اكْتِشَافُ السِّنْجَابِ جاك السَّعِيدِ
حَظِيَ السِّنْجَابُ جاك السَّعِيدُ بِيَوْمٍ رَائِعٍ؛ إِذْ عَثَرَ عَلَى بَعْضِ أَشْجَارِ الْكَسْتَنَاءِ الْكَبِيرَةِ الَّتِي لَمْ يَرَهَا مِنْ قَبْلُ، وَالَّتِي وَعَدَتْهُ بِأَنْ تُعْطِيَهُ كُلَّ مَا يُرِيدُ مِنْ ثِمَارِ الْكَسْتَنَاءِ طَوَالَ الشِّتَاءِ الْقَادِمِ. فَكَّرَ الْآنَ فِي الْعَوْدَةِ إِلَى الْبَيْتِ، بَعْدَ أَنْ أَوْشَكَتِ الظَّهِيرَةُ عَلَى الِانْتِهَاءِ. نَظَرَ عَبْرَ الْحَقْلِ الْفَسِيحِ، حَيْثُ كَادَ السَّيِّدُ جوشوك يُمْسِكُ بِهِ ذَلِكَ الصَّبَاحَ، وَالَّذِي يَقَعُ بَيْتُهُ فِي الْجَانِبِ الْآخَرِ مِنَ الْحَقْلِ.
قَالَ جاك السَّعِيدُ لِنَفْسِهِ: «إِنَّ طَرِيقَ الِالْتِفَافِ حَوْلَ الْحَقْلِ طَوِيلٌ، لَكِنْ مِنَ الْأَفْضَلِ أَنْ أَكُونَ آمِنًا مُطْمَئِنًّا.»
بَدَأَ جاك السَّعِيدُ رِحْلَتَهُ الطَّوِيلَةَ حَوْلَ الْحَقْلِ الْفَسِيحِ. يَتَمَيَّزُ السِّنْجَابُ جاك السَّعِيدُ بِعَيْنَيْنِ بَرَّاقَتَيْنِ، وَهُوَ حَادُّ الْبَصَرِ قَلَّمَا يَمُرُّ شَيْءٌ دُونَ أَنْ يَلْحَظَهُ؛ لِذَا بَيْنَمَا كَانَ يَقْفِزُ مِنْ شَجَرَةٍ لِأُخْرَى، لَمَحَ شَيْئًا فِي الْأَسْفَلِ عَلَى الْأَرْضِ أَثَارَ فُضُولَهُ.
فَقَالَ جاك السَّعِيدُ: «يَجِبُ أَنْ أَتَوَقَّفَ وَأَرَى مَا هَذَا الشَّيْءُ.» لِذَا رَكَضَ إِلَى أَسْفَلِ الشَّجَرَةِ، وَبَعْدَ دَقَائِقَ قَلِيلَةٍ وَجَدَ الشَّيْءَ الْغَرِيبَ الَّذِي جَذَبَ انْتِبَاهَهُ. كَانَ أَمْلَسَ وَلَوْنُهُ أَسْوَدُ وَأَبْيَضُ، وَكَانَ حَادًّا لِلْغَايَةِ مِنْ أَحَدِ الْأَطْرَافِ وَبِهِ سِنٌّ مُدَبَّبَةٌ صَغِيرَةٌ، اكْتَشَفَهَا جاك السَّعِيدُ مِنْ خِلَالِ وَخْزِ نَفْسِهِ بِهَا.
فَصَاحَ: «آهِ»، وَأَسْقَطَ الشَّيْءَ الْغَرِيبَ عَلَى الْأَرْضِ. سُرْعَانَ مَا لَاحَظَ وُجُودَ الْمَزِيدِ عَلَى الْأَرْضِ.
قَالَ جاك السَّعِيدُ: «عَجَبًا! مَا هَذَا؟ إِنَّهَا لَيْسَتْ نَبَاتًا؛ فَلَيْسَ لَهَا جُذُورٌ. وَلَيْسَتْ أَشْوَاكًا؛ فَلَا يُوجَدُ نَبَاتٌ تَأْتِي مِنْهُ. وَهِيَ لَيْسَتْ كَائِنًا حَيًّا، فَمَاذَا يُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ؟»
الْآنَ لَمَعَتْ عَيْنَا جاك السَّعِيدِ، لَكِنَّهُ أَحْيَانًا لَا يَسْتَخْدِمُهُمَا عَلَى أَمْثَلِ وَجْهٍ؛ فَكَانَ مُنْشَغِلًا لِلْغَايَةِ فِي فَحْصِ الْأَشْيَاءِ الْغَرِيبَةِ عَلَى الْأَرْضِ حَتَّى إِنَّهُ لَمْ يُفَكِّرْ لِمَرَّةٍ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى أَعْلَى فِي قِمَمِ الْأَشْجَارِ. لَوْ أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ، رُبَّمَا مَا وَقَعَ فِي كُلِّ هَذِهِ الْحَيْرَةِ. فَجَمَعَ ثَلَاثَةً أَوْ أَرْبَعَةً مِنَ الْأَشْيَاءِ الْغَرِيبَةِ وَاسْتَكْمَلَ رِحْلَتَهُ مَرَّةً أُخْرَى. قَابَلَ فِي الطَّرِيقِ الْأَرْنَبَ بيتر وَأَرَاهُ مَا لَدَيْهِ. وَكَمَا تَعْلَمُونَ، الْأَرْنَبُ بيتر شَدِيدُ الْفُضُولِ. وَلَنْ يَهْدَأَ لَهُ بَالٌ حَتَّى يَرْكُضَ إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي أَخْبَرَهُ السِّنْجَابُ جاك السَّعِيدُ أَنَّهُ أَتَى بِتِلْكَ الْأَشْيَاءِ مِنْهُ.
صَاحَ جاك السَّعِيدُ: «مِنَ الْأَفْضَلِ أَنْ تَتَوَخَّى الْحَذَرَ أَيُّهَا الْأَرْنَبُ بيتر، فَهِيَ حَادَّةٌ لِلْغَايَةِ.»
لَكِنَّ بيتر كَعَادَتِهِ كَانَ مُسْرِعًا لِلْغَايَةِ حَتَّى إِنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ مَا قِيلَ لَهُ. أَطْلَقَ بيتر سِيقَانَهُ الطَّوِيلَةَ لِلرِّيحِ عَبْرَ الْغَابَاتِ وَرَكَضَ بِأَقْصَى سُرْعَةٍ مُمْكِنَةٍ. ثُمَّ فَجْأَةً صَرَخَ وَجَلَسَ يُضَمِّدُ إِحْدَى قَدَمَيْهِ. وَسُرْعَانَ مَا أَطْلَقَ صَرْخَةً أُخْرَى أَعْلَى مِنَ الْأُولَى. وَجَدَ الْأَرْنَبُ بيتر الْأَشْيَاءَ الْغَرِيبَةَ الَّتِي أَخْبَرَهُ عَنْهَا السِّنْجَابُ جاك السَّعِيدُ، أَحَدُهَا مَغْرُوسٌ بِقَدَمِهِ وَآخَرُ غُرِسَ فِي الرُّقْعَةِ الْبَيْضَاءِ بِالْجُزْءِ الْخَلْفِيِّ مِنْ سِرْوَالِهِ.