الْأَمَانِيُّ وَالذِّكْرُ

Wave Image
الــذِّكْــرُ يَــشْــجُــوهُ وَالْآمَـالُ تَـخْـدَعُـهُ
قَــلْــبٌ تَــلَــوَّى إِلَــى مَــغْـنَـاكَ أَخْـدَعُـهُ
يُــسَـائِـلُ الـذِّكْـرَ عَـنْ عَـهْـدٍ لَـنَـا خَـضِـلٍ
لَــعَــلَّ مُــقْــبِــلَ هَــذَا الــدَّهْـرِ يُـرْجِـعُـهُ
فَـــقَـــالَ سَــائِــلْ بِــهِ الْآمَــالَ إِنَّ لَــهَــا
فِـي مُـقْـبِـلِ الْـعَـيْشِ حُكْمًا لَسْتُ أَدْفَعُهُ
وَمَـا انْـتِـفَـاعِـي بِـآمَـالِـي الَّـتِـي حَرُمَتْ
عَــلَــى فُــؤَادِيَ إِذْ لَا عَــطْــفَ يَــنْـفَـعُـهُ
جَــعَــلْــتُ بَــعْــدَكَ آمَــالِــي مُــحَــرَّمَـةً
إِنِّــي لَأُبْــغِــضُ وِرْدًا لَــسْــتَ تُــنْــبِــعُـهُ
نَــأَيْــتَ مِــنْ بَــعْـدِ عَـهْـدٍ جَـفَّ يَـانِـعُـهُ
كَـالْـعُـودِ فِـي الـصَّـمْتِ لَا شَدْوٌ فَنَسْمَعُهُ
غَـــيْـــرَ ادِّكَـــارِ تَــرَانِــيــمٍ إِذَا تُــلِــيَــتْ
مِـنْ ذِكْـرِ عَطْفِكَ أَعْشَى الطَّرْفَ مَدْمَعُهُ
وَالْـحُـسْـنُ شَـدْوٌ لِـمَـنْ أَصْغَتْ جَوَانِحُهُ
لَــهُ صَــدًى تَــتَــهَــاوَى مِــنْــهُ أَضْــلُـعُـهُ
قَـدْ أَصْـبَـحَ الـذِّكْـرُ قَـبْرَ الْحُبِّ وَانْتَثَرَتْ
عَـلَـيْـهِ مِـنِّـي الْـمُـنَـى كَـالـزَّهْـرِ تَـمْـرَعُـهُ
وَعِـــزَّةُ الْــغَــابِــرِ الْــمَــذْكُــورِ مُــؤْذِنَــةٌ
بِـــذِلَّـــةِ الْـــحَـــالِ إِذْ لَا رَيَّ يَــنْــقَــعُــهُ
فَـهَـلْ تَـغَـضَّـنَ وَجْـهُ الْـمَـرْءِ مُـبْـتَـسِـمًـا
كَـيْ يَـجِـدَ الـدَّمْـعُ مَـجْـرًى مِـنْـهُ يَـتْبَعُهُ
فَــيَــا سَــمَــائِــيَ إِنْ غَــامَـتْ فَـإِنَّ لَـهَـا
فِـي نَـهْـرِ عَـيْـشِـيَ غَـيْـمًـا أَنْـتَ تَـطْبَعُهُ
قَـدْ نَـمَّـقَ الْـقَـلْـبُ حُـسْـنًـا أَنْـتَ طَـلْعَتُهُ
أَغَــرْتَ حَــتَّــى بِـصَـدٍّ مِـنْـكَ تَـصْـدَعُـهُ
الْــقَــلْــبُ مِــرْآةُ مَـا أَبْـدَيْـتَ مِـنْ مُـلَـحٍ
فَـاصْـقُـلْـهُ بِـالْـقُـرْبِ عَـلَّ الْـقَـلْبَ يُبْدِعُهُ
تَــذْوِي الــزُّهُــورُ فَـلَا عَـهْـدٌ يَـعُـودُ بِـهَـا
لَــكِــنَّ لِلْــوَصْــلِ رُوحًــا مِـنْـهُ يُـرْجِـعُـهُ
أَصْبَحْتَ فِي الْبُعْدِ مِثْلَ الرُّوحِ مُحْتَجِبًا
وَأَمْـــرُهُ الْأَمْـــرُ مَـــغْـــدَاهُ وَمَــرْجِــعُــهُ
أَوْ كَــالْــقَــضَــاءِ إِذَا مَــا صَـالَ صَـائِـلُـهُ
فِـي خُـفْـيَـةٍ وَنُـفُـوسُ الْـخَـلْـقِ مَـرْتَـعُهُ
وَالْـحُـبُّ كَـالْـمَـوْتِ يَـأْتِـي فِـي فُـجَاءَتِهِ
مِــنْ غَــيْــرِ إِذْنٍ وَلَا سَــاعٍ يُــشَــفِّــعُــهُ
إِنِّــي أُحِــبُّــكَ حُــبًّــا لَــسْــتُ أَفْــهَــمُـهُ
أَيُــفْــهَــمُ الْــكَــوْنُ مَــنْـشَـاهُ وَمَـنْـزَعُـهُ
يَــا رَاصِــدَ الــنَّــجْـمِ مَـزْهُـوًّا بِـخِـبْـرَتِـهِ
ارْصُــدْ هِــلَالًا بِـأُفْـقِ الـسَّـعْـدِ مَـطْـلَـعُـهُ
وَارْصُـدْ لِـحَـاظًـا لِـمَـنْ أَهْـوَاهُ مَـاضِـيَـةً
بِــقِــسْـمَـةِ الـسَّـعْـدِ تُـعْـطِـيـهِ وَتَـمْـنَـعُـهُ
الْــحُــبُّ رُوحٌ مِــنَ الْــفِــرْدَوْسِ هَـبَّـتُـهُ
لِــيُــوقِــظَ الــنَّــفْــسَ شَـدْوٌ لَا يُـوَقِّـعُـهُ
وَالْــحُــبُّ كَـالْـخُـلْـدِ لَا يَـلْـقَـاهُ ذُو عَـدَمٍ
إِلَّا فَــوَاقًــا لِــعَــيْــشٍ حَــانَ مَــصْـرَعُـهُ
خَـمْـرُ الْـخُـلُـودِ فَـنَـادِمْـنِـي عَـلَـى مَـهَلٍ
سَـيَـحْـبِـسُ الـدَّنَّ عَـنَّـا مَـنْ يُـشَـعْـشِعُهُ
لَــوْ قُــسِّـمَـتْ فَـرْحَـتِـي إِمَّـا أَرَاكَ عَـلَـى
هَــذَا الْأَنَـامِ لَـغَـاضَ الـنَّـحْـسُ أَجْـمَـعُـهُ
فَـــمَــا حَــنِــيــنُ هَــزَارٍ للــرَّبِــيــعِ بِــأَوْ
فَــى مِــنْ حَــنِـيـنِ فُـؤَادٍ أَنْـتَ مَـرْبَـعُـهُ
وَأَنْـتَ شَـمْـسِـي وَقَـطْـرِي وَالنَّسِيمُ مَعًا
بَــلِ الْــحَــيَــاةُ وَمَــا أَبْــغِــي وَأُمْـنَـعُـهُ!

عن القصيدة

  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: البسيط
  • عصر القصيدة: الحديث

عن الشاعر

عبد الرحمن شكري: شاعرٌ مِصْري، وأحدُ مُؤسِّسي مدرسةِ الديوانِ الشِّعرية، وصَفتْه الدكتورة «سهير القلماوي» بأنه الشَّاعرُ الذي أنزلَ العقلَ مِن على عَرشِه في إلهامِ الشُّعراء؛ فشِعْرُه خيالٌ مُتحرِّرٌ يرفضُ حدودَ الزمانِ والمكان. وقد أحدثَتْ أشعارُه نَقلةً تَجديدِيةً في مضمونِ الشِّعرِ العربي؛ فتحوَّلتْ به من شاطئِ العقلِ إلى بحرِ الخيال.

وُلِدَ «عبد الرحمن شكري عيَّاد» ببورسعيد عامَ ١٨٨٦م، لأسرةٍ ذاتِ أصولٍ مَغربِية، وقد كانَ لها دَورٌ مُؤثِّرٌ في حياتِه؛ حيثُ كانَ لزوجةِ أخيه «أحمد شكري» — المُولَعةِ برِوايةِ الحكاياتِ والأساطير — دورٌ في إثراءِ خيالِه، كما كانَ في مكتبةِ أبيه ما يُرضي نَهَمَه من دَواوينِ الشِّعر.

قَضى فَصْلًا من عُمرِه معَ أبيه ببورسعيد حتى نالَ الشَّهادةَ الابتدائية، ثُمَّ انتقلَ إلى الإسكندريةِ ليَلتحِقَ بمَدْرسةِ رأسِ التينِ الثانويةِ التي ظَلَّ بها أربعَ سَنواتٍ لينالَ منها الشَّهادةَ الثانويةَ (البكالوريا)، ثُم الْتَحقَ بمَدْرسةِ الحقوقِ إبَّانَ احتدامِ الحركةِ الوطنيةِ التي أتاحتْ له التعرُّفَ على «مصطفى كامل» زعيمِ الحركةِ الوطنيةِ في ذلكَ الوَقْت، والذي طلَبَ منه أنْ يعملَ مُحرِّرًا بجريدةِ «اللِّواء»، ونصَحَه أنْ يَلتحقَ بمدرسةِ المُعلِّمينَ فيَنهلَ من مَعِينِها ليكونَ عَوْنًا له في مَيْدانِ الصَّحافة.

وقد عطَّرَ «عبد الرحمن شكري» رَوْضةَ الأدبِ بالعديدِ من دواوينِه وقصائدِه، ومنها: دِيوانُ «ضَوْء الفَجر»، و«لَآلِئ الأَفْكار»، و«أناشيد الصِّبا»، و«زَهْر الرَّبيع»، و«الخَطَرات»، و«الأَفْنان»، و«أَزْهار الخَرِيف»، ونُشِر ديوانُه الثامنُ بعدَ مَوتِه ضمنَ الأعمالِ الكامِلة. بَدأَ شاعِرُنا صِراعَه معَ المرضِ صيفَ عامَ ١٩٥٧م، إلى أنْ صادَه الموتُ عامَ ١٩٥٨م.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤