الشاويش فرقع يظهر

لم يكن الموقف يتحمل الهزار، وقال «تختخ» في غلظة: اسمع يا سيادة الشاويش، لقد جئتُ هنا بموافقة المفتش «سامي»، وهناك تعليمات عند رجال الحراسة بمقابلتي، إنني لا أعترض طريقك فلا تعترض طريقي …

الشاويش: وهل سيحضر المفتش؟

تختخ: نعم، ولكن ليس الآن، هل تعلم بما حدث للبواب؟

هزَّ الشاويش «فرقع» رأسه في تعاظم، ثم فتَل شاربَه وقال: هل تظن أن هناك شيئًا يحدث في هذه الأنحاء ولا أعرفه؟

تختخ: وكيف حاله؟

الشاويش: إنني قادم من المستشفى حالًا، ومعي محضر الحديث الذي أجريتُه معه.

تختخ: هل أستطيع أن أراه؟

الشاويش (غاضبًا): لا يمكن، وأنك بهذا تتدخل في الأعمال الرسمية إنني …

ولم يتركه «تختخ» يُكمل حديثه، بل دقَّ البوابة وأطلَّ أحد رجال الشرطة فقال له «تختخ»: أنا «توفيق» أظن … قال رجل الشرطة مرحبًا، أهلا بك … عندنا تعليمات من المفتش بتسهيل مهمتك.

احمرَّ وجه الشاويش ودفع دراجته ليجتاز البوابة قبل «تختخ» الذي ابتسم دون تعليق … اتجه «تختخ» إلى الفيلا فورًا، خلع ثيابه في إحدى الغرف في الدور السفلي، وارتدى ثياب الغوص الجلدية ثم قفز إلى الجزء الداخلي لحمام السباحة داخل الفيلا، لم يكن يدري عن أي شيء يبحث بالضبط، ولكنَّ شعورًا داخليًّا قويًّا كان يؤكِّد له شيئًا ما في حمام السباحة له علاقة بهذه القصة كلها.

أخذ «تختخ» يغوص إلى قاع الحمام وأدهشه أن يجده عميقًا أكثر مما توقَّع بكثير … وظل يغوص إلى أن وصل إلى القاع، ثم أخذ يتحسس أرضية الحمام شبرًا شبرًا دون أن يعثر على أي شيء.

ثم صَعِد إلى السطح ليستردَّ أنفاسه وكم كانت دهشته عندما وجد بقية المغامرين يقفون حول حوض السباحة.

قالت «لوزة»: هذه خيانة.

تختخ: آسف جدًّا لم أتوقع أن تستيقظوا مبكرين.

نوسة: لقد اجتمعنا ثم ذهبنا إلى منزلكم، ولما لم نجد الدراجة أو «زنجر» أدركنا أنك سبقتَ إلى هنا.

عاطف: ماذا تفعل؟

تختخ: لا شيء مجرد تمرين على العوم.

محب: ولماذا في الداخل وليس في الخارج؟

تختخ: لا أدري هل سمعتم الأخبار؟

نوسة: أية أخبار؟

تختخ: لقد اعتدى أشخاص مجهولون على البواب بالضرب وتركوه بين الحياة والموت، وهو الآن في المستشفى.

محب: هل أعادوا سرقة الفيلا؟

تختخ: إنهم لم يدخلوها لقد كانت هناك حراسة في الداخل، لقد اعتدَوا على البواب في الخارج، وكان الجو عاصفًا ليلًا فلم يسمع رجال الحرس استغاثتَه.

نوسة: أو أنه لم يستغث على الإطلاق.

تختخ: وهذا ممكن أيضًا.

خرج «تختخ» من الحمام وجلس على حافة الحوض، وظهر «زنجر» في هذه اللحظة وأقبل مسرعًا ناحية المغامرين الخمسة، وخطرت ببال «لوزة» فكرة فقالت: لماذا لا تأخذ «زنجر» إلى غرفة المليونير «محسن صديق» ونطلب منه أن يشمَّ رائحة ملابسه لعله يهدينا إلى شيء!

تختخ: فكرة عظيمة عليكم بتنفيذها … أما أنا فسوف أواصل البحث في هذا الحمام العجيب.

وأسرع المغامرون ومعهم «زنجر» إلى غرفة المليونير، وكم كانت دهشتهم أن وجدوا الأستاذ «حسام» السكرتير في الغرفة، وقد قام بترتيبها ورشِّها برائحة الورد، وعندما ظهر المغامرون ابتسم قائلًا: أين أنتم؟

محب: إننا في انتظار أحداث جديدة، هل اتصل بك المختطفون؟

حسام: آسف لا أستطيع أن أقول لكم شيئًا حتى يحضر المفتش «سامي».

لم يجد المغامرون ما يفعلونه، ولكن «محب» سأل «حسام»: لماذا تعيد ترتيب غرفة المليونير «صديق» ألَا تنتظر خبراء المعمل الجنائي؟

حسام: لقد حضروا ورفعوا البصمات، وفتشوا المكان تفتيشًا دقيقًا ولم يعثروا على شيء.

محب: هل نستطيع الحصول على قطعة من ملابس المليونير «صديق»؟

حسام: بالطبع، ولكن لماذا؟

ردَّ «محب» مشيرًا ﻟ «زنجر»: إن كلبنا هذا يملك حاسةَ شمٍّ قوية، ولعله إذا شمَّ قطعةً من ملابسه فإنه يستطيع متابعة الأثر.

أشار «حسام» إلى دولاب الملابس وقال: تفضَّلوا فخذوا ما تشاءون.

تردَّد المغامرون لحظات ثم تقدَّم «عاطف» وفتح الدولاب، كانت الملابس مغسولة ومكوية ومرتبة بعناية في الدولاب الضخم، وأشار «عاطف» ﻟ «زنجر» الذي فَهِم مهمتَه على الفور فقفز إلى داخل الدولاب، وأخذ يتشمم كلَّ شيء، ولكن كان واضحًا من حركاته أنه غير متحمس، وهذا يعني أنه لم يجد شيئًا ولكن لدهشة الأصدقاء كان «زنجر» يلف ويدور حول «حسام»، ولكن دون نباحِه المشهور والمشهود، وتركهم «حسام» وخرج، وخرج المغامرون خلفه واتجهوا مرة أخرى إلى حمام السباحة ومرة أخرى وجدوا «تختخ» يجلس على حافة الحمام وقد استغرق في تفكير عميق …

لوزة: ماذا وجدتَ في الحمام؟

قال «تختخ» (مبتسمًا): إن حالي مثل حال الشاعر العربي الذي قال: وفسَّر الماءَ بعد الجهد بالماء.

نوسة: إنك شاعر أيضًا.

تختخ: شاعر خائب، ولكنني أحفظ بعض الأبيات.

لوزة: شيء غريب هذا اللغز ليس هناك دليلٌ واحد يمكن أن يقود إلى شيء حتى «زنجر» لم يجد شيئًا يمكن أن يذهب خلفه.

ولم يردَّ «تختخ» وفجأةً سمعوا صوت سيارة تقف أمام الفيلا ومضَت فترةُ صمت، ثم ظهر المفتش «سامي» ومعه بعض رجاله والسكرتير «حسام» الذي كان يتحدث إلى المفتش حديثًا هامسًا.

وقف المغامرون الخمسة احترامًا للمفتش الذي كان يبدو عليه الإرهاق، ولكنه ابتسم لهم قائلًا: ما هي الأخبار؟

ردَّت «نوسة»: إننا في انتظار أن نسمع منك.

هزَّ المفتش رأسه قائلًا: لا شيء جديد …

قال تختخ: هل قابلتَ الشاويش «علي»؟

أخرجَ المفتشُ بضعَ ورقات من جيبه وقال: ولم يحصل من حديثه مع البواب على شيءٍ هامٍّ … الرجل ما زال في حالة خطرة.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤