سِرُّ الْعَمِّ بيلي الْأَبُوسُومِ لِلظَّرِبَانِ جيمي
يَسْتَحِقُّ الصَّدِيقُ دَائِمًا الْحِفَاظَ عَلَيْهِ. يُرَدِّدُ الْعَمُّ بيلي الْأَبُوسُومُ ذَلِكَ وَهُوَ يَعِيهِ جَيِّدًا؛ فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ ذَلِكَ؛ فَقَدِ اكْتَسَبَ الْعَدِيدَ مِنَ الصَّدَاقَاتِ فِي الْغَابَةِ الْخَضْرَاءِ وَالْمُرُوجِ الْخَضْرَاءِ، رَغْمَ الْحِيَلِ الَّتِي دَبَّرَهَا وَالْخُدَعِ الَّتِي لَعِبَهَا. وَعِنْدَمَا يُقِيمُ الْعَمُّ بيلي صَدَاقَةً، فَإِنَّهُ يُحَافِظُ عَلَيْهَا. فَيَقُولُ إِنَّ الِاحْتِفَاظَ بَصَدِيقٍ أَسْهَلُ وَأَفْضَلُ مِنِ اكْتِسَابِ صَدَاقَةٍ جَدِيدَةٍ. وَهَذَا هُوَ أُسْلُوبُ تَعَامُلِهِ مَعَ الْأَمْرِ؛ فَعِنْدَمَا يَعْلَمُ أَنَّ صَدِيقًا مَا غَاضِبٌ مِنْهُ، يَرْفُضُ أَنْ يَغْضَبَ هُوَ نَفْسُهُ. بَدَلًا مِنْ ذَلِكَ، يَذْهَبُ إِلَى ذَلِكَ الصَّدِيقِ وَيَعْرِفُ الْمُشْكِلَةَ، وَيَحُلُّهَا بِالنِّقَاشِ، ثُمَّ يُقَدِّمُ شَيْئًا لَطِيفًا لِذَلِكَ الصَّدِيقِ.
كَانَ الظَّرِبَانُ جيمي وَالْعَمُّ بيلي صَدِيقَيْنِ مُنْذُ وَقْتِ قُدُومِ الْعَمِّ بيلي مِنْ غَابَاتِ فيرجينيا الْعَتِيقَةِ لِيَعِيشَ فِي الْغَابَةِ الْخَضْرَاءِ. فِي الْوَاقِعِ اشْتَرَكَا مَعًا فِي سَرِقَةِ الْبَيْضِ مِنْ حَظِيرَةِ دَجَاجِ ابْنِ الْمُزَارِعِ براون؛ لِذَا عِنْدَمَا أَخْبَرَ الظَّرِبَانُ جيمي — الَّذِي قَامَ بِزِيَارَةٍ خَاصَّةٍ إِلَى بريكلي بوركي لِمَعْرِفَةِ مَا إِذَا كَانَ قَدْ رَأَى كَائِنًا غَرِيبًا بِلَا رَأْسٍ أَوْ ذَيْلٍ أَوْ أَرْجُلٍ — الْجَمِيعَ بِأَنَّ بريكلي بوركي لَمْ يَرَ كَائِنًا بِهَذَا الشَّكْلِ، انْزَعَجَ لِلْغَايَةِ وَشَعَرَ بِاسْتِيَاءٍ شَدِيدٍ عِنْدَمَا سَمِعَ أَنَّ الْعَمَّ بيلي كَانَ يُخْبِرُ الْجَمِيعَ أَنَّ بريكلي بوركي يَقُولُ إِنَّ قِصَّةَ بيتر الْغَرِيبَةَ رُبَّمَا لَهَا أَسَاسٌ مِنَ الصِّحَّةِ. فَبَدَا لَهُ إِمَّا أَنَّ بريكلي بوركي كَذَبَ عَلَيْهِ أَوْ أَنَّ الْعَمَّ بيلي يَكْذِبُ. أَغْضَبَهُ ذَلِكَ كَثِيرًا.
الْتَقَى الْعَمُّ بيلي، فِي عَصْرِ الْيَوْمِ الَّذِي تَحَدَّى فِيهِ الثَّعْلَبَ ريدي لِلذَّهَابِ إِلَى التَّلِّ مَعَ طُلُوعِ الشَّمْسِ فِي صَبَاحِ الْيَوْمِ التَّالِي حَيْثُ يَعِيشُ بريكلي بوركي، بِالظَّرِبَانِ جيمي وَهُوَ قَادِمٌ مِنَ الْمَمَرِّ الصَّغِيرِ الْمُتَعَرِّجِ. قَطَّبَ جيمي جَبِينَهُ وَقَرَّرَ الْمُرُورَ دُونَ التَّحَدُّثِ إِلَى الْعَمِّ بيلي. لَمَعَتْ عَيْنَا الْعَمِّ بيلي الثَّاقِبَتَانِ، وَابْتَسَمَ ابْتِسَامَةً عَرِيضَةً، فَالْعَمُّ بيلي لَا يَسْتَطِيعُ سِوَى الِابْتِسَامِ، وَقَالَ: «مَرْحَبًا، كَيْفَ حَالُكَ يَا أَخِي الظَّرِبَانَ؟»
مَا كَانَ مِنْ جيمي إِلَّا أَنْ قَطَّبَ جَبِينَهُ أَكْثَرَ مِنْ أَيِّ وَقْتٍ مَضَى وَحَاوَلَ الْمُرُورَ.
كَرَّرَ الْعَمُّ بيلي الْأَبُوسُومُ كَلَامَهُ: «مَرْحَبًا، كَيْفَ حَالُكَ يَا أَخِي الظَّرِبَانَ؟ لَا بُدَّ أَنَّ شَيْئًا مَا يَدُورُ فِي ذِهْنِكَ.»
تَوَقَّفَ الظَّرِبَانُ جيمي، وَانْدَفَعَ قَائِلًا: «بِالْفِعْلِ! فَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أَعْرِفَ هَلْ أَنْتَ تَكْذِبُ أَمْ بريكلي بوركي؛ فَقَدْ أَخْبَرَنِي أَنَّهُ لَمْ يَرَ شَيْئًا يُشْبِهُ الَّذِي قَالَ الْأَرْنَبُ بيتر إِنَّهُ طَارَدَهُ، وَأَنْتَ تُخْبِرُ الْجَمِيعَ كَيْفَ أَخْبَرَكَ بِأَنَّ قِصَّةَ بيتر السَّخِيفَةَ رُبَّمَا لَهَا أَسَاسٌ مِنَ الصِّحَّةِ. إِذَا رَأَى الْأَرْنَبُ بيتر هَذَا الشَّيْءَ، فَلَا بُدَّ أَنْ يَعْرِفَ بريكلي بوركي بِذَلِكَ؛ فَهُوَ لَمْ يُغَادِرْ مَنْزِلَهُ هَذَا الصَّيْفَ. وَلِمَاذَا أَخْبَرَنِي أَنَّهُ لَمْ يَرَهُ إِذَا كَانَ قَدْ رَآهُ بِالْفِعْلِ؟»
رَدَّ الْعَمُّ بيلي مُحَاوِلًا أَنْ يُهَدِّئَ مِنْ رَوْعِهِ: «لَا تَكُنْ سَرِيعَ الْغَضَبِ يَا أَخِي الظَّرِبَانَ، لَا تَكُنْ سَرِيعَ الْغَضَبِ؛ فَأَنَا لَمْ أَقُلْ إِنَّ بريكلي بوركي أَخْبَرَنِي بِأَنَّهُ رَأَى الشَّيْءَ الَّذِي يَقُولُ بيتر إِنَّهُ طَارَدَهُ؛ فَهُوَ قَالَ الْحَقِيقَةَ عِنْدَمَا أَخْبَرَكَ بِأَنَّهُ لَمْ يَرَ أَيَّ غَرِيبٍ فِي أَنْحَاءِ تَلِّهِ. فَمَا أَخْبَرَنِي بِهِ هُوَ …» هُنَا هَمَسَ الْعَمُّ بيلي.
انْفَرَجَ وَجْهُ الظَّرِبَانِ جيمي وَقَالَ: «لَقَدِ اخْتَلَفَ الْأَمْرُ.»
رَدَّ الْعَمُّ بيلي: «بِالطَّبْعِ، الْأَمْرُ مُخْتَلِفٌ؛ فَكَمَا تَرَى، لَقَدْ رَأَى بيتر بِالْفِعْلِ شَيْئًا غَرِيبًا، وَلَكِنَّ بريكلي بوركي لَمْ يَرَهُ بِنَفْسِهِ. وَقَدْ رَأَيْتُ ذَلِكَ الشَّيْءَ الْغَرِيبَ بِنَفْسِي، وَالْآنَ أَنَا أَدْعُوكَ لِلذَّهَابِ إِلَى سَفْحِ تَلِّ بريكلي بوركي عِنْدَ شُرُوقِ الشَّمْسِ فِي صَبَاحِ الْغَدِ وَسَتَرَى مَا سَيَحْدُثُ عِنْدَمَا يُحَاوِلُ الثَّعْلَبُ إِظْهَارَ مَدَى شَجَاعَتِهِ. لَكِنْ لَا تَنْسَ أَنَّهُ سِرٌّ.»
حِينَئِذٍ كَانَ جيمي يَضْحَكُ ضَحْكَةً خَافِتَةً، وَوَعَدَ بيلي قَائِلًا: «لَنْ أَنْسَى، سَأَكُونُ هُنَاكَ. وَأَنَا سَعِيدٌ بِمَعْرِفَةِ أَنْ لَا أَحَدَ كَانَ يَكْذِبُ، وَمَعْذِرَةً أَيُّهَا الْعَمُّ بيلي عَلَى ظَنِّي بِكَ أَنَّكَ رُبَّمَا كُنْتَ تَكْذِبُ.»
رَدَّ الْعَمُّ بيلي: «لَا عَلَيْكَ يَا أَخِي الظَّرِبَانَ، لَا عَلَيْكَ. سَأَبْحَثُ عَنْكَ فِي صَبَاحِ الْغَدِ.» وَغَمَزَ لَهُ فِي خُبْثٍ؛ مِمَّا جَعَلَهُ يَضْحَكُ بِصَوْتٍ عَالٍ.