أوراق متناثرة

ساد الصمت صالة الفيلا، ثم استأذن «المفتش» في دخول غرفة المكتب ومعه السكرتير «حسام»، ‏ وخرج المغامرون إلى حديقة الفيلا، ولكن «تختخ» تركهم وأخذ «زنجر» معه ثم دار حول الفيلا، كان السور بحديقة الفيلا حتى مسافة بعيدة، ولكن خلف الفيلا مباشرة وجد «تختخ» مبنًى صغيرًا مغلقًا، أخذ يدور مسافة بعيدة حوله، كان حوله آثارُ أقدام حديثة وبقايا سائل أسود، انحنى «تختخ» وأخذ يتشمَّمه فعرف أنه من زيت الماكينات.

وضع ‎«تختخ» أُذُنَه على حائط المبنى الصغير وخُيِّل إليه أنه يسمع هديرًا بعيدًا كأنه جهاز تكييف أو ثلاجة، وكان «زنجر» يدور حوله وهو ينبح في هياج وتوتُّر، وأخذ «تختخ» يَرْبت على رأسه ليهدأ، ثم عاد مرة أخرى إلى المغامرين …

كان المفتش «سامي» مشتبكًا معهم في حوار حول اختفاء المليونير، وقد جلس السكرتير «حسام» يستمع إليهم صامتًا دون أن يُعقِّب على حديثهم … واشترك «تختخ» في الاستماع إلى المفتش الذي كان يقول: إن تدبير مبلغ ٣ ملايين جنيه نقدًا يحتاج إلى موافقات عديدة، ثم وضع إشارة على كل ورقة نقدية حتى إذا استطاع الخاطفون الفرار بالفدية يمكن متابعتهم عن طريق هذه الإشارات.

قال «تختخ»: هل اتصل الخاطفون مرة أخرى؟

المفتش: نعم، والشيء الغريب أنهم علموا أن «حسام» أبلغ الشرطة.

تختخ: شيء مدهش … هذا يعني أن هناك مَن يتجسس على الأستاذ «حسام»؟

لوزة: أو مَن يتجسس علينا!

عاطف: أو يكون بيننا خائن بلَّغ المختطفين كما يحدث في الروايات البوليسية.

نوسة: ومَن تُرشحه منا لهذا الدور؟

تختخ: لكي تبلغَ القصةُ الذروة فيجب أن يكون الشخص الذي يُبلغ المختطفين هو المفتش «سامي» نفسه.

وانطلقت الضحكات من الشياطين … وضحك المفتش أيضًا وقال: إنك مؤلف بارع.

تختخ: على العكس، إن هذا هو الواقع فقد انتهيت مؤخرًا من قراءة كتاب «صائد الجواسيس» وهو: الكتاب الذي أثار ضجة واسعة في العام الماضي، وهو كتاب يتحدث عن جهاز «م. أ. ﻫ م» وهو الجهاز السري الإنجليزي الذي يكافح التجسس داخل إنجلترا.

المفتش: لقد قرأتُ عنه، ولكن لم يتَّسع وقتي لقراءته.

تختخ: إنه من أمتع الكتب التي قرأتها لأن مؤلِّفَه كان واحدًا من أهم شخصيات جهاز «م. أ. ه م»، وقد اكتشف أن جميع خططهم تصل إلى دولة معادية أولًا بأول، وكان لا بد من وجود جاسوس في الجهاز، ولكنهم لم يجدوا جاسوسًا واحدًا بل وجدوا خمسة جواسيس.

محب: خمسة!

تختخ: نعم وقد استطاع ثلاثة منهم الفرار واعترف الرابع.

نوسة: والخامس؟

تختخ: إنه رئيس الجهاز نفسه.

صاحوا جميعًا في دهشة: معقول!

تختخ: هذا ما حدث بالضبط.

عاطف: ونحن خمسة أيضًا فمَن منا يهرب ومَن منا يعترف ومَن يكون رئيس الجهاز؟

المفتش: المسألة واضحة تهرب «نوسة» و«لوزة» و«محب» وتعترف أنت.

لوزة: ويتضح أن الخائن الخامس أو الجاسوس الخامس هو «تختخ» باعتباره زعيم المغامرين الخمسة.

وضجَّ الجميع بالضحك وقال «تختخ»: أين مفاتيح الفيلا يا سيدي المفتش؟

المفتش: إنها مع الأستاذ «حسام».

التفت «تختخ» نحو السكرتير وسأله: هل يمكن أن تدبر لي نسخة من كل مفتاح؟

حسام: مسألة سهلة ولكن لماذا؟

المفتش: لعلك تبحث عن غرف خفية أو دهليز تحت الأرض.

تختخ: هذا ممكن.

حسام: إن المفاتيح ليست معي الآن، سأُحضرها غدًا صباحًا من مسكني، والآن أستأذن منكم لأنني أريد الحصول على بعض الأوراق الهامة من مكتب المليونير لإنهاء بعض الأعمال المتعطلة، وذلك بعد إذن المفتش «سامي» طبعًا.

المفتش: لا مانع لديَّ ونظر إلى ساعته، ثم قال: إنني لا بد أن أعود إلى مكتبي فلديَّ بعض الأعمال العاجلة …

وانصرف المفتش بعد أن تبادل التحية مع المغامرين وقالت «نوسة»: لماذا لا نقضي اليوم هنا؟

لوزة: فكرة رائعة.

تختخ: ولكن ليس معنا طعام.

محب: إنك تفكر في بطنك كالمعتاد.

عاطف: أعتقد أننا سنجد في هذه الفيلا الفاخرة طعامًا من أي نوع بعد استئذان المفتش «سامي».

واتجه المغامرون إلى داخل الفيلا ولاحظ «تختخ» وجود أوراق متناثرة على الحديقة، ‏ وبينما كان المغامرون منشغلين بالحديث التقط هو الأوراق ونظر إلى ما فيها، ولاحظ على الفور أنه محضر الشرطة ففيه أسئلة وأجوبة، ودهش «تختخ» لأن المحضر بتاريخ اليوم، ونظر إلى نهاية المحضر فوجد توقيع الشاويش «علي» ونظر «تختخ» حوله، ومن بعيد شاهد الشاويش يأتي من باب الفيلا فأسرع بالاختفاء خلف أحد الأشجار وأخذ يقرأ الأوراق بسرعة، كان محضر المناقشة الذي أجراه الشاويش مع البواب المصاب، ولم يكن فيه الكثير مما يفيد التحقيق عدا جملة واحدة توقف أمامها «تختخ» قليلًا ثم خرج من خلف الشجرة ووجد الشاويش أمامه، كان يبدو مرتبكًا، وقد احمرَّ وجهه كعادته عندما يغضب، ولم يَكَد يرى «تختخ» حتى مدح فيه وقد لاحظ الأوراق بيده: أنت الذي أخذتَها.

تختخ: ما هي يا شاويش؟

الشاويش: أوراقي، المحضر أنت الذي …

وقبل أن يُتمَّ الشاويش جملتَه ناول «تختخ» الأوراق له، وقال: إنني لم آخذ شيئًا يا شاويش، إنك أنت الذي نسيتَها.

الشاويش أنا لم أنسَ … أنت.

تختخ: على كل حال، ليس فيها ما يُفيد التحقيق إنها …

وثار الشاويش ثورة عارمة وعرف «تختخ» أنه أخطأ باعترافه أنه قرأ الأوراق فأسرع يناولها للشاويش، ثم غادره مسرعًا إلى الفيلا …

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤