تمهِيد
(١) بِـلادُ الهِـنْدِ
أَيُّها الطِّفْلُ الصَّغِيرُ:
هَلْ رَأَيتَ بِلادَ الْهِنْدِ!
إِنْ كُنْتَ لَمْ تَرَ بِلادَ الْهِنْدِ، فَلا شَكَّ فِي أَنَّكَ رَأَيتَ بَعْضَ أَهْلِها. ورُبَّما سَمِعْتَ بِهذِهِ الْبِلادِ الْوَاسِعَةِ مِنْ بَعْضٍ الْمُدَرِّسِينَ فِي مَدْرَسَتِكَ، أَوْ قَرَأْتَ شَيْئًا مِنْ أَخْبارِ الْهِنْدِ وعجائِبِها في الْكُتُبِ الْجُغْرافِيَّةِ.
(٢) حَيَوان الْهِنْدِ
ولَعَلَّك عَرَفتَ — مِمَّا سَمِعْتَه أَوْ قَرَأْتَه — أَنَّ الْهِنْدَ تَحْتَوِي كَثِيْرًا مِنَ الأَهْلِينَ، والْمُدُنِ، والْقُرَى، والْجِبالِ، والأَنْهارِ، والْغاباتِ. كَما تَحْتَوِي عَدَدًا لا يُحْصَى (لا يُعْرَفُ مِقْدارُهُ) مِنَ الأَفْيالِ والْنُّمُورِ والْقُرُودِ والْتَّماسِيحِ وَبَناتِ آَوَى، وطَوائِفَ مِنَ الْكَرْكَدَّنِ (وَحِيدِ الْقَرْنِ) والثَّعابِينِ، مِمَّا تَشْهَدُهُ في حَدِيقَةِ الْحَيَوانِ.
(٣) نَباتُ الْهِنْدِ
وأشْجارُ الْهِنْدِ وسَائِرُ نَباتِها كَثِيرٌ لا يُسْتَقْصَى (لا تُدْرَكُ نِهايَتُهُ) مِنْ ذلِكَ شَجَرُ النَّارَجِيلِ (الْجَوْزُ الْهِنْدِيُّ)، وخَشبُ الصَّنْدَلِ: وَهُوَ طَيِّبُ الْرَّائِحَةِ، يُشْبِهُ — في شَكْلِه — النَّارَجِيلَ، وَخَشبُ السَّاجِ: وَشَجَراتُهُ عَظِيمَةُ الْحَجْمِ، هَائِلَةُ الضَّخامَةِ. وَهذَا الْخَشَبُ أَسْوَدُ، مَتِينُ التَّرْكِيبِ، لا تَكادُ الأَرْضُ تُبْلِيهِ (تُفْسِدُهُ) لِصَلابَتِهِ (شِدَّتِهِ). وَهُناكَ قَصَبُ السُّكَّرِ، وَشُجَيْراتُ الْبُنِّ، والشَّايِ، وَالْقُطْنِ، وَالْقِنَّبِ الَّذِي تُنْسَجُ مِنْهُ الزَّكائِبُ، وهو: نباتٌ تُصْنَعُ من قِشْرِهِ الْحِبالُ.
(٤) مَدِينَةُ «بَنَارِسَ»
وفي الْهِنْدِ لُغاتٌ مُخْتَلِفَةٌ، ودِياناتٌ شَتَّى، وَبِلادٌ واسِعَةٌ، حافِلَةٌ بِالْمَساجدِ والْمَتاحِفِ وبدائِع الآثَارِ. وقدِ اشْتَهَرَتْ مَدِينَةُ «بَنَارِسَ» — مِنْ بَيْنِ تِلْكَ الْبُلْدانِ — بِما تَحوِيهِ مِنَ الْمَعابِد والْهَياكِلِ (أَماكِنِ الْعِبادَةِ وَالأَبْنِيَةِ الدِّينِيَّةِ) الَّتِي تُعَدُّ بِالْمِئَاتِ.
وَهذِهِ الْمَدِينَةُ تُقَدِّسُها طائِفَةٌ عظيمَةٌ مِنْ سُكَّانِ الْهِنْدِ، يُطْلَقُ عَلَيْهِمُ اسْمُ «الْهِنْدُوسِ»، يَقْصِدُونَ إِلَيْها، وَيَسْتَحِمُّونَ فِي نَهْرِ «الكَنْج» الْمَشْهُورِ فِيها. وَهُمْ يَحُجُّونَ (يَقْصِدونَ) إِلَيْها كُلَّ عامٍ مِنْ أَنْحاءِ الْهِنْدِ، كَما يَحُجُّ الْمُسلِمونَ إِلَى «مَكَّةَ الْمُكَرَّمَةِ» و«الْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ».
وَجَمْعٌ مِنَ الْمُسْلِمِين يَذْهَبُونَ إِلَى مَدِينةِ «بَنَارِسَ» لِرُؤْيَةِ ما تَحْوِيهِ مِنْ بَدائِعِ الآثَارِ، وعَجائِبِ الدُّنْيا.
