ذِكْرَى أَمْسِ

Wave Image
مَـدَّتْ لَـكَ الـذِّكْـرَى وَجِـيـعَ الْـقُيُودْ
مَـخْـبُـوءَةً فِـي خَـدَعَـاتِ الْـجُـدُودْ
كَأَنَّــــهَــــا ذُو إِحْــــنَــــةٍ مَــــاكِــــرٌ
يَـهْـدِي صِـلَالًا تَـحْـتَ زَهْـرٍ نَـضِـيـدْ
وَقَـــبْـــرُ أَمْـــسٍ شَــاحِــبٌ مَــائِــلٌ
كَــذِي حَــيَــاةٍ رَاكِــعٍ بِــالْــوَصِــيـدْ
وَالـــذِّكْـــرُ دَوْحٌ فَـــوْقَـــهُ بَــاسِــقٌ
أَفْـــنَـــانُـــهُ مُــثْــمِــرَةٌ بِــالْــوُعُــودْ
وَالـــــذِّكْــــرُ صِــــلٌّ لَاذِعٌ نَــــابُــــهُ
يَــا لَــيْــتَــهُ يَــخْــلَــعُ رَثَّ الْـعُـهُـودْ
كَــالْــحَــيَّــةِ الـرَّقْـطَـاءِ تَـنْـضُـو رِدَا
ءَ الْأَمْسِ كَيْ تُكْسَى الرِّدَاءَ الْجَدِيدْ
وَالــذِّكْــرُ كَـالْـجِـرْذَانِ فِـي خُـفْـيَـةٍ
يَـنْـخَـرُ مِـنْ قَـلْـبِ الْأَبِـيِّ الْـجَـلِـيـدْ
مَــطِــيَّــةُ الــذِّكْــرِ عَــلَـى نَـهْـجِـهَـا
مَـعْـكُـوسَـةُ الْـمَـسْـعَى لَخُلْفٍ تَحِيدْ
كَأَنَّـــمَـــا إِذْ عِـــفْـــتَ بَــابَ الــرَّدَى
تَـبْـغِـي خَـلَاصًـا مِـنْ سَـبِـيلِ الْوَلِيدْ
كَـــيْ تَـــتَــخَــطَّــى أَزَلًا مَــاضِــيًــا
تَـرْجِـعُ مِـنْـهُ عَـنْ طَـرِيـقِ الْـخُـلُـودْ
كَــمْ تَـبْـتَـغِـي أَمْـسِـكَ إِنْ سَـاءَكَ الْـ
ـيَــوْمُ وَأَمْــسِ مُـعْـجِـزٌ مَـنْ يُـعِـيـدْ
يَــا مُــخْـرِجَ الْـمَـلْـحُـودِ مِـنْ قَـبْـرِهِ
لَــمْ يَــبْـقَ مِـنْـهُ غَـيْـرُ عَـظْـمٍ وَدُودْ
أَمْــسِ الَّــذِي فَــاتَ عَــلَــى قُــرْبِـهِ
كَـــالْأَبَـــدِ الْآبِـــدِ قَـــاصٍ بَـــعِــيــدْ
وَإِنْ يَـــسُـــؤْكَ الْــيَــوْمُ تَــرْجُ غَــدًا
إِنَّ غَـــدًا لَـــيْــسَ بِــيَــوْمٍ جَــدِيــدْ
فَـانْـظُـرْ إِلَـى أَمْـسٍ مَضَى وَاسْتَعِنْ
مِــنْــهُ عَــلَـى الْـيَـوْمِ بِـرَأْيٍ سَـدِيـدْ
الــشَّــيْــخُ يَــبْــغِــي ضِــلَّـةً أَمْـسَـهُ
وَفِــي غَــدِ الْــيَـافِـعِ حُـلْـمٌ سَـعِـيـدْ

عن القصيدة

  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: السريع
  • عصر القصيدة: الحديث

عن الشاعر

عبد الرحمن شكري: شاعرٌ مِصْري، وأحدُ مُؤسِّسي مدرسةِ الديوانِ الشِّعرية، وصَفتْه الدكتورة «سهير القلماوي» بأنه الشَّاعرُ الذي أنزلَ العقلَ مِن على عَرشِه في إلهامِ الشُّعراء؛ فشِعْرُه خيالٌ مُتحرِّرٌ يرفضُ حدودَ الزمانِ والمكان. وقد أحدثَتْ أشعارُه نَقلةً تَجديدِيةً في مضمونِ الشِّعرِ العربي؛ فتحوَّلتْ به من شاطئِ العقلِ إلى بحرِ الخيال.

وُلِدَ «عبد الرحمن شكري عيَّاد» ببورسعيد عامَ ١٨٨٦م، لأسرةٍ ذاتِ أصولٍ مَغربِية، وقد كانَ لها دَورٌ مُؤثِّرٌ في حياتِه؛ حيثُ كانَ لزوجةِ أخيه «أحمد شكري» — المُولَعةِ برِوايةِ الحكاياتِ والأساطير — دورٌ في إثراءِ خيالِه، كما كانَ في مكتبةِ أبيه ما يُرضي نَهَمَه من دَواوينِ الشِّعر.

قَضى فَصْلًا من عُمرِه معَ أبيه ببورسعيد حتى نالَ الشَّهادةَ الابتدائية، ثُمَّ انتقلَ إلى الإسكندريةِ ليَلتحِقَ بمَدْرسةِ رأسِ التينِ الثانويةِ التي ظَلَّ بها أربعَ سَنواتٍ لينالَ منها الشَّهادةَ الثانويةَ (البكالوريا)، ثُم الْتَحقَ بمَدْرسةِ الحقوقِ إبَّانَ احتدامِ الحركةِ الوطنيةِ التي أتاحتْ له التعرُّفَ على «مصطفى كامل» زعيمِ الحركةِ الوطنيةِ في ذلكَ الوَقْت، والذي طلَبَ منه أنْ يعملَ مُحرِّرًا بجريدةِ «اللِّواء»، ونصَحَه أنْ يَلتحقَ بمدرسةِ المُعلِّمينَ فيَنهلَ من مَعِينِها ليكونَ عَوْنًا له في مَيْدانِ الصَّحافة.

وقد عطَّرَ «عبد الرحمن شكري» رَوْضةَ الأدبِ بالعديدِ من دواوينِه وقصائدِه، ومنها: دِيوانُ «ضَوْء الفَجر»، و«لَآلِئ الأَفْكار»، و«أناشيد الصِّبا»، و«زَهْر الرَّبيع»، و«الخَطَرات»، و«الأَفْنان»، و«أَزْهار الخَرِيف»، ونُشِر ديوانُه الثامنُ بعدَ مَوتِه ضمنَ الأعمالِ الكامِلة. بَدأَ شاعِرُنا صِراعَه معَ المرضِ صيفَ عامَ ١٩٥٧م، إلى أنْ صادَه الموتُ عامَ ١٩٥٨م.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤