الشعر الجاهلي وفطرة الشعب العربي
فمن خصائص هذا الشعب العربي الاستعداد الفطري للشعر بنفسيته وأخلاقه، وطبيعة بيئته، وأحوال معيشته القومية والفردية، وبسبب اللغة العربية نفسها، فإنها بإقرار جميع المتضلعين من علماء المشرقيات وأصول اللغات لغةٌ شعريةٌ برنين مفرداتها وأساليبها وروحها ومعانيها، فتعدد شعراؤها وكثرت قصائدهم ومقطوعاتهم وأبياتهم المفردة المرتجلة، ولم يخطئ الجاحظ — أحد أئمة الأدب العالمي — حيث قال في صفحة ١٣ من الجزء الثالث من البيان والتبيين: إنَّ كل شيء للعربي إنما هو بديهة وارتجال، وكأنه إلهام، وليست هناك معاناة ولا مكابدة، ولا إجالة فكرة ولا استعانة، وإنما هو أن يصرف همه إلى الكلام وإلى رجز يوم الخصام، أو حين يمتح على رأس بئر، أو يحدو ببعير، أو عند المقارعة والمناضلة، أو عند صراع أو في حرب، فما هو إلا أن يصرف وهمه إلى جملة المذهب، وإلى العمود الذي إليه يقصد، فتأتيه المعاني إرسالًا، وتنثال عليه الألفاظ انثيالًا، ثم لا يعيده على نفسه، ولا يدرِّسه أحدًا من ولده.
بيد أنَّ فضل العرب يكبر في نظرنا؛ لأنهم كانوا أميين لا يكتبون، ومطبوعين لا يتكلفون، وكان الكلام عندهم أظهر وأكثر، وهم عليه أقدر وأقهر، وكل واحد في نفسه أنطق ومكانه من البيان أرفع، وخطباؤهم أوجز والكلام عليهم أسهل، وهو عليهم أيسر من أن يفتقروا إلى تحفظ ويحتاجوا إلى تدارس، وليس هم كمن حفظ علم غيره، واحتذى على كلام من كان قبله، فلم يحفظوا إلا ما علق بقلوبهم، والتحم بصدورهم، واتصل بعقولهم، من غير تكلف ولا قصد، ولا تحفظ ولا طلب.
ونعتقد أنَّ كثيرًا من الشعر الجاهلي قد ضاع لعدم تدوينه في الجاهلية، وقد يكون مجموع ما نظمه عرب الجاهلية في نهضتهم الأدبية السابقة للمبعث بقرنين أغزر مما اجتمع لأية أمة سواهم في عدة قرون، وورد في المزهر ج٢ ص٢٣٧ عن عمرو بن العلاء أنه قال: «ما انتهى إليكم مما قالت العرب إلا أقله، ولو جاءكم وافرًا لجاءكم علم وشعر كثير.» ومن مفاخر هؤلاء العرب الجاهليين أنهم نظموا الشعر، وأبدعوا وهم بلا دولة ولا دين منزَّل، فهم من هذه الناحية الأدبية أرقى من اليونان والرومان والهنود، فإن الرومان لم ينظموا الشعر اللاتيني إلا بعد تأسيس دولتهم بمئات السنين، ولم يبلغ الشعر اللاتيني أوجه إلا في عهد أغسطس وتيبريوس بعد تأسيس رومة بثمانية قرون، ونحن ندرك سر ذلك البكور المبارك فيه في ظهور مواهب الشعر عند العرب، وهو أنَّ الشعر داخل في كل فن من فنونهم ومتغلغل في كل عمل من أعمالهم، مرافقًا لحركاتهم وسكناتهم حتى يخيل إلى الناظر في أشعارهم أنهم كانوا لا ينطقون إلا بالشعر، وكان كل عربي وعربية شاعرًا، أو يقول الشعر ولو قليلًا، حتى الملوك والأمراء والفرسان والحكماء والصعاليك والعبيد والمجرمين من قتلة ولصوص والمرضى والمجانين وغيرهم. ونذكر بسرور أنَّ مؤلف الشعر الجاهلي اعترف بشعر النساء الشواعر، فقال في ص١٦٢: «مع أننا نقرأ للخنساء وليلى الأخيلية شعرًا فيه قوة المتن وشدة الأسر، ما يعطينا صورة صادقة للمرأة العربية البدوية.» واستشهد على صحة رأيه بأحد عشر بيتًا لجليلة ص١٦٣ منها:
أفلا يستفيد المؤلف شيئًا عن حياة الجاهلية من هذه الأبيات؟!
ولا يدهشن القارئ لقولنا إنه كان للمجرمين واللصوص والمجانين من عرب الجاهلية شعر، فإن لأمثالهم في المدنية الأوروبية الحديثة شعرًا وفنونًا، فعقد المبكي على نبوغه سيزار لومبروزو أستاذ الطب الشرعي في جامعة تورينو بإيطاليا فصلًا في كتابه «الرجل العبقري» على «الفنون الجميلة عند المجانين» (ص١٧٩–٢٠٨)، واستشهد بصور وقصائد من صنع المجانين ووضعهم، وذكر الأستاذ هافلوك إلس في كتابه «المجرم» في ص٢٤٠ شعرًا فرنسيًّا من نظم الجاني لا سينير:
تفسيره «لنشرب نخب الحكمة والفضيلة المنجدة، ولنستطع في غير سكر تمجيد أهل الخير والصلاح»، فلا عجب إذا كان من الشعر الجاهلي ما قاله الجناة والمجانين لتكمل صورة الحياة القومية بجميع مقوماتها وعيوبها، ومحاسنها ومكارهها.
كان ثابت بن جابر بن سفيان — تأبط شرًّا — من المجرمين، روى عمرو بن أبي عمرو الشيباني أنه نزل على حي من فهم إخوة عدوان من قيس، فسألهم عن خبر تأبط شرًّا، فقال له بعضهم: وما سؤالك عنه أتريد أن تكون لصًّا؟ (ص٢٥١ ج٢ من الأغاني طبع بيروت)، وكان هذا اللص شاعرًا، وصف نفسه فقال:
وعندنا أنه كان مجنونًا؛ لأنه وصف لقاءه بالغول في شعره كثيرًا، وقال إنه لقيها في ليلة ظلماء في موضع يقال له رحى بطان في بلاد هذيل، فأخذت عليه الطريق، فلم يزل بها حتى قتلها وبات عليها، وقال في ذلك شعرًا:
أما عن جرائم تأبط شرًّا التي تعد من الجنايات والجنح، فقد وصفها في شعره الذي وصل إلينا مفاخرًا بها لضعف الوازع الأدبي في نفسه كأمثاله من المجرمين، من ذلك أنه كان يشتار عسلًا في غار من بلاد هذيل، فرصدوه حتى إذا جاء تدلى فدخل الغار فأغار عليه المترصدون، ولكنه أفلت منهم بحيلة عجيبة وخرج سليمًا وقال:
وكان عروة بن الورد — وسموه عروة الصعاليك — يجمع المرضى والضعاف، ويحفر لهم الأسراب، ويكنف عليهم الأكناف، ويمرضهم ويكسوهم، ومن قوي منهم خرج به عروة فسطا، وجعل لأصحابه الباقين في ذلك نصيبًا، وهكذا حتى يستغني هؤلاء المرضى الذين صيرهم الضعف والفقر وكبر السن لصوصًا وجناة.
وفي هذا يقول عروة وقد ضاقت حاله:
وقد حدث في تلك المستعمرة الإجرامية ما يحدث في أشباهها لعصرنا من الفتنة والعقوق بسبب الخلاف على اقتسام الغنائم. فإن هذه «العصبة» الجاهلية سطت على رجل صاحب مائة من الإبل، فقتله عروة وأخذ إبله وامرأته، وكانت من أحسن النساء، فأتى بالإبل أصحاب الكنيف؛ أي الحظيرة من الشجر التي كان يحظرها على شركائه المرضى والضعاف، فتقيهم من الريح والبرد حتى يبلوا وتثوب قوتهم، ثم قسم الإبل بينهم، وأخذ مثل نصيب أحدهم، ولم يميز نفسه في الإبل، ولكنه استبقى المرأة، فلم يجعلها من نصيب أحد! فقالوا: لا واللات والعزى! لا نرضى حتى تجعل المرأة نصيبًا، فمن شاء أخذها، فأجابهم إلى أن يرد عليهم الإبل جميعها إلا راحلة يحمل عليها المرأة حتى يلحق بأهله، فأبوا ذلك عليه، وفي هذا يقول قصيدته التي مطلعها:
قلنا إنَّ الشعر الجاهلي مرآة الحياة الجاهلية، وبنينا رأينا على أنَّ قائليه فطروا على السذاجة وبغض التصنع في كل شيء شأن أهل البادية لبعدهم عن شوائب الحضارة، وعنوان هذه الفطرة الطبيعية الصدق بمعانيه كلها، ويتفرع من الصدق استقلال الفكر والشجاعة الأدبية والصراحة وعدم التكلف والبعد عن التعمل في كلامهم، فيقولون ما يخطر ببالهم ويصورونه كما يتمثل لخيالهم بدون تزويق أو تنميق، وقد صدق شاعرهم إذ يقول — عن العقد الفريد ص٩٣ ج٢:
فحياة الجاهلية أمامنا صحيفتها منشورة على أساس الفطرة والصدق والحقيقة، فكان الشاعر الجاهلي إذا تيمه الحب وأراد التعبير عن الشوق والهيام وصف ما يشعر به حقًّا وصدقًا لا خيالًا ووهمًا:
وهو ظاهر الإخلاص والصدق في تصوير حاسة الحب تصويرًا صحيحًا:
وكقول ابن الدمينة:
فمن ذا الذي لا يعتقد أنَّ قائل هذا الشعر يعبر عن شعور صادق صحيح؟!
وكان الشاعر الجاهلي في رثائه صادقًا، فلا يبالغ في وصف مصابه، بل يعمد إلى الأثر الصحيح الذي أحدثه موت الحبيب أو القريب في نفسه، فينطق به بعبارة واضحة بريئة من الندب والعويل وانطباق السماء على الأرض وكسوف الشمس وحداد الأكوان بأسرها على الفقيد كما فعل المولدون أرباب التصنع والتكلف، وإليك أبياتًا من رثاء جليلة التي صدَّق المؤلف بشعرها ص١٦٢:
وكانوا كذلك في الهجاء، وإليك هجاء النابغة الذبياني في عامر بن الطفيل:
فهذا كلام على سذاجته أشد عند الحُرِّ من وخز الإبر، وأقسى من التقلب على الجمر، لين وجيز وفي ثناياه السم والعطب، ولم يكن المهجو أقل إدراكًا من الرجل الحديث، فإن عامرًا لما بلغه هذا، شعر كأنه صُفِعَ بكفٍّ من فولاذٍ مبطنة بمخمل فقال: «ما هجاني أحد حتى هجاني النابغة! جعلني القوم رئيسًا وجعلني النابغة سفيهًا جاهلًا وتهكم بي» (ص٧٩ ج١ تاريخ آداب اللغة العربية للمرحوم زيدان)، ثم انظر إلى قول قريط بن أنيف أحد شعراء بلعنبر وقد هيض جانبه واستضعفه خصمه — عن الحماسة ج١ ص٣:
وحديث هذا الشاعر أنَّ بني اللقيطة من ذهل بن شيبان استباحوا إبله، فاستنجد قومه فلم ينجدوه، فقال هذا الشعر وفيه عتاب دقيق لقومه، وقد وصفهم بتجنب الشر ومغفرة الظلم، ولم يكن هذا الخلق اللين الهين الممدوح في آداب الأديان المنزلة من الخصال المحمودة في الجاهلية، فحصر الشاعر خشية الرب في قومه، وإنما قصد بذلك غاية التهكم؛ لأن خشية الرب في عرف الجاهلية لا تكون لدى الاستنفار للأخذ بالثأر ونجدة الإخوان، ولم يقصر هذا الشاعر اللسن في المقارعة، فذكر في مقام الحط من قدر قومه الذين لم ينصروه قبيلة أخرى هي في نظره المثل الذي يقتدي به وهو «مازن» قال:
فهاتان صورتان واضحتان رسمهما جنان شاعر موتور بألوان ظاهرة، تمثل كلٌّ منهما جانبًا من حياة القبائل في الجاهلية، فالقبيلة أو العشيرة تنهض لنصر صاحبها دون أن تسأله برهانًا على ما قال؛ أي تقبل مناصرته ظالمًا كان أو مظلومًا، وأخرى يحسن أفرادها إلى من يسيء إليهم، ويلتمسون للمعتدين أسباب العفو والمعاذير، وقد ضاق الشاعر الموتور المستغيث بقومه بعد أن خذلوه، فتمنى زوالهم أو لو أنه ولد في حجر قوم سواهم، فقال يذكر مثله الأعلى في المناصرة:
أليس في هذه الأبيات القليلة صورة من العصبية القومية عند عرب الجاهلية، وما العصبية إلا الميل نحو فريق أو حزب دون فريق، بلا مراعاة المصلحة العامة، لأسباب اجتماعية بعيدة الغور، إذ يحب المرء أسرته ويختصها بالمعونة والمساعدة، وإن كان ذلك ضد الخير العام، والعصبية بمعناها اللغوي الدقيق هي أن يدعو الرجل عصبته إلى نصره والتألب معهم على من يعاديهم ظالمين كانوا أو مظلومين، ولا يقال تعصبوا إلا إذا تجمعوا على فريق آخر (لسان العرب ج٢ ص٩٦).
لأجل هذا اختص العربي الجاهلي قبيلته بحبه ومعونته، فعاشت كل قبيلة منفصلة عمن عداها، ولهذا السبب قضى سكان الجزيرة العربية قرونًا وأجيالًا في الحروب الداخلية. وقبل عصبية القبيلة كانت عصبية الأسرة والعشيرة، فكانوا يعيشون أفرادًا وأزواجًا في أحضان الأسر، يستغيثون بها إذا دهمهم داهم، أو حلت بهم كارثة.
الأفراد والجماعات أبدًا متأهبون لتلبية النداء، والدعوة إذا نودوا أو لزمت معونتهم، فانضمت أسر قليلة العدد بعضها إلى بعض لترد غارة الأسر الكبيرة، فسكنت الأسر التي تربطها أواصر القرابة والنسب إلى بعضها فتكونت منها العشائر، ثم تكونت الشعوب. وقد حاول الإسلام أن يجمع كلمة العرب ويؤلف بين قلوبهم ويزيل تلك العصبية، فقال أفصح العرب: «ليس منا من دعا بدعاء الجاهلية»؛ أي إنَّ من استنفر قبيلته وضرب على النغمة القديمة ليس من الإسلام في شيء (ص٤٣ رسالة العصبية عند العرب للدكتور علي مظهر من كلية الفلسفة بجامعة فينا).
فهل يليق بمؤلف الشعر الجاهلي أن يدَّعي بعد هذا أنَّ الشعر الجاهلي لا يمثل حياة الجاهلية، وهذه أبيات معدودة اقتضت البحث في نظام من أكبر النظم!
وكان هؤلاء الشعراء في الوصف يصدقون القول بغير مجاز في التعبير ولا مغالاة في التمثيل، كما وصف أبو ذؤيب حملة لصيد حمار الوحش وأفاض في بيان حِيَل الصائد، ومن هذا الوصف قوله:
وإن هذه الخشونة في اللفظ تنقلب رقة وعذوبة إذا عمد الشاعر إلى وصف امرأة، فكأنه يصورها تصويرًا طبيعيًّا، قد لا يرعى فيه قواعد الاحتشام والحياء، ولكنه أيضًا لا يقصد التهتك والفضيحة والابتذال، وإنما يطيع طبيعته، ويجيب نداء قلبه في تحري الصدق كقصيدتي النابغة في المتجردة ودعد اللتين مطلعهما:
و:
وقد شبههما أحد المستشرقين بقصيدة سيدنا سليمان الحكيم في وصف ملكة سبأ المعروفة بنشيد الأنشاد، ولعل سيدنا سليمان والنابغة الذبياني كليهما من المبشرين بعهد «الريالزم» فهما طليعة هذا المذهب في الأدب السامي، وهو وصف الحقيقة المجردة، كما فعل كثيرون من شعراء أوروبا وكتَّابها في القرن الماضي.
فلا ريب عندنا بعد ما تقدم أنَّ مرآة الحياة الجاهلية تُلتَمس في الشعر والنثر الجاهليين؛ لأن العرب صوروا في شعرهم عاداتهم وآدابهم وأخلاقهم ومحيطهم بما فيه من عناصر الطبيعة والمخلوقات من أنعام ونبات وجماد، كما صورها المصريون والآشوريون واليونان والرومان في قصورهم ومعابدهم ومقابرهم، وأثبتوها في أوراق الكاغد — البردي — وعلى قوالب الآجر — تل العمارنة — وكما أنَّ علماء الآثار استخرجوا أوصاف تلك الشعوب وحياتها من آثارها المنقوشة والمحفورة، فالباحث في شعر الجاهلية يستخرج منه عادات العرب وآدابهم وأخلاقهم وسائر أحوالهم. قال الدكتور علي مظهر في رسالة العصبية ص٣٧: «وإنا لنجد في قصائد البدو وصف حياتهم مشابهًا تمام المشابهة لما خطَّته يد متجولي الصحراء في كتب رحلاتهم في هذا العصر.» وقال ابن خلدون في مقدمته: «إنَّ الشعر ديوان علوم العرب وأخبارهم وشاهد صوابهم وخطائهم وأصل يرجعون إليه في الكثير من علومهم وحكمهم.» وهو كذلك مستودع عاداتهم وأخلاقهم وأدوات صناعاتهم، وقد درس هذا الموضوع من بعض أطرافه الأستاذ جرجي يني الطرابلسي ونشر فيه سلسلة مقالات في المقتطف — سنتَيْ ١٣ و١٥ — بعنوان «العرب قبل التاريخ»، ودرسه أيضًا الأستاذ الكاتب الناقد محمد المويلحي بك، وله مقالات في «رموز العرب وتخيلاتهم» نُشرت في المقتطف — سنة ١٩ — استخرج فيها بعض عاداتهم ومعتقداتهم من أشعارهم، ودرس هذا الموضوع أيضًا المرحوم زيدان مؤسس الهلال في كثير من كتبه ومقالاته عن العرب قبل الإسلام وعن لغتهم وديانتهم وأنسابهم، وإن كانت بعض تلك الرسائل والكتب لم تُمحَّص تمحيصًا علميًّا حديثًا بالمعنى المعروف لعلماء المشرقيات تدل بصفة حاسمة على أنَّ عقول أدباء العرب المعاصرين اتجهت نحو هذا البحث لوضوح الحقيقة فيه، ناهيك بعلماء الغرب الذين أتينا على ذكرهم في صلب هذا الموضوع، فيرى القارئ مما تقدم أنَّ آراء المؤلف ليست سوى أحاديث ملقاة جزافًا، وأنَّ في أقواله زيغًا كثيرًا، ولمَّا كانت المؤازرة في مراجعة تلك المتناقضات متوافرة لدى المؤلف، فلا ريب عندنا في أنه كان يقصدها.