مجد العرب

كفاكَ يا طيرُ شَدْوًا، هجتَ بي طَرَبًا
أما تَرانِي حزينَ القلبِ مُكْتَئِبَا
لو كنتَ مِثْلِي مَقْصُوصَ الجناحِ لما
شدوتَ، بل كنتَ تَلْقَى الويلَ والحَرَبا
فَطِرْ كما شئتَ من غُصنٍ إلى غُصُنٍ
حُرًّا ودَعْنِي أسيرًا أشْتكي النُّوَبا
لمْ يعْدِلِ الدهرُ قِسْمَينَا فَطَوَّقني
من الحديدِ وحلَّى جيدَه ذَهَبا
هبْ لي جناحَيكَ مأجورًا أَطِرْ بِهِما
ينَفِّسِ الجوُّ عني هذه الكُرَبا
أَعْرِهُما لي، أَطِرْ في الجوِّ مرتفعًا
حتى أعانقَ في أبراجِها الشُّهُبَا
نفسي تتوقُ إلى العلياءِ إذْ عَلِمَتْ
أَني امْرُؤٌ وَرِثَتْ أخلاقُه العَرَبا
إني لَأعجبُ مِمَّنْ يستَخفُّ بنا
أَنْ لا يرَى خُطَّةَ استخفافِه عَجَبَا
سَلُوا القرونَ الخَوالي عن مفاخِرِنا
سلُوا الرِّماحَ سلُوا الهِنْدِيةَ القُضُبا
سَلُوا الزمانَ الذي كانت تَتِيهُ بِنا
فيه المعالي، وكنا السادةَ النُّجُبا
وكان فارسُنا إنْ جالَ جولته
في نُصرةِ الحقِّ رَدَّ الجَحْفَلَ اللَّجِبَا
إنْ صاحَ طبَّقتِ الآفاقَ صيحتُه
واهتَزَّتِ الأرضُ والأفلاكُ إنْ ضَربا
كتائبٌ تَتَرَامى في حَمِيّتِها
إلى الرَّدَى لا تَرَى جُبْنًا ولا هَرَبَا
من كلِّ لاحقِ رُوحٍ راحَ يطْلُبها
بِسيفِهِ غيرَ مَلحوقٍ إذا طُلبا
كالسيفِ مُنْصَلِتًا والليثِ مُفْتَرِسًا
وَالسيلِ مُنْحَدِرًا والبحرِ مُضْطَرِبَا

•••

فجاءَنا زمَنٌ صِرْنا به خَدَما
لِغيرِنا، وغَدَتْ أرواحُنا سَلَبا
وأصبح الشرقُ لا تحلو موارِدُه
لأهلِه، ويراها غيرُنا ضَرَبا
لو أن لِلشرقِ رُوحًا أوْ لَه كَبِدا
تَرِقُّ بثَّ أسى شكواهُ وانْتَحَبا

•••

يا ليتَ شِعري، والأغلالُ في عُنُقِي
والنَّحسُ يتْبَعُ حظي أَينما انْقَلَبا
أمانِعِي القومُ أني أَشْتَكِي زمَني
كلَّا، ولو مَزَّقوني بينَهم إرَبَا
أنا امْرؤٌ في صميمِ الذُّلِّ مرتبتي
من مصر، لا نَبَطًا قومي ولا جَلَبا
يا ويحَ لِلدهرِ يلهو بي ويلعبُ بي
أبَعْدَما شاب يبغي اللَّهوَ واللَّعِبَا

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤