طَائِرُ السَّعَادَةِ

Wave Image
لَـــعَـــمْــرُكَ مَــا الــلَّــذَّاتُ إِلَّا حَــمَــائِــمٌ
تَـــنُــوحُ عَــلَــى أَفْــنَــانِــهَــا وَتَــطِــيــرُ
نَــشَــدْتُــكَ يَــا طَـيْـرَ الـلَّـذَاذَةِ وَالْـهَـوَى
أَمَــا لَــكَ فِــي هَــذِي الْــحَـيَـاةِ وُكُـورُ؟
وَإِنَّ الَّــذِي يَــرْجُــو الــسَّــعَــادَةَ وَاثِـبٌ
عَـــلَـــى ظِـــلِّـــهِ لَـــوْ أَنَّ ذَاكَ يُــجِــيــرُ
وَبَـعْـضُ مَـسَاعِي الْمَرْءِ حَمْىٌ وَخَيْبَةُ الْـ
ـمَـــطَــامِــعِ بُــرْءٌ لِــلْــحِــجَــا وَنُــشُــورُ
وَمَـنْ لَـمْ يَـجِـدْ فِـي نَـفْـسِهِ ذُخْرَ عَيْشِهِ
فَـــلَــيْــسَ لَــهُ بَــيْــنَ الْأَنَــامِ نَــصِــيــرُ
وَهَـلْ يَـسْـتَـقِيمُ السَّعْدُ لِلْمَرْءِ فِي الدُّنَى
وَمَــطْــلَــبُــهُ بَــيْــنَ الــضُّـلُـوعِ سَـعِـيـرُ
وَلَـيْـسَ شَـقَـاءُ الْـمَـرْءِ فِـيـمَـا يُـصِـيـبُـهُ
وَلَـــكِـــنَّـــهُ طَـــبْـــعٌ لَـــهُ وَضَـــمِـــيـــرُ
هُـوَ الْـعَـيْـشُ كَـالْحَسْنَاءِ تُبْغِضُ مُحْجِمًا
جَــبَـانًـا، وَيَـحْـظَـى بِـالْـوِصَـالِ جَـسُـورُ
وَمَـهْـمَا يُتَحْ فِي الْعَيْشِ فَالْخَوْفُ خَادِمٌ
وَكُـــلُّ جَــرِيءٍ فِــي الْــحَــيَــاةِ أَمِــيــرُ
وَمَـنْ صَـانَ عَـنْ رِقِّ الْـمَـطَـالِـبِ عُـنْـقَـهُ
رَأَى أَنَّ خَــطْــبَ الـدَّهْـرِ لَـيْـسَ يَـضِـيـرُ
قَلَى الْعَيْشَ حُبُّ الْعَيْشِ قَدْ شَطَّ رَغْدُهُ
كَــمَــا يُـبْـغِـضُ الْـمَـهْـجُـورُ وَهْـوَ أَسِـيـرُ
كَـمَـنْ يُـبْـغِـضُ الْـحَـسْـنَـاءَ يَـقْلَى دَلَالَهَا
وَفِــي الــصَّــدْرِ مِــنْــهُ لَــوْعَــةٌ وَزَفِـيـرُ
إِذَا أَخْــطَأَ الْــمَــرْءُ الــسَّــعَــادَةَ خَـالَـهَـا
سَــرَابًــا يَــغُــرُّ الْــعَــيْــنَ مِــنْــهُ غَـدِيـرُ
وَلَـيْـسَ عَـجِـيـبًا أَنْ يَرَى الْعَيْشَ مَجْهَلًا
فَإِنَّ الْــحِــجَــا طَــرْفٌ لَــدَيْــهِ ضَــرِيــرُ
وَمَــا الــسَّــعْــدُ إِلَّا حِــكْــمَــةٌ وَتَــجَـاوُزٌ
وَإِنَّـــــكَ رَبٌّ فِــــي الْأَنَــــامِ غَــــفُــــورُ
تَـكِـيـدُ بِـصَفْوِ الصَّفْحِ مَنْ يَبْتَغِي الْقَذَى
لِـــوِرْدِكَ، إِنَّ الـــشَّـــائِـــبِــيــنَ كَــثِــيــرُ
وَمَـنْ لَـمْ يَـجِـدْ فِـي عَـيْـشِهِ فَرْضَ آمِلٍ
رَأَى أَنَّ سَــعْــدًا فِــي الْــحَـيَـاةِ عَـسِـيـرُ
وَمَـنْ ضَـمَّ قَـلْـبًـا أَخْـطَأَ الـسَّـعْـدَ، خَـالَهُ
يُـــتَــاحُ لَــهُ بَــعْــدَ الْــمَــمَــاتِ حُــبُــورُ
أَمَــانِــيُّ خَــلْــفَ الْـمَـوْتِ ظَـلَّ حَـيَـاتَـهُ
يَــقِــيــلُ بِــهَــا وَالْــحَــادِثَــاتُ هَـجِـيـرُ
بَـــدَا لِـــيَ أَنْ لَا سَـــعْـــدَ إِلَّا تَـــصَـــبُّــرٌ
تَـــقَـــرُّ بِـــهِ فِــي الــنَّــائِــبَــاتِ صُــدُورُ
وَعَــزْمٌ، وَإِيــمَــانٌ، وَطَــبْــعٌ، وَحِـكْـمَـةٌ،
وَرَأْيٌ بِآلَاءِ الْــــحَــــيَــــاةِ خَــــبِــــيــــرُ
وَإِنَّ أَجَــلَّ الْــخَــلْــقِ مَــا هُــوَ مُــقْــبِـلٌ
تُـــهَـــيِّـــئُـــهُ بَـــعْـــدَ الـــدُّهُــورِ دُهُــورُ
وَإِنَّ الْأَذَى سَـبْـرُ الْـقُـلُوبِ، وَصَيْرَفُ النُّـ
ـفُــوسِ، وَقَــيْــنٌ لِــلْــعُــقُــولِ، وَظِــيـرُ
وَرَاجِــي حَــيَــاةٍ لَـيْـسَ لِـلـشَّـرِّ بَـيْـنَـهَـا
مَــثَــارٌ تَــنَــالُ الــنَّــفْــسَ مِــنْـهُ حَـرُورُ
كَــمَــنْ يَــرْتَـجِـي أَسْـبَـابَ أَمْـرٍ يَـعَـافُـهُ
وَذَاكَ مُـــحَـــالٌ فِـــي الــدُّنَــى وَغُــرُورُ
وَلَــيْــسَ أَعَــزُّ الــرَّغْــبِ سَــعْــدًا فَإِنَّــهُ
يَــضَــنُّ بِــعَــيْــشٍ لَــيْـسَ فِـيـهِ سُـرُورُ
وَلَـــوْ أَنَّ خُـــلْـــدًا كَــانَ أَمْــرًا مُــقَــدَّرًا
أَهَــابَ الْــفَــتَــى بِـالْـمَـوْتِ وَهْـوَ قَـرِيـرُ

عن القصيدة

  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: الطويل
  • عصر القصيدة: الحديث

عن الشاعر

عبد الرحمن شكري: شاعرٌ مِصْري، وأحدُ مُؤسِّسي مدرسةِ الديوانِ الشِّعرية، وصَفتْه الدكتورة «سهير القلماوي» بأنه الشَّاعرُ الذي أنزلَ العقلَ مِن على عَرشِه في إلهامِ الشُّعراء؛ فشِعْرُه خيالٌ مُتحرِّرٌ يرفضُ حدودَ الزمانِ والمكان. وقد أحدثَتْ أشعارُه نَقلةً تَجديدِيةً في مضمونِ الشِّعرِ العربي؛ فتحوَّلتْ به من شاطئِ العقلِ إلى بحرِ الخيال.

وُلِدَ «عبد الرحمن شكري عيَّاد» ببورسعيد عامَ ١٨٨٦م، لأسرةٍ ذاتِ أصولٍ مَغربِية، وقد كانَ لها دَورٌ مُؤثِّرٌ في حياتِه؛ حيثُ كانَ لزوجةِ أخيه «أحمد شكري» — المُولَعةِ برِوايةِ الحكاياتِ والأساطير — دورٌ في إثراءِ خيالِه، كما كانَ في مكتبةِ أبيه ما يُرضي نَهَمَه من دَواوينِ الشِّعر.

قَضى فَصْلًا من عُمرِه معَ أبيه ببورسعيد حتى نالَ الشَّهادةَ الابتدائية، ثُمَّ انتقلَ إلى الإسكندريةِ ليَلتحِقَ بمَدْرسةِ رأسِ التينِ الثانويةِ التي ظَلَّ بها أربعَ سَنواتٍ لينالَ منها الشَّهادةَ الثانويةَ (البكالوريا)، ثُم الْتَحقَ بمَدْرسةِ الحقوقِ إبَّانَ احتدامِ الحركةِ الوطنيةِ التي أتاحتْ له التعرُّفَ على «مصطفى كامل» زعيمِ الحركةِ الوطنيةِ في ذلكَ الوَقْت، والذي طلَبَ منه أنْ يعملَ مُحرِّرًا بجريدةِ «اللِّواء»، ونصَحَه أنْ يَلتحقَ بمدرسةِ المُعلِّمينَ فيَنهلَ من مَعِينِها ليكونَ عَوْنًا له في مَيْدانِ الصَّحافة.

وقد عطَّرَ «عبد الرحمن شكري» رَوْضةَ الأدبِ بالعديدِ من دواوينِه وقصائدِه، ومنها: دِيوانُ «ضَوْء الفَجر»، و«لَآلِئ الأَفْكار»، و«أناشيد الصِّبا»، و«زَهْر الرَّبيع»، و«الخَطَرات»، و«الأَفْنان»، و«أَزْهار الخَرِيف»، ونُشِر ديوانُه الثامنُ بعدَ مَوتِه ضمنَ الأعمالِ الكامِلة. بَدأَ شاعِرُنا صِراعَه معَ المرضِ صيفَ عامَ ١٩٥٧م، إلى أنْ صادَه الموتُ عامَ ١٩٥٨م.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤