داني وَذَيْلُهُ الْقَصِيرُ
لَمْ يُفَكِّرْ داني فَأْرُ الْمُرُوجِ إِلَّا فِي ذَيْلِهِ الْقَصِيرِ، وَكَانَ يَشْعُرُ بِالْخَجَلِ الشَّدِيدِ مِنْهُ، وَحِينَ يَمُرُّ أَيُّ أَحَدٍ، يَتَوَارَى داني بَعِيدًا عَنِ الْأَنْظَارِ كَيْ لَا يَرَوْا مَدَى قِصَرِ ذَيْلِهِ. وَبَدَلًا مِنَ اللَّعِبِ فِي ضَوْءِ الشَّمْسِ مِثْلَمَا اعْتَادَ أَنْ يَفْعَلَ، كَانَ يَجْلِسُ وَيَتَجَهَّمُ. وَبَعْدَ قَلِيلٍ بَدَأَ أَصْدِقَاؤُهُ يَمُرُّونَ عَلَيْهِ دُونَ أَنْ يَتَوَقَّفُوا عِنْدَهُ. وَأَخِيرًا فِي أَحَدِ الْأَيَّامِ جَلَسَ الضُّفْدَعُ الْعَجُوزُ أَمَامَ داني وَبَدَأَ يَطْرَحُ عَلَيْهِ أَسْئِلَةً.
سَأَلَ الضُّفْدَعُ الْعَجُوزُ: «مَا الْمُشْكِلَةُ؟»
فَأَجَابَ داني فَأْرُ الْمُرُوجِ: «لَا شَيْءَ.»
قَالَ الضُّفْدَعُ الْعَجُوزُ: «لَا أَظُنُّ أَنَّ هُنَاكَ بِالْفِعْلِ أَيَّةَ مُشْكِلَةٍ، لَكِنْ مَاذَا تَظُنُّ أَنْتَ أَنَّهُ مُشْكِلَةٌ؟»
تَمَلْمَلَ داني، بَيْنَمَا نَظَرَ الضُّفْدَعُ الْعَجُوزُ عَالِيًا إِلَى قُرْصِ الشَّمْسِ الْأَحْمَرِ الْمُسْتَدِيرِ، وَغَمَزَ لَهُ، وَتَسَاءَلَ: «إِنَّ أَشِعَّةَ الشَّمْسِ سَاطِعَةٌ كَمَا هِيَ الْحَالُ دَوْمًا، أَلَيْسَ كَذَلِكَ؟»
فَأَجَابَ داني: «بَلَى.»
اسْتَأْنَفَ الضُّفْدَعُ الْعَجُوزُ قَائِلًا: «لَدَيْكَ مَا يَكْفِي مِنْ طَعَامٍ وَشَرَابٍ، أَلَيْسَ كَذَلِكَ؟»
فَأَجَابَ داني: «بَلَى.»
قَالَ الضُّفْدَعُ الْعَجُوزُ مُتَمَعِّنًا فِي وَجْهِ داني بِدِقَّةٍ: «يَبْدُو لِي أَنَّكَ تَرْتَدِي حُلَّةً أَنِيقَةً لِلْغَايَةِ. وَالطَّقْسُ مُشْمِسٌ، وَلَدَيْكَ وَفْرَةٌ مِنَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ، وَلَدَيْكَ مَلَابِسُ جَمِيلَةٌ، لَا بُدَّ أَنَّكَ لَا تُدْرِكُ كَمْ أَنْتَ مَحْظُوظٌ يَا داني!»
نَكَّسَ داني رَأْسَهُ، وَأَخِيرًا نَظَرَ إِلَى أَعْلَى وَلَمَحَ بَرِيقًا دَافِئًا فِي عَيْنَيِ الضُّفْدَعِ الْعَجُوزِ، وَسَأَلَهُ: «أَيُّهَا الضُّفْدَعُ الْعَجُوزُ، كَيْفَ لِي أَنْ أَحْصُلَ عَلَى ذَيْلٍ طَوِيلٍ مِثْلَ ابْنِ عَمِّي أبيض الساق الَّذِي يَسْكُنُ الْغَابَةَ الْخَضْرَاءَ؟»
قَالَ الضُّفْدَعُ الْعَجُوزُ: «هَذِهِ هِيَ الْمُشْكِلَةُ إِذَنْ! هَا هَا هَا! يَا لَلْعَارِ يَا داني! يَا لَلْعَارِ يَا داني! وَبِمَ يُفِيدُكَ الذَّيْلُ الطَّوِيلُ؟! أَجِبْنِي.»
لَمْ يَدْرِ داني بِمَ يُجِيبُ لِبُرْهَةٍ، ثُمَّ تَجَرَّأَ وَقَالَ: «أَنَا … أَنَا … أَنَا سَأَبْدُو أَفْضَلَ بِكَثِيرٍ لَوْ كَانَ لِي ذَيْلٌ طَوِيلٌ.»
لَكِنَّ الضُّفْدَعَ الْعَجُوزَ ضَحِكَ وَقَالَ: «أَنْتَ لَمْ تَرَ أَبَدًا فَأْرَ مُرُوجٍ بِذَيْلٍ طَوِيلٍ، أَلَيْسَ كَذَلِكَ؟ بِالطَّبْعِ لَمْ تَرَ. حِينَهَا سَيَكُونُ مَنْظَرًا عَجِيبًا! وَجَمِيعُ سُكَّانِ الْمُرُوجِ الْخَضْرَاءِ سَيَمُوتُونَ ضَحِكًا بِمُجَرَّدِ أَنْ يُشَاهِدُوا هَذَا الْمَنْظَرَ! أَتَعْلَمُ أَنَّكَ تَحْتَاجُ أَنْ تَكُونَ رَشِيقًا وَنَحِيلًا وَبَارِعًا كَيْ تَسْتَطِيعَ التَّنَقُّلَ بِذَيْلٍ طَوِيلٍ بِسَلَاسَةٍ، وَحِينَهَا سَيَكُونُ عِبْئًا عَلَيْكَ بِاسْتِمْرَارٍ! فَسَتُضْطَرُّ دَوْمًا إِلَى التَّفْكِيرِ فِي ذَيْلِكَ وَالْحِرْصِ عَلَى الِابْتِعَادِ بِهِ عَنِ الْأَذَى. انْظُرْ إِلَيَّ، فَأَنَا لَسْتُ جَذَّابًا، بَلْ يُطْلِقُ عَلَيَّ الْبَعْضُ أَنِّي قَبِيحُ الْمَنْظَرِ، وَفِي الْمُقَابِلِ لَا أَحَدَ يُحَاوِلُ الْإِمْسَاكَ بِي مِثْلَمَا يَفْعَلُ ابْنُ الْمُزَارِعِ براون مَعَ الْمِنْكِ بيلي بِسَبَبِ فِرَائِهِ الْجَمِيلِ، كَمَا لَا يَسْعَى أَحَدٌ إِلَى احْتِجَازِي فِي قَفَصٍ لِعُذُوبَةِ صَوْتِي. فَأَنَا رَاضٍ تَمَامًا بِمَا أَنَا عَلَيْهِ، وَإِذَا أَخَذْتَ بِنَصِيحَتِي يَا داني، فَإِنَّكَ سَوْفَ تَرْضَى تَمَامًا بِمَا أَنْتَ عَلَيْهِ.»
قَالَ داني فَأْرُ الْمُرُوجِ بَعْدَ وَقْتٍ قَصِيرٍ: «رُبَّمَا تَكُونُ عَلَى حَقٍّ، سَوْفَ أُحَاوِلُ.»