حل اللغز

استطاع «جلال» أن يجمع بقية المغامرين الخمسة رغم الظلام؛ فقد أطلق تحت نوافذهم صيحة «البومة» وهي الإشارة المتفق عليها بينهم للاجتماع. وكان الفجر قد أقبل عندما اجتمعوا بالقرب من حديقة بيت «تختخ» وكانت «لوزة» … أكثرهم انزعاجًا على «تختخ». واتفق الجميع على استعمال العربة الصغيرة التي اشتراها «تختخ» لنقله من القصر الأخضر إلى غرفته قبل أن يستيقظ أحد، ثم الاتصال بالمفتش «سامي».

وأسرع الأصدقاء إلى القصر، وتسلَّلوا من الباب المفتوح، ثم وصلوا إلى المطبخ حيث وجدوا الكلب الوفي بجوار صاحبه، وهو ينبح نباحًا عميقًا حزينًا.

كان «تختخ» … قد أفاق قليلًا، ولكنه ما زال متعبًا، واستطاع الأصدقاء أن يسندوه حتى يصل إلى العربة، حيث استلقى كطفل صغير.

قال «محب»: قد يتمكن أفراد العصابة من الخروج من الغرفة السرية، وأقترح أن نضع على بابها سجادة ثقيلة وبعض المقاعد حتى لا يتمكنوا من الخروج. وافق الأصدقاء في حماس وعادوا مسرعين إلى الغرفة السرية، حيث أطلوا على اللصوص الثلاثة، وتأكدوا أنهم ما زالوا مسجونين، ثم سحبوا سجادةً ثقيلة غطوا بها الباب، ووضعوا عليها بعض الكراسي.

وفي ضوء الصباح الباكر كان الأصدقاء يدفعون العربة الصغيرة، وفيها «تختخ» وهو شبه نائم، وقبل أن يستيقظ أحد في البيت، كان «تختخ» قد وصل إلى فراشه ونام.

ظل بقية الأصدقاء في غرفة العمليات حتى استيقظ «تختخ» كان يشعر برأسه يدور وكأنه يركب سفينة في بحر هائج، وجلس الأصدقاء، حوله، وقصُّوا عليه قصة الليلة العجيبة كاملة.

قال «تختخ»: اتصلوا بالمفتش «سامي» فورًا، وقولوا له أن يحضر بعض رجال المطافئ معه لإخراج اللصوص من الغرفة السرية.

قام «محب» بالاتصال بالمفتش «سامي» وأعطاه عنوان «القصر الأخضر» … ثم ركب الأصدقاء دراجاتهم في موكب كبير، ومعهم «زنجر» البطل الذي أنقذ صاحبه، و«جلال» الذي قام بالدور الأول في إنقاذ «تختخ»، ثم اتجهوا جميعًا إلى القصر الأخضر.

اتجه الجميع إلى الغرفة السرية، كان كل شيء هادئًا، كأنما لم تحدث مغامرة مثيرة منذ ساعات، ومضى «تختخ» يدور بالمنزل وهو يضع يده على رأسه، وبعد لحظاتٍ سمعوا سيارات رجال الشرطة تقف بالباب، فأسرعوا للقاء المفتش «سامي» الذي أزعجه وجه «تختخ» الشاحب ولكن «تختخ» طمأنه قائلًا: إنها ليست أول ضربة أتلقاها، ولكنها بلا شك أقوى واحدة.

وجلس الجميع في صالون القصر الفخم، حيث قص «تختخ» على المفتش الحكاية كاملة، وكان المفتش يقاطعه بالأسئلة بين لحظة وأخرى، وبكلمات الإعجاب طول الوقت، وعندما انتهى «تختخ» من روايته، كان رجال الشرطة قد أخرجوا اللصوص الثلاثة من الغرفة السرية، وهم مصابون بجروح بسيطة.

قال المفتش: والآن أيها المخبر السري الممتاز، المطلوب منك لإكمال حل اللغز أن تقول لنا أين توجد الجواهر، فإذا استطعت فإنك تكون قد حققت انتصارًا لم يتمكن رجال الشرطة خلال عشرين عامًا من تحقيقه.

قال «تختخ»: إن في رأسي الموجوع فكرة، وقد نشأت الفكرة من بعض قطرات من الماء سقطت على نفس رأسي، فتعالوا معي إلى المطبخ.

تبع الجميع «تختخ»، وهم في غاية الدهشة، فما صلة الجواهر بنقط الماء، والمطبخ؟ ولكن «تختخ» كان قد فكر ووصل إلى استنتاج معقول.

وقف «تختخ» في المطبخ، ثم رفع رأسه إلى فوق، وكانت قطرات الماء ما زالت تتساقط من وصلة المواسير، ففتح «تختخ» حنفية الماء في الحوض وقال: ستلاحظون أن الماء ضعيف جدًّا، لا يتناسب مع حجم المواسير، وقد لفتت نظري إلى هذه المسألة زوجة «عطية»، وإنني أرجو أن يقوم أحد رجال الإطفاء بحل هذه الوصلة.

أمر المفتش أحد الرجال بفك الوصلة بعد إغلاق المحبس، فصعد الرجل إلى فوق، وفك الوصلة وجذب الماسورة إلى الخارج، وفي تلك اللحظة حدث شيئان غريبان؛ فقد أخذت قطع الجواهر تسقط مع قطرات المياه. ووصل الشاويش «فرقع» في نفس الوقت وشاهد كل هذا فصاح: معجزة … معجزة … المياه تحولت إلى جواهر!

والتفت المفتش إليه وقال: يا حضرة الشاويش، أرجوك ألَّا تنشر الخرافات في البلد.

جمع الرجال قطع الجواهر التي كانت مختلفة الأحجام، بينها الكبير والصغير، فقال «تختخ» يشرح فكرته: لقد تصورت «نبيل» وهو في القصر يحاول إخفاء الجواهر، ثم يذهب إلى المطبخ لإحضار شيء يأكله فيلاحظ الوصلة فيقوم بفكها. ويضع جوهرة كبيرة في البداية حتى تسد الماسورة ويضع بعدها الجواهر الصغيرة، ثم يقوم بإغلاق الوصلة، ولكنه في استعجاله لا يربطها جيدًا، وفي اليوم التالي يُقبض عليه، ولا يعترف بالمكان، وهكذا تبقى الجواهر الثمينة عشرين عامًا في مكانها دون أن يفكر أحدٌ، ولو لحظة واحدة، أن هذا الكنز الثمين موجود في هذا المكان.

قال المفتش: إنني أعترف لك أنني اشتركت وأنا صغير مع رجال الشرطة في تفتيش هذا القصر بحثًا عن الجواهر، ولم يخطر ببالي مطلقًا أنها يمكن أن تكون هنا، إنك موهوب … وأتمنى أن أجدك بجواري عندما تكبر وتصبح أشهر مخبر في بلادنا.

قال «تختخ»: إنني مدين لأصدقائي بما فعلت … خصوصًا ﻟ «جلال» و«لوزة» و«زنجر». وبالمناسبة، لكِ يا «لوزة» عندي طبق من الجيلاتي يمكن أن أدعوَكم جميعًا إليه.

قال المفتش: لقد عثرت على كنزٍ يساوي ألوف الجنيهات. ومن حقك أن تحصل على عشرين في المائة من قيمته.

تختخ: إنني لا أتقاضى أجرًا على حل الألغاز، وأرجو أن ترسل هذا المبلغ إلى الجمعيات الخيرية على أن تعطي بعضه للرجل العجوز «عطية» وزوجته حتى يبدآ حياة جديدة شريفة.

ثم التفت «تختخ» إلى «جلال» قائلًا: وفي إمكانك يا «جلال» أن تقول لعمك الشاويش من الذي كان يحمل الخطابات إليه.

وبينما كان الشاويش يستمع إلى القصة من «جلال» وقد ازداد فمه اتساعًا، كانت السيارات تحمل المغامرين جميعًا إلى الكازينو ليتناولوا الجيلاتي على حساب المفتش «سامي» الذي كان أسعد رجل في العالم بالعثور على الجواهر الزرقاء وكشف سر القصر الأخضر.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤