ماذا وراء الكرسي المتحرك؟!

اجتمع «المغامرون» آخر النهار في «البرجولة»، فحكى لهم «تختخ» ذهابه إلى محل بيع الأجهزة التعويضية، وكيف فحص أحد الكراسي المتحركة في أحد المحال … واكتشف أن هناك اختلافًا بين الكرسي الذي كانت تجلس عليه «شمس» والكراسي الموجودة في السوق … فقالت «نوسة»: هل تشك في شيء؟!

تختخ: بالتأكيد أشكُّ … لكني لن أتأكد إلا عندما يأتي والد «شمس»، فهو وحده الذي يعرف الكرسي الذي كانت تجلس عليه.

عاطف: وإذا تأكَّد شكُّكَ؟!

تختخ: سوف نبني خطتنا على هدفٍ آخر.

عاطف: وما هو الهدف الآخر؟

تختخ: حادثة «نوار» كشفت لنا عن أن هناك صراعًا بين طرفَين … وقد تأكدنا أن الفيلَّا الحمراء الغامضة هي التي خرجت منها «شمس» يعني أمامنا طرف … أما الطرف الآخر، فهو السيارة التي التقط «محب» بعض أرقامها، والتي يجري البحث عنها الآن.

فقالت «لوزة» مندفعة: وما علاقة «شمس» بهذا كله؟!

تختخ: هذا هو اللغز يا «لوزة»!

كان الظلام قد بدأ يهبط … وكانت رياح خفيفة تهب، فجأة زامَ «زنجر»، ثم أخذ طريقه إلى خارج «البرجولة»، ولم تمرَّ لحظة حتى تردَّد نباحه، في حين كان صوت سيارة يقترب … استأذن «تختخ» من «المغامرين» … وخرج … كانت سيارة والد «تختخ» قد وصلَت … سلَّم على والدته ووالده … وحمل عنه الحقيبة … ابتسم والده وسأله: أرى المغامرين في اجتماعِ لغزٍ جديد؟!

ابتسم «تختخ» وقال: لغز محير!

ضحك والده وقال: أنتم تحبون الألغاز المحيرة.

وبينما كانوا يدخلون الفيلَّا، كان «تختخ» قد حكى لوالده حكاية «شمس»، وكيف أنها موجودة الآن ضيفة في غرفة الضيوف، فسأله الوالد بلهفة: هل اتصلتم بأهلها؟

تختخ: ليس بعد، فنحن لا نعرفهم، لكن ربما يأتي والدها بصحبة المفتش «سامي» الليلة!

كانوا قد صعدوا إلى الطابق الأول، فاتجه والد «تختخ» ووالدته إلى غرفة الضيوف … وما إن وقعَت عيناه على «شمس» حتى ابتسم لها في حنان، في حين نظرت إليه «شمس» في قلقٍ …

ابتسم «تختخ» وقال «لشمس»: بابا … وماما!

قال الوالد: أهلًا بك يا «شمس» … أنتِ في بتيك.

ابتسمت «شمس»، في حين ذهبت إليها والدة «تختخ» وقبَّلتها وهي تقول: سوف تعودين إلى أسرتك قريبًا يا ابنتي.

قبَّلتها «شمس» وأشارت بأنها سعيدة، وأن دادة «نجيبة» و«تختخ» تحبهما جدًّا.

انصرف والد «تختخ» ووالدته، وتبعهما «تختخ»، وعندما خرجوا، قال الوالد: مسكينة هذه البنت ولكن ما قلته لي غير مفهوم، فما معنى أن تجد هذه الفتاة الصغيرة وحدها وهي مشلولة؟!

تختخ: هناك تفاصيل كثيرة سوف أخبر حضرتك بها.

انصرف الوالد وعاد «تختخ» إلى «المغامرين» الذين كانوا يتناقشون حول الاحتمالات التي طرحها «تختخ»، فقالت «نوسة»: وهل ستعود «شمس» مع والدها؟!

تختخ: هذا سنقرره الليلة مع المفتش «سامي».

محب: إنَّ خروجها يلفت النظر خصوصًا وفيلَّاكم ليست بعيدة كثيرًا عن الفيلَّا الغامضة … وهذه العصابات لها عيون في كل مكان!

عاطف: ولا بد أن «نوار» سوف يراقبكما بعد أن دخلتما الفيلَّا.

اقترب صوت موتور سيارة حتى توقَّف أمام الفيلَّا، وأسرع «تختخ» خارجًا، فوجد المفتش «سامي» وبجواره رجل في سيارة ملاكي … وكان الرجل هو الذي يجلس إلى عجلة القيادة، فعرف أنه والد «شمس» وأن هذه سيارته … دخلت السيارة إلى حديقة فيلَّا «تختخ» وتوقف صوت الموتور، ونزل المفتش «سامي» … في حين اقترب منهما «تختخ»، فنزل الرجل، وقدَّمه المفتش «سامي» ﻟ «تختخ»: الأستاذ «منير» والد «شمس».

مدَّ الأستاذ «منير» يده إلى «تختخ» الذي مدَّ يده هو الآخر يُسلِّم عليه، وقال «منير»: لا أجد ما أقوله لك يا عزيزي «توفيق» … لقد أنقذتَ ابنتي وأنقذتنا، فمنذ اختفتْ وأنا لا أعرف طعمًا للنوم!

ابتسم «تختخ» ودعاهما للدخول، وصحبهما إلى غرفة الضيوف … دخل «تختخ» أولًا وعلى وجهه ابتسامة عريضة … وقال «لشمس»: ما رأيك لو رأيتِ بابا؟!

لم تفهم «شمس» وإن ابتسمَت، فقال «تختخ»: تفضَّلْ يا أستاذ «منير»!

امتلأ وجهُ «شمس» بالدهشة، وعندما ظهر والدها همَّت كأنها تريد الوقوف وصدرت عنها كلمة «با» … أسرع إليها «منير» يحتضنها ويُقَبِّلها، وهي تتعلَّق برقبته، وقف المفتش «سامي» بالباب ينظر إليهما وقد تأثرت ملامحه، بينما «تختخ» لم يتمالك نفسه، فخرج من الغرفة، كان المشهد مؤثرًا تمامًا، سأل «تختخ» نفسه: هل أخبر المفتش «سامي» الأستاذ «منير» بأن ابنته قد فقدتِ النُّطق؟!

بعد دقائق كان «منير» لا يزال يحتضن ابنته … نظر إلى المفتش وقال: هل أستطيع أن أنصرف الآن ومعي «شمس»؟

سامي: بالطبع!

فقال «تختخ» مباشرة: أستأذن الأستاذ «منير» دقائق!

نظر له «منير» في تساؤلٍ وقال: هل هناك شيء؟!

ابتسم «تختخ» لشمس وقال لها: سآخذ منكِ بابا دقائق.

وقف «منير» وصحب «تختخ» إلى خارج الغرفة ومعهما المفتش «سامي»، فاتجه «تختخ» إلى حيث يخفي الكرسي المتحرك، ثم جذبه وقال «لمنير»: تأمَّلْ هذا الكرسي، هل هو الكرسي الخاص ﺑ «شمس»؟

اندهش «منير» وقال: نعم!

فقال «تختخ»: هل يمكن أن تتفحصه جيدًا؟

أخذ «منير» يتأمل الكرسي المتحرك، ويحركه يمينًا ويسارًا، ثم قال: نعم هو كرسيها!

سامي: ماذا تقصد يا عزيزي «توفيق»؟

تختخ: هل اشتريته من مصر أم أنه مستورد من ألمانيا؟

اندهش «منير» للسؤال وقال: مستورد … فقد صُنع خصيصًا لها … فقد سافرتُ بها إلى ألمانيا، وأَجرَت جراحة هناك، وطلب الطبيب أن تتحرك بكرسي متحرك يُصْنَع لها، ولكن لماذا تسأل هذا السؤال؟!

فقال «سامي» مباشرة: هل تقصد أنه تمَّ تغيير الكرسي بعد خطف «شمس» واستبداله بالكرسي الذي وجدتها عليه؟!

تختخ: هذا ما أَعْنِيه بالضبط.

ظهرت الدهشة على وجه «منير» وعاد لفحص الكرسي من جديد، قلب الكرسي، ثم نظر إلى «تختخ» وقال: يبدو أن وجهةَ نظرك صحيحة؛ فقد كانت هناك علامة معدنية باسم الشركة التي صنعت الكرسي مثبتة في أسفل قاعدته، وهي غير موجودة!

ثم أعاد الكرسي وحمله بين يديه وقال: إنه أخفُّ وزنًا من كرسيها الأصلي!

سامي: الآن بدأت الخيوط تتجمَّع لتصبَّ في نقطة واحدة، فهناك عملية تهريب حدثت.

قال «منير» في دهشة: لا أفهم!

ابتسم المفتش «سامي» وقال: سوف تفهم مستقبلًا يا أستاذ «منير»، المهم أنك وجدت ابنتك العزيزة «شمس»، أما الباقي فهو مهمتنا ومهمة «المغامرين الخمسة».

كان الأستاذ «منير» يشعر أنه يعيش في ألغاز متوالية، فقال: «المغامرون الخمسة» هؤلاء الذين نقرأ مغامراتهم في مجلة «علاء الدين» … إنَّ أبنائي يحبونها جدًّا!

ثم نظر إلى «تختخ» وقال: لا بد من أنك «تختخ» يا عزيزي «توفيق»!

ابتسم «تختخ» … فضحك «منير» وقال: إنني سعيد جدًّا أن ألقاك؛ لكن أين بقية المغامرين؟!

تختخ: سوف يسعدهم أن يزوروا صديقتهم «شمس» في «حلوان».

أخرج «منير» كارتًا من جيبه، وقدَّمه ﻟ «تختخ» وهو يقول: سوف تكون الأسرة كلها سعيدة تمامًا لو جئتم لزيارتنا في أي وقت.

عاد الثلاثة إلى غرفة الضيوف، حيث يحمل «منير» ابنته «شمس» واتجهوا إلى السيارة، ولكن «شمس» أشارت ﻟ «تختخ» بما يعني باقي «المغامرين».

أصدر «تختخ» صفارة فهمها «المغامرون»، فظهروا من «البرجولة» وأسرعوا إلى حيث يقف «منير» و«شمس» والمفتش «سامي» … حيَّاهم «منير» وقبَّلَتهم «شمس»، فأسرع «تختخ» بإحضار الكرسي المتحرك وطواه، ولكن المفتش «سامي» نظر إلى «منير» وقال: سوف نحتفظ بالكرسي، هل يُسبب ذلك لك مشكلة؟!

منير: أبدًا … غدًا أُحضر لها كرسيًّا آخر.

سامي: احتفاظنا بالكرسي لأننا سوف نحتاجه مستقبلًا.

ابتسم «منير» وقال: وبالرغم من أنني لا أفهم ما يحدث، لكن لا يهمُّ الآن على الأقل!

انطلقت سيارة «منير» وعاد «المغامرون» ومعهم المفتش «سامي» إلى «البرجولة»، وما إن جلسوا حتى قال المفتش «سامي»: سوف نحتاج الصديق «توفيق» ومحب غدًا لتقديم وصف المدعو «نوار»، فهو بداية الخيط الذي سيقودنا إلى حل اللغز، وأنا أتفق مع «توفيق» على احتمال تغيير الكرسي المتحرك، ولا بد أنه تمَّ تغييره خارج «مصر»، وأن عصابة كانت ترصد وصول الكرسي إلى مطار «القاهرة»، وأنها رصدَت وصوله إلى فيلَّا «منير» في «حلوان»، وانتهزت الفرصة لخطف «شمس» بالكرسي واستولت على ما به، ولم تُطلق سراح «شمس» لمدة حتى تهدأ الأمور، وعندما مَرَّ الشهر أطلقوا سراحها في هذا الوقت المبكر، وفي الجو العاصف، حيث لن يكون هناك أحد في الشوارع، ولا يهمُّهم ماذا سيحدث لها، وكان من حظها أنَّ كلبكم العزيز اكتشفها وأنقذها «توفيق»، هذا هو الاحتمال الكبير، ولو توصلنا إلى «نوار» نكون قد وجدنا حلَّ اللغز!

تساءل «عاطف»: هل تظن أن اسم «نوار» هو الاسم الحقيقي لهذا الرجل؟

سامي: أنا معكَ أنه اسم مختلف، فليس من المعقول أن يصرح باسمه الحقيقي.

فقال «تختخ»: غدًا سوف نأتيك بصورة له!

اندهش المفتش «سامي» وسأل: كيف قمتم بتصويره … بواسطة المحمول؟!

تختخ: لا … ولكننا رأيناه جيدًا وتعاملنا معه.

وسوف أجلس أنا و«المغامرون» لرسم صورة له عن طريق الكمبيوتر.

سامي: إذن أنا في انتظاركم.

وقف المفتش «سامي» وحيَّاهم، فصحبه «تختخ» إلى خارج الفيلَّا، وظل مصاحبًا له حتى حضرت السيارة الخاصة به، والتي لا تحمل علامات الشرطة؛ وإنما هي سيارة ملاكي استدعاها بالتليفون، وعندما انطلقت سيارة المفتش «سامي» عاد «تختخ» إلى «المغامرين»، فقالت «نوسة»: لماذا لا تفكر في زيارة «نوار»؟!

تختخ: هي فكرة، وقد ننفذها غدًا بإذن الله، بعد أن نكون قد رسمنا صورته.

اتفق «المغامرون» على أن يجتمعوا عند «محب» في الصباح، ليبدأ هو و«تختخ» في محاولة لرسم صورة «نوار».

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤