عِيدُ الْجِهَادِ

Wave Image
عِــيـدَانِ عِـيـدُ الْـمُـشْـرِكِـيـنَ وَعِـيـدُنَـا
نَـعَـقَ الْـغُـرَابُ هُـنَـاكَ فَـاصْـدَحْ هَـا هُنَا
مَـــنْ كَـــانَ يَـــعْــبُــدُ لَاتَــهُ وَمَــنَــاتَــهُ
فَــلَــمِــصْــرُ أَوْلَــى بِــالْـعِـبَـادَةِ عِـنْـدَنَـا
أَوْ كَــانَ يُــشْــرِكُ فِــي هَــوَاهَـا دُمْـيَـةً
فَـعَـلَـيْـهِ مَـا اكْـتَـسَبَتْ يَدَاهُ وَمَا اقْتَنَى
سَـبِّـحْ بِـمِـصْـرَ وَصَـلِّ خَـلْـفَ زَعِـيـمِـهَا
هَــذَا الــزَّعِــيــمُ إِمَــامُــهَــا وَإِمَــامُــنَـا
الـــلـــهُ يَــهْــدِي مَــنْ يَــشَــاءُ لِــنُــورِهِ
سُــبْــحَــانَــكَ الـلَّـهُـمَّ مَـا هَـذَا الـسَّـنَـا!
هَــذَا الــزَّعِــيــمُ وَتِــلْــكَ هَــالَــةُ نُـورِهِ
وَمَـــضَـــائِـــهِ إِمَّـــا أَسَـــرَّ وَأَعْـــلَـــنَـــا
وَتَــرَاهُ فِــي الْــجُــلَّــى أَشَــدَّ صَــلَابَـةً
مَــنْ كَــانَ قَــبْـلَ الْـعُـجْـمِ سَـهْـلًا لَـيِّـنَـا
وَيَــعُــودُ كَــالْــمَــاءِ الــنَّـمِـيـرِ سَـلَاسَـةً
مَـنْ كَـانَ صَـلْـدًا كَـالـصَّـفَـا أَوْ أَخْـشَـنَـا
فَـــانْـــظُـــرْ إِلَـــيْــهِ تَأَمُّــلًا وَتَــيَــقُّــنًــا
وَانْــظُــرْ إِلَــيْــهِ مُــؤَمِّــلًا أَوْ مُــؤْمِــنَــا
هَــذَا الْأَمِــيــنُ وَإِنْ تَــطَــاوَلَ جَــاحِـدٌ
أَوْ كَــيْــذُبَــانٌ كَــمْ تَــشَــهَّـى مَـطْـعَـنَـا
هَــــذَا الْأَبِـــيُّ وَلَـــوْ أَرَادَ لَـــمَـــا أَبَـــى
هَــذَا الْــفَــقِــيـرُ وَلَـوْ تَـمَـنَّـى لَاغْـتَـنَـى
فَــحَّ الْــكِــتَــابُ سُــمُــومَ أَرْقَـمَ كَـالِـحٍ
قَـذَفَـتْ بِـهِ رِيـحُ الـسَّـمُـومِ إِلَـى «قِـنَا»
أَخَـــذَتْـــهُ عِـــزَّةُ آثِـــمٍ مُـــتَــفَــيْــهِــقٍ
تَــخِــذَ الْــكَــلَامَ تِــجَــارَةً فَــتَــفَــنَّــنَـا
كَــذَبَ الْــمُــشَــعْــوِذُ وَالَّــذِيـنَ تَآمَـرُوا
وَجَـنَـى عَـلَـى الْأَخْـلَاقِ مِنْهُمْ مَنْ جَنَى
تَأْبَــى الْــكِــلَابُ وُلُــوغَــهَـا فِـي حَـمْأَةٍ
سَــفَـلُـوا إِلَـيْـهَـا وَارْتَـضَـوْهَـا مَـسْـكَـنَـا
وَإِذَا الـنُّـفُـوسُ عَـلَـى ضَـغَائِنِهَا انْطَوَتْ
طَـفَـحَـتْ وَأَطْـلَـقَـتِ الْـحَـفِـيظَةُ أَلْسُنَا
•••
خَــرَجُــوا فَــمِـنْـهُـمْ مُـلْـحِـدُونَ وَمِـلَّـةٌ
قَـعَـدَتْ وَأَقْـعَـدَهَـا عَـنِ الـسَّـيْـرِ الْـوَنَى
وَتَـــفَـــرَّقُـــوا شِـــيَـــعًــا وَكُــلٌّ مَــارِقٌ
إِنْ كَــرَّ تَــحْــتَ الــنَّـقْـعِ فَـرَّ أَوِ انْـثَـنَـى
كَـفَـرُوا بِـمِـصْـرَ فَـلَـيْـتَ مَـنْ كَـفَرُوا بِهَا
قَــبْــلَ ارْتِــدَادِهِــمُ أَقَــامُــوا بَــيْــنَــنَـا
كَــفَــرُوا بِـمِـصْـرَ وَرَدَّهُـمْ شَـيْـطَـانُـهُـمْ
عَــنْ دِيــنِــهِــمْ وَمَـضَـى بِـنَـا إِيـمَـانُـنَـا
نُـسِـبُـوا إِلَـى سَـعْـدٍ وَمَـا انْـتَـسَـبُـوا لَـهُ
بَـرِئَ الـزَّعِـيـمُ مِـنَ الْـخِـيَـانَـةِ وَالْـخَـنَـا
قَـــدْ كَـــانَ سَـــعْـــدٌ أُمَّــةً فِــي وَاحِــدٍ
فَــسَـمَـا بِـهَـا وَتَـوَحَّـدَتْ فَـسَـمَـتْ بِـنَـا
فَـاسْـتَـفْـتِ عَـيْـنَـكَ هَـلَ تَـرَى مُـتَـفَرِّدًا
مِـــنْــهُــمْ بِــلَــوْنٍ أَمْ تَــرَى مُــتَــلَــوِّنَــا
وَاشْـهَـدْ عَـلَـيْـهِـمْ «كُـتْـلَـةً» أَوْ «هَيْئَةً»
أَوْ «جَــبْــهَـةً» أَوْ «هَـيْـكَـلًا» مُـتَـوَهِّـنَـا
«دَارُ الــنِّــيَــابَــةِ» لَا تَــحِــلُّ لِــعُـصْـبَـةٍ
دَلَــفَــتْ إِلَــيْــهَــا تَـحْـتَ أَلْـوِيَـةِ الْـفَـنَـا
أَفَــمَــنْ أَتَــى وَكِــتَــابُــهُ بِــيَــمِــيــنِــهِ
أَمْ مَـــنْ يَـــسُـــوخُ كِــتَــابُــهُ إِنْ دُوِّنَــا
أَفَــمَــنْ يَــرُدُّ إِلَــى الْـعِـبَـادِ حُـقُـوقَـهُـمْ
كَــمَــنِ افْــتَــرَى كَــذِبًـا صُـرَاحًـا بَـيِّـنَـا
أَبَــتِ الــسِّـيَـاسَـةُ أَنْ تَـقُـومَ حُـكُـومَـةٌ
فِــيــنَــا بِأَمْــرِ الــشَّـعْـبِ أَوْ أَنْ تُـذْعِـنَـا
•••
يَـا مِـصْـرُ هَـذَا يَـوْمُ عِـيـدِكِ فَـاسْـلَـمِي
وَاسْــتَــقْــبِــلِـي فَـجْـرًا يُـوَدِّعُ مَـوْهِـنَـا
سِيرِي عَلَى الْأَشْوَاكِ وَاقْتَحِمِي الدُّجَى
حَــتَّــى تَــرَيْ صُــبْـحًـا يَـلُـوحُ وَمَأْمَـنَـا
صَــهَــرَتْــكِ أَحْــدَاثٌ وَعَــضَّــكِ نَـابُـهَـا
وَبَـقِـيـتِ فِـي الْـحَـالَـيْـنِ أَصْفَى مَعْدِنَا
بَــرِئَــتْ صُــفُــوفُـكِ مِـنْ فُـلُـولٍ رَدَّهَـا
حَــذَرُ الْــفُــلُـولِ وَخَـوْفُـهَـا أَنْ تَـجْـبُـنَـا
وَإِذَا الْــجَـبَـانُ رَأَى الـسَّـلَامَـةَ مَـغْـنَـمًـا
حَــسِـبَ الْـجَـسُـورَ مُـغَـامِـرًا أَوْ أَرْعَـنَـا
مَــا بَــيْــنَ حَــرْبٍ ثُــمَّ أُخْــرَى بَـعْـدَهَـا
لَاحَـتْ مُـنًـى فِـي الْأُفْـقِ وَابْتَسَمَتْ لَنَا
فَــتَــمَــثَّــلِـي الْـمَـاضِـي لَـعَـلَّ عِـظَـاتِـهِ
تُـؤْتَـى فَـنَـجْـنِـي مِـنْ مَـرَارَتِـهَـا الْـمُنَى
فِــي كُــلِّ شِــبْــرٍ مِــنْ أَدِيـمِـكِ قَـطْـرَةٌ
خَــضَــبَ الـشَّـهِـيـدُ بِـهَـا ثَـرَاكِ وَمَـوَّنَـا
فَــتَــفَــيَّــئِــي ظِــلَّ الْــحَـيَـاةِ كَـرِيـمَـةً
وَتَـطَـلَّـعِـي عِـنْـدَ الْـحَـصَـادِ إِلَى الْجَنَى
وَتَـــهَـــيَّـــئِـــي لِـــغَــدٍ قَــرِيــبٍ عَــلَّــهُ
يَـجْـزِي وَيُـنْـصِـفُ مَـنْ أَسَـاءَ وَأَحْـسَـنَا

عن القصيدة

  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: الكامل
  • عصر القصيدة: الحديث

عن الشاعر

عزيز فهمي: شاعر مصري امتازَ بإنتاجٍ شِعريٍّ وفير، حازَ على إعجابِ مُعاصِريه في النصف الأول من القرن العشرين؛ لا سيما عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين.

وُلِد «عزيز عبد السلام فهمي محمد جمعة» في طنطا عامَ ١٩٠٩م، وكان والده أحدَ قِياديِّي حزب الوفد. تلقَّى «عزيز» تعليمَه الأساسي في مَسقط رأسه، ثم انتقَلَ إلى القاهرة فأكمَلَ دراستَه بمدرسة الجيزة الثانوية، والْتَحقَ بعدَها بكلية الحقوق بجامعة القاهرة، وفي الوقت نفسه انتسب إلى كلية الآداب، فدرَسَ فيهما معًا، وبعدما حصل على ليسانس الحقوق سافرَ إلى فرنسا لدراسة القانون، وهناك حصل على الدكتوراه في القانون من جامعة السوربون عامَ ١٩٣٨م.

بعد عودته من فرنسا عمل بالنيابة، غيرَ أنه فُصِل من عمله بعدَ إقالة الحكومة الوفدية عامَ ١٩٤٤م، فاشتغل بالمحاماة، وانتُخِب لعضوية البرلمان المصري عن حزب الوفد عامَ ١٩٥٠م، وكانت له فيه صَولاتٌ وجَولاتٌ أشهَرُها دِفاعُه عن حُرية الصحافة؛ ما أوغَرَ صدْرَ المَلِك عليه، فاعتُقِل بتهمة العيب في الذات المَلكية إبَّانَ الحربِ العالَمية الثانية. وشارَكَ «عزيز» في تحرير الصُّحف والمَجَلات التي كان يُصدِرها حزبُ الوفد، وكان عضوًا في كتائب الفدائيِّين، واشترَكَ في عملياتٍ فِدائيةٍ استهدفَتْ معسكراتِ قواتِ الاحتلالِ الإنجليزي.

أمَّا شِعْره فيتنوَّع بينَ قصائدَ طويلةٍ ومتوسطةِ الطول، ويتَّجه إلى رِثاء النفس، والغَزَل العفيف، ومَدِيح أعلام عصره، وبخاصةٍ «طه حسين» و«حافظ إبراهيم»، ورثاء آخَرين، فضلًا عن بُروزِ النَّزْعةِ الوطنية في شِعره واهتمامِه بقضايا الوطن. وله قصائدُ نشرَتْها مَجلاتٌ عِدَّة، منها: «الرسالة»، و«الثقافة»، و«الإرادة»، و«السياسة»، وقد نُشِر معظمُ شِعره في ديوانه «ديوان عزيز» عَقِب وفاته، وقدَّمَ للديوان الدكتور طه حسين، الذي أبدى في كلمته أسًى كبيرًا على الشاعر المُجِيد، الذي تَخطَّفَتْه يدُ المَنُون عاجلًا عامَ ١٩٥٢م في العيَّاط جنوبي القاهرة غَرَقًا في تُرْعةٍ مائية، بعدَ انقلابِ سيارةِ الأجرة التي كان يَستقِلُّها أثناءَ مُحاوَلتِه اللَّحاقَ بقطارِ الصَّعِيد ليتمكَّنَ من التَّرافُع في إحدى القضايا.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤