يوناثان

بين زَنابِق المياه

كنتُ مع حبيبتي نُجذِّف في أحد الأيام في بُحيرةٍ من الماء العذْب، وكانت تِلال لبنان تُحيط بنا.

وكُنَّا نَمرُّ بالصفصاف الباكي، وكُنَّا نتمتَّع بظِلاله الجميلة المُرتَسِمة حَوالَيْنا.

وفيما أنا أُجذِّف سائرًا بالقارِب في المياه، أخذَت حبيبتي قِيثارتها وشرَعَتْ تُغنِّي هكذا:

أي زهرٍ غير عرائس النيل يعرِف المياه والشَّمس؟
وأي قلبٍ غير قلبِها سيعرِف الأرض والسماء؟
تأمَّل يا حبيبي هذه الزَّهرة الذَّهبيَّة العائمة بين العلوِّ والعُمق كما نَسبَح أنت وأنا بين المَحبَّة التي كانت منذ الأزل وستظلُّ إلى مُنتهى الدُّهور.
حَرِّك مِجْذافَك يا حبيبي لأضرِب على أوتار قِيثارتي لنتْبَع الصفصاف ولا نُهمِل زنابق المياه.
في الناصِرة شاعر قلبُه كقلب عرائس النيل، وقد زار هذا الشاعر نفس المرأة، وهو يعرِف عطَشَها المُتفجِّر من المياه، ويعرِف مَجاعَتها للشمس في حين أنَّ كلَّ شِفاهها شبعانة.
يقولون إنه يعيش في الجليل.
أما أنا فأقول إنه يُجذِّف معنا.
أفلا تقدِر أن تنظُر وجهه يا حبيبي؟
أفلا تَستطيع أن ترى أنه حيث ينحني الصَّفصاف وتجتمِع ظِلالُه في المياه فهناك يتحرَّك هذا الشاعر كما نتحرَّك نحن؟
جميل أن نعرِف شباب الحياة أيُّها الحبيب.
جميل أن نعرِف أفراحه المُترنِّمة.
أودُّ لو أن مَجاذِيفك تَظلُّ أبدًا في يدِك، وأن تظلَّ لي قِيثارتي ذات الأوتار، حيث تضحك عرائس النيل في الشمس ويَغتسِل الصفصاف في المياه، ويُرافق صوته حركات أوتاري.
حرِّك مِجذافَك يا حبيبي لأضرِب على أوتار قِيثارتي.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤