سَجْعَةُ الْكَرَوَانِ

Wave Image
هَـاتِـفٌ فِي السَّحَرْ
بَـــارِعٌ مُـــقْــتَــدِرْ
صَــادِحٌ مُــطْــنِـبٌ
سَـاجِـعٌ مُـخْـتَـصِرْ
مُــطْــرِبٌ هَــزَّنِــي
لَـحْـنُـهُ الْـمُـبْـتَـكَـرْ
لَــمْ يَــزَلْ هَــاتِـفًـا
فِـي لَـيَـالِـي الْـقَمَرْ
عَـــــادَهُ وَجْـــــدُهُ
وَدَعَــتْـنِـي الـذِّكَـرْ
فَـاحْـتَسَبْتُ الْهَوَى
وَالـصَّـبَا الْمُحْتَضَرْ
وَدَعَــوْتُ الْــمُـنَـى
وَالـشَّـبَـابَ الـنَّضِرْ
•••
بَـيْـنَ هَمْسِ الرُّبَى
وَخَــرِيــرِ الــنَّــهَـرْ
وَدَبِــيــبِ الــسَّـنَـا
وَحَـفِـيـفِ الـشَّجَرْ
وَهُــبُــوبِ الـصَّـبَـا
وَاعْـتِـرَاضِ الـدُّبُـرْ
طَـابَ لِي مَجْلِسِي
وَحَـلَا لِـي الـسَّـهَـرْ
•••
جَـــنَّــةٌ عِــنْــدَهَــا
يَـعْـذُبُ الْـمُـسْـتَقَرْ
دَوْحُــهَــا حَــافِــلٌ
بِــشَــهِــيِّ الــثَّـمَـرْ
رَوْضُــهَــا عَــابِــقٌ
وَرْدُهُ وَالـــــزَّهَــــرْ
مَــاؤُهَــا سَــلْـسَـلٌ
وِرْدُهُ وَالــــصَّـــدَرْ
جَـــنَّـــةٌ حَـــفَّــهَــا
نَـخْـلُـهَـا الْمُشْتَجِرْ
بَــيْـنَـمَـا يَـسْـتَـوِي
قَــائِــمًــا يَــنْأَطِــرْ
•••
لَـيْـلَـةٌ فِـي الـزَّمَـنْ
لَــمْ يَـشُـبْـهَـا كَـدَرْ
لَــــيْــــلَــــةٌ فَـــذَّةٌ
مِـنْ هِـبَـاتِ الْـعُمُرْ
فَــــتَـــزَوَّدْ بِـــهَـــا
لِــــلَـــيَـــالٍ أُخَـــرْ
•••
يَــا غُــلَامُ اسْـقِـنَـا
هَــاتِــهَــا وَابْــتَـدِرْ
هَــــاتِـــهَـــا مُـــرَّةً
حُـلْـوَةَ الْـمُـخْـتَـبَرْ
فِـي كُـئُوسٍ ذَهَبْ
وَأَوَانٍ حُــــــمُـــــرْ
هَـــاتِــهَــا رَطْــبَــةً
فِـي دَمِـي تَـسْتَعِرْ
هَــاتِــهَــا وَابْــتَـدِرْ
لَــمْ أَعُـدْ أَصْـطَـبِـرْ
•••
هَــاكَــهَــا هَــاكَـهَـا
يَـا نَـدِيـمِـي اعْتَبِرْ
عَـــانِـــسٌ زَانَــهَــا
ثَــوْبُــهَـا وَالْـخَـفَـرْ
مِـنْ عَـقِـيقِ الْعِنَبْ
دَمُــهَــا الْـمُـنْـهَـمِـرْ
فِــتْــنَــةٌ لِــلـنَّـظَـرْ
مَــنْ رَآهَــا سَــكِـرْ
وِزْرُهَــــا هَــــيِّـــنٌ
ذَنْــبُــهَــا مُـغْـتَـفَـرْ
خَــمْــرَةٌ عُــتِّـقَـتْ
مِـنْ قَـدِيـمِ الْعُصُرْ
أُمُّــــهَــــا بَـــابِـــلٌ
وَأَبُـــوهَــا مُــضَــرْ
قَـهْـوَةٌ صُـهْـرِجَـتْ
فِي أَقَاصِي الْحُفَرْ
دَسَّـــهَـــا كَـــاهِــنٌ
قَـبْـلَ عَهْدِ الْحَضَرْ
لَــمْ يَـذُقْ مِـثْـلَـهَـا
قَــيْــصَـرٌ ذُو سُـرُرْ
•••
يَــا طُـيُـورَ الـرُّبَـى
رَوْضُـكُـمْ مُـزْدَهِـرْ
كُـــلُّـــكُــمْ نَــائِــحٌ
وَيْحَكَمْ مَا الْخَبَرْ؟
حَـسْـبُـكُمْ حَسْبُكُمْ
بَـعْـضُ هَذَا الْخَوَرْ
شَـــاعِـــرٌ نَـــاقِــمٌ
وَمُـــغَــنٍّ ضَــجِــرْ
كُـــلُّـــكُــمْ عَــازِفٌ
فَــوْقَ هَـذَا الْـوَتَـرْ
كُــلُّــكُــمْ رِيــشَــةٌ
فِـي مَـهَـبِّ الْـغِـيَرْ
كُــــلُّـــكُـــمْ هَـــدَّهُ
دَهْــرُهُ فَــانْـكَـسَـرْ
كُــلُّــكُــمْ مُــوجَــعٌ
مُـشْـتَـكٍ مُـفْـتَـقِـرْ
عَــاشِــقٌ مُــدْنَــفٌ
قَــدْ بَــرَاهُ الْـحَـوَرْ
وَأَخٌ يَــــــائِــــــسٌ
مِـنْ ضَـحَايَا الْقَدَرْ
لَــمْ يَـعُـدْ صَـادِحًـا
فِـي لَـيَـالِي السَّمَرْ

عن القصيدة

  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: مجزوء المتدارك
  • عصر القصيدة: الحديث

عن الشاعر

عزيز فهمي: شاعر مصري امتازَ بإنتاجٍ شِعريٍّ وفير، حازَ على إعجابِ مُعاصِريه في النصف الأول من القرن العشرين؛ لا سيما عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين.

وُلِد «عزيز عبد السلام فهمي محمد جمعة» في طنطا عامَ ١٩٠٩م، وكان والده أحدَ قِياديِّي حزب الوفد. تلقَّى «عزيز» تعليمَه الأساسي في مَسقط رأسه، ثم انتقَلَ إلى القاهرة فأكمَلَ دراستَه بمدرسة الجيزة الثانوية، والْتَحقَ بعدَها بكلية الحقوق بجامعة القاهرة، وفي الوقت نفسه انتسب إلى كلية الآداب، فدرَسَ فيهما معًا، وبعدما حصل على ليسانس الحقوق سافرَ إلى فرنسا لدراسة القانون، وهناك حصل على الدكتوراه في القانون من جامعة السوربون عامَ ١٩٣٨م.

بعد عودته من فرنسا عمل بالنيابة، غيرَ أنه فُصِل من عمله بعدَ إقالة الحكومة الوفدية عامَ ١٩٤٤م، فاشتغل بالمحاماة، وانتُخِب لعضوية البرلمان المصري عن حزب الوفد عامَ ١٩٥٠م، وكانت له فيه صَولاتٌ وجَولاتٌ أشهَرُها دِفاعُه عن حُرية الصحافة؛ ما أوغَرَ صدْرَ المَلِك عليه، فاعتُقِل بتهمة العيب في الذات المَلكية إبَّانَ الحربِ العالَمية الثانية. وشارَكَ «عزيز» في تحرير الصُّحف والمَجَلات التي كان يُصدِرها حزبُ الوفد، وكان عضوًا في كتائب الفدائيِّين، واشترَكَ في عملياتٍ فِدائيةٍ استهدفَتْ معسكراتِ قواتِ الاحتلالِ الإنجليزي.

أمَّا شِعْره فيتنوَّع بينَ قصائدَ طويلةٍ ومتوسطةِ الطول، ويتَّجه إلى رِثاء النفس، والغَزَل العفيف، ومَدِيح أعلام عصره، وبخاصةٍ «طه حسين» و«حافظ إبراهيم»، ورثاء آخَرين، فضلًا عن بُروزِ النَّزْعةِ الوطنية في شِعره واهتمامِه بقضايا الوطن. وله قصائدُ نشرَتْها مَجلاتٌ عِدَّة، منها: «الرسالة»، و«الثقافة»، و«الإرادة»، و«السياسة»، وقد نُشِر معظمُ شِعره في ديوانه «ديوان عزيز» عَقِب وفاته، وقدَّمَ للديوان الدكتور طه حسين، الذي أبدى في كلمته أسًى كبيرًا على الشاعر المُجِيد، الذي تَخطَّفَتْه يدُ المَنُون عاجلًا عامَ ١٩٥٢م في العيَّاط جنوبي القاهرة غَرَقًا في تُرْعةٍ مائية، بعدَ انقلابِ سيارةِ الأجرة التي كان يَستقِلُّها أثناءَ مُحاوَلتِه اللَّحاقَ بقطارِ الصَّعِيد ليتمكَّنَ من التَّرافُع في إحدى القضايا.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤