الفصل الثالث عشر

تقييد الحوت بالسفينة

عندما يقيد حوت بجانب السفينة يجب أن يُقطع ببطء وحذر. تسافر سفن صيد الحيتان في رحلات طويلة جدًّا ويأمل صيادوها دائمًا أن يصيدوا الكثير من الحيتان؛ فكلما ازداد عدد ما يصيدون منها، ازداد مقدار ما يبيعونه من زيوتها في النهاية.

يستحيل جلب حوت إلى ظهر السفينة، فهو ببساطة هائل الحجم، لذا علينا أن نقيده بجانب السفينة وأن نقطعه، وبعدها نحصل منه على الزيت والأجزاء التي نحتاجها ونخزنها على ظهر السفينة. في أحيان كثيرة تبحر سفن صيد الحيتان عدة سنوات، يمكن أن يُختزن زيت الحوت طوال هذه الفترة في خزان عملاق أو في براميل على ظهر السفينة دون أن يفسد.

يختص صائدو الحيتان بالجزء الأكبر من مهمة تقطيع الحوت؛ فهم خبراء في استعمال السكاكين، وهذا عمل قد ينطوي على مخاطر، لكن صائدي الحيتان ببساطة لا يظهر عليهم الخوف، ربما لأنهم تعودوا الأخطار.

عندما يقيد الحوت بجانب السفينة، يربط كل صائد حيتان حبلًا بحزامه ويتدلى من جانب السفينة. يوثق هذا الحبل بعارضة خشبية متصلة بسور السفينة تتدلى فوق الماء، مما يتيح للصياد مجالًا كبيرًا للحركة على جسم الحوت. يقف فرد آخر من أفراد الطاقم إلى جانب العارضة الخشبية ليساعد في توجيه الحبل المتصل بالصياد، ولكل صياد من يوجهه، ويعمل الاثنان معًا كفريق.

يتأرجح الصيادون جيئة وذهابًا في الماء أثناء تقطيع الحوت، ويرسلون أجزاء من اللحم إلى ظهر السفينة.

لكن ثمة العديد من المخاطر التي تتصل بهذه المهمة، فمن السهل مثلًا أن يصطدم الصياد بجانب السفينة، كما أنه قد يشتبك بالحبل الذي يوثق الحوت فيعلق تحت الماء.

شكلت أنا وكويكيج فريقًا جيدًا، هو عهد إلي أن أحكم الإمساك بالحبل وتوجيهه، وأنا عهدت إليه أن يتحرك بثقة ويحسن تقدير المسافات.

كان عليه أيضًا أن يراقب جيدًا أسماك القرش تحت الماء، فوجود حوت ميت على مقربة من السفينة، يجلب أسماك القرش التي تبحث عن وليمة.

لكن تقطيع الحوت ينطوي على صعوبة أخرى، لعلها قد خطرت لك بالفعل؛ الحوت ثقيل جدًّا، مما يعني أن السفينة قد تميل على أحد جانبيها تأثرًا بثقله.

ذات مرة عندما قيدنا حوتًا إلى جانب بيكود، جنحت السفينة بزاوية كبيرة حتى اضطررنا إلى تسلق ظهرها إلى الطرف الذي ارتفع واستخدمنا الصاري سلمًا، لقد انزلق كل ما لم يكن مثبتًا على ظهرها إلى الجانب المنخفض.

يحدث هذا أحيانًا لدى صيد الحيتان، مما يضطر القبطان في العادة إلى اتخاذ قرار هام؛ إما أن يخاطر بتدمير سفينته، أو يطلق سراح الحوت.

لكن في سياقنا، القبطان آهاب لم يتخذ مثل هذا القرار، فقد كان انشغاله بمخططاته وخرائطه يمنعه من الانتباه إلى ما يجري وقتها على ظهر بيكود، مهمة صيد الحوت الأبيض التي أخذها على عاتقه كانت أكثر أهمية!

كان ستارباك هو من قرر قطع الحبال التي قيدت الحوت وإطلاق سراحه؛ فأمر كيويكيج بتقطيع الحبال بسكينه ووقف بعضنا على جانب السفينة والحوت العملاق يغوص ببطء في أعماق المحيط.

أحزنني التفكير في أن هذا المخلوق الرائع قتل بلا داع، للأسف تلك حقيقة مؤلمة من حقائق مهنة صيد الحيتان؛ إنها مهنة صعبة.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤