حدث في الليل

لم يعد هناك ما يمكن عمله في المخزن، فخرج الشياطين ومعهم عميل رقم «صفر»، واستقلُّوا السيارة.

وقال «أحمد»: أريد أن تعثر لنا على هذا العنوان الغامض … المبنى القديم في «شيكاغو»!

العميل: سأفعل ما بوسعي … إنَّ عميلنا في «شيكاغو» لحسن الحظ، كان في فترة من حياته مخبرًا يتحرَّى قضايا المافيا … وفي الأغلب سوف يعرف المكان.

أحمد: ستذهب لترتاح الآن؛ فأنت مُرْهَقٌ جدًّا … وسنتصل في الصباح.

العميل: سيكون لي حساب مع «كاسبو» … لقد خاننا، ومن الواجب أن نحاسبه.

أحمد: اتركْ لنا هذه المهمة … فلن نسافر إلى «شيكاغو» الليلة … أين نستطيع العثور عليه؟

العميل: إنه يتردَّد على وَكْرٍ للقِمار في «برودواي» اسمه «لاست كاوبوي»، ولكن معه مجموعة من أصدقائه.

أحمد: لا تشغل بالَك به.

ونزل عميل رقم «صفر» قُرْب منزله، على اتفاق أن يتصل بالشياطين صباحًا …

واستدار «رشيد» بالسيارة في اتجاه «برودواي» … وسرعان ما كانت أضواء شارع المسارح والملاهي الكبير تتراقص على واجهة المحلات … واستطاع «رشيد» أن يلمح من بعيدٍ اسم «لاست كاوبوي» … واتجهت السيارة إليه …

ولكن في هذه اللحظة دقَّ جرس التليفون في السيارة … وكان المتحدث عميل رقم «صفر» الذي قال بصوت منفعل: أين أنتم الآن؟

ردَّ «عثمان»: إننا أمام ملهى «لاست كاوبوي».

العميل: دَعْكُم من «كاسبو» الآن … لقد اتصلت بعميلنا في «شيكاغو» الآن … وعلمت منه أن «مورالتي» وصل منذ ساعة بالضبط … فقد كان بالصدفة في المطار عندما نزلت طائرة خاصة … واستطاع أن يلمح «مورالتي» مع مجموعة من أعوانه … و«مورالتي» كما تعرفون هو أقوى رجل في منظمة المافيا الآن … وهو المسئول حاليًّا عن «بوشيتا»، وما دام قد وصل إلى «شيكاغو» فمعنى ذلك أن «بوشيتا» هناك فعلًا.

عثمان: وأين المبنى القديم الذي تحدثوا عنه تليفونيًّا؟

العميل: إنه على الشاطئ الجنوبي لبحيرة «ميتشجان»، وهو يقع على طريق فرعي خاص … وقد كان مبنى لمحطة سكة حديد، حيث تكثر محطات السكك الحديدية في «شيكاغو»، باعتبارها أكبر مركز للخطوط الحديدية في العالم … ولكن هذه المحطة مهجورة الآن.

عثمان: وماذا تقترح؟

العميل: لا وقت …

وانقطع صوت عميل رقم «صفر» فجأة، وسمع «عثمان» صوت طلقة رَصاص، وصيحة … ثم صوت سماعة التليفون وهي تسقط …

وصاح «عثمان»: إنَّ عميل رقم «صفر» يتعرَّض لهجوم!

استدار «رشيد» بالسيارة مُسرعًا واتجه إلى منزل العميل … وقد كان قريبًا من «برودواي». وبعد أقل من خمس دقائق … كانت السيارة تقف أمام مبنًى قديم … ولاحظ الشياطين أن سيارة سوداء ضخمة تقف عند الطرف الآخر للمنزل.

اندفع الثلاثة إلى مدخل المنزل … وقفزوا السلالم الخشبية إلى شقة عميل رقم «صفر» واستطاعوا أن يسمعوا صوت باب يُفتح … فالتصقوا جميعًا بالحائط، وشاهدوا باب الشقة يُفتح … وثلاثة رجال يجرون فيها ومن بينهم عميل رقم «صفر».

وأطلق «أحمد» طلقة من مسدسه الكاتم للصوت … وترنَّح أحد الرجال الثلاثة … بينما عاد الآخرون إلى داخل الشقة.

ولكن الشياطين الثلاثة قفزوا سريعًا إلى الباب قبل أن يُغلَق، وانقضَّ «رشيد» على أحد الرجلين … وسحبه من ذراعه بقوة، فدار الرجل حول نفسه … فحمله «رشيد» ثم ألقاه على الأرض … في نفس الوقت الذي كان مسدس «عثمان» يهبط على الرجل الآخر، بينما أسرع «أحمد» إلى عميل رقم «صفر» … الذي كان قد أُصيب برصاصة في ذراعه … وكان ينزف …

صاح «أحمد»: هيَّا بنا … إنَّ الضجة ستلفت أنظار الناس.

وجذبوا عميل رقم «صفر» سريعًا إلى السلالم، ثم أخذوا يجرون أمام نظرات الجيران … التي استيقظت على ضجة الرَّصاص والضرب.

وانطلقت «الجاجوار» بهم … وهم يسمعون صوت صَفَّارات رجال البوليس.

وعندما وصلوا إلى المقرِّ السرِّي … قامت «إلهام» بعمل الإسعافات الأولية لعميل رقم «صفر» … وقالت: الحمد لله … إنَّ الرصاصة لم تدخل في ذراعه … إنَّ الجرح سطحي!

أحمد: ماذا حدث؟

العميل: يبدو أنهم كانوا في انتظاري … وبالتأكيد كانوا يريدون الحصول على معلومات عنكم بعد ما حدث على رصيف الميناء … إنهم لا يُضيِّعون وقتَهم!

رشيد: ما هي المسافة بين «نيويورك» و«شيكاغو»؟ وما هي أفضل الطرق للوصول إلى هناك؟

العميل: إنها تبلغ نحو ٥٠٠ كيلومتر … ويمكن قطعُها بالسيارة في مدة ثلاث ساعات.

نظر «أحمد» إلى ساعته ثم قال: أي أننا يمكن أن نصل في الرابعة صباحًا؟

العميل: نعم … ويمكن الاتصال بعميلنا هناك لانتظارنا.

أحمد: اتصل به من فضلك.

تحوَّل المقرُّ السرِّيُّ إلى غرفة عمليات … فقد أخذ الشياطين يُعِدُّون أنفسهم للمعركة القادمة.

وقال «أحمد»، وهو يضع مسدسه في حزامه موجِّهًا حديثَه للعميل: ستبقى هنا مع «ريما» و«خالد» للتدخُّل في الوقت المناسب.

كان العميل مشغولًا بالحديث في التليفون، فلما انتهى من حديثه قال ﻟ «أحمد»: إنَّ عميل «شيكاغو» سيكون في انتظاركم، عند تقاطع طريق بحيرة «ميتشجان» مع طريق نهر «سانت لورنس» … وهذا الطريق مشهور، ومن السهل العثور عليه على الخرائط، وسيكون في سيارة زرقاء ليموزين رقم ١٦٠٠١٦٠٦ …

أحمد: سنذهب فورًا … وستبقى أنت و«ريما» و«خالد» هنا … وسنكون على اتصالٍ دائمٍ بكم، فقد نحتاج إليكم في أية لحظة.

ركب «أحمد» و«إلهام» سيارة، وركب «عثمان» و«رشيد» السيارة الثانية وانطلقت السيارتان كالعاصفة في اتجاه الشمال الغربي، وبعد نصف ساعة كانوا قد غادروا «نيويورك».

وأصبحوا على الطريق الواسع المؤدي إلى «شيكاغو» مدينة العصابات الدموية … وأكبر مصنع لصناعة الحديد والصلب في أمريكا … وأكبر مركز لتعبئة اللحوم في العالم … المدينة التي ارتبط اسمها باسم «آل كابوني» زعيم المافيا الشهير … وبأكبر المعارك التي دارتْ بين العصابات.

وكانت عدادات السرعة تقفز في السيارتين القويتين إلى رقم ١٥٠ كيلومترًا في الساعة … وتبادل الشياطين القيادة، وعندما أشرفت الساعة على الثالثة والنصف صباحًا … كانوا يدخلون المدينة من الجانب الشرقي … ثم يتجهون حسب الخرائط إلى طريق التقاطع بين «ميتشجان» و«سانت لورنس» … وتحت ضوء أحد أعمدة النور العالية … وخلف شجرة ضخمة شاهدوا السيارة الليموزين الزرقاء … وتناقصت سرعة السيارتين حتى توقفتا عند الليموزين.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤