الفصل الثالث

(المنظر: في منزل عزت أفندي.)

(ترفع الستار عن المنزل خاليًا … الجرس يدق … يدخل سيد.)

سيد : طيب طيب … إيه هيَّه الدنيا طارت؟! هو حضرتك؟ لا مؤاخذة يا سيدي!
خميس : بقى شوف لما أقول لك …
سيد : أفندم.
خميس : اسمع اللي أقول لك عليه من غير ما ترد أحسن أخلاقي ضيقة وراكبني ستين عفريت … ستين عفريت تمام.
سيد : حاضر يا سيدي، واخد بالي برضه.
خميس : واخد بالك إزاي يعني؟! هو أنا أخرس بتعمل لي إيدك كده!
سيد : يا سيدي اعمل معروف ما تكلمنيش ما دام حضرتك ما بتستحملش الكلام!
خميس : اللهم اخزيك يا شيطان … يا راجل أنت كلامك ده مش عاجبني!
سيد : يا سيدي بس قولي أتكلم إزاي؟
خميس : يا سيد أنا مش رايق لك، والشيطان بيلعب في عنيَّا فالأحسن إنك تنفد بعمرك الساعة دي … سيد.
سيد : يا سيدي الشيطان بيلعب في عينيك وأنا مش مستغني عن عمري.
خميس : ده شغل مسخرة، الواحد مش عارف يلاقيها منين ومنين! مش ممكن. لكن يمكن … مستحيل! مين عارف؟ يا عالم يا هوه! أنا عقلي حَيوِن … يا مسكين يا خميس كل المصايب اتكببت على دماغك!
عزت : أهلًا وسهلًا أنا كنت نازلك.
خميس : علشان إيه.
عزت : علشان الفصل اللي عمله كمال ساعة ما دخل على الستات على غفلة وخلَّاهم اتخضم.
خميس : أنا عندي موضوع أهم من كده عايز أكلمك فيه.
عزت : خير إن شاء الله.
خميس : بقى اسمع يا سيدي!
سنية : ده حال ما يطولش أبدًا، أنا لازم أشوف لي طريقة معاه.
عزت : فيه إيه يا هانم؟
سنية : فيه إني كنت افتكرت إني حاعيش سعيدة لقيت الحكاية بالعكس، مين كان يصدق كده؟ مين؟
خميس : اسمعي يا سنية! لايميها أحسن بعدين مش حايحصل طيب!
سنية : إنت كمان لِم لسانك!
عزت : بس إيه اللي جرى؟
سنية : جرى زي ما انت شايف، طول النهار لاويلي بُوزه ولانيش عارفة أكلمه كلمة.
عزت : يمكن العيان اللي عنده عَدَاه؟
سنية : لا، ده حال محدش يقدر عليه.
خميس : يظهر إنهم بيتوشوشو.
عزت : إزاي حالة عيَّانك دلوقت؟
خميس : أحسن، آهو نايم.
زينب : يا سيدي، ستِّي بتسألك حاتعلق الصورة فين؟
عزت : حاضر أنا جاي … أنا راجع لك حالًا، دقيقة واحدة … ما تتفضلي جوَّه يا سنية هانم عند الست، هيِّه في أودة المسافرين. عن إذنكم.
سنية : إنت تحب إن أخوك اللي أصغر منك يعرف إزاي بتعامل الست بتاعتك؟
خميس : أنا ما احبش حاجة أبدًا وما احبش إنك تيجي هنا أبدًا.
سنية : هيه هيه. حضرتك بِدَّك تاخدني في دوكة. لكن لأ طَوَّل بالك، عيد اليهود كان النهارده لكن بُكرة الدكان مفتوح.
خميس : أنا مش فاهم بتقولي إيه؟
سنية : إن شاء الله لما بُكرة تشوف الحساب كام تبقى تفهم كويس.
خميس : أنت قصدك إنك تبرجلي دماغي بالكلام ده؟
سنية : من هنا لبُكرة الصبح كل شيء ينتهي.
خميس : الغرابة مش قادر أفهم حاجة أبدًا؛ لأن الطهارة باينة على وشهم. ومش عارف يا ترى الملعون كمال كان بيبالغ في الحكاية ولَّا إيه؟ إنما أحسن طريقة إني أراقبهم كلهم تمام، وافتح عيني كويس …
عزت : لا مؤاخذة أنا أتأخرت عليك!
خميس : بقى اسمع أما أقول لك، أنا شايف إن الدور ده اللي انتم فيه ضيَّق عليكم.
عزت : بالعكس ده احنا مبحبحين فيه قوي وقِرفته كويسة عليَّ خالص.
خميس : ما هو علشان قِرفته دي أنا جيت انصحك تدوَّر لك على شقه تانية في حِتة صحية؛ مصر العتيقة، الدقي … تكون متطرفة.
عزت : إيه بس السر في كده؟
خميس : يا أخي أنا أخوك أكبر منك وقصدتك في حاجة ما تعملهاش؟
عزت : لكن دي مسألة غريبة!
خميس : غريبة قريبة كمان حتة طلب زي ده ما تعملوش؟!
عزت : طلب إيه؟ إنت يا خميس يا خويا حالتك متغيرة خالص، الست بتاعتك اللي زي الملايكة، اللي زي حتة السكرة تزعلها وتعمل فيها كده، ودلوقت جاي تطلب مني طلب زي ده؟ أنت لازم فيه حاجة تعباك ومخبي عنَّا!
خميس : يا سيدي مصلحة الإحصاء بتقول إنه فيه في البلد دي … على بيت فعشان إيه يعني ما تحبش تسكن إلا في نفس العمارة اللي أنا ساكن فيها؟
عزت : مسكين! حالته صعب خالص.
سيد : الحلاق جَه يا سيدي.
خميس : خُد لي بالك، حتى الخدام اللي أطرده من عندي تاخده عندك على طول، علشان إيه؟
عزت : مين؟ سيد؟ أنا ما خدتوش عندي إلا بناءً على شهادتك فيه للست بتاعتي، وأنا كمان سألت سنية هانم عليه ومَدحت لي فيه قوي.
خميس : مَدحت لك فيه قوي؟ طبعًا علشان يبقى قريب، فكرة طيبة خالص ومعمول حسابها عال.
عزت : هو إيه ده اللي معمول حسابه؟! نظراته فيها شيء.
خميس : بقى المعرفة ابتدأت من أيام رجب أفندي إسماعيل؟
عزت : رجب أفندي، أنت تعرفه؟
خميس : لأ، أنا بتكلم على مراته، على السمانة.
عزت : إيه؟
خميس : سمانة الخرطوم.
عزت : هو أنت تعرف؟ هو كمال قالك حاجة؟
خميس : وده شيء يدهشك؟
عزت : لكن مين اللي قالك؟
خميس : أظن عقلك كان بيقول لك إني مش حاعرف حاجة، لكن لأ، فتَّح عينك طيب أنا مش مغفل زي سي رجب.
عزت : إيه العبارة؟ مين قال عليك كده؟ لكن أقول لك الحق يا خويا وأحلف لك بنزاهتي وشرفي إني صبرت عليها لحد ما بقت أرملة!
خميس : والله العظيم مجهود كبير، إنما تقدر تقول لي كده بصراحة، لسه بتحبك؟
عزت : عاوز الحق، والله أنا بحبها خالص.
خميس : أوه! مش قادر أحوش نفسي، وبتعترف بكده؟!
عزت : وعشان إيه ما اعترفش؟ ده ما له كده؟!
خميس : دمي بيغلي … والشغل ده يعني لسه داير بينكم؟
عزت : ده أنا عندي عشم كبير إن حبنا ده يفضل دايم للأبد.
خميس : حَقَّه خلاص مش قادر أحوش روحي!
عزت : لكن أنا مش عارف إيه قصدك م الأسئلة دي؟ أنا شايف إنك لازم تستريح لك كام يوم تسافر فيهم تغير هوى … إنت حالتك النفسانية تعبانة خالص.
خميس : يا عالم أنا عقلي حَيوِن!
عزت : ما لك بس يا خويا مالك؟
خميس : بيسألني ما لك … بقى مش حرام عليك ده؟!
عزت : لا لا، ده شيء ظاهر قوي إنك تعبان. الله يكون في عونك! أظن تسمح لي بثلاث دقايق آخذ فيهم دقني أحسن زمان المزين قلق، وارجع لك تاني؟ استريح يا خميس يا خويا. استريح أحسن لك. مسكين … مسكين! جاي حالًا.
خميس : أنا خلاص، إنما أنا باستغرب … مش عارف مراتي بتحب إيه في العبيط ده؟ وآدي صاحبنا الثاني راخر … لازم جاي يضحك عليَّ كمان. الوِليَّة مراتي دي كانت مستلبخة الراجل رجب ده بتكلم اتنين؟! الله يحسن إليك مطرح ما رحت يا رجب أفندي! إيش خلاه مات بدري.
كمال : إزاي تسيبني لوحدي كده … مالكش حق! فين أمَّال خالي عزت؟ كان قال لي ابقى فوت علينا. من حق على فكرة إزاي الست؟
خميس : مراتي؟
كمال : أيوه، أرملة المرحوم.
خميس : أنت عرفت إني اتجوزتها؟
كمال : أمَّال مين الست التانية؟
خميس : دي مرات خالك عزت.
كمال : بقى السمانة تبقى مراتك؟
خميس : أيوه مراتي، قول لي بقى الحكاية اللي كنت بتحكيها عنها صحيح … ولَّا؟
كمال : بقى أنت تصدق كلام زي ده!
خميس : بقى يعني حضرتك كنت بتهزر.
كمال : إنما إزيك بقى في الفصل ده … مش عال بذمتك؟
خميس : عال قوي … بقى اللي قلته عليها …
كمال : كله كذب.
خميس : لكن أنا عرفت منين؟ بقى ما كنتش تعرفها؟
كمال : أيوه أعرفها … إنما في السودان … وكنت شوية استلطفتها. لكن الكلام ده كان على أيام جوزها دُكْهَا طبعًا.
خميس : طيب وخالك عزت … الكلام اللي حكيته لي عنه؟
كمال : هو أنا حكيت لك عنه حاجة؟
خميس : إيه … حاتنكر؟
كمال : لا مش حانكر … إنما كان بس استنتاج أو تخمين.
خميس : طيب وتخبي عليَّ ليه … مع إنه هو نفسه اعترف لي دلوقت حالًا؟
كمال : إيه؟!
خميس : وقال لي إنها بتحبه.
كمال : خالي عزت قال لك كده؟ أما راجل مجنون يقول لجوزها في وشه.
خميس : هو بيحبها وهي بتحبه وعنده عشم كبير إن الحب بتاعهم يدوم للأبد.
كمال : خالي عزت قال لك كده؟
خميس : زي ما باقول لك تمام، بالحرف الواحد. والأدهى إني كل ما أدقق معاه في الكلام يزوغ مني، لكن على مين؟ أنا لازم أشوف آخرتها معاه. عن إذنك هو بيحلق فين يا خويا؟!
كمال : أما والله جماعة لكن مرستان خالص! دي العيلة يا خويا كلها صنف واحد! يظهر إنهم ناويين يلحسوا لي عقلي في الكام يوم اللي حاقعدهم هنا. يعني بس ما قاليش من الأول ليه إنه متجوِّز السمانة … آه، آهي جت …
لبيبة : كمال هنا … حَقَّه ده زادها خالص … أنا عاوزة أكلمك.
كمال : وأنا كمان عاوز أقول لك حاجة …
خميس : آه … لكن ضروري تقول لي قَبْلَه!
لبيبة : ولا كلمة … هس!
كمال : جوزها.
لبيبة : اصرفه.
كمال : إيه … حاضر.
خميس : إيه ده … إيه ده … أنا باقول.
كمال : عن إذنك بس دقيقة واحدة.
خميس : ليه هو أنا ضايقتكم.
كمال : أيوه، لأ. عشان عاوزة تكلمني.
خميس : والله طيب.
كمال : تسمح لي مش كده؟
خميس : أنا أسمح لك بكل حاجة، وكمان إذا كنت عاوز تبسطني وتخليني أشمت في عزت … خليها بس تقول إنها بتحبك أنت.
كمال : إنت بتقول إيه؟
خميس : أنا عارفك ما تتوصاش … يلَّا وريني همتك!
كمال : بقى أنت عاوزني … أخليها …
خميس : من كل جوارحي.
كمال : من كل جوارحك … ده شيء يسرَّك؟
خميس : جدًّا.
كمال : ده لازم اخْتَل!
خميس : عشان عزت … لأنه لما يشوف واحد ينتصر عليه يقوم يتهوش.
كمال : بقى عشان كده عاوزني أنا …
خميس : طبعًا … ما تضيعش الوقت … يلَّا وريني أمَّال!
كمال : يعني عاوزني أخلي مراته تقول إنها بتحبني أكتر من أخوه عزت … أما نادرة! يكونش المسألة فيها لغز وعاوز يكعبلني فيه؟ زي بعضه … إيه الظرف واللطف ده … قوام نسيتي … ليه كده بس؟
لبيبة : اعمل معروف خليك ذوق! ولا بقيتش تفتكر فيَّ بقى؟
كمال : يا حبيبتي يا سمانة!
لبيبة : السمانة طارت … ما بقاش هنا سمان … وأنا قلت كده الصبح … أنا باحب جوزي.
كمال : ولكن …
لبيبة : وجوزي مآمني. ولا عندوش أي سوء ظن من جهتي …
كمال : إحم …
لبيبة : عاوز تقول إيه؟
كمال : جوزك يعرف كل حاجة؟
لبيبة : أبدًا.
كمال : وأنا عاوز أنبهك للخطر ده.
لبيبة : ومين ده اللي يكون قال له؟
كمال : أنا.
لبيبة : انت؟
كمال : غصب عني طبعًا.
لبيبة : ممنونة منك قوي على كل حال.
كمال : إنما دي كلها غلطتك.
لبيبة : غلطتي أنا!
كمال : معلوم … ليه ما قلتليش بصراحة أنت اتجوزتِ مين؟ لو كنت قلت لي ما كانش جرى اللي جرى. والصبح باسألك اتجوزتِ مين؟ قلت لي اتجوزت راجل مغفل، وده طبعًا مش تعريف كفاية عشان أعرف اتجوزت مين؟
لبيبة : أنا قلت لك كده … عشان ساعتها كنت زعلانة معاه. بقى أنت قلت له كل حاجة؟
كمال : الكلام جرجر بعضه … أعمل إيه؟
لبيبة : وقال لك إيه؟
كمال : طبعًا ما انبسطش.
لبيبة : وإيه رأيك بقى؟!
كمال : رأيي إن اللي فات فات … والمغازلة والمداعبة والكلام الفارغ سيبك منه بقى … وأنا أعتقد إن جوزك يسامحك بس بشرط.
لبيبة : إيه هو الشرط ده؟ ما تقول!
كمال : بشرط إنك تمشي دُغري … وتحسِّني سيرك.
لبيبة : إيه … بتقول إيه؟! أنا والله ما بصيت لجنس راجل من نهار ما اتجوزته … فَشَرَتْ!
كمال : شفتي بقى أديكي برضه بتخبي عليَّ!
لبيبة : إنت مش مصدقني؟
كمال : بقى شوفي لما أقول لك، خليكي صريحة معايا.
لبيبة : أنا مش مخبية حاجة أبدًا!
كمال : طيب سؤال … بتحبي عزت؟
لبيبة : طبعًا أحبه خالص … وحافضل أحبه لحد ما أموت.
كمال : يعني مش عاوزة ترجعي عنه؟
لبيبة : وعشان إيه بس؟
كمال : وما دام انتِ مصممة على كدة، فأنا بقى ماليش دعوة وأشيل إيدي م الموضوع.
لبيبة : طيب وعاوزني أفوته عشان إيه؟
كمال : عشان مافيش غير طريقة واحدة اللي تخلصك م الورطة دي!
لبيبة : ورطة إيه وطريقة إيه؟
كمال : اقطعي كل علاقة مع عزت … ولا بقتيش تشوفيه أبدًا.
لبيبة : ليه؟
كمال : ماتشوفيهش أبدًا، دي الطريقة الوحيدة اللي تدفع عنك الفضيحة.
لبيبة : إنت لازم عيَّان … وانصحك تروح تنام حبَّة!
عزت : أهلًا سي كمال … إنت هنا م الصبح … آديني يا ستي حانقل لك صورة المرحوم من أودة السفرة، عاوزة أحطها فين؟
لبيبة : أظن هنا يكون أحسن.
عزت : من عيني.
لبيبة : تسلم عينك.
عزت : مبسوطة بقى يا ستي؟
لبيبة : وإزاي ما انبسطش وانت قدام عيني؟!
عزت : يا روحي يا لبيبة!
كمال : لا لا … اتفضل خد حريتك … والله عال!
لبيبة : احلف لي إن مافيش حاجة في الدنيا تفرق بيننا.
عزت : مافيش حاجة تفرق بيننا إلا الموت.
كمال : وجوزها في الأودة اللي جنبنا ويقدر يفاجئنا في أي لحظة … ده جنون … ده جنون!
عزت : ومين ده اللي دخل أفكار زي دي في دماغك؟
لبيبة : سي كمال.
عزت : كمال!
كمال : سيبكم مني … وافرضو إني ما قلتش حاجة.
عزت : إنما يعني إزاي إنك …
كمال : أنا مجنون ومغفَّل اللي أدفس روحي في حاجات ما تخصنيش! وأنا تُبت من دلوقت وانتم تعرفوا شغلكم مع بعض … تحبوا بعض، تلزقوا في بعض … على كيفكم.
عزت : أما شيء غريب وهو حد سألك في موضوع زي ده؟!
لبيبة : إنت مش بتحبني؟
عزت : أدوب.
كمال : ده يظهر إنهم مش عاوزين يجيبوها البر.
عزت : ده أنا عامل حسابي في الصيفية دي بإذن الله نفك عجلنا على راس البر.
لبيبة : والنبي؟
كمال : يهرب بيها؟! أهي دي اللي كانت ناقصة!
لبيبة : دي تبقى فسحة عال خالص.
كمال : طيب بس من فضلك تسمح لي بسؤال بسيط … وإيه اللي حايعمله خالي خميس؟
عزت : خالك خميس؟ إيش عرفنا … يعمل اللي يعمله!
كمال : إنتم بتقولوا إنكم حاتسافروا سوا؟
عزت : طبعًا.
كمال : ما هو عشان كده أنا باسألك … إيه اللي حايعمله خالي خميس؟
عزت : يفضل قاعد هنا … هو حر.
كمال : إحم!
لبيبة : ولَّا يروح مطرح ما يعجبه … الهوا اللي يلائم صحته …
كمال : كويس خالص … لكن بس أنا بودي أقول إيه رأيكم … فيه هو … في خالي خميس؟
عزت : أنت ما لك؟ جرى لك إيه النهارده؟ طالع عليك عفريت اسمه خميس!
كمال : طيب بس بس … بزيادة بقى … كفاية.
عزت : فيه سؤال تاني؟
كمال : أقول لك الحق … أنا مش مبسوط أبدًا.
عزت : لأ بقى شوف أما أقول لك … أنا مش عاوزك تعيالي هنا!
كمال : لأ … ما تخافش … المسألة إني زي دايخ شوية ويظهر عشان ما عرفتش اتغدَّى زي الناس. وحانزل تحت للطباخة أشوف عندها حاجة. تلات دقايق وأرجع لكم تاني … أنا مش عارف إيه الحكاية مع العيلة دي؟!
سيد : مش لاقيه يا ستي.
عزت : هو إيه؟
لبيبة : مفتاح الشكمجية بتاعتي … طيب أنا جاية.
عزت : علشان إيه؟
لبيبة : بس قلت لزينب تحضر لي العقد بتاعي.
عزت : ليه هو أنت لسه مصممة تروحي فرح الجماعة الجيران اللي جنبنا؟
لبيبة : مؤكد … يقولوا إيه … يا ترى ما استعنوناش؟
عزت : أنت سبت سنية هانم لوحدها؟
لبيبة : قاعدة في أودة المسافرين تتناقر هي وخميس أخوك.
عزت : طيب … ما عرفتيش تصالحيهم على بعض؟
لبيبة : غُلبت. اجري أنت وريني شطارتك!
عزت : الجماعة دول نكتة خالص … أما أروح أشوف جرى إيه؟
لبيبة : اجرى يا سيد هات صورة المرحوم وعلَّقها هنا. يلَّا أمَّال، اعمِلْ لك مروَّه!
سيد : صورة سيدي المرحوم … يظهر إنها شافتها معايا قامت عجبتها … طيِّب وهو اللي يشحت حاجة من حد مش يستعمل حبة ذوق!
سنية : أنا عاوزة بقى صبر أيوب عشان أعرف أعيش معاك.
خميس : يعملوها وينطلوا!
عزت : يا جماعة فضوها بقى.
خميس : بس من فضلك إنت ابعد عنَّا الساعة دي!
سنية : أنا ما أقدرش أعيش على كده أبدًا … أنا شبعت منك إشارات وغمز وتلقيح! إذا كان فيه عندك حاجة عاوز تقولها يلَّا قول ولَّا اقعد ساكت!
خميس : طيب … فليكن … أنا أوضح لك كل حاجة.
سنية : واعمل معروف.
خميس : انتي قلت لي كتير إن عمرك ما كنت بتفوتي المرحوم.
سنية : آه أهي البلوة جت … خميس!
خميس : وخصوصًا لما كان بيسافر السودان.
سنية : يا خميس أفندي!
خميس : قلت لي كده … ولَّا لأ؟
سنية : أيوه … إنما خليني أتكلم …
خميس : بس طوِّلي بالك … إنما كنت دايمًا تخبِّي عليَّ السبب الحقيقي اللي كان بيخليكي تملِّي راكبة على نفسه، علشان إيه؟
سنية : السبب؟
خميس : أنا عرفت السبب ده دلوقت.
سنية : صحيح؟
خميس : صحيح.
سنية : طيب بقى قول لي إيه هو السبب ده؟
خميس : حاقولك حالًا … «سمانة».
سنية : سمانة؟
خميس : «سمانة السودان!»
سنية : إيه مش فاهمة أنت عاوز تقول إيه!
خميس : طبعًا مانتيش فاهمة … وانا ما كنتش منتظر إنك تفهميني، والحقيقة يا ستي … إنك كنت بتروحي السودان عشان تشوفي كمال وغيره … وغيره.
سنية : كمال؟
خميس : أيوه كمال ابن أختي … أظن راخر مانتيش عارفاه؟
سنية : ولا عمري سمعت عليه.
خميس : لأ، وهو أنت بتعرفي حد؟ أبدًا. ولا فاكرة حاجة؟ أبدًا … كل شيء اتنسى خلاص.
سنية : اسمع يا خميس!
خميس : الله يرحم أيام الهنا والسرور اللي فاتت …
سنية : أنا حاقول لك الحقيقة.
خميس : طيب دلوقت بقى نسمع حاجة.
سنية : مش حاجة بس … أنا حاقول لك كل حاجة.
خميس : يبقى أحسن.
سنية : أولًا … أنا عمري ما رحت السودان أبدًا.
خميس : إيه؟ ده فيه ناس شايفينك هناك!
سنية : أنا؟!
خميس : أيوه انتي.
سنية : مين شافني هناك؟
خميس : كمال.
سنية : كمال ده مين؟
خميس : حاتنكري ولَّا إيه؟ أنا عارف … وعارف كمان إنك لسه بتخدعيني لحد دلوقت.
سنية : أبدًا … أنا حاقول لك دلوقت كل حاجة. شوف، أنا عمري ما رحت السودان دي أبدًا … أبدًا … أبدًا، وكان المرحوم بيسبني هنا لوحدي وداير هناك على كيفه.
خميس : عال، ده برضو طيب … ده من جهة المرحوم … الراجل الطيب الأمين المخلص.
سنية : أنت مش مصدقني؟
خميس : طيب وأخويا عزت؟
سنية : أخوك عزت؟!
خميس : أيوه أخويا عزت … أظن حاتنكري كمان إنه ما كانش بيحبك من أيام المرحوم؟!
سنية : طبعًا، لأنه ما حصلش من ده حاجة.
خميس : إزاي بس مع إنه هو بنفسه اعترف لي دلوقت آهه بعضمة لسانه!
سنية : كلام فارغ … وإذا كان قال لك يبقى كداب في أصل وشه.
خميس : طيب وكمال؟
سنية : أظن بزيادة كلام فارغ بقى … إنت فلقتني بكمال بتاعك ده. مين هو … وريهولي على الأقل أشوفه بس؟
خميس : أظن راخر عمرك ما شفتيه؟
سنية : باقول لك ما اعرفوش أبدًا.
خميس : ده انتي كنت بتكلميه النهارده الصبح!
سنية : أنا؟!
خميس : أيوه.
سنية : فين من فضلك؟
خميس : في الشارع.
سنية : إيه … أنا؟!
خميس : وقلتي له إنك اتجوزت راجل مغفل.
سنية : أبدًا ما حصلش.
خميس : بقى ما حصلش؟
سنية : أيوه ما حصلش. ده انا متأسفة خالص اللي ما حصلش.
خميس : يا سنية نخسر بعض!
سنية : لا، أنت خليتها خل خالص.
خميس : من فضل حضرتك … ما شفتش كمال؟
عزت : كمال نزل ياكل وزمانه طلع فوق.
خميس : بياكل تاني؟! متشكر … اتفضلي معايا.
عزت : الجماعة دول سراية خالص … صورة فالصو ما تسواش أكتر من ١٥٠ قرش. وطالعة لي بيها السما. والله لابيعها بس بعد الليلة!
سيد : تعالى يا سيدي تعالى، وخلِّي نورك يملا الأودة ويزهزها. الله دي واحدة تانية أهيه … ده سيدي! أما غريبة خالص، لازم المرحوم كان يعرف سيدي عزت. بقى معرض من المرحوم! هنا المرحوم مكشر، وهنا المرحوم بيضحك.
لبيبة : سيد، سيد!
سيد : أفندم.
لبيبة : اجري اربط النسناس لحسن قطع السلسلة وساب.
سيد : يا عيني عليك يا سيد!
لبيبة : بقى لسه سي خميس زعلان؟
سنية : اعملي معروف يا اختي ما تجيبيليش سيرته! وانتي إذا كنت شفتي بس اللي عمله فيَّ دلوقت كنت تعذريني! إنما تعرفي دي غلطة كبيرة خالص من الواحدة اللي يموت جوزها وترجع تتجوز تاني.
لبيبة : لكن أنا يا اختي مش متأسفة اللي اتجوزت تاني.
سنية : إيه؟ إنت كمان كنت عازبة؟
لبيبة : أيوه. إنما مبسوطة مع جوزي ده من ما كنت مع جوزي الأولاني.
سنية : يا بختك!
لبيبة : إياك بقى سي خميس …
سنية : أهو كلهم ألعن من بعض! ده أقربها آهو بس راح اشترى عقد ألماظ بميتين جنيه، وماني عارفة لمين؟ إنما مش ليَّ والسلام.
لبيبة : إخص يا دي الفضيحة!
سنية : معلهش الصبر طيب. بكره حاعرف كل حاجة أما جوزي الأولاني آهو كان يسبني ويسافر يعط يمين وشمال وداير هايص مع النسوان.
لبيبة : العياذ بالله! صحيح أنا ما كنتش مبسوطة مع جوزي الأولاني لكن أقول لك بالحق إنه ما كانش خبَّاص.
سنية : يا بختك، يا بختك!
لبيبة : انتي ما شفتيش صورته؟
سنية : لأ.
لبيبة : صورته آهي.
سنية : أعوذ بالله!
لبيبة : دول اتنين!
سنية : رجب؟!
لبيبة : بتقولي إيه؟!
سنية : وهو بتقولي كان جوزك الأولاني؟
لبيبة : أيوه.
سنية : وكنت معاه في السودان؟
لبيبة : أيوه في السودان … إنت عارفة؟
سنية : بقى هو إنت … إنت! آه آه آه آه!
لبيبة : فيه إيه؟ مالك؟
سنية : أنا مرات رجب أفندي إسماعيل!
لبيبة : وأنا كده كمان!
سنية : ؟
لبيبة : إنت؟!
سنية : أيوه. وإمتى اتجوزتيه؟
لبيبة : من أربع سنين دلوقت.
سنية : وأنا من سبع سنين. هاهاها!
لبيبة : آه من الخاين … أنت يا مجرم يا نحس.
سنية : بقى إنت … إنت … إنت «السمانة»! مش كده؟
لبيبة : ده الاسم اللي كانوا أصحابي مطلعينه عليَّ أيام المرحوم رجب.
سنية : أنا ما اسمحلكيش إنك تنطقي باسمه!
زينب : العقد أبو دلَّاية أهو يا ستي.
سنية : آه!
لبيبة : هاتي … جسمي كله بيرتعش.
سنية : العقد أبو دلَّاية … يا دي الفضيحة! دي بقى ماشية مع خميس زي ما كانت مع المرحوم … بقى بتستلميهم واحد بعد واحد؟!
لبيبة : عاوزة تقولي إيه؟
سنية : العقد ده مين جابهولك؟ مش جوزي اللي اشتراه لك؟
لبيبة : الله … طيب وماله؟!
سنية : طيب يا خميس طيب، طول بالك!
خميس : اتفضلي آدي كمال!
سنية : وانت اتفضل ده!
خميس : إيه؟
كمال : كمان بتضربه قدام مراته!
خميس : هي وصلت للدرجة دي؟!
سنية : تعرف تدي عقد ألماظ للست دي؟ أنا ظبطت الفاتورة في جيبك.
خميس : الفاتورة دي بقالها تلات سنين، من أيام رجب أفندي. بقى بتضربيني عشان المرحوم؟! داهية تجحمه مطرح ما راح!
كمال : الست اللي ضربتك دي مين؟
خميس : ما تطلعش فيها بقى وتعمل عبيط؟ بقى مش عارف دي مين؟ دي مراتي.
كمال : مراتك؟! بتستغفلني … أمَّال دي مين دي؟!
عزت : دي مراتي.
كمال : الله … هو أنت مش قايل لي انك أخذت مراة المرحوم رجب أفندي؟
عزت : مراة المرحوم رجب أفندي؟!
سنية : ده كان متجوز اتنين.
عزت : اتنين!
لبيبة : شوفوا الصورة!
عزت : طيب وده معناه إيه؟
سنية : معناه إنه كان متجوز اتنين … متجوزني ومتجوز مراتك.
عزت : أما غريبة!
سنية : أنا اتجوزته سنة ١٩٠٢.
لبيبة : وانا كنت باحسبه عازب واتجوزته بعد كده بتلات سنين.
كمال : ما هي دي «السمانة».
خميس : إخص!
سنية : تمام.
خميس : رأيِك إيه بقى في القلم؟
سنية : غصب عني.
كمال : وإيه رأيكم في المرحوم؟
سنية : بكفاه بقى مافيش لزوم.
كمال : وبني آدم مش معصوم.
سنية : أنا والله متأسفة عشان كنت بغير من غير داعي.
خميس : وأنا كمان.
عزت : وأنا راخر.
سنية : صحيح إن المرحوم قَلَب كياننا النهارده كلنا. لكن برضو عشمي إن كل واحد يسامحه ويقول ربنا يرحم المرحوم!
(ستار)
(انتهت الرواية)

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤