لغز ورقة لوزة

دخلت «لوزة» مندفعةً كالسهم إلى حديقة منزل «نوسة ومحب» وقد أطبقَت يدَها على شيء، وقالت: في يدي ورقة … الشاطر فيكم يعرف ما فيها.

كان «تختخ» يجلس منهمكًا في تنظيف ساعته بمنديل «كلينكس»، فالتفَتَ إليها وقال: ما لونُ الورقة؟

لوزة: لن أقول.

محب: ورقة بخمسة جنيهات.

لوزة: غلط.

عاطف: بجنيه واحد.

لوزة: غلط.

نوسة: ورقة بيضاء.

لوزة: ليست بيضاءَ تمامًا.

تختخ: عليها معلومات مهمة.

لوزة: هذا صحيح.

تختخ: هذه المعلومات بداية لغز.

لوزة: تمام.

تختخ: ما هو اللغز؟

لوزة: لا أعرف.

وانفجر الجميع ضاحكين … وقال «محب»: إنَّه لغزٌ، وهمَس في أُذُن «لوزة» قائلًا: لغزٌ من صناعة خيالك!

لوزة: أبدًا ليس لغرًا وهميًّا ولا من صناعة خيالي، وحتى لا نُضيعَ وقتًا سأقول لكم: إنها تعليمات من المفتش «سامي».

انتبهَ الجميع إلى «لوزة» بعد أن كادوا ينصرفون عنها، وقال «عاطف»: ماذا حدث؟ لقد ذهبتِ لشراء قطعة شكولاتة، فهل استبدلت بالشكولاتة لغزًا؟

لوزة: هيَّا إلى دراجاتكم. إن المفتش «سامي» في انتظارنا‏.

نوسة: صحيح؟

لوزة: طبعًا.

فتحت «لوزة» يدَها وأخرجت ورقةً صغيرة مطوية، ثم فتحَتْها وقرأَتْ «فيلَّا راماتان» بالمعادي الجديدة … وقرأَت اسم الشارع والرقم ثم قالت: وأنا ذاهبة إلى «الميني ماركت» لشراء «الشكولاتة» وجدت سيارة «المفتش» السوداء تقف بجواري، وبعد السلامات الحارة قال لي: إنه ذاهب إلى هذا العنوان لبحث موضوع غامض؛ وإذا شئنا لحقنا به.

ولم ينتظر الشياطين كلمة واحدة زيادة؛ ولكن «نوسة» قالت: ولكن «فيلا راماتان» اسم «فيلا» عميد الأدب المرحوم الدكتور «طه حسين» … وهي في شارع الهرم وليس في المعادي.

تختخ: إنك مرجعنا في كل شيء يا «نوسة»، ولكن ما معنى «راماتان»؟

نوسة: إنهما مثنى كلمة «رامة» وهي كلمة فارسية تعني الواحة.

محب: هذه الفتاة مثقفة.

تختخ: إنها ذاكرة المغامرين الخمسة وقاموسهم الذي لا يخطئ.

ابتسمت «نوسة» في خجل، وقالت: لا داعي لكل هذه التحيات مقابل مسألة معروفة.

محب: أنا شخصيًّا لم أكن أعرف.

تختخ: ولا أنا.

لوزة: و… و…

تختخ: وأنت طبعًا يا «لوزة».

ضحك الجميع … وانطلقوا إلى درَّاجاتهم ثم اجتازوا الشوارع مسرعين … كانت إجازة نصف السنة والجو بارد نسبيًّا، ولكن الشمس كانت تتمكن من التسلل بين السحاب والوصول إلى الأرض بين فَينة وأخرى … كانوا سعداء ثاني أيام الإجازة، والجو جميل وهناك لغزٌ في انتظارهم.

استغرقت الرحلة نحو نصف ساعة، وبعد سؤال أحد الباعة عرفوا الطريق … وبعد دقائق كانوا يُقبلون على فيلا «راماتان»، كانت الفيلا محاطةً بسور من الطوب، وقد غطَّت النباتاتُ المتسلقة أغلبَ أجزائه وأخفَت المبنى عن العيون، ووصلوا إلى الباب الرئيسي الذي كان مغلقًا وقد وقف خلفه البواب … واتجه «تختخ» إلى الرجل، وقال: نريد مقابلة المفتش «سامي».

البواب: مَن أنتم؟

تختخ: قُل له «توفيق».

دخل «البواب» غرفته الصغيرة، وأجرى اتصالًا تليفونيًّا داخليًّا وشاهده الأصدقاء من خلال فُتحة في غرفته؛ ثم عاد إلى «تختخ» وفتح الباب وهو يقول: تفضلوا.

عندما دخل المغامرون الخمسة الحديقة، ذُهلوا لجمالها … كانت تحفةً سواء من ناحية المعمار أو نوع النباتات والألوان …

وقال محب: شيءٌ مدهش.

ردَّ عاطف: إنها أجمل حديقة رأيتُها في حياتي.

أما تختخ فكان يتطلع إلى «الفيلا» القابعة في نهاية الحديقة، وقال: ولكن «الفيلا» أروع!

وتطلع الأصدقاء إلى الفيلا البالغة الروعة، وتصايحوا في إعجاب وخاصة عندما اقتربوا من حمام السباحة الكبير «البيسين» بمياهه الزرقاء الداكنة، وعندما اقتربوا أكثر شاهدوا ما هو أعجب، كان حمام السباحة يمتدُّ إلى داخل «الفيلا»، وكانت صالة الفيلا السفلية عبارة عن ثلث الحمام الكبير … ويمكن فصل الجزء الداخلي من الحمام عن الجزء الخاص بستارة من الزجاج السميك أثناء الليل …

ووقف المغامرون مذهولين أمام روعة المكان، ولم يُخرجْهم من ذهولهم إلَّا صوتُ المفتش «سامي» وهو يصيح: مرحبًا بالأصدقاء … فاتجهوا إليه، كان يجلس إلى مائدة على طرف حمام السباحة، يتحدث مع رجل شديد الأناقة وحولهما وقف أعوان المفتش «سامي» من الضباط والجنود …

تبادل «المفتش» مع الأصدقاء تحيات حارة، ثم قال: تجوَّلوا قليلًا في الفيلا حتى أنتهيَ من العمل وسوف أراكم بعد ذلك …

ترك المغامرون دراجاتهم … أخذوا يتجولون في الفيلا، كانت مبنًى فاخرًا من ثلاثة طوابق، في الطابق الأرضي مجموعة من الصالونات، بعضها غربي وبعضها عربي، ويضم مكتبة رائعة، وقاعة لعرض الأفلام، ومطابخ من أحدث طراز تعمل جميعُ الأفران فيها بأشعة «الليزر» حيث يتمُّ طهيُ الطعام في دقائق قليلة، كان كل شيء مدهشًا، ولكن ما لفت نظر المغامرين أكثر من أي شيء آخر هو حمام السباحة … فهو نادر من الحمامات يمكن النزول إليه من السُّلَّم الداخلي للفيلا، ويمكن النزول إليه من الخارج …

وعادوا إلى الحمَّام واتجه إليهم المفتش «سامي» وقد بدَتْ عليه علامات التفكير، ثم قال: أيها الأصدقاء، نحن أمام لغزٍ شديد التعقيد، إنه لغزُ اختفاء المليونير «محسن صديق».

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤