعد رده ليس فقط كتاريخانية ذاتية، بل كتاريخية مشتركة بين الذوات بتحليل البواعث. ولم يكن تدمير الموضوع المادي عن طريق «الرد» في الواقع إلا مقدمة لتدمير العالم. في التأويل الحالي، العالم مخلوق من خالق «خارج العالم». وفي الظاهريات، العالم أيضًا مخلوق ولكن في الوعي الفردي. أصل العالم في الشعور في لحظة الوعي به؛ فالوجود ليس موضوع إثبات أو نفي عقلي، بل يتكون تدريجيًّا كواقع حي، لا يوجد مرة واحدة وإلى الأبد، بل يتواجد باستمرار كمشروع وجود، يوجد ثم يوجد من جديد، ويولد ثم يولد من جديد، وتعطي الظاهريات الحركية فرصةً كبيرة لانفتاح الوحي على النشاط الإنساني، وبعد تدمير الموضوع لا يكون «الله» موضوعًا أو شخصًا أو حادثةً تاريخيةً، وجوده ليس واقعيًّا بل ممكن، تمتد جذوره في مضمون الشعور، ولا يكون الله أيضًا «تصورًا» يتضمن وجودًا ضروريًّا كما هو الحال في الدليل الأنطولوجي؛ فالتصور صورة الشعور، ولا يمكن رد الوجود إلى الفكر كما هو الحال في نقد الدليل الأنطولوجي، «الله» إذَن مشروع وجود، حالٌّ في الشعور، ويتحقق هذا المشروع بتحويل معطى الوحي، وهو كلام الله، كبناء مثالي للعالم. الله كلامه، وهو المستوى المثالي، ثم يصبح العالم، وهو المستوى الواقعي.٧

(٣) تحليل اللغة وفك الرموز

والتحليل اللغوي هو الضامن الوحيد لفهم دقيق لمضمون النص، وليست سلطة خارجية عن النص تفرض تفسيرًا معينًا، بل مضمون النص وفهمه كما هو عليه ابتداءً من المبادئ اللغوية، ويكون لهذه المبادئ دوران؛ الأول هدم اللاهوت العقائدي من الأساس عن طريق إعادة تأويل النص بطريقة محكَمة ودقيقة؛ مما يهدم من الأساس اللاهوت العقائدي. والثاني إعادة بناء معنى النص كما هو دون إضافة أي شيء من الخارج أو حتى محاجة عقلية. مثلًا النصوص الخاصة بالأب والابن والروح القدس؛ تطبق أولًا مبادئ الاشتباه، خاصةً اللفظ المزدوج الحقيقة والمجاز، من أجل تدمير الحادثة الفعلية المنسوبة إلى النص، وثانيًا فهم الأب والابن والروح القدس بالمعنى المجازي المستعمل في الحياة اليومية.٨
وبالإضافة إلى المبادئ اللغوية هناك أيضًا فك الرموز. الظاهريات تيار يقوم على فك الرموز من أجل الذهاب إلى ما وراء الرمز،٩ والواقع أن النص المقدس يتضمن رموزًا كثيرة وليس أساطير. الأسطورة رمز خيالي في حين أن الرمز واقع مركز. ظاهريات التأويل إذَن جهد لفك رموز النص، وهو ما تم القيام به ببراعة في تفكيك الأساطير، الظاهريات تخرق الحقيقة ذاتها من خلال الرموز، وتعطي التأويل فرصة ليرمز عن نفسه من أجل إيجاد الأشياء ذاتها المستترة وراءها. يُستخدم دائمًا فك الرموز، وهي غاية الظاهريات، بعد أن أصبح فك الأساطير في ظاهريات التأويل من أجل إعادة بناء الأشياء. مثلًا، اليوم الآخر رمز يدل على بعد المستقبل في الوعي الداخلي بالزمان.
ويمكن إعادة بناء المعنى الذي فُهم من قبلُ أنه حادثة فعلية كالتثليث عن طريق فك رموز النص وفهم دلالته في ضرورة التوسط.١٠ لا يتحول الروح إلى طبيعة إلا عن طريق وسيط ثالث، تتحقق وحدتهما أولًا عن طريق الازدواجية ثم عن طريق التوحيد، ويصبح الكلام، وهو المعطى الديني، واقعًا؛ أي العالم بتوسط الشخص، وهو المسيح، وماهية الشخص التضحية؛ أي العمل.١١ وبعد فهم دلالة النص يصبح التأويل الوجودي للواقعة الإنسانية ضروريًّا لإعطاء الأساس الفعلي إلى الدلالة الأولى. يعني التثليث الوجود في العالم؛ الأنا، وعالم الآخرين أي البيئة، وعالم الأشياء أو الوسط.١٢

(٤) التحليل الوجودي للواقعة الإنسانية

يتم تفسير العقائد بإرجاعها إلى مصدرها في الوجود الإنساني، فمثلًا في التثليث هناك الأب والابن والروح القدس.

figure

وبأخذ دلالة النص مع التحليل الوجودي للواقعة الإنسانية يلاحظ أن التثليث علاقة رأسية، في حين أن التحليل الوجودي للواقعة الإنسانية علاقة دائرية. الابن الذي يمثل الشخص خارجية محضة وليس مركز الدائرة، وعالم الآخرين وعالم الأشياء غائبان تمامًا، ويضاف الأب والروح القدس إلى الابن، وهو المقولة الإنسانية الوحيدة، ويصبح التحليل الوجودي للواقعة الإنسانية أساس أي تفسير لدلالة النص، وفي ظاهريات التثليث يصبح الابن الشخص النموذجي ليتكرر مثل الآخرين، هو مركز العالم، والآخر محيطه الإنساني، والشيء بيئته الطبيعية التي تكوِّن عالمه. الآخر الطرف المتضايف مع الأنا كوجود في العالم.

ولا تُستخدم نظرية البداهة فقط في فهم النص المقدس بالإدراك المباشر لمعناه، ولكنها هي الضامن لاختفاء ما يُسمى بالسر المفترض دائمًا في صلب التأويل، فقد افتُرض السر كمفهوم عقلي بين الأسطورة والتناقض، ومع ذلك تقدم الظاهريات إمكانية إنارتها بمنهج الإيضاح، فإذا وُجد السر في الفهم فإنه لا يوجد في نظرية البداهة، واستحالة رد الوجود الإنساني إلى المبادئ الرياضية والمنطقية ليس سرًّا؛ لأن المعرفة عاجزة على الفهم، وإذا وُجد التناقض في ماهية الوجود الإنساني فهو أمر بديهي، ولا يمكن اتخاذه ذريعة على وجود سر مزعوم لا يكون إلا تبريرًا مرة أخرى إلا للاهوت الرسمي.١٣ تبدأ الظاهريات بالبداهة الأولى للشيء في الشعور، وبداهة الشيء نوع من البراءة الأصلية للشعور. وبالرغم من أن بداهة الشيء والبراءة الأصلية للشعور مقولات معرفية خالصة، فإن لهما دلالات أخلاقية عميقة، يوجد تشابه في الموجودات على مستويات متعددة في كل مكان؛ ومن ثَم تُرفض الخطيئة الأولى كبنية قبلية للشعور باسم البراءة الأصلية للشعور، ومن ثَم يُترك جانبًا كل افتراض مسبق لبنية الشعور في اللاهوت العقائدي لصالح شعور على البراءة الأصلية.
وتستطيع أن تقدم نظرية الحدس، لُب المنهج الظاهرياتي، خدمة كبيرة للأزمة الحالية للتأويل، خاصة التأويل الدوجماطيقي. ويفتح التنظير الحاد والمذهبية الدائمة لحقائق الوحي التي اعتبرت أشياء الطريق إلى السجال ووجهات النظر والخلافيات، والعقل قادر على ذلك، هذه اللفافة العقلية تحيط الأشياء ذاتها بالغموض إلى درجة أنها تحيط نفسها به، وهي تدور حول ذاتها، ناقلة المسألة من ميدانها الأول. يستطيع المنهج الحدسي أن يدرك الموضوع إدراكًا مباشرًا دون أي لفائف عقلية، ويمكن فهم معنى النص حدسيًّا بإرجاعه إلى خبرة حية في الحياة اليومية تنيرها، ولا تتجنب نظرية الحدس فقط كل عقلانية عقائدية، ولكنها تضع منهجًا لتفسير النص المقدس، ولا يبرر تطبيق المبدأ الحدسي في فلسفة الدين اللاهوت مرة ثانية في إطار فلسفة ظاهراتية، بل تدمره من أساسه. الحدس اتصال مباشر بشيء، واقتناص مباغت لماهيته واتحاد بالوجود، في حين أن اللاهوت مناقض لذلك تمامًا؛ فتطور الشيء بمحصلة عقلية لفائف عقلية حول الشيء، مذهبية وحجاجية. يستطيع المبدأ الحدسي أن يخلص فلسفة الدين، مرةً واحدة وإلى الأبد، من كل شيء، وهو اللاهوت.١٤
وقد أظهر تأويل الظاهريات في التكوين أن الواقعة البديهية الأولى، كما هو الحال في بدايات العصور الحديثة، هي الشعور؛ فالشعور مركز إشعاع في العالم المحيط بعالم الآخرين، المحيط، وبعالم الأشياء، البيئة؛ ومن ثَم ينقلب اللاهوت، حجر العثرة في التأويل باعتباره «علم الله» بفضل الظاهريات، إلى «علم الإنسان».١٥ ويصبح الوعي الفردي نقطة بداية لكل علم فلسفي، وميدان استقصاء لكل الوقائع الإنسانية. وإن لم تنشأ الظاهريات لأجل سد حاجات اللاهوت، فإنه لا يمكن استعمالها أيضًا من أجل تبرير اللاهوت القائم. الظاهريات، وكما يؤكد ذلك تأويلها، حدس ديني صحيح، وكذلك كل الفلسفة الأوروبية، ولا يعني أنها لم تعالج مشاكل فلسفة الدين إلا في الأعمال المتأخرة أنها لم تكن بطريقة ضمنية حدسًا دينيًّا.١٦ ولا يمكن حل مشاكل اللاهوت في إطار الفلسفة الظاهراتية، علاقة اللاهوت بالظاهريات علاقة تعارض وليست علاقة تماثل، علاقة تبرير وليست علاقة حل وسط.١٧ إذا وُجد الأول غاب الثاني؛ لذلك يستحيل وجود لاهوت في إطار ظاهريات الدين، ولا يوجد إلا حلَّان؛ إما أن يظل اللاهوت كما هو عليه، شيئيًّا وتاريخيًّا، والظاهريات ما هي إلا طريقة أخرى في التبرير.١٨ وإما أن تقضي الظاهريات كليةً على اللاهوت، وهو حل يقيني ثابت لا يتزعزع، لا يمكن الشك فيه. والقضاء على اللاهوت لا يتعلق فقط بتدمير موضوعاته التاريخية والعقائدية، ولكنه يتعلق أيضًا بتطهير اللغة. ولا يعطي اللاهوت في إطار ظاهريات الدين فقط تبريرًا مرة أخرى للاهوت القائم، بل يستمر في استعمال مصطلحات اللاهوت مما لا يساعد على الطرق السلبية في التعبير في اللاهوت.١٩

(٥) الوحي كعلم محكم

وبالإضافة إلى هذه التمييزات الأساسية والعودة إلى الإشكالات الثلاثة في التأويل، يبحث الشعور التاريخي في الظاهريات النشوئية المعطى الأصلي ابتداءً من المصدر الأولي. وبالرغم من أن لنصوص الإنجيل من حيث المبدأ وحدة المصدر في أقوال يسوع، إلا أنها في الواقع تنتمي إلى مصادر عدة؛ هناك المصدر اليهودي عند يعقوب، والمصدر اليهودي المسيحي عند بولص … إلخ. البحث عن المصدر الأول يستطيع حل المشاكل الخاصة بالصحة التاريخية للنص. المصدر الأول وحده، أقوال يسوع، هو المصدر الشرعي في حين أن المصادر الأخرى، اليهودية واليونانية والشرقية، مصادر تاريخية صِرفة. تساعد الظاهريات النشوئية بمقولاتها عن الانتشار والانحسار، والتواصل والانقطاع، والسنة والانحراف … إلخ. وعلى اقتناص النواة الأولى لمعطى الوحي مع التخلص من كل التغيرات والانحرافات التي لحقت به على مدى التاريخ. مثلًا في الحالة الراهنة لدراسات الكتاب المقدس كان الإصرار على التواصل بين التوراة والإنجيل أكثر من الانقطاع، ونتيجةً لذلك سيطر العهد القديم على العهد الجديد.٢٠ وكان الهدف من إقامة ظاهريات حركية موضوعها التطور بجوار الظاهريات السكونية وموضوعها البنية هو إصلاح التأويل الحالي الذي يتعامل فقط مع المشاكل التاريخية واللغوية دون الإشكال العملي، وتستطيع الظاهريات الحركية تحويل التأويل من الوجود إلى الصيرورة.٢١ غاية الظاهريات تأسيس التأويل كعلم محكم بعيدًا عن النزعتين؛ التاريخية والعقائدية، وتستطيع الظاهريات النشوئية أن تعيد بناء الموضوع بالبحث عن نواة معناه.٢٢
وفي الشعور النظري، يتحول الوحي إلى علم دقيق. وفي تأويل الظاهريات كل علم إنساني، بفضل الظاهريات، يتحول إلى علم محكم. والوحي علم إنساني كمادة للبحث، ويستطيع أن يصبح بطبيعته ذاتها بمساعدة المنهج الظاهرياتي علمًا محكمًا. الوحي كلام، والكلام لغة، واللغة محفوظة في النص؛ ومن ثَم يظهر الوحي في صورة نص، خاصةً بعد الانتقال من التراث الشفاهي إلى التراث المدون، وإذا كان التأويل منطق النص، والنص هو الوحي المدون، يصبح التأويل منطق الوحي. غرض «ظاهريات التأويل» تحويل الوحي إلى علم محكم. والواقع أن المأساة الحالية التي يوجد فيها الوحي مأساة كبيرة تتمثل في الخلط بين الوحي والنبوة، والوحي والإلهام. الوحي كلام الله على لسان الرسول، في حين أن الإلهام هو الكلام الشخصي للصحابي أو التابعي. وإذا أرادت الظاهريات تحويل كل علم إنساني إلى علم محكم، فإن «ظاهريات التأويل» بالتالي تريد تحويل الوحي إلى علم محكم، وتطبيق مبدأ البداية الجذرية ينفي فلسفة الدين باعتبارها المشكلة الأولى في «ظاهريات التأويل»، ويقتضي فهم النص تفسيره، ويفترض تفسيره منطقًا لغويًّا مسبقًا؛ ومن ثَم فإن كل جهد لصياغة ظاهريات الدين ابتداءً من فلسفة الدين، خاصة ابتداءً من الظاهريات الدينية القائمة، هو تجاهل لمبدأ البداية الجذرية.٢٣

وقد وصلت ظاهريات التأويل إلى نتيجةٍ مؤداها أن الظاهريات أساسًا منهج وليست نظرية. والوحي في الدراسات الحالية مطمورٌ تحت ثِقل العلوم العقائدية التي تغلفه في أنساق في التاريخ بإثبات حوادث ونفي أخرى، وفي العقل بقبول مخططات ورفض أخرى. وبفضل المنهج الظاهرياتي يعود الوحي إلى طبيعته الأصلية كطريقة للحياة وللوجود. ويقضي على الدوجماطيقية التي تكبِّل الوحي كي يصبح منهجية وجودية للحياة الفردية والاجتماعية، يتكون دائمًا تدريجيًّا ومنهجيًّا أكثر من تبنِّيه مسبقًا ثم تحويله إلى عقيدة بعد ذلك. يتكون أكبر مما يُبرر؛ فالواقع أنه عندما يقع الوحي في الدوجماطيقية والنزعة التاريخية يكون مقترضًا دائمًا على نحو مسبق في صورة موضوعات عقائدية وتاريخية، ويقوم العقل بدور التبرير هذا، والذي يتفق معه تمامًا لأن العقل يحسن ذلك. وضد هذه المواقف يحول المنهج الظاهرياتي، ببدايته الجذرية، الوحي إلى حركة تبدأ من جديد دائمًا ابتداءً من بداهات أولية من أجل الوصول إلى الأصل؛ وبذلك يتجنب الوحي أي بناء عقائدي أو تاريخي دون بحث مسبق لأسسه.

يخرج الوحي عن إطار الدين التاريخي أو اللاهوت العقائدي، الوحي كلام الله المستقل عن التاريخ. وقد قام بهذا الدور من قبلُ «رد» التاريخ و«تكوين» التاريخانية، وتطبيق التمييزات بين المفارقة والحلول، بين الواقعة والماهية، يستطيع الوحي كحقيقة إنسانية تتحول إلى نظام مثالي للعالم أن يقضي على اللاهوت العقائدي الذي يضع عقائد شيئية يتم إثباتها أو نفيها عقليًّا، ويتم تكوين الوحي بعيدًا عن النزعتين؛ الصورية المجردة والمادة التاريخية.

ويجد تأويل الظاهريات في المجموعة المنطقية منهج انتقال من الصوري إلى المادي إلى الترنسندنتالي، ويستطيع هذا المنهج أن يقضي على الاضطراب الذي يوجد الآن في الوحي الموزع بين الصورية اللاهوتية والعقائدية التاريخية. وبتطبيق مبدأ العود إلى الأشياء ذاتها، يستطيع التأويل أن يخرج من أزمته الراهنة بصدد المعركة الزائفة التي يقودها اللاهوت؛ إذ يتجه التفسير الحالي للنص المقدس كلية إلى الحفاظ على العقائدية التاريخية أو التاريخية العقائدية، وترك الأشياء ذاتها في العالم الذي يكتشف النص عن حقيقته.

تستطيع الظاهريات أن تحل الأزمة الحالية للتأويل عن طريق تطهير اللغة؛ فالواقع أن كل البحوث الدينية تعبر عن نفسها بلغة غير ملائمة ومستعارة من التاريخ أو العقائد، ويأتي لفظ «الله» في الصدارة في هذه اللغة السلبية، ويمكن استعمال هذا اللفظ بأكثر من طريقة للتعبير عن مفاهيم مختلفة بل ومتعارضة، وتستطيع لغة الظاهريات بعد تبسيطها أن تحسن التعبير، وبطريقة أكثر إحكامًا، عن مادة التأويل، مع أقل قدر من خطر الوقوع في التناقض. لغة الظاهريات هي التي ورثت لغة الفلسفة الأوروبية كلها خاصةً لغة العصور الحديثة، وكانت الظاهريات تقوم بدور التطهير للغة القديمة؛ فألفاظ الشعور، الزمان، العمل، العالم، الآخر … إلخ؛ ألفاظٌ أكثر انفتاحًا وأكثر إنسانية وأكثر تحولًا من ألفاظ «الله» و«الدين» و«المسيحية».٢٤
وفيما يتعلق بالشعور العملي يُعلن عديد من المخططات في التأويل الراهن عن حقائق منقولة من مستوياتها الخاصة، مثلًا توجد الأخرويات كدراسة لمجموع الوقائع القادمة: الموت، البعث، اليوم الآخر … إلخ في وضع عقائدي بسبب غياب أي إنارة إنسانية. تقدم الظاهريات للاهوت توجهًا رئيسيًّا نحو الخبرة الذاتية والخبرة المشتركة؛ ومن ثَم يمكن إنارة الأخرويات بالغائيات، ولا يستطيع اللاهوت في إطار ظاهريات الدين استعمال الغائيات كبرهان على وجود الله كما تم استخدام اكتشافات فلسفية أخرى، ويشير لاهوت العالم إلى الغائية في الطبيعة كميل نحو الكمال. ويشير المشروع والعمل والتحقيق إلى الغائية في الوجود الإنساني دون أن تكون على الإطلاق قفزة عقلية نحو المفارقة أيًّا كانت. الغائية هي البنية الداخلية للوجود الإنساني الذي تكمن ماهيته في رسالته.٢٥
١  Ex. Phéno., pp. 592–607. الطرف الموضوعي Corrélat Noêmatique.
٢  ويتم تحليل هذه الإشكالات على نحو مستفيض في العمل الثاني «ظاهريات التأويل».
٣  وتقوم فكرة الظاهريات كلها على أساس هذا التمييز، Idee der Phänomenologie.
٤  Hering: op. cit., p. 100. القضايا Apophantique.
٥  الإصلاح حادثة، والكنيسة مؤسسة، وآباء الكنيسة أشخاص. التاريخانية Historicité.
٦  يصنف ماكس شيلر الحلول إلى أربعة: (أ) التوماوية. (ب) الغنوصية. (ﺟ) السلفية Traditionalisme (د) اللاأدرية Agnosticisme. ويختار نسق التطابق Conformité ؛ أي وحدة القصد بين الدين والميتافيزيقا Hering: op. cit., p. 91.
٧  تمَّت صياغة الظاهريات الحركية من أجل إشكال التحقيق العملي، وهو الإشكال الثالث في التأويل. خارج العالم Ex Machina.
٨  أستطيع أن أقول للقسيس «أبي» كما يستطيع هو أن يناديني «ابني» دون أن يعني ذلك حادثة فعلية لأبوة أو بنوة.
٩  فك الرموز Désymbolisation هو قراءتها Déchiffrement عند ياسبرز، وتأويل الأساطير Démythisation عند بولتمان R. Bultmann. اليوم الآخر Le Jugement Dernier.
١٠  الجدل عند هيجل نقل للتثليث على المستوى الفلسفي، انظر الباب الثاني، الفصل الأول: فهم الظاهريات.
١١  يمكن أن يتحول موت المسيح إلى فعل نشط وليس مجرد تضحية عن طريق اللاعنف، وقد تكون سلبية الفعل أكثر دلالة، ولكن أقل واقعية.
١٢  الوجود في العالم In-der-Welt-Sein، Heidegger: Sein und Zeit, pp. 113–30.
١٣  وبهذا المعنى وجود الألغاز في المعرفة الدينية عند ريناخ A. Reinach تؤخذ كبديهية وليس كتبرير للعقائد القائمة Hering: op. cit., p. 71 . التناقض Paradoxe.
١٤  هذا الشر بدأه بولص ثم يوحنا ثم آباء الكنيسة. اللفافة Embrouillage.
١٥  كانت فلسفة العصور الحديثة على أعتاب هذا العلم بعد اكتشاف الإنسان.
١٦  J. Hering: op. cit., p. 87.
١٧  Ibid., p. 92.
١٨  هذه خاتمة هيرنج Hernig: op. cit., p. 100.
١٩  Ibid., p. 99.
٢٠  بولص هو المسئول عن هذا الإسقاط من العهد القديم على العهد الجديد بسبب ثقافته الربانية وأغراضه الدفاعية وبواعثه لغرض نفسه كحواري؛ لأنه لم يكن معاصرًا للمسيح مثل بطرس. انظر الجزء الثاني ظاهريات التأويل، الباب الأول: الوعي التاريخي. الانتشار Croissance، الانحسار أو الضمور Décroissance، السنة Réctitude، الانحراف Déviation.
٢١  بالرغم من أن كيركجارد ليس ظاهراتيًّا بالمعنى الحرفي التاريخي؛ لأنه سابق على هوسرل بقرن من الزمان، إلا أنه شعر من قبل بهذا القلب، والظاهريات قديمةٌ قِدم التاريخ منذ سقراط «اعرف نفسك بنفسك»، وأوغسطين «في داخلك أيها الإنسان تكمن الحقيقة»، وفي القرآن وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ * وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ.
٢٢  الدراسة النشوئية ليونجمان J. A. Jungmann «القداس الاحتفالي» Missarum Sollomnia، تفسير نشوئية للقداس الروماني يمكن إيضاحه بواسطة الظاهريات بالبحث عن نواة المعنى في أصل القداس، وهو العشاء الرباني.
٢٣  ويتناول هيرنج Hering ظاهريات الدين ابتداءً من الظاهريات عند ماكس شيلر M. Scheler، Hering: op. cit., pp. 88–92.
٢٤  الاضطراب Désaroi.
٢٥  Hering: op. cit., p. 101.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤