الفصل السادس
في كتابة القرآن حين نزوله بأمره ﷺ وكُتَّابه
وكان للنبي ﷺ كُتَّاب يكتبون الوحي بالخط المقرر وهو النسخي، وهم ثلاثة
وأربعون، أشْهَرُهم: الخلفاء الأربعة، وأبو سفيان وابناه: معاوية ويزيد، وسعيد بن العاص١ وابناه: أبان وخالد، وزيد بن ثابت، والزبير بن العوام، وطلحة بن عبيد الله،
وسعد بن أبي وقاص، وعامر بن فهيرة، وعبد الله بن الأرقم، وعبد الله بن رواحة، وعبد الله
بن سعد بن أبي السرح،٢ وأُبيُّ بن كعب،٣ وثابت بن قيس، وحنظلة بن الربيع، وشرحبيل بن حسنة، والعلاء بن الحضرمي،
وخالد بن الوليد، وعمرو بن العاص، والمغيرة بن شعبة، ومعيقيب بن أبي فاطمة الدوسي،
وحذيفة بن اليمان، وحويطب بن عبد العزى العامري، وكان أَلْزَمَهُم للنبي ﷺ
وأكثَرَهم كتابةً له زيدُ بن ثابت وعليُّ بن أبي طالب — عليه السلام.
ويَظْهر من الروايات أنه ﷺ كان يهتم بكتابة القرآن. روى البخاري عن
البرَّاء قال: لما نزلت لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ
الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ
اللهِ٤ قال النبي ﷺ: ادع لي زيدًا وليجِئْ باللوح والدواة والكتف أو الكتف
والدواة ثم قال: اكتب: لَا يَسْتَوِي
الْقَاعِدُونَ.
وفي قصة إسلام عمر بن الخطاب — رضي الله عنه — أن رجلًا من قريش قال له: أختك قد صبأت
(أي خرجت عن دينك)، فرَجَعَ ولطم أخته لطمة شَجَّ بها وجهها، فلمَّا سكت عنه الغضب
نَظَرَ فإذا صحيفة في ناحية البيت فيها: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ سَبَّحَ لِلهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ
الْحَكِيمُ إلى قوله تعالى: إِنْ كُنْتُمْ
مُؤْمِنِينَ،٥ واطَّلع على صحيفة أخرى فوجد فيها: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
طه * مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ
لِتَشْقَى إلى قوله تعالى: لَهُ الْأَسْمَاءُ
الْحُسْنَى؛٦ فأسلم بعدما فَهِمَ بلاغة تلك الآيات. كل هذه الأحاديث والروايات تدل على
أنه ﷺ اهتم بكتابة القرآن، وأن القرآن كُتِب في عهْده وحضْرَتِه بكل
إتقان وضبْط.
١
ذَكَرَ شمس الدين سامي أن سعيد بن العاص كان فصيح اللسان وجيِّد الخط، كتب
المصحف في عصر عثمان، وكان أحد الكتبة في عصره، وُلِد في سنة الهجرة. ص٢٥٧٥
«قاموس الأعلام» حرف السين.
٢
روى الطبري في تاريخه أنه كَتَبَ الوحي للنبي ﷺ، ثم ارتد عن الإسلام،
ثم راجَعَ الإسلام يوم فتح مكة.
٣
ورُوِيَ أنه قيل: إنَّ أوَّل مَنْ كَتَبَ له ﷺ أُبَيُّ بن
كعب، وكان إذا غاب أُبَيٌّ كتب له زيد بن ثابت.
٤
سورة النساء.
٥
سورة الحديد.
٦
سورة طه.