فلما كانت الليلة ٣٥٣

قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أنه لما مات المتوكل، سلاه جميع مَن كان له من الجواري إلا محبوبة، فإنها لم تزل حزينة عليه حتى ماتت ودُفِنت بجانبه رحمة الله عليهم أجمعين.

fig6
وكانت امرأةٌ تأتيه كلَّ يومٍ بدينارٍ يُقارِب وزنُه وزنَ دينارَين ونصف.

حكاية وردان الجزار والمرأة والدب

ومما يُحكَى أنه كان في زمن الحاكم بأمر الله رجل بمصر يُسمَّى وردان، وكان جزَّارًا في اللحم الضاني، وكانت امرأة تأتيه كل يوم بدينار يقارب وزنُه وزنَ دينارين ونصف من الدنانير المصرية، وتقول له: أعطني خروفًا. وتُحضِر معها حمَّالًا بقفص، فيأخذ منها الدينار ويعطيها خروفًا، فتحمله إلى الحمال وتأخذه وتروح به إلى مكانها، وفي ثاني يوم وقت الضحى تأتي. وكان ذلك الجزار يكتسب منها كل يوم دينارًا، وأقامت مدة طويلة على ذلك؛ فتفكَّر وردان الجزَّار ذات يوم في أمرها، وقال في نفسه: هذه المرأة كل يوم تشتري مني بدينار، ولم تغلط يومًا واحدًا، وتشتري مني بدراهم، فهذا أمر عجيب. ثم إن وردان سأل الحمال في غيبة المرأة فقال له: إلى أين تروح كل يوم مع هذه المرأة؟ فقال له: أنا في غاية العجب منها؛ فإنها كل يوم تحمِّلني الخروف من عندك، وتشتري حوائج الطعام والفاكهة والشمع والنقل بدينار آخَر، وتأخذ من شخص نصراني مروقتين نبيذًا وتعطيه دينارًا، وتحمِّلني الجميع وأسير معها إلى بساتين الوزير، ثم تعصب عيني بحيث إني لا أنظر موضعًا من الأرض أحطُّ فيه قدمي، وتأخذ بيدي فما أعرف أين تذهب بي، ثم تقول: حطَّ هنا. وعندها قفص آخَر فتعطيني الفارغ، ثم تمسك يدي وتعود بي إلى الموضع الذي شدَّتْ عينيَّ فيه بالعصابة، فتحلها وتعطيني عشرة دراهم. فقال له الجزار: الله يكون في عونها. ولكن ازداد فكرًا في أمرها، وكثرت عنده الوساوس، وبات في قلق عظيم. ثم قال وردان الجزار: فلما أصبحتُ أتتني على العادة، وأعطتني الدينار، وأخذت الخروف وحملته إلى الحمال وراحت؛ فأوصيت صبيِّي على الدكان وتبعتها بحيث لا تراني. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتَتْ عن الكلام المباح.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤