الملوك والغرام

كان أجدادنا — رحمهم الله — يُطلقون على الملوك لقبَ: «أنصاف الآلهة» بحجَّة أنهم بعيدون عن الخطأ والمعصية.

ولكن سلسلة طويلة من الحوادث وقعت لأنصاف الآلهة أثبتت أن أنصاف الآلهة لا يختلفون عن غيرهم من الناس، فكان أن سحَب آباؤنا من الملوك لقب أنصاف الآلهة، وأطلقوا عليهم لقب «أصحاب الدم الأزرق».

والدم الأزرق — كما أفهمه أنا — هو الدم النقي المرشح الخالي من حرارة الاندفاع، البعيد عن تأثير العاطفة الجائحة؛ الدم الذي ينبع من العقل رأسًا لا من القلب.

ولكن سلسلة أخرى من الحوادث ليست آخرها حادثة الملك إدوارد الثامن والمسز سمبسون، ولا هي أولها، أثبتت لنا أن الدم الذي يجري في عروق الملوك والملكات لا يختلف عن الدم الذي يجري في عروقك وعروقي وعروق أي شخص آخر. بل قد يكون الملك أحيانًا عرضة للاندفاع في عواطفه والتأثر بها أكثر مني ومنك برد فعل الحياة المحافظة المحاطة بآداب القصور، وتقاليدها العتيقة، وقوانينها الصارمة، وحدودها الضيقة.

وقد يكون الملِك على حق في بعض الأحيان إذا بحث عن امرأة تعرف كيف تُنسيه مسئولية الحكم ومشاغله، وتعرف إذا نادته باسمه مجرَّدًا كيف يكون لصوتها رنَّة محبوبة في نفسه، وتعرف كيف تتمنَّع عليه أحيانًا، فيشعر باشتداد رغبته فيها وهو الذي يأمر فيُطاع، ويَطلب فيُجاب.

وإذا كان الواحد منا يختار لنفسه المرأة التي يعتقد أن حياتها مُتمِّمة لحياته بمحض إرادته، فإن الملك يشعر أحيانًا بهذه الرغبة المُلِحة في حرية الاختيار، ولكنه يصطدم بمن ينبهه إلى واجبه القدسي، ويخبره أن زوجته ليست زوجته فقط، وإنما هي ملِكة شعبه؛ فلا يجب أن يُصِمَّ أذنه عن سماع صوت الشعب عند اختيار زوجته وملِكة شعبه.

وقد جمع هذا الكتاب بعضَ ما وقع للملوك في غرامهم في السنوات الأخيرة وفي العصور القديمة، مستندًا إلى أوثق المصادر التاريخية؛ لتقوم دليلًا على أنه إذا كان بعض الملوك يملكون السيطرةَ على قلوب رعاياهم، فالقليل منهم مَن يملك السيطرة على قلبه هو.

المؤلف

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤