الفصل العاشر

فحص باقي أسفار العهد القديم بالطريقة نفسها

أنتقل الآن إلى أسفار العهد القديم الأخرى، ففيما يتعلق بسِفري الأخبار لن أقول شيئًا يقينيًّا ذا قيمةٍ سوى أنهما قد كُتبا بعد عزرا بمدَّة طويلة، وربما بعد أن أعاد يهوداس المكابي١ بناء المعبد؛ إذ يُخبرنا الراوي في الإصحاح ٩ من السفر الأول عن الأُسَر التي كانت تسكن أورشليم في الأصل (أي في زمان عزرا) وبعد ذلك يذكر في الآية ١٧ أسماء «حرَّاس الباب»٢ الذين ذُكر منهم اثنان في نحميا أيضًا (١١: ١٩)،٣ وهذا يدل على أنَّ هذه الأسفار قد كُتبت بعد إعادة بناء المعبد بمدَّة طويلة. وأنا لا أعلم شيئًا يقينيًّا عن مؤلفيها الحقيقيِّين وعن السُّلطة التي يجِب الاعتراف بها لها، وعن فائدتها، والعقيدة التي تعرِضها، بل إنِّي لأعجَب كيف أُدخلت هذه الأسفار في عداد الكتُب المقدَّسة على حين أُخرِج سِفر الحكمة٤ من الكتب المُقنَّنة، وكذلك سِفر طوبى وبعض الأسفار الأخرى التي يُقال إنها مُنتحَلة. ولا أقصد هنا أن أُقلِّل من سُلطتها، فما دام الجميع يُسلِّمون بها فإني أترُكها كما هي بوضعِها الحالي.
وقد جُمعت المزامير بدورها وقُسِّمت إلى خمسة أسفار بعد إعادة بناء المعبد، ويشهد فيلون اليهودي٥ بأن المزمور ٨٨ قد كُتب وما زال الملك يواكين في السجن في بابل، وكتب المزمور ٨٩ بعد إطلاق سراحه. وما كان فيلون ليقول ذلك أبدًا — فيما أعتقد — لو لم تكن هذه الفكرة مُتواترة في عصره أو ما لم يكن قد تلاها من الثقات. وأعتقد أنَّ أمثال سليمان قد جمعت في العصر نفسه أو على الأقل في زمان الملك يوشيا؛٦ وذلك لأنه جاء في الإصحاح ٢٤، الآية الأخيرة، ما يلي: «هذه هي أمثال سليمان التي نقلها رجال حزقيا ملك يهوذا» (الأمثال، ٢٥: ١). ولا يفوتني هنا أن أُشير إلى تبجُّح الأحبار الذين أرادوا إخراج السفر، ومعه سفر الجامعة، من مجموع الكتُب المُقنَّنة والاحتفاظ سرًّا بأسفارٍ أخرى ليست لدَينا. ولقد كانوا خليقين بأن يفعلوا ذلك لو لم يجِدوا بعض الفقرات التي يُوصى فيها بشريعة موسى. والحقُّ أنه لَمن المؤسِف أنَّ الأشياء المُقدسة والأفضل من بينها، كانت مُتوقِّفة على اختيار أناسٍ كهؤلاء. صحيح أنَّني أحمَدُ لهم تفضُّلَهم بنقل هذه الأسفار إلينا، ولكن لا أجِد مع ذلك مَفرًّا من التساؤل عما إذا كانوا نقلوها بكلِّ الأمانة والنزاهة اللَّازمين، وإن كنتُ لا أودُّ مع ذلك أن أفحصَ هذه المسألة فحصًا دقيقًا.
أنتقل إذن إلى أسفار الأنبياء، وعندما أفحصها أجد أن النبوَّات التي جُمعت فيها قد أُخذت من كتُبٍ أخرى ورُتِّبت ترتيبًا مُعينًا لم يكن دائمًا هو الترتيب الذي سار عليه الأنبياء في أقوالهم أو في كتاباتهم. كذلك، فإنَّ هذه الأسفار لا تتضمَّن جميع النبوَّات، بل بعض النبوَّات التي أمكن العثور عليها هنا وهناك، وإذن فليست هذه الأسفار إلَّا مجرَّد شذَرات من الأنباء، فقد بدأ أشعيا نبوَّته في حُكم عزيا، كما يشهد الناسخ في الآية الأولى،٧ ولكنه لم يقتصر، في ذلك العهد، على التنبُّؤ، بل كتب أيضًا جميع أفعال هذا الملك (انظر: الأخبار الثاني، ٢٦: ٢٢)،٨ ولكنَّا لا نملك كتابه هذا، بل إنَّ ما لدَينا منه قد نُقل عن أخبار ملوك يهوذا وإسرائيل، كما بيَّنَّا من قبل، كما ينبغي أن نُضيف أن نبوَّة هذا النبي — على ما يقول الأحبار — استمرَّت في حُكم منسي٩ الذي قتله في النهاية. ومع أنَّ هذه القصة تبدو خُرافية، إلَّا أنها تدلُّ على أنهم لم يعتقِدوا أنهم حصلوا على نبوَّات أشعيا كاملة، وبالمِثل، فإنَّ نبوَّات إرميا التي صِيغت على شكل رواية هي مجموعة من الفقرات المأخوذة من كتُب الأخبار المُختلفة، هذا بالإضافة إلى أنها تكون خليطًا دون ترتيبٍ ودون مُراعاة للتواريخ، كما تُوجَد بها روايات للقصة الواحدة. وهكذا نجِد الإصحاح ٢١ يُشير إلى سبب القبض على إرميا١٠ أول مرة، بعد أن تنبَّأ لصدقيا١١ — الذي أتى لاستشارته — بخراب المدينة، ثُم تُقطع الرواية، وفي الإصحاح ٢٢ نجد الخطاب الذي ألقاه إرميا أمام يواكين الذي حكَم قبل صدقيا، ونجده يتنبَّأ بأسر الملك،١٢ وبعد ذلك يتحدَّث الإصحاح ٢٥ عن الوحي الذي حدَث قبل ذلك، أعني في السنة الرابعة من حُكم يواكين.١٣ وتحتوي الإصحاحات التالية على الوحي الذي حدث للنبي في السنة الأولى لحُكم الملك، وتستمرُّ في تكديس النبوَّات دون أية مُراعاة لترتيبها الزمني، حتى تستأنف أخيرًا في الإصحاح ٣٨، الرواية التي بدأت في الإصحاح ٢١ (وكأنَّ الإصحاحات الخمسة عشر الواقعة بين الإصحاحَين مجرَّد استطراد).١٤ فالواقع أن السياق الذي يبدأ به الإصحاح ٣٨ يرتبط بالآيات ٨، ٩، ١٠ من الإصحاح ٢١،١٥ ثم تُحشر في هذا الموضع رواية عن القبض على إرميا، في المرة الأخيرة، مُختلفة تمامًا عن رواية الإصحاح ٣٧، وكذلك يروي سبب حجزِه الطويل في غياهِب السجن بطريقةٍ مُختلفة كلَّ الاختلاف.١٦ يتَّضِح لنا إذن أنَّ كلَّ هذا الجزء من سِفر إرميا مجموعة من النصوص مأخوذة من مؤرِّخين، وأنه لا يُوجَد سبب آخَر يفسِّر هذا الخلط. أما النبوَّات الأخرى المُتضمَّنة في باقي الإصحاحات التي يتحدَّث فيها إرميا بضمير المُتكلِّم، فيبدو أنها منقولة من كتاب لباروخ أملاه إرميا نفسه، إذ لا يحتوي هذا الكتاب (كما هو واضح في الإصحاح، ٣٦: ٢)،١٧ إلَّا على الوحي الذي حدَث لهذا النبي منذ زمان يوشيا حتى السنة الرابعة من حُكم يواكين، وفي هذا الوقت ذاته يبدأ سِفر إرميا بدوره. كما يبدو أنَّ النصوص الموجودة ابتداءً من الإصحاح ٤٥ الآية ٢، حتى الإصحاح ٥١ الآية ٥٩، مأخوذة من سِفر باروخ.١٨ أما سفر حزقيال فتُشير الآيات الأولى بوضوح عام إلى أنه شذرة. فمن منَّا لا يُدرك أنَّ السياق الذي يبدأ به الكتاب يُشير إلى أشياء ذكرت من قبل ويربطها بما سيتلو؟١٩ ولا يقتصِر الأمر على السياق وحدَه، بل يُوحي النص كله بأن هناك جزءًا ناقصًا. فالإشارة إلى عُمُر النبي الذي بلغ ثلاثين عامًا عندما بدأ السفر، تدلُّ على أنَّ الأمر لا يتعلَّق ببداية في النبوَّة، بل باستمرارٍ لها.٢٠ وبالفعل يُلاحظ الكاتب ذلك في هذا الاستطراد الوارد في الآية ٣ (١: ٣) «كانت كلمة الربِّ إلى حزقيال بن بوزي الكاهن في أرض الكلدانيين … إلخ.» وكأنه يُريد أن يقول: إن أقوال حزقيال المنقولة حتى ذلك الحين كانت تتعلَّق بوحي آخر، حدث له قبل أن يبلغ الثلاثين. وفضلًا عن ذلك يروي يوسف في الكتاب العاشر من تاريخ اليهود القديم في الفصل السابع أنه طبقًا لنبوَّة حزقيال ما كان لصدقيا أن يرى بابل، على أنَّنا نقرأ مثل ذلك في السِّفر الذي في أيدينا، بل على العكس نجد في الإصحاح ١٧ أنَّ صدقيا اقتِيدَ أسيرًا إلى بابل.٢١ أما سفر هوشع فإنَّنا لا نستطيع أن نقول عن ثقةٍ إنه كان أطول ممَّا هو عليه الآن في السفر الذي يحمل اسمه، ولكني أعجَب حقًّا من أنَّنا لا نعرِف شيئًا أكثرَ من هذا عن رجلٍ استمرَّت نبوَّتُه أكثر من أربعٍ وثمانين سنة، كما يشهد الكاتب نفسه، ولكنَّا على الأقل نعلَم، بوجهٍ عام، أنَّ مَن قاموا بتدوين أسفار الأنبياء لم يجمعوا نبوَّات جميع الأنبياء، كما لم يجمعوا كلَّ نبوَّات مَن نعرف من الأنبياء. فنحن مثلًا لا نعلم شيئًا عن الأنبياء الذين استمرَّت نبوَّاتُهم تحت حُكم منسي، والذين وردَتْ إشارات عامَّة إليهم في سِفر أخبار الأيام الثاني (٣٣: ١٠، ١٨-١٩)،٢٢ كما أنَّنا لا نعلَم شيئًا عن نبوَّات الأنبياء الاثني عشر المذكورين في الكتاب،٢٣ فلا يُذكَر عن يونس إلَّا نبوَّاته عن النيناويِّين، مع أنه كان أيضًا نبيًّا للإسرائيليين، كما نرى في «الملوك» (السفر الثاني، ١٤: ٢٥).٢٤
أما عن سفر أيوب، وعن أيوب نفسه، فقد دارت مناقشات طويلة بين الشُّرَّاح في هذا الصدَد، فالبعض يظنُّ أن موسى هو مؤلف هذا السفر، ويعتبرون القصة كلها مثلًا للمَوعظة فقط، وهذا ما يقوله بعض الأحبار في التلمود، كما يذهب ابن ميمون في كتابه «موريح نبوخيم» إلى مثل هذا الرأي. والبعض الآخر يعتقِد أنه قصة حقيقية، ومن هؤلاء الآخرين من يظنُّ أن أيوب عاش في زمان يعقوب وتزوَّج ابنته دينة. وفي مُقابل ذلك فإنَّ ابن عزرا، الذي تحدَّثتُ عنه من قبل، يؤكِّد في شرْحٍ له على هذا السِّفر أنه تُرجم إلى العبرية من لغة أخرى. وكم كنتُ أتمنى لو أنه برهن على ذلك بأدلَّة أوضح؛ إذ كان يُمكننا أن نستنتِج من ذلك أنَّ غير اليهود كانت لهم بدورهم كتُب مقدَّسة؛ لذلك أترك هذا الموضوع مُعلقًا. ومع ذلك فإني أعتقِد أنَّ أيوب كان من غير اليهود، وكان يتميَّز بقدْرٍ عظيم من الصبر، بدأ حياته مُزدهرًا ثم عرَفَ أشقَّ المِحن ثم أصبح سعيدًا غاية السعادة في النهاية. ويذكُره حزقيال في الإصحاح ١٤، الآية ١٤ مع آخرين،٢٥ وإني لأعتقد أيضًا أنَّ هذه التقلُّبات التي مرَّ بها أيُّوب، وهذا الصبر الذي امتُحن به قد أتاحت أكثرَ من فُرصة للحديث عن عناية الله، أو على أقلِّ تقديرٍ أتاحت لمؤلِّف هذا الكتاب فرصةً لتأليف حوار لا يبدو موضوعه وأسلوبه صادِرَين عن شَقيٍّ أنهكَهُ المرَض وغطَّاه التُّراب، بل عن رجلٍ مُتفرِّغ لا عمل له إلَّا التأمُّل في مكانٍ مُخصَّصٍ لربَّات الشِّعر.٢٦ وربما كنتُ أميلُ إلى الاعتقاد مع ابن عزرا بأنَّ هذا الكتاب مُترجم عن لغةٍ أخرى؛ لأنه يُذكِّرنا بشِعر غير اليهود، إذ يُقال فيه إنَّ أبا الآلهة دعا مجلِسَه للاجتماع مرَّتَين، ولكن موموس،٢٧ الذي يُسمَّى هنا الشيطان، نقل كلام الله بتصرُّفٍ كبير … إلخ. ولكن هذه مُجرَّد افتراضاتٍ غير مؤكدة.
ولننتقِل الآن إلى سِفر دانيال، هذا السِّفر يحتوي بلا شكٍّ على النصِّ نفسه الذي كتبَهُ دانيال ابتداءً من الإصحاح ٨. أما الإصحاحات السبعة الأولى٢٨ فلا أعلم مصدرها. ولمَّا كانت باستثناء الإصحاح الأول مكتوبة باللغة الكلدانية،٢٩ فيُمكننا أن نفترِض أنها أُخِذت من كتب الأخبار الكلدانية، ولو أمكن إثبات ذلك بوضوح، لكان شاهدًا قويًّا على صِحَّة الفِكرة القائلة بأنَّ الكتاب مُقدَّس من حيث إنَّنا نعرِف عن طريقه معاني الأشياء التي يدلُّ عليها، لا من حيث إنَّنا نعرِف الكلمات أي اللغة والعبارات التي استعملها في التعبير عن هذه الأشياء، وبأنَّ كتُب العقائد أو التاريخ التي تحتوي على تعاليم طيبة تكون أيضًا مقدسة، أيًّا كانت اللغة التي كتُبت بها، والأمَّة التي خاطبتها. وعلى أية حال، نستطيع على الأقل أن نذكُر أنَّ هذه الإصحاحات قد دُوِّنت بالكلدانية، وأن ذلك لم يُقلِّل من قُدسيتها بالنسبة إلى الأسفار الأخرى في التوراة.
ويرتبِط سفر عزرا بسِفر دانيال هذا على نحوٍ يسهُل معه إدراك أنَّ كاتبهما واحدٌ استمرَّ في كتابة تاريخ اليهود منذ وقوعِهم في الأسْر الأول، ولا أتردَّد في ربط سِفر إستير بسِفر عزرا هذا؛ لأنَّ السياق الذي يبدأ به لا يُشير إلى سِفرٍ آخَر ولا ينبغي أن نعتقِد أن سِفر إسيتر هذا هو الكتاب نفسه الذي دوَّنَه مردخاي،٣٠ ففي الإصحاح ٩، الآيات ٢٠–٢٢٣١ يذكُر المؤلف أن مردخاي كتب رسائل ويُعرِّفنا بمحتواها، كما يقصُّ علينا في الآية ٣١ من الإصحاح نفسه٣٢ أن الملكة إستير نظَّمَت الاحتفال بعيد القرعة (فوريم) وقد دُوِّن مرسومها في السفر، أي (إذا شِئنا أن نُعطي الكلمة معناها في العبرية) في كتابٍ يعرِفه الجميع في الوقت الذي كان يكتُب فيه الراوي، على أنَّ ابن عزرا يُسلِّم، كما يُضطرُّ آخرون كثيرون إلى التسليم معه، أنَّ هذا الكتاب قد فُقِد في الوقت الذي فُقِدت فيه الكتب الأخرى. وأخيرًا، فإنَّ القصَّة تُحيل إلى أخبار ملوك الفُرس للحصول على معلوماتٍ أُخرى عن مردخاي. وإذن فلا ينبغي الشكُّ في أنَّ مؤلِّف هذا السفر هو الراوي نفسه الذي كتَبَ قصَّة دانيال وقصة عزرا، وكذلك سِفر نحميا٣٣ لأنه يُسمَّى أيضًا بالسِّفر الثاني لعزرا. وإذن فنحن نؤكد أنَّ هذه الأسفار الأربعة: دانيا وعزرا وإستير ونحميا، قد كتبَها مؤرِّخ واحد.٣٤ أما من يكون هذا المؤرخ، فإني لا أستطيع حتى مجرَّد التخمين به. أمَّا إذا شئنا معرفة المصدر الذي استمدَّ منه هذا المؤرخ، أيًّا كان، معلوماته عن هذه القصص وربما نقَلَ عنه مُعظم أجزائها، فيجِب أن نذكُر أنَّ القُضاة أو الأُمراء الأوائل عند اليهود بعد بناء المعبد — شأنُهم شأنُ ملوكهم في الإمبراطورية القديمة — كان لدَيهم كتَبَة أو مُؤرِّخون يكتُبون تواريخ السنين وأخبار الأيام حسْب الترتيب الزَّمني. وقد ذُكِرت هذه التواريخ والأخبار في مواضع عديدة من أسفار الملوك، كما ذُكِرت أخبار وتواريخ الأمراء وكهَنَة المعبد الثاني أولًا في سِفر نحميا (١٢: ٢٣).٣٥ ثم في سِفر المكابيِّين الأول (١٦: ٢٤).٣٦ ولا شكَّ أنَّ هذا هو الكتاب (انظر إستير، ٩: ٣٢)٣٧ الذي تحدَّثنا عنه منذ قليل، والذي يحتوي على مرسوم إستير وما كتَبَه مردخاي، وهو الكتاب الذي قُلنا عنه مع ابن عزرا إنه مفقود. وإذن فمن هذا الكتاب يبدو أنَّ كُلَّ مضمون الأسفار الأربعة التي ذكرناها من قبلُ في العهد القديم، قد أُخِذ أو نُقِل؛ إذ إنَّ مؤلِّفها لم يذكُر أيَّ سفرٍ غيره، كما لا نعلم لأيِّ كتابٍ آخَر غيره سُلطة يَعترِف بها الجميع. كذلك لم يَكتُب هذه الأسفار عزرا أو نحميا، ممَّا يتَّضِح من القائمة التي يُعطيها نحميا (١٢: ١٠، ١١)٣٨ خُلفاء الكاهن الأعظم يشوع حتى يدوع الكاهن الأعظم السادس الذي سار أمام الإسكندر الأكبر بعد سقوط إمبراطورية الفُرس (انظر يوسف: تاريخ اليهود القديم، الكتاب الحادي عشر، الفصل الثامن) وهو الذي سمَّاه فيلون اليهودي في كتابه على العصور،٣٩ بالكاهن الأعظم السادس والأخير في ظلِّ حُكم الفرس. وقد أشار نحميا إلى ذلك في هذا الإصحاح نفسه، الآية ٢٢، إذ يقول: «وكان اللاويُّون في أيام الياسيب ويوباداع ويوناثان (ويوحانان) ويدوع مكتوبين رؤساء آباء وكذلك الكهنة في مُلك٤٠ داريوس الفارسي.» وتعني كلمة «مكتوبين» هنا أنهم كانوا مكتوبين في الأخبار، وأعتقد أنه لا يمكن أن يخطر على بال أحدٍ أنَّ عزرا٤١ أو نحميا عاش طيلة حُكم الملوك الفرس الأربعة عشر، فقد كان قورش هو أول من سمح لليهود بإعادة بناء المعبد، وقد مضت منذ هذه اللحظة حتى داريوس آخر ملوك الفرس الأربعة عشر أكثر من مائتين وثلاثين سنة. لذلك أعتقِد بلا تردُّد أنَّ هذه الأسفار قد دُوِّنت بعد أن أعاد يهوداس المكابي٤٢ الشعائر إلى المعبد من جديد بمُدَّة طويلة، وأنها دُوِّنت لأنه انتشرت في ذلك الحين كتُب مُزيَّفة لدانيال وعزرا وإستير كتَبَها قوم مُغرضون، ينتمون ولا شكَّ إلى شيعة الصدوقيِّين.٤٣ والواقع أن الفريسيين لم يقبَلوا مُطلقًا هذه الأسفار، على ما أعلم. ومع أنَّ بعضًا من الأساطير المتضمَّنة فيما يُسمَّى بالكتاب الرابع لعزرا موجودة في التلمود فلا ينبغي مع ذلك نِسبتها إلى الفريسيين؛ إذ لا يُوجد شارح منهم — إلا إذا كان في غاية الغباء — لم يرَ أنَّ هذه الأساطير إضافة من مازح ثقيل. بل إنني أعتقد أن الدافع على هذا العمل الهزلي هو إضعاف الثقة في التراث المنقول أمام الملأ، وربما دُوِّنت هذه الأسفار ونُشرت في ذلك العصر لتُبين للشعب تحقُّق نبوَّات داينال لتقوية عاطفته الدينية وحتى لا ييأس من المستقبل أو من خَلاصه من المصائب المُتلاحقة عليه في ذلك الزمان. وسواء أكانت هذه الأسفار قد دُوِّنت في وقتٍ مبكر أم في وقتٍ متأخر، فقد تسرَّبت إليها أخطاء كثيرة بسبب سرعة الناسخين الفائقة على ما أعتقد. والواقع أننا نجد في هذه الأسفار وفي غيرها، بل في هذه الأسفار أكثر من غيرها، بعضًا من هذه التعليقات الهامشية التي تحدثنا عنها في الفصل السابق، وكذلك بعض الفقرات لا يمكن تفسيرها إلا بخطأ في النسخ. وقبل أن أُبيِّن ذلك، أودُّ أن أنوِّه أنَّنا إذا أردْنا التسليم مع الفريسيين بأن التعليقات الهامشية لهذه النصوص ترجِع إلى المؤلفين الأوائل للأسفار، فيجِب أن نقول ضرورة — إن كان المؤلِّفون أكثر من واحد — إنهم أوردوها لأنَّ نصَّ أسفار الأخبار التي استمدوا منها معلوماتهم والتي نقلوها لم يكن مكتوبًا بعناية، وأنهم لم يجرءوا على تصحيح نصٍّ قديم ترَكَه الأجداد بالرغم من وضوح بعض الأخطاء. ولا أُريد أن أرجع إلى موضوعٍ ناقشناه من قبل، ومن ثم فسأنتقل الآن إلى بعض الأخطاء التي لم ترِد مُلاحظات عنها في الهامش:
  • (١)
    لا أدري عدد الأخطاء التي يتعيَّن عليَّ أن أقول إنها تسرَّبت إلى الإصحاح الثاني من عزرا، ففي الآية ٦٤٤٤ يذكر المجموع الكلِّي لجميع ما تمَّ حصره في مجموعات في الإصحاح وهو ٤٢٣٦٠، ولكنَّنا إذا قُمنا بحساب المجاميع الجُزئية وجدْنا ٢٩٨١٨ فقط. فهناك إذن خطأ في المجموع الكُلِّي أو في المجاميع الجزئية. ومع ذلك يبدو أنَّ المجموع الكُلي صحيح لأنَّ الكلَّ قد حفِظه كشيءٍ جدير بالتذكُّر، على حين أنَّ الأمر ليس كذلك بالنسبة إلى المجاميع الجزئية، فلو كان الخطأ قد وقع في المجموع الكُلِّي لأدرَكَه الجميع في الحال ولقاموا بتصحيحه، وهذا ما يُؤكِّده أيضًا الإصحاح ٧ من نحميا، الذي يُكرِّر إصحاح عزرا هذا، (المُسمَّى برسالة الأنساب)، كما تُشير إلى ذلك صراحة الآية ٥٤٥ والتي تتَّفِق تمامًا مع الإشارة التي يُعطيها سِفر عزرا بشأن المجموع الكُلِّي، على حين أنَّ هناك اختلافاتٍ كثيرة فيما يتعلَّق بالمجاميع الجُزئية، بعضها أقلُّ ممَّا ورَدَ في عزرا والبعض الآخر أكثر، كما أنَّ المجموع الكلي لهذه المجاميع الجزئية ٣١٠٨٩. فلا يُمكن إذن أن يكون هناك شكٌّ في وجود أخطاء كثيرة في المجاميع الجزئية وحدَها، سواء ما ورَد منها في عزرا أو في نحميا، ويبذُل الشُّرَّاح الذين يحاولون التوفيق بين هذه التناقُضات الظاهرة قُصارى جهدهم لاختلاق تفسيرٍ ما، ولا يرَون أنهم بتقديسهم لحروف الكتاب وكلماته يضَعون مُؤلِّفي الأسفار موضع السخرية، كما لَحَظنا من قبل؛ إذ يجعلون منهم أناسًا لم يكونوا يعرفون كيف يتحدَّثون أو يُنظمون موضوعات حديثهم، بل إنَّ كلَّ ما يفعلونه هو أنهم يجعلون نصَّ الكتاب الواضح غامضًا تمامًا؛ ذلك لأنه إذا استباح المرء لنفسه أن يُفسِّر جميع نصوص الكتب المقدسة على طريقتِهم فلن يبقى لدَينا نصٌّ واحدٌ لا يُمكن الشكُّ في معناه الحقيقي. وليس هناك ما يدعو إلى التوقُّف كثيرًا عند هذا الموضوع؛ لأني مُقتنع تمامًا بأنه لو أراد مؤرخ ما مُحاكاة الطريقة التي ينسبونها بإيمانهم إلى مُؤلِّفي التوراة، لانهالوا عليه هم أنفسهم بالسخرية والازدراء. وإذا كان هؤلاء الشُّرَّاح يظنُّون أنَّ المرء يُجدِّف على الله عندما يقول: «إنَّ الكتاب مُحرَّف في بعض نصوصه.» فإني أتساءل: أي اسمٍ أُطلِقُه على أولئك الذين يُقحمون في الكتُب المقدسة ما يشاءون من البِدَع؟ أولئك الذين يحطُّون من قدْر المؤرخين المُقدَّسين حتى يبدوا وكأنَّهم يهذُون ويخلِطون في كلِّ شيء؟ أولئك الذين يرفُضون من الكتاب أوضَحَه وأكثرَه بداهة؟ فأي شيءٍ في الكتاب أوضح ممَّا قصَد إليه عزرا ورفاقه في رسالة الأنساب المُكرَّرة في الإصحاح ٢ من الكتاب الذي يحمِل اسمه، عندما قسَّموا في مجموعات العددَ الكُلِّي للإسرائيليين الذين ذهبوا إلى أورشليم؟ لا سيما أنهم لا يُعطوننا فقط عددَ من استطاعوا أن يعرِفوا أنسابهم، بل ولا يُعطوننا أيضًا عددَ من لم يستطيعوا معرفتها، أي شيء أوضح مما تذكُره الآية ٥ في الإصحاح ٧٤٦ من نحميا من أن هذا الإصحاح منقول حرفيًّا من هذه الرسالة؟ إنَّ مَن يقومون بتفسير هذه النصوص على خلاف ذلك إنما يُنكرون المعنى الحقيقي للكتاب، وبالتالي يُنكرون الكتاب نفسه، وذلك إذ يعتقدون أنهم يُثبِتون تقواهم بالتوفيق بأيِّ ثمنٍ بين نصٍّ في الكتاب والنصوص الأخرى، ويا لها من تقوى تدعو إلى السخرية تلك التي تُوفِّق بين نصٍّ واضحٍ ونصٍّ غامض،٤٧ وتخلط بين الصادق والكاذب وتُبطل الصحيح بالفاسد. ومع ذلك لا أُريد أن أصِفَهم بأنهم مُجدِّفون على الله، لأنهم حسَنُو النية، وكلُّ إنسان مُعرَّض للخطأ. ومع ذلك فلأعُدِ الآن إلى موضوعي الأول، فبالإضافة إلى الأخطاء التي يجِب أن نعترِف بها في المجاميع الكلية لرسالة الأنساب، سواء أكانت تلك هي المجاميع المذكورة في «عزرا» أم في «نحميا»، فإنَّا نلحَظ أخطاءً كثيرة في أسماء العائلات نفسها، وكذلك في الأنساب وفي الروايات، وأخشى أن أقول في النبوَّات نفسها. فالواقِع أن نبوَّة إرميا ليكونيا في الإصحاح ٢٢ لا تبدو مُتَّفِقة على الإطلاق مع قصة يكونيا٤٨ (انظر نهاية سفر الملوك الثامن وإرميا وأخبار الأيام الأول، ٣: ١٧–١٩)،٤٩ ولا سيما كلمات الآية الأخيرة من هذا الإصحاح. ولستُ أدري أيضًا كيف استطاع أن يقول عن صدقيا الذي اقتُلعتْ عيناه عندما رأى أطفاله يُقتلون: «بل تموت بسلام … إلخ.» (انظر إرميا، ٣٤: ٥).٥٠ وإذا كان يجِب علينا في تفسير النبوَّات أن نرجِع إلى الواقعة نفسها، كان من الواجِب تغيير الأسماء وإحلال اسم صدقيا واسم يكونيا كلٍّ محلَّ الآخر، ولكن تلك حُريَّة تصرُّف زائدة، والأفضل ترك هذا الموضوع جانبًا لأنَّ من المُستحيل فَهمه، لا سيما أنه إذا كان ثمَّة خطأ ها هنا، فيجِب نِسبته إلى الراوي لا إلى عَيبٍ في المخطوطات. أما الأخطاء الأخرى التي تحدَّث عنها فلا أعتقد أنه يجِب عليَّ ذِكرها هنا، لأني لا أستطيع أن أفعل ذلك دون أنْ أُسبِّب للقارئ مللًا شديدًا، فضلًا عن أنَّ الكثيرين قد سبقَ لهم ملاحظة هذه الأخطاء، فقد اضطُرَّ الحبر سُليمان، بسبب ما لحظه من تناقُضاتٍ صارخة في الأنساب المرويَّة، إلى الوصول إلى النتيجة الآتية: (انظر شرحَه على السِّفر الأول، الإصحاح ٨ من أخبار الأيام): «إذا كان عزرا (الذي يظنُّه مُؤلِّف أخبار الأيام) قد أطلَقَ على بني بنيامين أسماء أخرى، وأعطى ذُرِّيته نَسبًا مُخالفًا لما هو موجود في «التكوين»، وإذا كان يُعطي عن مُعظم مُدن اللاويِّين معلوماتٍ غير التي يُعطيها يشوع؛ فذلك لأنَّه عرَف أصولًا مُختلفة.» ثُم يقول بعد ذلك بقليل: «إذا كانت ذُرِّية أبيجبعون٥١ وآخرين غيره قد ذُكرَت مرَّتَين بطريقتَين مُختلفتين فذلك لأنَّ عزرا استعمل لكلِّ ذُرية وثائقَ مُختلفة، وتابَعَ في ترديده لها الاتجاه الذي تُوحي به أغلبية الوثائق. أما إذا كان عدَد الأنساب المُتعارضة هو العدد نفسه في الحالتَين فإنه يكون منقولًا عن النُّسختَين.» وإذن، فالحبر سليمان يُسلِّم تسليمًا تامًّا بأن هذه الكتُب قد نُقِلت من أصول لم تكن على قدْرٍ كبير من الصِّحة أو اليقين. وعندما يُحاول الشُّرَّاح، في أغلب الأحيان، التوفيق بين النصوص المختلفة المُتعارضة، لا يفعلون حقيقة أكثرَ من إظهارهم أسباب الخطأ. وأخيرًا، ففي تقديري أنَّ ليس هناك فردٌ واحد ذو حُكمٍ سليم يعترِف بأن المؤرخين المُقدَّسين أرادوا أن يكتُبوا بهذه الطريقة عمدًا بحيث يكون النصُّ في المواضع المُختلفة مُتناقضًا مع نفسه، فإن قال قائل: إنَّ طريقتي هذه في مُعالجة الكتاب تقلِبُه رأسًا على عقب،٥٢ إذ يستطيع كلُّ فرد، باستعمال هذا المنهج، أن يَشُكَّ فيه ويعتبِرَه باطلًا من أوله إلى آخِره، ولكنِّي على العكس من ذلك، بيَّنتُ أنَّني، بهذا المنهج، قد نجحتُ في حماية النصوص الواضحة والصحيحة من أن تُحرَّف وتُشوَّه بوساطة النصوص الباطلة التي يُرادُ جعلُها مُتَّفِقة معها، وليس فسادُ بعض النصوص سببًا في الشكِّ في صحَّة النصوص كلها؛ إذ لا يسلَم كتاب من الخطأ، فهل شكَّ أحدٌ في صحة كتابٍ بأكمله لوقوع بعض الخطأ فيه؟ لم يحدُث ذلك مُطلقًا وخاصَّةً إذا كان النصُّ واضحًا وفِكر المؤلِّف مفهومًا.
وبهذا أكون قد انتهيتُ من المُلاحظات التي كنتُ أودُّ إبداءها على أسفار العهد القديم، ومنها يظهر بوضوحٍ أنه لم تكن هناك مجموعة مُقنَّنة من الكتُب المقدَّسة٥٣ قبل عصر المكابيِّين. أما الكتُب المُقنَّنة الموجودة الآن فقد اختارها فريسيُّو المعبد الثاني من بين كثيرٍ غيرها وذلك بقرارٍ منهم فحسْب، وهؤلاء هُم أيضًا واضِعو صِيَغ الصلاة؛ وعلى ذلك، فإنَّ من يُريد إثبات سُلطة الكتاب عليه أن يُثبِت سُلطة كلِّ سِفر. ولا يكفي إثبات المصدر الإلهي لأحد الأسفار كي نستنتِج المصدر الإلهي للأسفار كلها، وإلَّا لكُنَّا نُسلِّم بأنَّ الفريسيين لم يكن من المُمكن أن يرتكِبوا أيَّ خطأ في اختيارهم للأسفار. وهذا ما لا يستطيع أحدٌ إثباته مُطلقًا. أما السبب الذي يَجعلني أُسلِّم بأنَّ الفريسيِّين وحدَهم هم الذين اختاروا أسفار العهد القديم ووضعوها في المجموعة المُقنَّنة، فهو أولًا نبوءة سِفر دانيال (الإصحاح الأخير، الآية ٢)٥٤ ببعْث الموتى، وهو البعْث الذي رفضَه الصدوقيُّون، وثانيًا ما أشار إليه الفريسيون أنفسهم بالتحديد في التلمود، فنحن نقرأ في رسالة السبت (الفصل ٢، الورقة ٣٠، ص٢): «قال الحبر يهوذا المُسمَّى ربي، أراد الأذكياء إخفاء سِفر الجامعة لأنَّ أقوالهم مُناقِضة لأقوال الشريعة (أي سِفر شريعة موسى)، ولكن لماذا لم يُخفوه؟ لأنه يبدأ طبقًا للشريعة وينتهي طبقًا للشريعة.» ويقول بعد ذلك بقليل: «وأرادوا أيضًا إخفاء سفر الأمثال … إلخ.» وأخيرًا نقرأ في الرسالة نفسها (الفصل الأول، الورقة ١٣، ص٢): «كان هذا الرجل المدعو نيخونيا٥٥ بن حزقيا مشهورًا بحِرصه وعنايته، إذ لولاه لاختفى سِفر حزقيال لأنَّ أقواله تُناقِض أقوال الشريعة.» ومن ذلك نرى بوضوحٍ تامٍّ أن رجالًا مُتفقِّهين في الشريعة قد اجتمعوا ليُقرِّروا أي الأسفار يجِب وضعُها بين الكتُب المقدَّسة، وأيُّها يجِب استبعادها. وإذن فمَن يُريد التأكُّد من سُلطة جميع هذه الأسفار، عليه أن يضع نفسه في هذا المجلس وأن يبدأ المُداولات مُطالبًا بمعرفة أحقيَّة كلٍّ منها بأن تكون له هذه السُّلطة.
والآن، حان الوقت لفحْص أسفار العهد الجديد على النحو نفسه، غير أنِّي أعلَم أنَّ رجالًا على قدرٍ كبير من العِلم، وخاصَّةً في عِلم اللُّغات قد قاموا بهذا العمل من قبل. أما أنا فليستْ لديَّ معرفة كاملة باللُّغة اليونانية كي أخاطِر بمِثل هذا العمل. وأخيرًا، فليست لدَينا النصوص الأصلية للأسفار المعروفة بالعبرية؛ لذلك أُفضِّل ألَّا أخوض في هذا المجال،٥٦ إلَّا أنَّني أعتقد أنه من واجبي أن أذكر الآن أهمَّ النقاط التي تتعلَّق بمشروعي هذا.
١   يقوم هذا الظن — لو استطعنا تسمية الظنِّ يقينًا — على بقية نسب الملك يكنيا Jéchonias المذكور في سفرَي أخبار الأيام (الأول، ٣) والتي تستمر حتى أبناء أليوعيني Elioheinai الذين ينتسبون له حتى الجيل الثالث عشر. ويجِب أن نذكُر أيضًا يكنيا هذا عندما وقَع في الأسر لم يكن له ولد ولكن يبدو أنه أنجب ولدًا في أثناء الأسر بقدْر ما نستطيع تخمين ذلك من الأسماء التي سمَّاهم بها، إذ يبدو من أسماء أحفاده أنه أنجبَهُم بعد إطلاق سراحه. فقد ولد فدايا Phadaia (وتعني حرَّرَ اللهُ) الذي يُعتبر في هذا الإصحاح والد زربابل Zorobabel في السنة السابعة والثلاثين أو الثامنة والثلاثين بعد وقوع يكنيا في الأسْر أي ثلاثًا وثلاثين سنة قبل أن يعفوَ قورش عن اليهود، وبالتالي، يبدو أنَّ زربابل الذي نصَّبه قورش حاكمًا على اليهود كان في ذلك الوقت ابن الثالثة أو الرابعة عشرة على الأكثر، وقد فضَّلتُ ألَّا أتحدَّث عن هذا الموضوع لأسبابٍ يمنعني عن ذِكرها الخطورة التي يُمثلها هذا العصر. أما المستنيرين فتكفيهم إشارة عابرة وليتفضَّلوا بشيءٍ من العناية بمُتابعة خلق يكنيا المذكور في الإصحاح الثالث من سفر أخبار الأيام الأول ابتداءً من الآية ١٧ حتى نهاية الإصحاح، وبمُقارنة النص العبري مع النُّسخة المُسمَّاة بالسبعينية Septante وسيرون بسهولةٍ أن نصَّ هذه الأسفار قد حُرِّر بعد أن أعاد يهوذا المكابي بناء المدينة للمرة الثانية، وهو الوقت الذي فقد فيه أحفاد يكنيا الإمارة لا قبل ذلك.
يرى سبينوزا أن الأحبار قد حذَفوا عمدًا أسماء خلَف يكنيا التالين لخلَف اليوعيني ويعزو إليهم تأليف سفرَي أخبار الأيام الأول والثاني.
يهوذا المكابي Judas Maccabée هو الابن الثالث لماتياس Mattathias وبعد موت أبيه وبتوجيهٍ منه قاد حملة من الثوار ضدأنطيوكس Antiochos Epiphane لتحرير اليهود وانتصر على قواد الملك في معارك كثيرة (المكابيُّون الأول، ٣: ١–٤، ٣٥)، ودخل أورشليم وطهَّر المعبد ثُم استمرَّ في حملته في شرق الأردن لتحرير اليهود هناك ولكن ليسياس Lysias عاد إلى فلسطين وهزمه واستولى على أورشليم (المكابيُّون الأول، ٦) وعُيِّن الكيموس Alcime الكاهن الأعظم بموافقة الحسيدين Hassidim فأعلن يهوذا المُقاومة ضدَّ الكاهن الجديد ثُمَّ أرسل ديمتريوس الأول Démétrios بكيدس Boccidés لتنصيب الكاهن ولكن قتلَه اليهود وذهب الكيموس إلى أنطاكية فأرسل ديمتريوس قائده نكانور Necanor ولكن يهوذا هزَمَه (المكابيُّون الأول، ٧: ٣٢) وعقد حِلفًا مع الرومان (المكابيُّون الأول، ٨)، ولكن في الوقت الذي أرسل فيه مجلس الشيوخ Sénat الرُّوماني إلى ديمتريوس هزَم كيدس يهوذا ثم لقي يهوذا حتفَه.
الملك يكنيا Jéchonias أو يواكين Joakim هو الملك التاسع عشر ليهوذا (سنة ٥٩٧) ابن يواكيم Joakim وخليفته، وقد واجه نتائج ثورة أبيه على نبوخذ نصر الذي استولى على أورشليم سنة ٥٩٧ ونظَّم الهجرة الأولى وسِيق يوياكيم إلى بابل (الملوك الثاني، ٢٤: ١٠-١١) ثم عفا عنه أويل مروداخ Evil-Merodach سنة ٥٦٢ ولكنه عاش في بابل مُعزَّزًا مُكرَّمًا (الملوك الثاني، ٢٥: ٢٧–٣٠؛ إرميا، ٥٢: ٣١–٣٤). وهو مذكور في سفر أخبار الأيام الأول (٣: ١٦) وابنا يوياكيم يكنيا وصدقيا زربابل Zorobabel هو حفيد الملك يكنيا (عزرا، ٣: ٢، متى، ١: ١٢) حاكم أورشليم ويهوذا في أثناء حكم الفُرس ومُعاصرًا لنبوات حاجي Aggée وزكريا Zacharie (زكريا، ٤: ٦–١٠) ويُجسَّد في شخصه أمل الخلاص للمُضطهدين والمُشرَّدين.
انظر في قورش، الهامش ٥٥ من الفصل الثالث.
تبدأ الآية ١٧ من الإصحاح الثالث من سفر أخبار الأيام الأول بذكر خلَف يكنيا، ١٧: «وابنا يكنيا أسير وسألتثيل.» ١٨: «وملكيرام وفدايا وشنأصار ويقميا وهو شاماع وندبيا.»
والسبعينية هي أحد النصوص اليونانية للتوراة وأهمُّها وسُمِّيت بهذا الاسم طبقًا للأسطورة الموجودة في رسالة أرستي المنحولة Pseudo-Aristée ومؤدَّاها أنَّ بطليموس طلَب من اليهود الترجمة اليونانية لشريعة موسى فترجَم اثنان وسبعون يهوديًّا التوراة في اثنين وسبعين يومًا (ويضيف فيلون أن المُترجِمين قد قاموا بهذه الترجمات الاثنتين وسبعين، كل مُترجم قام بواحدةٍ دون أن يتَّصِل أحدهم بالآخرين ومع ذلك خرجت الترجمات مُتشابهة!)
٢  (أخبار الأيام الأول، ٩: ١، ١٧) ١: «وانتسب كل إسرائيل وهم مكتوبون في سفر ملوك إسرائيل … إلخ.» ١٧: «والبوابون شلوم وعقوب وطلمون وأحيمان وإخوتهم وكان شلوم الرأس.»
٣  (نحميا، ١١: ١٩): «ومن البوابين عقوب وطلمون وإخوتهما حفظة الأعتاب مائة واثنان وسبعون.»
٤  رفض اليهود سِفر الحِكمة لأنَّ النصَّ الأصلي مكتوب باليونانية لا بالعبرية ولكن سبينوزا يرى أن قِيمة السِّفر في فكره لا في ألفاظه.
٥  فيلون السكندري Philon d’Aexandrie هو الفيلسوف اليهودي المعروف وُلِد في الإسكندرية حوالي سنة ٢٠ قبل الميلاد من عائلة كهنوتية، وأشهر حادثة نعلمها في حياته هي اشتراكه في الوفد الذي أرسله اليهود إلى الإمبراطور كاليجولا Caligula حوالي سنة ٤٠ ميلادية عندما أراد كاليجولا وضع تمثال له في معبد أورشليم.
وأهم أعمال فيلون هي شروحه الرَّمزية على سِفر التكوين وعلى التشريع الموسوي، وكان يهدف إلى بيان اتِّفاق تعاليم الكتاب مع الفلسفة اليونانية (كما حاول إخوان الصفا بعد ذلك بأربعة قُرون) ويرى فيلون أن الفلسفة اليونانية مُستمدَّة من الوحي الموسوي.
ويظهر أثَر فيلون في الأناجيل وفي رسائل بولس، فيظهر في نظرية الكلمة في الإنجيل الرابع وفي مُعارضة بولس بين الجسَد والرُّوح أو بين آدم الرُّوحي (المسيح) وآدم الجسَدي (كورنته، ١، ١٥: ٤٥–٤٩) ويبدو هذا الأثر خاصَّةً في رسالة بولس إلى العبرانيين، انظر: E. Bréhier: Les idées philosophiques et religieuses de Philon d’Alexandrie, vrin, 1959, Paris.
٦  انظر الهامش ٢٨، من الفصل الثاني.
٧  (أشعيا، ١: ١): «رؤيا أشعيا بن آموص التي رآها على يهوذا وأورشليم في أيام عزيا ويوتام وآحاز وحزقيا ملوك يهوذا.»
وعزيا هو عاشر ملوك إسرائيل (٧٨١–٧٤٠) وهو نفس عزريا Azarias عاشر ملوك يهوذا وهو ابن أمصيا Amasias وخليفته وكانت دولته تنعَم بالرَّخاء والسِّلم مع السامرة. وأعاد بناء ميناء العقبة وأرسل عدَّة حملات ناجحة ضدَّ الفلسطينيين وقوَّى سور أورشليم وعُنيَ بالزراعة والجيش (الملوك، ١٤: ٢٢، أخبار الأيام الثاني، ٢٦: ٦–١٥).
٨  (الأخبار الثاني، ٢٦: ٢٢) وبقية أخبار عزيا الأولى والأخيرة كتبها أشعيا بن آموص النبي.
٩  منسي Manassé هو الملك الرابع عشر ليهوذا (٦٨٧–٦٤٢) وابن حزقيا ونُصِّب ملكًا وهو ابنُ الثانية عشرة وكانت سياسته مُخالفةً لسياسة أبيه فنشر عبادة بعل وجيش السماء وكثير من الآلهة الوثنية ثُم بنى لها المعابد داخل المعبد وضحَّى بابنه ملوخ Moloch وكان يؤمِن بالكهانة وقراءة الكفِّ (الملوك الثاني، ٢١: ١–٩) واضطهد أنصاره يهو ويُحتمل أنه قتل أشعيا في شيخوخته (الملوك الثاني، ٢١: ١٦) وظلَّ أثرُه في الدولة مدَّة أربعين عامًا (إرميا، ٧: ٩، ٨: ٢).
١٠  صدقيا Sédécias هو آخر ملوك يهوذا (٥٩٧–٥٨٦) خلَف ابن عمِّه يواكين بأمر نبوخذ نصر بعد حصار أورشليم الأول، ولكنه كان ضعيفًا مُتردِّدًا صغير السن (٢١ عامًا). سَجن إرميا لأنَّ استشارته لم تُرضِه (إرميا، ٣٧: ١٥)، وعندما تكوَّن حِلف الدولة الفلسطينية ومصر ضدَّه جاء نبوخذ نصر وحاصر أورشليم ثمانية عشر شهرًا، وعندما استشار صدقيا إرميا أخبره إرميا أنه سيقع في أيدي ملك بابل (إرميا، ٣٧: ١٧؛ ٣٨: ١٤) ولمَّا دخل البابليُّون أورشليم هرب صدقيا وأُسرته إلى أريحا، ولكنه وقَعَ في الأسر ثم ذُبح هو وأسرته.
١١  (إرميا، ٢١: ٤–٦): ٤: «هكذا قال الرب إله إسرائيل ها أنا ذا أردُّ آلات الحرب التي بأيديكم التي تُحاربون بها ملك بابل والكلدانيين المُضيِّقين عليكم من خارج السور وأجمعهم في وسط هذه المدينة.» ٥: «وأحاربكم أنا بيدٍ مبسوطة وذراع قوية وبغضبٍ وحنقٍ وسُخط عظيم.» ٦: «وأضرب سُكان هذه المدينة الناس والبهائم فيموتون بوباء ذريع.»
١٢  (إرميا، ٢٢: ٣، ٥، ٧): ٣: «هكذا قال الرب: أجروا الحُكم والعدل وأنقذوا المَسلوب من يدِ الظالم.» ٥: «وإن لم تسمعوا بهذا الكلام فبنفسي أقسمتُ يقول الربُّ إن هذا البيت يكون خرابًا.» ٧: «وأقدس عليك مُهلكين كلًّا منهم وآلاته فيقطعون نخبة أرزك ويلقونها في النار.»
١٣  (إرميا، ٢٥: ١): «الكلمة التي كانت إلى إرميا على جميع شعب يهوذا في السنة الرابعة ليوياقيم بن يوشيا ملك يهوذا.»
١٤  يُشير سبينوزا إلى الآيات التي تبدأ الإصحاحات في سفر إرميا والتي تدلُّ على الربط التعسُّفي بينها مثل:
(٣٦: ١؛ ٣٧: ١): «في بدء مُلك يوياقيم بن يوشيا ملك يهوذا كان هذا الكلام من لدُن الربِّ قائلًا.»
(٢٩: ١): «هذا كلام الكتاب الذي أرسل به إرميا النبي من أورشليم إلى بقية شيوخ الجلاء … إلخ.»
(٣٠: ١): «الكلمة التي كانت إلى إرميا من لدُن الرب قائلًا.»
(٣٢: ١): «الكلمة التي كانت إلى إرميا من لدن الرب في السنة العاشرة لصدقيا ملك يهوذا … إلخ.»
(٣٣: ١): «وكانت كلمة الرب إلى إرميا ثانية وهو محبوس بعد في دار السجن قائلًا.»
(٣٤: ١): «الكلمة التي كانت إلى إرميا من لدن الرب حين كان نبوخذ نصر ملك بابل … إلخ.»
(٣٥: ١): «الكلمة التي كانت إلى إرميا من لدن الرب في أيام يوياقيم بن يوشيا ملك يهوذا قائلًا.»
(٣٦: ١): «وفي السنة الرابعة ليوياقيم بن يوشيا ملك يهوذا كان هذا الكلام إلى إرميا من لدن الرب قائلًا.»
١٥  يبدأ الإصحاح ٣٨ كالآتي: ١: «… الكلام الذي كان إرميا يكلم به كل الشعب قائلًا.» ٢: «هكذا قال الرب: إن الذي يقيم في هذه المدينة يموت بالسيف والجوع والوباء والذي يخرج إلى الكلدانيين يحيا وتكون له نفسه مغنمًا فيحيا.» ٣: «هكذا قال الرب: إن هذه المدينة ستُجعل في أيدي جيش ملك بابل فيأخذها.»
وهي الآيات نفسها التي في الإصحاح ٢١ (٨–١٠): ٨: «وقل لهذا الشعب هكذا قال الرب، وها أنا ذا أجعل أمامكم طريق الحياة وطريق الموت.» ٩: «الذي يُقيم في هذه المدينة يموت بالسيف والجوع والوباء والذي يخرج ويلجأ إلى الكلدانيين المُضيِّقين عليكم يحيا وتكون له نفسه مغنمًا.» ١٠: «فإني قد جعلت وجهي على هذه المدينة للشر لا للخير، يقول الرب: فتجعل في يدِ ملك بابل فيحرقها بالنار.»
١٦  يقص الإصحاح ٣٧ (١١–١٥) القبض على إرميا بالصورة الآتية: ١١: «خرج إرميا من أورشليم لينطلِق إلى أرض بنيامين ليأخذ من هناك سهمه أمام الشعب.» ١٢: «فلمَّا صار إلى باب بنيامين كان هناك رئيس الحراسة واسمه يرئيا بن شلحيا ابن حننيا فقبض على إرميا النبي قائلًا أنت هارب إلى الكلدانيين.» ١٣: «فقال إرميا كذَب إني لستُ هاربًا إلى الكلدانيين، فلم يُسمَع له وقبض يرئيا على إرميا وأتى به إلى الرؤساء.» ١٤: «فسخط الرؤساء على إرميا وضربوه وألقَوه في بيت القيود في بيت يوناتان الكاتب لأنهم جعلوا ذلك بيت حبس.» ١٥: «فدخل إرميا إلى بيت الجُب إلى المُقبَّبات وأقام هناك أيامًا كثيرة.»
أما الإصحاح (٣٨: ٦ وما بعده) فإنه يروي قصة القبض على إرميا على النحو الآتي: ٦: «فأخذوا إرميا وألقوه في جُب ملكيا بن الملك الذي في دار السجن ودلَّوا إرميا بحبالٍ ولم يكن في الجُب ماء لكن حمأة فغاص إرميا في الحمأة … إلخ.»
١٧  (إرميا، ٣٦: ٢): «خُذ لك درج كتاب واكتُب فيه كلَّ الكلام الذي كلمتُك به على إسرائيل وعلى يهوذا وعلى جميع الأُمم من يوم كلمتك من أيام يوشيا إلى هذا اليوم.»
١٨  تُشير الآية الأولى (إرميا، ٤٥: ٢) صراحةً إلى ذلك: «هكذا قال الربُّ إله إسرائيل لك يا باروخ.» ثم ينتهي الكلام عند الآية الثانية (إرميا، ٥١: ٥٩) «الكلام الذي أمر به إرميا النبي سرايا بن نيريا بن محسيا لمَّا انطلق مع صدقيا ملك يهوذا بابل في السنة الرابعة لمُلكه … إلخ.»
١٩  يتَّضح ما يقوله سبينوزا من الآيات الأربع الأولى التي يبدأ بها سِفر حزقيال، وكل آيةٍ تُعتبر بدايةً لنصٍّ جديد: (حزقيال، ١: ١–٤) ١: «في السنة الثلاثين في الشهر الرابع في الخامس من الشهر وأنا بين الجلاء على نهر كبار انفتحت السمواتُ فرأيتُ رُؤى الله.» ٢: «في الخامس من الشهر وهي السنة الخامسة من جلاء الملك يوياكين.» ٣: «كانت كلمة الربِّ إلى حزقيال بن بوزي الكاهن في أرض الكلدانيين على نهر كبار وكانت عليه هناك يدُ الرب.» ٤: «فرأيتُ فإذا بريح عاصفٍ مُقبلة من الشمال وغمام عظيم ونار متواصلة … إلخ.»
٢٠  (حزقيال، ١: ١): «في السنة الثلاثين في الشهر الرابع في الخامس من الشهر وأنا بين الجلاء على نهر كبار انفتحت السموات فرأيتُ رؤَى الله.»
٢١   وهكذا ما كان باستطاعة أحدٍ أن يشكَّ في تناقُض نبوَّة حزقيال مع نبوَّة إرميا مع أن الجميع قد افترض هذا التناقض طبقًا لرواية يوسف حتى أثبتَتِ الحوادث أنَّ كِلا النبيَّين قد تنبَّأ بالحقيقة.
(حزقيال، ١٧: ٢): «قل لبيت التمرُّد ألم تعلموا ما ذلك، قل: ها! إنَّ ملك بابل قد أتى أورشليم وأخذ مَلِكها ورؤساءها وأتى بهم إليه إلى بابل.»
٢٢  (أخبار الأيام الثاني، ٣٣: ١٠، ١٨-١٩): ١٠: «فكلَّم الربُّ منسي وشعبه فلم يسمعوا.» ١٨: «وبقية أخبار منسي وصِلاتُه إلى إلَهِهِ وكلام الرائين الذين كلَّموه باسم الربِّ إله إسرائيل هي في سِفر ملوك إسرائيل.» ١٩: «وصِلاته والاستجابة له وجميع خطاياه ومعاصيه والمواضع التي بنى فيها مشارف ونصب غابات ومنحوتات قبل أن تخشع مكتوبة في كلام حوازي …»
٢٣  النبوَّات الاثنا عشر هي أسفار الأنبياء الصغار بالنسبة إلى حجم أسفارهم (بالنسبة إلى الأربعة الكبار أشعيا، إرميا، حزقيال، دانيال) وقد جمعت على هذا النحو ومذكورة في سِفر ابن سيراخ (٤٩: ١٠)، وهي (حسب ترتيبها التاريخي الأكثر احتمالًا): (١) عاموس، (٢) هوشع، (٣) ميخا، (٤) صفنيا، (٥) نحوم، (٦) حبقوق، (٧) حجاي، (٨) زكريا، (٩) عوبديا، (١٠) يونان، (١١) ملاخي، (١٢) يوئيل.
وحسب ترتيب أسفار العهد القديم هي:
(١) هوشع، (٢) يوئيل، (٣) عاموس، (٤) عوبديا، (٥) يونان، (٦) ميخا، (٧) نحوم، (٨) حبقوق، (٩) صفنيا، (١٠) حجاي، (١١) زكريا، (١٢) ملاخي.
٢٤  (الملوك الثاني، ١٤: ٢٥): «وهو الذي ردَّ تخوم إسرائيل من مدخل حماة إلى بحر الغور على حسب قول الربِّ إليه إسرائيل الذي تكلَّم به على لسان عبده يونان بن أمتاي النبي الذي من جت حافر.»
٢٥  (حزقيال، ١٤: ١٤): «ولو كان فيها هؤلاء الرجال الثلاثة نوح ودانيال وأيوب لكانوا إنما يُنقِذون ببرِّهم أنفسهم … إلخ.»
٢٦  طبقًا لأحدث النظريات النقدية يبدو أنَّ سِفر أيُّوب مجرَّد عملٍ أدبيٍّ كتبَهُ حديثًا مؤلِّف ذو ثقافةٍ واسعة.
٢٧  موموس Momos (Momus) هي الآلهة اليونانية Momos التي تُشخِّص السُّخرية اللاذعة وهي ابنة الليل وأُخت هزبريدس Hespérides طبقًا لأنساب الآلهة لهزيود فعندما ثقُل حمل الأرض من تكاثُر البشَر طلَبَت الأرض من زيوس تخفيف حملِها فأرسل زيوس الحرب وكانت حرب طيبة Thibès ولكن هذه الحرب لم تكن كافيةً ومن ثَمَّ فكَّر في صعْق البشرية أو إغراقها فنصحتْهُ موموس بزواج تيتيس Tétis من إنسانٍ وقد تمَّ ذلك بالفعل وأنجبَت هيلين Hélène التي كانت سببًا في صراح آسيا وأوروبا وهذا هو سبب حرب (طروادة).
٢٨  الإصحاح الثامن هو الوحيد الذي يبدأ بضمير المُتكلِّم (دانيال، ٨): «في السنة الثالثة من مُلك بلشصر الملك ظهرَتْ لي أنا داينال رؤيا بعد الرؤيا التي ظهرَتْ لي في البداءة.» أما الإصحاحات السبعة الأولى فإنها تَروي حوادث الملوك (يوياقيم، نبوخذ نصر، بلشصر، داريوس).
٢٩  تعني اللغة الكلدانية هنا اللغة الآرامية.
٣٠  مردخاي Mardochée هو الأبُ الذي تبنَّى إستير ويُروى أنه اكتشف مُؤامرة ضدَّ الملك وبعد ذلك بقليلٍ رفض أن يركع أمام هامان Aman وطلَبَ من إستير أن تشفَع لليهود عند الملك، وبعد استبعاد عمان حظِيَ مردخاي برضاء الملك. ويُسمَّى في التُّراث اليهودي عيد الفوريم Purim يوم مردخاي (المكابيُّون الثاني، ١٥: ٣٦-٣٧).
٣١  (إستير، ٩: ٢٠–٢٢): ٢٠: «وكتب مردخاي هذه الأمور وبعث برسائل إلى جميع اليهود الذين في جميع أقاليم الملوك أحشورش من دانٍ وقاصٍ.» ٢١: «فسنَّ عليهم أن يُعيِّدوا في اليوم الرابع عشر من شهر آذار واليوم الخامس عشر منه في كلِّ سنة.» ٢٢: «في اليومين اللَّذين استراح فيهما اليهود من أعدائهم والشهر الذي تحوَّل لهم الحُزن فيه إلى فرَح والنَّوح إلى يومِ حُبور ليَجعلوهما يومَي وليمةٍ وفرَحٍ وتوجيه أنصبةٍ من بعضهم إلى بعض وعطايا للفقراء.»
٣٢  (إستير، ٩: ٣١): «لإثبات يومَي فوريم هذَين في أوقاتهما كما سنَّهما مردخاي اليهودي وإستير الملكة وكما أوجَبوا على أنفسهم وعلى أعقابهم أمور الصيام والصراخ.»
٣٣  عيد الفوريم Purim هو عيد اليهود في ذكرى الحوادث التي وقعَتْ لهم والتي يَرويها سِفر إستير وقد سُمِّي عيد «القرعة» لأنَّ مردخاي حدَّد بالقُرعة اليوم الذي سيتمُّ فيه استئصال يهود الفرس، ويقَع في ١٤، ١٥ آذار يسبِقُه يوم صيام وتُشعَل المصابيح في المساء ويذهب اليهود إلى المعابد لقراءة سِفر إستير وإلقاء صيحات اللَّعنة على أعداء إسرائيل، وهو في الأصل عيد وَثني كان بمثابة عيد شعبي Carnaval لليهود وقد سمَح الأحبار فيه بالخمْر والسُّكر حتى يصعُب التمييز بين «بُورك مردخاي» و«لُعن هامان».
٣٤   يشهد الراوي نفسه بأنَّ الجزء الأكبر من هذا السفر مأخوذ ممَّا كتَبَه نحميا (١: ١) ولكن مما لا شكَّ فيه أن الرواية ابتداءً من الإصحاح ٨ حتى الإصحاح ١٢: ٢٦، والآيتَين الأخيرتَين من الإصحاح ١٢ — اللتَين أُدخِلتا كآياتٍ اعتراضية في كلام نحميا — إضافاتٌ من الراوي الذي عاش بعد نحميا.
(نحميا، ١: ١-٢) ١: «كلام نحميا بني حكليا. كان في شهر كسلو في السنة العشرين إذ كنتُ في شوشن القصر.» ٢: «إن قدَّم حناني أحد إخوتي هو ورجال من يهوذا فاستخبرتهم عن اليهود الذين نجَوا مِمَّن بقِيَ من الجلاء وعن أورشليم.» وتبدو الجملة الاعتراضية في الآية (١٢: ٢٦): «هؤلاء كانوا في أيام يوياقيم بن يشوع بن يوصاداق وأيام نحميا الوالي وعزرا الكاهن الكاتب.» وكذلك الجُملتان الاعتراضِيَّتان (١٢: ٤٦-٤٧): ٤٦: «لأنه كان من أيام داود وإساف من القديم قد رتَّب رؤساء المُغنِّين وأغاني التسبيح والاعتراف لله.» ٤٧: «وكان جميع إسرائيل في أيام زربابل ونحميا يؤدُّون أنصبة المُغنِّين والبوابين أمر كل يوم في يومه وقدَّسوا اللاويِّين واللاويُّون قدَّسوا بني هارون.»
٣٥  (نحميا، ١٢: ٢٣): «وبنو لاوي رؤساء الآباء مكتوبون في سِفر أخبار الأيام إلى الأيام بوحانان بن ألياشيب.»
٣٦  (المكابيُّون الأول، ١٦: ٢٤): «مكتوبة في كتاب أيام كهنوته الأعظم منذ تقلَّد الكهنوت الأعظم بعد أبيه.»
٣٧  (إستير، ٩: ٣٢): «وأثبت أمر إستير أحكام فوريم هذه وكُتبت في السفر.»
٣٨  (نحميا، ١٢: ١٠-١١): ١٠: «ويشوع ولد يوياقيم ويوياقيم ولَد ألياشيب وألياشيب ولد يوباداع.» ١١: «ويوباداع يوناتان ويوناتان ولد يدوع.»
٣٩  انظر الهامش ٥، من هذا الفصل.
٤٠   إن لم تدلَّ الكلمة في النص على «فيما وراء» يكون هناك خطأ من الناسِخ الذي كتَب «على» «في» بدلًا من «حتى».
٤١   كان عزرا عمَّ يشوع الحبر الأعظم (انظر: عزرا، ٧: ١، أخبار الأيام الأول، ٦: ١٤-١٥)، رحل من بابل إلى أورشليم مع زربابل (انظر نحميا، ١٢: ١) ولكن يبدو أنه عندما رأى سوء أحوال اليهود رجع إلى بابل كما فعل كثيرون غيره، وكما هو مذكور في نحميا (١: ٢) وظلُّوا هناك حتى حكم أرتاكسرسيس Artaxercès وبعد أن حصل على ما أراد عاد إلى أورشليم، وقد رحل نحميا أيضًا إليها مع زربابل في حُكم قورش (انظر: عزرا، ٢، ٦٣ ومثله في نحميا، ١٠: ٩، ١٠: ١) ولا يُعطي المُفسِّرون أيَّ مثلٍ لتبرير ترجمة كلمة الترشاتا Athersathat برسول Légat مع أنه من المؤكد الذين كانوا يتردَّدون على بلاط الملك قد أعطوا أسماء جديدة، فسُمِّي دانيال بلشصر Balthassar وسُمِّي زربابل ششبصر Sassabussar (انظر: دانيال، ١: ٧؛ عزرا، ١: ٨؛ ٥: ١٤) وسُمِّي نحميا الترشاتا Athersatha ولكن نظرًا للرسالة التي يَحمِلها تعوَّد الناس تحيَّته باسم بية Peha وتعني حامل Procurateur أي حاكم (انظر: نحميا، ٥: ١٤؛ ١٢: ٢٦) فلا شكَّ إذن أنَّ الترشاتا Atirsatha اسم علَم مثل حصللفوني Hatselephoni   هصوبيبه Hatsobaha (أخبار الأيام الأول، ٣: ٤، ٨)، اللوحيش Halloghes (نحميا، ١٠: ٢٥) وهكذا.
(عزرا، ٧: ١): «وكان بعد هذه الأمور في ملك أرتمششتا ملك فارس أن عزرا بن سرايا بن عزريا بن حلقيا.»
(أخبار الأيام الأول، ٦: ١٤-١٥): ١٤: «وعزريا ولد سرايا وسرايا ولد يوصاداق.» ١٥: «ويوصاداق ذهب في جلاء الربِّ ليهوذا وأورشليم على يد نبوخذ نصر.»
(نحميا، ١٢: ١): «وهؤلاء الكهنة واللاويُّون الذين شخَّصوا مع زربابل بن شألتيئيل ويشوع سرايا وإرميا وعزرا.»
(نحميا، ١): «إن قدم حناني أحد إخوتي هو ورجال من يهوذا فاستخبرتهم عن اليهود الذين نجوا من بقِي من الجلاء عن أورشليم.»
(عزرا، ٢: ٢، ٦٣): ٢: «الذين جاءوا مع زربابل ويشوع ونحميا وسرايا ورعليا ومردخاي وبلشان ومسفار وبجواي ورحوم وبعنه عدد رجال شعب إسرائيل.» ٦٣: «وأمرهم الترشاتا ألا يأكلوا من قدس الأقداس إلى أن يقوم كاهن للنور والحق.»
(نحميا، ١٠: ٩، ١١): ٩: «واللاويُّون يشوع بن أزنيا وبنوي من بني حيناداد وشأميئيل.» ١١: «والذين ختموا نحميا الترشاتا بن حكليا وصدقيا.»
(دانيال، ١: ٧): «فجعل لهم رئيس الخصيان أسماء؛ سمَّى دانيال بلشصر وحننيا شدرك وميشائيل ميشك وعزريا عبدنجو.»
(عزرا، ١: ٨): «أخرَجَها قورش ملك فارس على يد متردات الخازن وعدَّها لششبصر رئيس يهوذا.»
(عزرا، ٥: ١٤): «وأيضًا آنية بيت الله الذهب والفضة التي أخرجها نبوخذ نصر من الهيكل الذي في أورشليم وأدخلها هيكل بابل أخرجها قُورش الملك من هيكل بابل وسلمت إلى المُسمَّى بششبصر الذي كان قد أقامه واليًا.»
(نحميا، ٥: ١٤): «ثم أنِّي منذ يوم أُمرتُ أن أكون قائدًا في أرض يهوذا من السنة العشرين إلى السنة الثانية والثلاثين لأرتمششتا الملك اثنتي عشرة سنة لم آكُل أنا ولا إخوتي خُبز القائد.»
(نحميا، ١٢: ٢٦): «هؤلاء كانوا في أيام يوياقيم بن يشوع بن يوصاداق وأيام نحميا الوالي وعزرا الكاهن الكاتب.»
(أخبار الأيام الأول، ٤: ٣، ٨): ٣: «وهؤلاء لأبي عيطم يزرعيل وبشما ويدباش واسم أختهم هصللفوني.» ٨: «وتوحى ولد عانوب وهصوبيبة وعشائر أحسرحيل بن هاروم.»
(نحميا، ١٠: ٢٤-٢٥): ٢٤: «واللوحيش وفلحا وشونيف.» ٢٥: «ورحوم وحشبنة ومعسيا.»
٤٢  انظر شرح تعليق سبينوزا الأول في أول هذا الفصل.
٤٣  الصدوقيُّون Sadducéens من صدوق Sadoc وهو الكاهن الأعظم وكان مُعاصرًا لسليمان (صموئيل الثاني، ٨: ١٧؛ الملوك الأول، ١: ٣٤) ويَعتبرهم حزقيال الكهنة الشرعيِّين وحدَهم (حزقيال، ٤٠: ٤٦؛ ٤٣: ١٩)، وقد كوَّنوا حزبًا كهنوتيًّا حوالي سنة ٢٠٠ أي في وقتٍ مُتأخِّر يعتمد على العائلات الغنية ويميلون إلى قَبول العادات اليونانية منذ سيادة اليونان على الشام؛ ولذلك استبعدَهم الكهنة المكابيُّون الذين أرادوا إعادة العادات اليهودية القديمة. ولكن قَوِيَ حزبُهم أيام يحيى حرقان Jean Hyrkan الذي اضطهد حزب الفريسيِّين ولكن في حُكم الملكة ألكسندرا انتقم الفريسيُّون من أعدائهم. وفي حُكم هيرود Hérode قاموا بالمهام الدينية وتأقلَموا مع السيادة الأجنبية وكانوا يرَون في المسيح ثوريًّا يُريد قلبَ نظام الحُكم في روما (يوحنا، ١١: ٤٨) وكانوا يُطبِّقون شريعة موسى بحذافيرها وفي الوقت نفسه لا يؤمنون ببعث الأجساد (متَّى، ٢٢: ٢٣–٣٣، أعمال الرسل، ٣: ١-٢، ٢٣: ٦–٩) أو بالملائكة (أعمال الرسل، ٢٣: ٨) أو في العناية الإلهية.
٤٤  (عزرا، ٢: ٦٤): «كل الجماعة معًا اثنان وأربعون ألفًا وثلاثمائة وستون.»
٤٥  (نحميا، ٧: ٥): «فألقى إلهي في قلبي أن أجمع العظماء والولاة والشعب للانتِساب فوجدتُ سفر نسَب الذين صعدوا أولًا فإذا هو مكتوب فيه … إلخ.»
٤٦  الآية السابقة (نحميا، ٧: ٥).
٤٧  من المُحتَمل أن سبينوزا في هذه الفقرة يُهاجِم منسي بن إسرائيل (المولود في لاروشيل La Rochelle سنة ١٦٠٤ والذي تُوفِّي في ميدلبورج Middelburg سنة ١٦٥٧) والذي عرفه شخصيًّا والذي حاوَلَ في كتابٍ مشهور له في عصره باسم الاتفاق El Conciliador بَيان اتِّفاق نصوص العهد القديم مع بعضها البعض. يرى سبينوزا أنَّ هذا الاتفاق لا وجود له في الواقع وأن مُحاولةً كهذه تؤدي لا محالة إلى أخطاء في التفسير وإلى تحريفٍ في النصوص.
٤٨  الملك يكنيا Jéchonias هو نفسه الملك يوياكين المذكور آنفًا.
٤٩  يُشابه الإصحاح الأخير الخامس والعشرون من سِفر الملوك الثاني الإصحاح الأخير الثاني والخمسين من سِفر إرميا.
(أخبار الأيام الأول، ٣: ١٧–١٩): ١٧: «وابنه يكنيا أسيرو وشالنيئيل.» ١٨: «وملكيرام وفدايا وشنأصار ويقميا وهو شاماع وندبيا.» ١٩: «وابنا فدايا زربابل وشمعي وبنو زربابل مشلام وحننيا وأختهم شلوميت.»
٥٠  (إرميا، ٣٤: ٥): «بل تموت بسلام والحرائق التي عملت لآبائك الملوك الأولين الذين كانوا قبلك يُحرَق لك مثلها ويندبونك بوا سيداه لأني تكلَّمتُ بالكلام بقول الرب.»
٥١  يُؤخَذ اسم جبعون Gabaon عادةً على أنه اسم لمدينة (وفي النص اللاتيني لسبينوزا يكتُب جبعون Gibon) ولكن المُترجمين يُغيِّرونه باسم أبي جبعون الذي ذُكِر نَسلُه مرَّتَين في سِفر أخبار الأيام الأول (٨: ٢٩؛ ٩: ٣٥) ويُسمَّى أيضًا يعيئيل Jéhiel.
٥٢  يُحاول سبينوزا إدراك المعنى الحقيقي لتعاليم الكتاب وهو المعنى الجَوهري الدائم.
٥٣   إن ما نُسمِّيه المجمع الكبير La Grande Synagogue لم يُوجَد إلا بعد استيلاء المقدونِيِّين على آسيا، ويُسلِّم ابن ميمون والحبر إبراهيم بن داود وكثيرون غيرهم بأنَّ عزرا ودانيال ونحميا وحاجي وزكريا … إلخ، كانوا رؤساء هذه المجالس، وإنها لخُرافة تدعو للسُّخرية ولا تقوم على أيِّ أساسٍ إلَّا على نقْل الأخبار أن تظلَّ إمبراطورية الفُرس قائمة أربعةً وثلاثين عامًا لا أكثر، وليس لدَيهم أية وسيلة أخرى للبرهَنة على نقْل قرارات هذا المجمع الكبير أو هذا المجمع الدِّيني Synode المكوَّن من الفريسيين فقط عن لسان الأنبياء الذين نقلُوه عن لسان أنبياء آخرين حتى موسى الذي نقلَها إليهم شفاهًا لا كتابة! ويحقُّ للفريسيين الإصرار على هذا الاعتقاد كعادتهم، أمَّا المُستنيرون الذين يعلمون أسباب تكوين هذه المجالس والمجامع، وكذلك مُناقشات الفريسيين والصدوقيِّين فإنهم يستطيعون بسهولةٍ تخيُّل سبب إقامة هذا المجمع الكبير أي هذا المجلس. الشيء اليقيني هو أنَّ هذا المجلس لم يَضمَّ أنبياء بين أعضائه وأن قراراته التي تُسمَّى المأثور (التراث) Tradition تستمدُّ سُلطتها من هذا المجلس نفسه.
٥٤  (داينال، ١٢ (١٤): ٢): «وكثيرون من الراقدين في تُراب الأرض يَستيقظون بعضهم للحياة الأبدية وبعضهم للعار والرذل الأبدي.»
٥٥  فيما يتعلَّق بنيخونيا واحتمال كونه هو نفسه حنينيا انظر الهامش ١٨، والهامش ٧٢ من الفصل الثاني.
٥٦  هذه إشارة يَسيرة تدلُّ على أنه من الصعب الحصول على نتائج يقينية بالنسبة لنصوص العهد الجديد ما دامت مفقودة.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤