الفصل الرابع

الشام في عهد أبي الطيب

١

ولَّى الخليفة العباسي المقتدر بالله محمد بن طُغج على الرملة سنة ست عشرة وثلاثمائة، ثم أضاف إليه دمشق بعد سنتين.

وكانت حلب إذ ذاك يتداولها ولاة يُرسَلون من بغداد.

ثم ولَّى محمد بن طغج مصر إلى ما في ولايته من الشام سنة إحدى وعشرين وثلاثمائة ثم عُزل عنها.

وفي عهد الخليفة الراضي بالله (٣٢٢–٣٢٩) عظم أمر ابن طغج فأعيدت ولايته على مصر سنة ثلاث وعشرين وثلاثمائة وامتدَّ سلطانه على الشام كلها ولُقِّبَ الإخشيد.

٢

وخلع ابن طغج طاعة الخليفة الراضي فأرسل إليه محمد بن رائق فاستولى على الشام سنة ٣٢٨ وولَّى محمد بن يزداذ الشهرزوري حلب ثم دمشق.

وانتهى تنازع ابن رائق وابن طُغُج على الشام باستقرار ابن رائق في حلب ودمشق، واستقرار الإخشيد في الرملة وما يليها إلى مصر على أن يؤدِّي عن الرملة في كل سنة مائة وأربعين ألف دينار.

ثم سَيَّر الإخشيد جيشًا يقوده كافور وفيه مُسَاوِر بن محمد الرومي فهزم ابن يزداذ نائب ابن رائق واستولى على حلب.

وقُتل ابن رائق بالموصل بأيدي بني حمدان سنة ثلاثين وثلاثمائة فاستقرَّ سلطان الإخشيد على الشام كلها.

وبقيت الشام للإخشيد إلى أن جاء سيف الدولة فاستولى على حلب سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة، وأخرج منها والي الإخشيد أحمد بن سعيد الكلابي أحد ممدوحي أبي الطيب، وكانت وقائع انتهت باستقرار سيف الدولة في حلب والإخشيديين في دمشق.

٣

فالشام كانت في عهد أبي الطيب مقسمة بين الإخشيد وابن رائق، ثم بين الإخشيد وسيف الدولة. كانت دمشق وما يليها إلى الجنوب في يد الإخشيديين إلا سنتين خرجت فيهما دمشق من سلطانهم إلى سلطان ابن رائق، وإلا فترة قصيرة استولى سيف الدولة عليها بعد موت الإخشيد.

وكانت حلب وما يليها في أيدي ولاة الخلفاء ثم الإخشيد ثم ابن رائق فالإخشيد فسيف الدولة.

٤

وقد مدح أبو الطيب من رجال هذه الوقائع مساور بن محمد الرومي، والحسين بن عبيد الله بن طغج وهو ابن أخي الإخشيد، وطاهرًا العلوي، فأما مساور فقد مدحه بقصيدتين: الأولى مطلعها:

جللا كما بي فليك التبريح
أغذاء ذا الرشأ الأغنِّ الشيح

والثانية:

أمساور أم قرن شمس هذا
أم ليث غاب يقدم الأستاذا

وذكر في هذه القصيدة ما فعل الممدوح بابن يزداذ نائب ابن رائق.

وسيأتي الكلام في مدح الحسن بن طغج وطاهر العلوي.

فقد ذكر أبو الطيب من رجال هذه الحادثات ابن يزداذ إذ قال في مدح مساور:

هبك ابن يزداذ حطمت وصحبه
أترى الورى أضحوا بني يزداذا

•••

سدَّت عليه المشرفية طُرقه
فانصاع لا حلبًا ولا بغداذا
طلب الإمارة في الثغور ونشؤه
ما بين كَرْخايا إلى كَلْواذا

ومدح بدر بن عمَّار بقصائد كثيرة، وكان من رجال ابن رائق كما يأتي:

وكذلك ذكر الأستاذ كافورًا الإخشيدي في هذه القصيدة:

أمساور أم قرن شمس هذا
أم ليث غاب يقدم الأستاذا

فالأستاذ هو كافور.

وسيأتي الكلام في صحبة الشاعر بني حمدان ثم كافورا.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤