لَكَ الْخَيْرُ قَدْ أَنْحَى عَلَيَّ زَمَانِي

Wave Image
لَـكَ الْـخَـيْـرُ قَـدْ أَنْـحَـى عَلَيَّ زَمَانِي
وَمَــا لِــي بِـمَـا يَـأْتِـي الـزَّمَـانُ يَـدَانِ
كَـأَنَّ صُـرُوفَ الـدَّهْـرِ لَـيْـسَ يَـعُـدُّهَا
صُــرُوفًــا إِذَا مَــكْــرُوهُـهُـنَّ عَـدَانِـي
وَلَـوْ أَنَّ غَـيْـرَ الـدَّهْـرِ بِـالْجَوْرِ قَادَنِي
جَـمَـحْـتُ وَلَـكِـنْ فِـي يَـدَيْـهِ عِـنَانِي
مُـنِـيـتُ بِـبَـيْـعِ الـشِّعْرِ مِنْ كُلِّ بَاخِلٍ
بِــخُــلْــفِ مَــوَاعِــيــدٍ وَزُورِ أَمَـانِـي
وَمَـنْ لِـي بَـأَنْ يُـبْـتَـاعَ مِـنِّـي وَإِنَّـمَـا
أُقِــيــمُ لِــمَـاءِ الْـوَجْـهِ سُـوقَ هَـوَانِ
إِذَا رُمْـتُ أَنْ أَلْـقَـى بِهِ الْقَوْمَ لَمْ يَزَلْ
حَــيَــائِـي وَمَـسُّ الْـعُـدْمِ يَـقْـتَـتِـلَانِ
أَخَــافُ سُـؤَالَ الْـبَـاخِـلِـيـنَ كَـأَنَّـنِـي
مُـلَاقِـي الْـوَغَـى كُـرْهًـا بِـقَلْبِ جَبَانِ
قَـعَـدْتُ بِـمَـجْـرَى الْـحَادِثَاتِ مُعَرَّضًا
لِأَسْــبَــابِــهَــا مَــا شِـئْـنَ فِـيَّ أَتَـانِـي
مُــصَــاحِــبَ أيَّــامٍ تَــجُــرُّ ذُيُــولَـهَـا
عَـــلَـــيَّ بِــأَنْــوَاعٍ مِــنَ الْــحَــدَثَــانِ
أَرَى الـرِّزْقَ أَمَّـا الْـعَزْمُ مِنِّي فَمُوشِكٌ
إِلَــيْــهِ وَأَمَّــا الْــحَــظُّ عَــنْــهُ فَــوَانِ
وَهَـلْ يَـنْـفَـعَـنِّـي أَنَّ عَـزْمِـيَ مُـطْـلَقٌ
وَحَـظِّـي مَـتَـى رُمْـتُ الْـمَطَالِبَ عَانِ
وَمَـا زَالَ شُـؤْمُ الْـجَـدِّ مِنْ كُلِّ طَالِبٍ
كَـفِـيـلًا بِـبُـعْـدِ الْـمَـطْـلَـبِ الْـمُتَدَانِي
وَقَـدْ يُـحْـرَمُ الْـجَلْدُ الْحَرِيصُ مَرَامَهُ
وَيُـعْـطَـى مُـنَـاهُ الْـعَـاجِـزُ الْـمُـتَوَانِي
وَمِـنْ أَنْـكَـدِ الْأَحْـدَاثِ عِـنْـدِيَ أَنَّـنِـي
عَــلَــى نَـكَـدِ الْأَحْـدَاثِ غَـيْـرُ مُـعَـانِ
فَــهَــا أَنَــا مَــتْـرُوكٌ وَكُـلَّ عَـظِـيـمَـةٍ
أُقَـارِعُـهَـا شَـأْنَ الْـخُـطُـوبِ وَشَـانِـي
فَــعَــثْـرًا لِـدَهْـرٍ لَا تَـرَى فِـيـهِ قَـائِـلًا:
لَــعًــا، لِــفَــتًــى زَلَّــتْ بِـهِ الْـقَـدَمَـانِ
فَــهَــلْ أَنْــتَ مُــولٍ نِـعْـمَـةً فَـمُـبَـادِرٌ
إِلَــيَّ وَقَــدْ أَلْــقَــى الــرَّدَى بِــجِـرَانِ
وَحَــطَّ عَــلَـيَّ الـدَّهْـرُ أَثْـقَـالَ لُـؤْمِـهِ
وَتِــلْــكَ الَّـتِـي يَـعْـيَـا بِـهَـا الـثَّـقَـلَانِ
وَمُسْتَخْلِصِي مِنْ قَبْضَةِ الْفَقْرِ بَعْدَمَا
تَـــمَـــلَّـــكَ رِقِّـــي ذُلُّـــهُ وَحَــوَانِــي
وَجَـاعِـلُ حَـمْـدِي مَـا بَـقِـيـتُ مُخَلَّدًا
عَــلَــيْـكَ وَمَـا أَرْسَـتْ هِـضَـابُ أَبَـانِ
إِذَنْ تَـقْـتَـنِـي شُـكْـرَ امْرِئٍ غَيْرِ هَادِمٍ
بِــكُــفْـرِ الْأَيَـادِي مَـا ارْتِـيَـاحُـكِ بَـانِ
فَـمِـثْـلُـكَ أُنْـسَ الـدَّوْلَةِ انْتَاشَ هَالِكًا
أَخِـــيـــذَ مُـــلِــمَّــاتٍ أَسِــيــرَ زَمَــانِ
وَغَـادَرَ مَـنْ يَـخْـشَـى الـزَّمَـانَ كَـأَنَّمَا
يُــلَاقِــيــهِ مِــنْ مَــعْــرُوفِــهِ بِـأَمَـانِ

عن القصيدة

  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: الطويل
  • عصر القصيدة: العباسي الثاني

عن الشاعر

هو أحمد بن محمد بن علي بن يحيى التغلبي، يُعَد أحد رُواد الأدب العربي، وأشهر شعراء الشام الذين ساهموا في النهضة الشعرية التي شهدها العصر العباسي الثاني، اتسم شِعره بحُسن البيان، وجزالة العبارة، وعُمق المعنى.

وُلد في دمشق سنة ٤٥٠ﻫ/ ١٠٥٨م، حين كانت تحت سيطرة الدولة الفاطمية، ونشأ وترعرع بها؛ فدرس علوم اللغة، والكتابة، ونَظَم فيها أُولى قصائده. وظل بها حتى سيطر عليها السلاجقة فهاجر منها إلى حماة، وكان عُمره آنذاك ثمانية عشر عامًا، ومكث في حماة مدةً قاربت اثنتَي عشرة سنة، واتصل بأميرها «محمد بن مانك» وعمل عنده كاتبًا، ثم انتقل إلى شينيز ومدح أميرها «علي بن مقلد بن منقذ»، ومنها إلى حلب السورية، وهناك التقى ﺑ «ابن حيُّوس» أشهر شعراء زمانه، ولازَمه مدةً حتى صار امتدادًا لشِعره، ثم اتجه غربًا إلى طرابلس الليبية التي أقام فيها مدةً قاربت عشر سنوات، وفيها ذاع صِيتُه، ووصلت شُهرته الآفاق، ونَظَم أبدع قصائده وأشهرها، وتَقرَّب من حاكمها «جلال الدين بن عمار»، ثم عاد ثانيةً إلى دمشق وحط فيها رِحاله، وصاحَب وزيرها السلجوقي «هبة الله بن بديع الأصفهاني».

سُمي ﺑ «ابن الخياط» لاشتغال أبيه بحرفة الخياطة، وسُمي بالكاتب لاشتغاله بالكتابة؛ حيث عمل كاتبًا لدى أمراء الدولة العباسية، كما نَظَم الشعر بأغراضه المتنوعة، كالهِجاء، والرِّثاء، والغزَل، ولكنَّ النصيب الأوفر من قصائده كان في المديح، حتى اشتُهر بذلك؛ فذكَرَته كُتُب المؤرخين المعاصرين بأنه من الشعراء المُجيدين، امتَدح الناس، وطاف البلاد، ودخل بلاد العجم وامتَدح أهلها. وصل إلينا ديوانه الذي حوى أبهى قصائد الشعر العربي، وأعذب العبارات، وأبلغ المعاني.

تُوفِّي «ابن الخياط» بدمشق في ١١ رمضان ٥١٧ﻫ/١ نوفمبر ١١٢٣م، عن عُمرٍ يُناهز سبعًا وستين سنة.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤