فلما كانت الليلة ٤٥٩

قالت: بلغني أيها الملك السعيد أن الجارية لما قالت له الجواب قال لها: أخبريني عن آدم وأول خلقته. قالت: خلق الله آدم من طين، والطير من زبد، والزبد من بحر، والبحر من ظلمة، والظلمة من نور، والنور من حوت، والحوت من صخرة، والصخرة من ياقوتة، والياقوتة من ماء، والماء من القدرة؛ لقوله تعالىإِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (يس: ٨٢). قال: فأخبريني عن قول الشاعر حيث قال:

وَآكِلَةٍ بِغَيْرِ فَمٍ وَبَطْنٍ
لَهَا الْأَشْجَارُ وَالْحَيَوانَاتُ قُوتُ
فَإِنْ أَطْعَمْتَهَا انْتَعَشَتْ وَعَاشَتْ
وَلَوْ أَسْقَيْتَهَا مَاءً تَمُوتُ

قالت: هي النار. قال: فأخبريني عن قول الشاعر حيث قال:

خَلِيلَانِ مَمْنُوعَانِ مِنْ كُلِّ لَذَّةٍ
يَبِيتَانِ طُولَ اللَّيْلِ يَعْتَنِقَانِ
هُمَا يَحْفَظَانِ الْأَهْلَ مِنْ كُلِّ آفَةٍ
وَعِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ يَفْتَرِقَانِ

قالت: هما مصراعا الباب. قال: فأخبريني عن أبواب جهنم. قالت: سبعة، وهي ضمن بيتين من الشعر:

جَهَنَّمُ وَلَظًى ثُمَّ الْحَطِيمُ كَذَا
عُدَّ السَّعِيرُ وُكُلُّ الْقَوْلِ فِي سَقَرِ
وَبَعْدَ ذَاكَ جَحِيمٌ ثُمَّ هَاوِيَةٌ
فَذَاكَ عِدَّتُهُمْ فِي قَوْلِ مُخْتَصَرِ

قال: فأخبريني عن قول الشاعر حيث قال:

وَذَاتِ ذَوَائِبَ تَنْجَرُّ طُولًا
وَرَاءَهَا فِي الْمَجِيءِ وَفِي الذَّهَابِ
بِعَيْنٍ لَمْ تَذُقْ لِلنَّوْمِ طَعْمًا
وَلَا ذَرَفَتْ لِدَمْعٍ ذِي انْسِكَابِ
وَلَا لَبِسَتْ مَدَى الْأَيَّامِ ثَوْبًا
وَتَكْسُو النَّاسَ أَنْوَاعَ الثِّيَابِ

قالت: هي الإبرة. قال: فأخبريني عن الصراط ما هو، وما طوله، وما عرضه؟ قالت: أما طوله فثلاثة آلاف عام؛ ألف هبوط، وألف صعود، وألف استواء، وهو أحدُّ من السيف، وأرقُّ من الشَّعْر. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتَتْ عن الكلام المباح.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤