الفصل الحادي عشر

مَاذَا حَدَثَ لِلثَّعْلَبِ ريدي؟

تَمَنَّى الثَّعْلَبُ ريدي كَثِيرًا لَوْ أَنَّهُ صَانَ لِسَانَهُ وَلَمْ يَقُلْ إِنَّهُ لَا يَخْشَى مُقَابَلَةَ الْكَائِنِ الْغَرِيبِ الَّذِي بَثَّ الذُّعْرَ فِي الْأَرْنَبِ بيتر. فَعِنْدَمَا تَبَاهَى بِأَنَّهُ كَانَ سَيَقِفُ وَيَعْرِفُ مَاهِيَّةَ ذَلِكَ الْكَائِنِ إِذَا صَادَفَ أَنْ قَابَلَهُ، لَمْ تَكُنْ لَدَيْهِ أَيَّةُ نِيَّةٍ عَلَى الْإِطْلَاقِ لِفِعْلِ شَيْءٍ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ؛ فَقَدْ كَانَ يَتَبَاهَى دُونَ سَبَبٍ لَا أَكْثَرَ وَلَا أَقَلَّ. فَالثَّعْلَبُ ريدي وَاحِدٌ مِنْ أَكْبَرِ الْمُتَبَاهِينَ فِي الْغَابَةِ الْخَضْرَاءِ أَوْ فِي الْمُرُوجِ الْخَضْرَاءِ؛ فَهُوَ يُحِبُّ السَّيْرَ بِخُيَلَاءَ وَالتَّبَجُّحَ. إِلَّا أَنَّهُ، شَأْنُهُ شَأْنُ كُلِّ الْمُتَبَاهِينَ، كَانَ جَبَانًا فِي الْأَسَاسِ.

كَانَ الْعَمُّ بيلي الْأَبُوسُومُ يَعْلَمُ ذَلِكَ؛ وَلِهَذَا تَحَدَّى ريدي لِلذَّهَابِ فِي صَبَاحِ الْيَوْمِ التَّالِي إِلَى سَفْحِ التَّلِّ الَّذِي يَعِيشُ فِيهِ بريكلي بوركي، وَحَيْثُ مَرَّ الْأَرْنَبُ بيتر بِحَادِثَتِهِ الْغَرِيبَةِ، وَحَيْثُ ادَّعَى الْعَمُّ بيلي نَفْسُهُ أَنَّهُ رَأَى الْكَائِنَ الْغَرِيبَ نَفْسَهُ الَّذِي لَيْسَ لَدَيْهِ رَأْسٌ أَوْ ذَيْلٌ أَوْ أَرْجُلٌ، وَالَّذِي أَخَافَ بيتر كَثِيرًا. قَالَ الْعَمُّ بيلي إِنَّهُ سَيَكُونُ مَوْجُودًا هُنَاكَ بِنَفْسِهِ فِي أَعْلَى شَجَرَةٍ يَسْتَطِيعُ مِنْهَا رُؤْيَةَ مَا إِذَا حَضَرَ ريدي فِعْلِيًّا أَمْ لَا، لِذَا لَمْ يَكُنْ أَمَامَ ريدي سِوَى الذَّهَابِ إِلَى هُنَاكَ وَالْوَفَاءِ بِمَا تَفَاخَرَ بِهِ إِذَا ظَهَرَ الْكَائِنُ الْغَرِيبُ؛ فَقَدْ سَمِعَهُ عَدَدٌ مِنَ السُّكَّانِ الصِّغَارِ وَهُوَ يَتَفَاخَرُ بِمَا كَانَ سَيَفْعَلُهُ، وَسَمِعُوا الْعَمَّ بيلي يَتَحَدَّاهُ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ، وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ إِذَا لَمْ يَفِ بِمَا قَالَهُ، فَلَنْ يَكُفَّ جَمِيعُ مَنْ حَوْلَهُ عَنِ الْحَدِيثِ فِي الْأَمْرِ وَسَيَصِفُونَهُ بِالْجَبَانِ.

لَمْ يَنْعَمْ ريدي بِنَوْمٍ هَانِئٍ عَلَى الْإِطْلَاقِ عَصْرَ ذَلِكَ الْيَوْمِ، وَعِنْدَمَا غَادَرَ بَيْتَهُ وَقْتَ الْغَسَقِ لِصَيْدِ طَعَامِ الْعَشَاءِ، وَجَدَ أَنَّهُ فَقَدَ شَهِيَّتَهُ. وَبَدَلًا مِنَ الصَّيْدِ، أَمْضَى مُعْظَمَ اللَّيْلِ وَهُوَ يُحَاوِلُ أَنْ يُفَكِّرَ فِي سَبَبٍ وَجِيهٍ يَمْنَعُهُ مِنَ الذَّهَابِ إِلَى تَلِّ بريكلي بوركي عِنْدَ بُزُوغِ الْفَجْرِ. لَكِنْ مَعَ كُلِّ مَا فَكَّرَ بِهِ مِنْ حِيَلٍ، لَمْ يَتَوَصَّلْ إِلَى عُذْرٍ وَاحِدٍ يَبْدُو مَنْطِقِيًّا. قَالَ فِي نَفْسِهِ: «لَوْلَا أَنَّ كَلْبَ الصَّيْدِ باوزر يُقَيَّدُ فِي الْمَسَاءِ، لَكُنْتُ جَعَلْتُهُ يُطَارِدُنِي، وَعِنْدَهَا كَانَ سَيُصْبِحُ لَدَيَّ أَفْضَلُ عُذْرٍ.» لَكِنَّهُ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّ باوزر مُقَيَّدٌ. وَمَعَ ذَلِكَ ذَهَبَ إِلَى فِنَاءِ الْمُزَارِعِ براون لِلتَّأَكُّدِ. كَانَ باوزر مُقَيَّدًا تَمَامًا كَمَا تَوَقَّعَ.

تَسَلَّلَ ريدي مُبْتَعِدًا دُونَ أَنْ يُلْقِيَ نَظْرَةً وَاحِدَةً عَلَى حَظِيرَةِ دَجَاجِ الْمُزَارِعِ براون. فَلَمْ يَلْحَظْ أَنَّ الْبَابَ تُرِكَ مَفْتُوحًا بِشَكْلٍ مُهْمَلٍ، وَحَتَّى لَوْ كَانَ رَأَى ذَلِكَ لَمَا شَكَّلَ فَرْقًا لَدَيْهِ؛ فَلَمْ تَكُنْ لَدَيْهِ شَهِيَّةٌ عَلَى الْإِطْلَاقِ. فَلَمْ يَكُنِ الثَّعْلَبُ ريدي لِيَرْغَبَ فِي تَنَاوُلِ دَجَاجَةٍ سَمِينَةٍ لِلْغَايَةِ حَتَّى وَإِنْ كَانَتْ أَمَامَهُ مُبَاشَرَةً. فَكُلُّ مَا يَدُورُ بِخَلَدِهِ كَانَ الْقِصَّةَ الْغَرِيبَةَ الَّتِي رَوَاهَا الْأَرْنَبُ بيتر وَالْعَمُّ بيلي الْأَبُوسُومُ، وَالْمَأْزِقَ الَّذِي أَوْقَعَ نَفْسَهُ فِيهِ بِتَفَاخُرِهِ الْأَحْمَقِ. أَخَذَ يَتَجَوَّلُ فِي قَلَقٍ فِي انْتِظَارِ بُزُوغِ الْفَجْرِ، وَتَمَنَّى أَنْ يَظْهَرَ شَيْءٌ يَمْنَعُهُ مِنَ الذَّهَابِ إِلَى تَلِّ بريكلي بوركي. لَمْ يَجْرُؤْ عَلَى أَنْ يُخْبِرَ الْجَدَّةَ ثعلبة الْعَجُوزَ بِهَذَا؛ فَكَانَ يَعْلَمُ تَمَامَ الْعِلْمِ مَا سَتُخْبِرُهُ بِهِ، وَكَانَ كَمَا لَوْ أَنَّهُ يَسْمَعُ صَوْتَهَا الْحَادَّ وَالْكَلِمَاتِ التَّالِيَةَ:

«هَذَا جَزَاءُ تَفَاخُرِكَ بِشَيْءٍ لَا تَعْلَمُ عَنْهُ شَيْئًا. كَمْ مَرَّةٍ أَخْبَرْتُكَ أَنَّهُ لَا خَيْرَ يَأْتِي مِنْ وَرَاءِ التَّفَاخُرِ! فَالثَّعْلَبُ الْحَكِيمُ لَا يَقْتَرِبُ أَبَدًا مِنَ الْأَشْيَاءِ الْغَرِيبَةِ حَتَّى يَعْرِفَ كُلَّ شَيْءٍ عَنْهَا. هَذَا هُوَ السَّبِيلُ الْوَحِيدُ لِلْبُعْدِ عَنِ الْمَشَاكِلِ وَالْبَقَاءِ عَلَى قَيْدِ الْحَيَاةِ لِعُمْرٍ مَدِيدٍ. فَالْحِكْمَةُ هِيَ الْإِلْمَامُ بِالْأُمُورِ، وَالثَّعْلَبُ الْحَكِيمُ دَائِمًا يَعِي مَا يَفْعَلُ.»

لِذَا هَامَ ريدي عَلَى وَجْهِهِ طَوَالَ اللَّيْلِ. بَدَتِ اللَّيْلَةُ كَأَنَّهَا لَنْ تَمُرَّ، وَمَعَ ذَلِكَ كَانَ يَتَمَنَّى أَنْ تَظَلَّ لِلْأَبَدِ. فَكُلَّمَا فَكَّرَ فِي الْأَمْرِ، زَادَ خَوْفُهُ. فِي النِّهَايَةِ رَأَى الْأَشِعَّةَ الْأُولَى لِقُرْصِ الشَّمْسِ الْأَحْمَرِ الْمُسْتَدِيرِ تَتَسَلَّلُ عَبْرَ الْغَابَةِ الْخَضْرَاءِ. وَالْآنَ حَانَ الْوَقْتُ الْمُحَدَّدُ، وَعَلَيْهِ الِاخْتِيَارُ بَيْنَ الْوَفَاءِ بِمَا تَفَاخَرَ بِهِ أَوْ تَلْقِيبِ الْجَمِيعِ لَهُ بِالْجَبَانِ. سَارَ الثَّعْلَبُ ريدي بِخُطًى بَطِيئَةٍ لِلْغَايَةِ نَحْوَ التَّلِّ الَّذِي يَعِيشُ فِيهِ بريكلي بوركي.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤