الحب والجمال

حب امتداح النساء

كان أبو بكر محمد بن العباس الخوارزمي من الشعراء المطبوعين على حب امتداح من يراه من النساء، عن براءة في القصد، تحمل في طياتها روحًا لا تؤمن إلا بالواقع، مهما يكلفه ما قصد إليه، دون أن يقيم لذلك وزنًا في استجلاب مرضاة أحدٍ، ومهما يعترضه من خصوم أو لائمين، فمن وسائط قلائده:

مضت الشبيبة والحبيبة فالتقى
دمعان في الأجفان يزدحمان
ما أنصفتني الحادثات رمينني
بمودَّعين، وليس لي قلبان

وقوله من أخرى:

قلت للعين حين شامت جمالًا
من بروق كواذب الإيماض
لا يغرَّنك هذه الأوجه الغرُّ
فيارب حية في رياض

وقوله من أخرى أيضًا:

خليليَّ عهدي بالليالي صوافيا
فما بالها أبدلن جيمًا بصادها؟
ولا تحسِبا عيشي علي فإنني
أؤرِّخ يوم الموت يوم افتقادها
ولست أحب الضوء إلا لوجهها
ولا البدر إلا طالعًا من بلادها
ولو أنني أنصفتها ورعيتُها
لسار فؤادي في طريق فؤادها
خليليّ هل أبصرتما مثل أدمعي
نفدت وحق الله قبل نفادها

وقال بعض الحكماء: ما آنس الإنسان، ولا عمّر المكان، ولا سلى الأحزان، ولا أعان على الزمان مثل البيض العوان.

وفي كتاب مسلم، أن رسول الله قال: «الدنيا متاع، وخير متاع الدنيا المرأة الصالحة».

وفي كتاب «الأربعين» للثقفي عن أبي هريرة (رضي الله عنه) قال: سئل النبي : أي النساء خير؟ فقال: التي تسره إذا نظر، ولا تعصيه إذا أمر، ولا تخالفه فيما يكره من نفسها، ولا ماله.

وفي «الشهاب»: «النظر إلى المرأة الحسناء يزيد في البصر»، ولله در أبي نواس إذ يقول:

يزيدك وجهه حسنًا
إذا ما زدته نظرا

وقال شاعر آخر:

ويقبح من سواك الفعل عندي
فتفعله فيحسن منك ذاكا

وقال غيره:

وإذا الحبيب أتى بذنب واحدٍ
جاءت محاسنه بألف شفيع

أعرابي يصف امرأة

قال العتبي:١ سمعت أعرابيًّا يصف امرأة فقال: بيضاء جعدة، لا يمس الثوب منها إلا مشاشة كتفيها، وحلمة ثدييها، ورضفي ركبتيها، وجانبي أليتَيها، وأنشد:
أبت الروادف والثدي لقُمصها
مسَّ البطون وأن تمس ظهورا
وإذا الرياح مع العشي تناوحت
نبهن حاسدة، وهجن غيورا

وقال آخر: ليت فلانة حظي من أملي، ولرب يوم سرتُه إليها حتى قبض الليل بصري دونها، وإن من كلام النساء ما يقوم مقام الماء فيشفي الظماء.

وذكر أعرابي امرأة فقال: تلك شمس باهت بها الأرضُ شمس سمائها، وليس لي شفيع في اقتضائها، وإن نفسي لكتوم لدائها، ولكنها تفيض عند امتلائها. أخذ هذا المعنى حبيب فقال:

ويا شمس أرضيها التي تم نورُها
فباهت بها الأرضون شمس سمائها
شكوت وما الشكوى لمثلي عادة
ولكن تفيض النفس عند امتلائها

وقيل لأعرابي: ما بال الحب اليوم على غير ما كان عليه قبل اليوم؟ قال: نعم، كان الحب في القلب، فانتقل إلى المعدة، إن أطعمته شيئًا أحبها، وإلا فلا. كان الرجل إذا أحب امرأة ظل حولًا يطوف بدارها، ويفرح إن رأى من رآها، وإن ظفر منها بمجلس تشاكيا وتناشدا الأشعار، وإنه اليوم يشير إليها وتشير إليه، ويعدها وتعده، فإذا اجتمعا لم يشكوا حبًّا، ولم ينشدا شعرًا.

وقال أعرابي يشكو لوعة الحب وكتمانه وصبره على من يحبه، ولا يطيق سلوانه:

شكوت فقالت: كل هذا تبرما
بحبي، أراح الله قلبك من حبي
فلما كتمت الحب قالت: لشد ما
صبرت، وما هذا بفعل شجي القلب
وأدنو فتقصيني فأبعد طالبًا
رضاها، فتعتد التباعد من ذنبي
فشكواي تؤذيها، وصبري يسوءها
وتجزع من بُعدي، وتنفر من قربي
فيا قوم هل من حيلة تعلمونها؟
أشيروا بها، واستوجبوا الشكر من ربي

الوصف بعد المشاهدة٢

اشتهر القاضي أبو الحسن علي بن عبد العزيز الجرجاني بروائع الكلم في نظم الشعر، واتخذ لنفسه طرائق سهلة، غاية في البساطة، فكان يسمو بوصف ما أحسّ به، واستساغه، ويكسوه من رقة المعاني أسلوبًا جميلًا يقرّبه إلى الفهم، حتى يتذوق أنغامه المستمع شرابًا عذبًا سلسبيلًا، ويملأ به المحزون صدره نسيمًا صافيًا عليلًا، ومن بدائع طُرَفِه قوله:

أفدي الذي قال وفي كفِّه
مثل الذي أشربُ من فيه
الورد: قد أينع في وجنتي
قلت: فَمِي باللثم يجنيه

وقوله، ولم أسمع في التعريض بالالتحاء أحسن منه:

قد برَّح الحب بمشتاقك
فَأَوْلِهِ أحسن أخلاقك
لا تجفه وارع له حقَّه
فإنه آخر عشاقك

وقوله في فصد الحبيب:

يا ليت عيني تحمَّلت ألمكْ
وليت نفسي تقسمت سقَمَكْ
وليت كف الطبيب إذ فصدت
عرقك أجرت من ناظريَّ دمك
أعرتَه صِبغ وجنتيك كما
تعيره إن لثمْتَ من لَثَمَكْ
طرفُك أمضى من حدِّ مِبضَعِهِ
فالحَظْ به العرقَ واغتنم ألمك

وقوله من قصيدة أولها:

من أين للعارض الساري تلهبه
وكيف طبَّق وجه الأرض صيِّبه
هل استعان جفوني فهي تنجدُهُ
أم استعار فؤادي فهو يلهبه

ومنها:

بجانب الكَرْم من بغداد لي قمر
لولا التجمُّل ما أنفكُّ أندبه
وصاحب ما صحبت الدهر مذ بعدت
دياره، وأراني لست أصحبه
في كل يوم لعيني ما يؤرقها
من ذكره ولقلبي ما يعذِّبه
وما البعادُ دهاني، بل خلائقُه
ولا الفراق شجان، بل تجنُّبه

وله أيضًا:

وقالوا اضطرب في الأرض فالرزق أوسع
فقلت: ولكن مطلب الرزق ضيق
إذا لم يكن في الأرض حُرٌّ يعينني
ولم يك لي كسبٌ، فمن أين أرزقُ؟

أسنانُ النساء٣

قال أبو الحسن الأخفش: من أحسن ما قيل في ترتيب أسنان النساء — وإن كان شعرًا ضعيفًا — قول ضمرة للنعمان بن المنذر، وقد سأله وصف النساء:

متى تلقَ بنت «العشر» قد نُصَّ ثديها
كلؤلؤة الغواص يهتز جيدها
تجد لذة منها لخفة رُوحها
وغرّتها، والحسن بعد يزيدها
وصاحبة «العشرين»: لا شيء مثلها
فتلك التي تلهو بها وتريدها
وبنت «الثلاثين»: الشفاء حديثها
هي العيش ما رقت ولا دقّ عودها
وإن تلق بنت «الأربعين» فغبطة
وخير النساء: أودُّها وولُودها
وصاحبة «الخمسين»: فيها بقيَّة
من الحسن واللذات، صلب عمودها
وصاحبة «الستين»: لا خير عندها
وفيها ضياع، لا حريص يُريدها
وصاحبة «السبعين»: إن تلف معرسًا
عليها فتلكم خِزية يستفيدها
وذات «الثمانين»: التي قد تجللت
من الكبر الفاني وقُدَّ وريدها
وصاحبة «التسعين»: يرعش رأسها
وبالليل مقلاق قليل هجودها
ومن طالع الأخرى، فقد ضل عقله
وتحسب أن الناس طرًّا عبيدها

دارة يلعب فيها البدر٤

عرف الشيخ سعيد السمان الدمشقي، بحبّ الجمال، وشغف بتصوير ما يعشق تصويرًا حساسًا، ومن قوله مضمنًا مصراعه الأخير:

يا رُبّ ظبي كالمدام حديثه
فيسيغه سمعي وعقلى يطرب
قد خلته شمس النهار بكفّه
مرآة حسن لونها يتذهب
والوجه فيها لائح فكأنها
هي دارة والبدر فيها يلعب

وقال العالم أحمد المتيني، مضمنًا نفس المصراع:

عاتبته وكأنه من لُطفه
راحٌ تكاد لها اللواحظ تشرب
بالعقل والشطرنج يلعب وهو في
فسطاط حسن للمسرة يجلب
يحكي الزمرد خضرة فكأنما
هي دارة والبدر فيها يلعب

المرأة والطيب٥

يحملن أترجّة نضخ العبير بها
كأن تطيابها في الأنف مشمومُ

الأترُجَّة هنا: كناية عن المرأة شبهها بها في طيب رائحتها، وما في لونها من الصفرة وكانت العرب تكره بياض اللون المُفرط، ولذلك كانوا يعيبون قول الأعشى:

ومن كل بيضاء رُعْبوبة
لها بشر ناصع كاللبن

وكانوا يستحسنون قول ذي الرمة:

صفراء في نعج بيضاء في دَعج
كأنها فضة قد مسّها ذهب

نتف الوجه بالخيط٦

قال الناظم: لما استقر بنا المقام، بين إقدام وإحجام، ودفعنا الحنين إلى ما يُحمَد عقباه، قرأنا على أبي بكر بن دُرَيد رحمه الله:

فلما مضى شهر وعشر لعِيرها
وقالوا: يجيء الآن قد حان حينها
أمرّت من الكتان خيطًا وأرسلت
جريًا إلى أخرى قريبًا تعينها

هذه امرأة تنتظر عيرًا تقدم وزوجها فيها، فأرادت أن تنتف وجهها بالخيط وتتهيأ له. والجري: الرسول. يقول: أرسلته إلى جارة لها تستعين بها في نتف وجهها بالخيط للتزيُّن. وبعد هذا سار مسترسلًا معبّرًا عن الخيط بالسلك؛ لأنه أقرب إلى المعنى، وأسلس في المبنى، فقال:

فما زال يجري السلك في حر وجهها
وجبهتها حتى ثنتْه قرونها

ثنته: كفّته. وقرونها: ذوائبها، ومنه قول مجنون ليلى لزوجها:

بربك هل ضممتَ إليك ليلى
قُبيل الصبح أو قبّلت فاها؟
وهل رفّت عليك قرون ليلى
رفيف الأقحوانة في شذاها

تشبيه المرأة ببدر السماء

بدت لميس كأنها
بدر السماء إذا تبدّى

قوله: «كأنها بدر السماء» في موضع الحال للمرأة، أي: بدت مشبهة البدر، و«إذا تبدّى» ظرفٌ لما دل عليه كأن من معنى الفعل، أي: برزت هذه المرأة كاشفة عن وجهها، كأنها قد أرسلت نقابها، ودل على هذا بقوله: «كأنها بدر السماء إذا تبدى»، وإنما فعلت ذلك إما للتشبيه بالإماء حتى تأمن السباء، أو لما تدَاخلها من الرعب. ومثلُه قول الشاعر:

ونسوتكم في الروع بادٍ وجوهها
يُخَلْنَ إماء، والإماء حرائر

لقاء فتى جميل الوجه في الجنة

ذكر المبرد عن أبي كامل، عن إسحاق بن إبراهيم، عن رجاء بن عمرو النخعي قال: كان بالكوفة فتى جميل الوجه، شديد التعبد والاجتهاد، فنزل في جوار قوم من النخع، فنظر إلى جارية منهن جميلة، فهويها وهام بها عقله، ونزل بالجارية ما نزل به، فأرسل يخطبها من أبيها، فأخبره أبوها أنها مسمّاة لابن عمّ لها، فلما اشتد عليهما ما يقاسيانه من ألم الهوى، أرسلت إليه الجارية: قد بلغنى شدة محبتك لي، وقد اشتد بلائي بك، فإن شئت زرتك، وإن شئت سهلت لك أن تأتي إلى منزلي. فقال للرسول: ولا واحدة من هاتين الخَلتين؛ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ، أخاف نارًا لا يخبو سعيرها، ولا يخمد لهيبها.

فلما أبلغها الرسول قوله، قالت: وأراه مع هذا يخاف الله، والله ما أحد أحق بهذا من أحد، وإن العباد فيه لمشتركون، ثم انخلعت من الدنيا، وألقت علائقها خلف ظهرها، وجعلت تتعبد، وهي مع ذلك تذوب وتنحل حبًّا للفتى وشوقًا إليه حتى ماتت من ذلك، فكان الفتى يأتي قبرها فيبكي عنده، ويدعو لها؛ فغلبته عينه ذات يوم على قبرها، فرآها في منامه في أحسن منظر، فقال لها: كيف أنت وما لقيت؟ قالت:

نعم المحبة يا سؤلي محبتكم
حبٌّ يقود إلى خير وإحسان

فقال: على ذلك إلام صرت؟ فقالت:

إلى نعيم وعيش لا زوال له
في جنة الخلد مُلكٌ ليس بالفاني

فقال لها: اذكريني هناك، فإني لست أنساك. فقالت: ولا أنا والله أنساك، ولقد سألت مولاي ومولاك أن يجمع بيننا، فأعني على ذلك بالاجتهاد. فقال لها: متى أراك؟ فقالت: ستأتينا عن قريب فترانا. فلم يعش الفتى بعد الرؤيا إلا سبع ليال حتى مات رحمه الله.

وذكر الزبير بن بكار أن عبد الرحمن بن أبي عمار نزل مكة، وكان من عباد أهلها، فسمِّي القس من عبادته، فمر يوما بجارية تغني، فوقف فسمع غناءها فرآه مولاها، فأمر أن يدخل عليها فأبى، فقال له: فاقعد في مكان تسمع غناءها ولا تراها. ففعل فأعجبته، فقال له مولاها: هل لك أن أحولها إليك؟ فامتنع بعض الامتناع، ثم أجابه إلى ذلك. فنظر إليها فأعجبته، فشغف بها وشغفت به.

وعلم بذلك أهل مكة، فقالت له ذات يوم: أنا والله أحبك، فقال: وأنا والله أحب ذلك. قالت: فما يمنعك؟ فإن الموضع خال! قال لها: ويحك، إني سمعت الله يقول: الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ، فأنا والله أكره أن يكون صلة ما بيني وبينك في الدنيا عداوة يوم القيامة، ثم نهض وعيناه تذرفان بالدموع من حبها!

تكني المرأة بالشاة أو البيضة٧

خرج الرشيد في بعض أسفاره، فأخرج معه أخته عُليَّة، وكان قد بلغه أنها تعجب بغلام له اسمه «رَشَا» فأبعده، وقيل قتله، ثم إنها علقت من بعده غلامًا آخر اسمه «طَلّ»، فكانت تكثر من ذكرها له. فقال لها الرشيد: والله لئن ذكرته لأقتلنك، فدخل عليها يومًا على حين غفلة وهي تقرأ قوله تعالى: فَإِن لَّمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ، فلما شعرت به قرأت أول الآية: فَإِن لَّمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ، ثم أمسكت حتى لا تذكر اسم (طل)، وأكملت قائلة: «فإن لم يصبها وابل … فالذي نهى عنه أمير المؤمنين»؛ فابتسم الرشيد، وقال لها: «ولا هذا أيضًا يا أُخيّة».

وقيل: إنه أخرج ذلك الغلام من قصره؛ فطار قلبها حزنًا لفراقه، وقالت:

أيا سرحة البستان طال تشوقي
فهل لي إلى ظلٍّ إليك سبيل؟
متى يشتفي من ليس يُرجى خُروجه
وليس لمن يهوى إليه دخول

فانظر كيف ورّت «بظلٍّ عن طلٍّ» بعد أن قدمت ذكر السرحة — وهي الشجرة — لتتمكن من لفظة ظلٍّ فتبعد التهمة. وكثيرًا ما تذكر العرب لفظة السرحة أو الشاة أو البيضة أو القلوص، وهي الشابة من الإبل، وتكنّى بذلك عن المرأة.

وكانت أم حكيم من أجمل نساء وقتها، ومن أشجع الناس وأحسنهم بديهة، خطبها جماعة من أشراف الخوارج فردَّتهم، وكانت مع أمير الخوارج قطريّ بن الفجاءة، في جند (الأباضية)، فكانت ترتجز في تلك الحروب وتقول:

أحمل رأسًا قد سئمت حمله
وقد مللت دهنه وغسله
ألا فتى يحمل عني ثقله؟

والخوارج يفدونها بالآباء والأمهات، وكان «قطري» يُشبّب بها، وفيها يقول في وقعة دُولاب، وهو من رقيق الغزل:

لعمرُك إني في الحياة لزاهد
وفي العيش ما لم ألق «أم حكيم»
من الخفرات البيض لم ير مثلها
شفاء لذي بث ولا لسقيم
لعمرك إني يوم ألطم وجهها
على نائبات الدهر جِدّ لئيم
ولو شاهدتني يوم دولاب أبصرت
طعان فتى في الحرب غير ذميم
غداة طغت علماء بكر بن وائل
وعُجنا صدور الخيل نحو تميم
فلم أر يومًا كان أكثر مقعصًا
يمجُّ دمًا من فايظ وكليم
وضاربة حدًّا كريمًا على فتى
أغرَّ نجيب الأمهات، كريم
أصيب بدولاب ولم تك موطنًا
له أرض دولاب، ودير حميم
فلو شاهدتني يوم ذاك وخيلُنا
تبيح من الكفار كلّ حريم
رأت فتية باعوا الإله نفوسهم
بجنة عدن عنده ونَعيم

أسماء النساء٨

ولابن الوردي في «أسما»:

أرى أسما إذا غضبت وصدّت
أكاد من الغرام أموت سقما
وإن هي واصلتني طاب قلبي
كأني بتُّ أوقيه بأسما

وفيها أيضًا:

قد لامني في حب أسما عاذل
أجرى مدامع مقلتي بدما
فاعجب لمجرى مدامع أوقفتها
من فعل ذاك الحرف في أسما

وفي آمنة:

قد وعدتني بالوفا آمنه
وقد غدت بالرضا آمنه
كيف يخاف القلب من بينها
ومهجتي أضحت بها آمنه

وفيها أيضًا:

هيفاء كالغصن الرطيب قوامها
محبتها في لجة القلب كامنه
تهددني بالهجر في الوصل عامدًا
فأصبح منها خائفًا وهي آمنه

وللأزهري في أنَس:

آنست بالوصل مذ جاءت به أنس
يومًا وعاذلها قد باء بالخرس
عن مالك قد روى نيران وجنتها
لكن حديث اللقا أرويه عن أنس

وله في حليمة:

قالوا حليمة صبحت
بفرط وجدي عليمه
لم لا ترقّ لحالي
في الحب وهي حليمه

وفي خديجة:

خديجة قد سبتني
بنار خدّ وهيجه
وكانت الروح تقسو
والآن روحي خديجه

وفيها أيضًا:

تعشق في الهوى قلبي فتاة
تزين البدر ذو حسن بهيجه
أموت بحبها شوقًا وأحيا
إذا ناديت يا ستي خديجه

وفي زينب:

وعرّض بذكري حين تسمع زينب
وقل ليس يخلو ساعة منك آله
عساها إذا ما مرّ ذكري بسمعها
تقول فلان عندكم كيف حاله؟

وفي سلمى:

لسلمى من لواحظها سهام
لها في القلب فتك أيّ فتك
إذا رامت تشكّ به فؤادًا
يموت المستهام بغير شك

وفي عائشة:

أيا دهر خبرني بحقك واشفني
فسهام فكري في أموري طايشه
أيحلُّ أني في المحبة ميت
وحبيبتي من بعد موتي عايشه

وفيها أيضًا:

شغل القلب بقدًّ أهيف
تركت منه العوالي طايشه
أنت دعني أن أمُت في حبها
ثم دعها بعد عيني عايشه

وفي فاطمة:

فاطمة مذ كنت طفلًا بها
متُّ جوى وهي بذا عالمه
كم أرضعتني وصلها بالهنا
ثم انثنتْ لي بأنها فاطمه

وفيها أيضًا:

هيفاء كالغصن لها قامة
عادلة مع أنها ظالمه
قد أرضعت طفل الهوى مرة
بوصلها ثم انثنت فاطمه

وفيها أيضًا:

قاتلتي قد أصبحت
والبحر منها كاظمة
ناديتها يا مهجتي
ما الاسم؟ قالت: فاطمه

وللأزهري في نفيسة:

نفيسة بالبها ملكت فؤادي
وأضحت في ملاحتها رئيسهْ
وقد حازت لفرط سنا بهاها
وذات الحسن مرتبة نفيسهْ

ولابن الجميل في عالمة:

عالمة عاملة بالجفاء
قامتها عادلة ظالمهْ
قلت لها: هل تعلمين الذي
ألقاه قالت: إنني عالمهْ

وله أيضًا فيها:

عالمة لها على
كرسيّها فضلٌ جسيم
وأوتيت من كل شي
ولها عرش عظيم

ولابن الوردي في قابلة:

أقول لقابلة أدمعي
على حبها تقطع السابلهْ
أنا رجل مقبل للّقا
قالت: وأنا امرأة قابلهْ

وله في كاتبة:

كاتبة توقيع نسخ الجفا
يصدر عن سمتها الراحمهْ
تكتم أسرار رقاعي لها
أحسن بها كاتبة كاتمهْ

وله في فقيهة:

تفقهت في عذابي
وبالغت في جدالي
خود تسيط غرامي
عن طرفها الغزالي

وللأزهري في خياطة:

أحببتُها كالبدر خياطة
منزلها في القلب والطرْف
فلي ركوب الفرج من وصلها
وللرقيب الشلّ بالكفِّ

وله في عجانة:

كلف الفؤاد بظبية عجانة
ما كنت يومًا آمنًا من هجرها
عجنت فؤادي بالغرام فماؤها
من أدمعي ودقيقها من خصرها

وله في جبانة، أي بائعة الجبن:

بايعة جبن مُذْ هِمْتُ بها
رأى الورى روحي بها تعبانهْ
وكل أهل الحيّ قد تحققوا
بأنني أموت في الجبانه

وله في مسحرة:

عجبت في رمضان من مسحِّرة
بديعة الحسن إلَّا أنها ابتدعت
جاءت تسحرنا يومًا فقلت لها
كيف السحور وهذي الشمس قد طلَعت

ولابن الورديّ في رومية:

روميّة الأصل لها مقلة
تركية صارمها هندي
تفضحني وجنتُها فاعجبوا
من وجنة فاضحة الوردِي

وله في مصريّة:

مصرية كأنها بدر
فجلّ من خَلَق
تملقني مكرًا ولا
ينكر من مصر الملَق

وله في شاميّة:

شامية شامة بوجنتها
يرقّ لي في حبِّها الشامةُ
أخشى من الملامة إذا قبلتها
فشوم بختي ينطق الصامتُ

وله في بدوية:

وبي من البدو كحلاء الجفون بدت
في قومها كمهاة بين آساد
فلو بدت لحسانِ الحضر قمن لها
على الرؤوس وكان الفضل للبادي

وله في عراقية:

بي هيفاء من بنات العراق
أطلقت أدمعي وشدت وثاقي
ثم قالت: أتيت من باب أبرز
بالعطايا رأيت باب الطاق

وله في مشرقيّة:

جاءت من المشرق لا مالنا
في عينها شيء ولاجا هنا
وقالت: احذر يا فتى فتنة
للناس، والفتنة من ها هنا

وله في مغربية:

يا بنات الشرق حاذرن السطا
إن بنت الغرب في موكبها
ما ظهر البدر من مشرقه
كطلوع الشمس من مغربها

وللأزهري في مجوسية:

عابدة النور سنا نورها
أوضح لي في الحب أعذارا
قد أحرقت قلبي بهجرانها
فالويل ممّن يعبد النارا

وله في نصرانية:

زنّار بنت النصارى
فخٌّ لها أي فخّ
رجائي الشد منه
وكثرة الشدّ تُرخي

وقال آخر في مليحة تلعب الشطرنج:

لاعبتها الشطرنج ثم ضربتها
بالرخ شاة تسترت بالفيل
قالت: فنفسك، قلت: حصّنتها
لكن خذي فرسي هناك وفيلي

هوامش

(١) في العقد الفريد ج٢ ص١١٥.
(٢) في خاص الخاص للثعالبي.
(٣) في أمالي أبي القاسم الزجاجي.
(٤) في سلك الدرر ج١ ص٢٠٨.
(٥) في الاقتضاب ص٣٨٢.
(٦) في أمالي القالي ج١ ص١٩٨.
(٧) في سناء المهتدي ص١٩٣.
(٨) الجزء رقم ٩٤٨ شعر تيمور.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤