مَوْلُودٌ سَعِيدٌ

Wave Image
هُـلُـوعًـا أَيُّـهَـا الْـقَـلْـبُ الْـجَـلِيدُ
وَدَمْـعًـا أَيُّـهَـا الـطَّـرْفُ الْـجَمُودُ
بَـنِـيَّ تَـعَـاقَـبُـوا حَـوْضَ الْـمَنَايَا
فَــكُــلُّــهُــمُ لِــمَــنْــهَــلِـهَـا وُرُودُ
لَـوَ انَّ الْـمَـوْتَ يُدْفَعُ بِالْمَوَاضِي
لَــكُــنْـتُ سُـوَامَـهُ عَـنْـكُـمْ أَذُودُ
لَـوَ انَّ الـدَّهْـرَ سَـاوَمَـنِـي بَـدِيلًا
لَـكُـنْـتُ بِـمُـهْـجَـتِي فِيكُمْ أَجُودُ
أَمَـانٍ لَـهْـفَ نَـفْـسِـي خَـادِعَـاتٌ
وَأَحْــلَامٌ تُــكَــذِّبُــهَــا الْــجُـدُودُ
أَبٌ يَــرْنُــو لِــمَـيْـتٍ مِـنْ بَـنِـيـهِ
كَــمَــا تَـرْنُـو لِأَشْـبُـلِـهَـا الْأُسُـودُ
وَجَــارَاتٌ يَـنُـحْـنَ وَحَـاضِـنَـاتٌ
يَــذُبْــنَ أَسًــى وَثَـاكِـلَـةٌ تَـمِـيـدُ
وَقَـدْ ذَابَ الْـعَـقِـيـقُ فَـلَا عَقِيقٌ
سِـوَى دَمْـعٍ تُـرَقْـرِقُـهُ الْـخُـدُودُ
•••
تَـشَـهَّـدَ وَاسْـتَـهَـلَّ مَـعًـا وَلِـيـدًا
وَقَـبْـلَ الْـمَـهْـدِ ضَـمَّـتْـهُ اللُّحُودُ
وَأَزْجَـى الْـوَضْـعُ غَـيْمَتَهُ جَهَامًا
وَكَـمْ كَذَبَتْ عَلَى الْغَيْثِ الرُّعُودُ
فَــلَــمْ يَـكُ عُـمْـرُهُ إِلَّا الـثَّـوَانِـي
وَأَحْــرَزَهُ لِــجَــنَّــتِــهِ الْــخُـلُـودُ
لَــعَـمْـرِي بَـيْـنَ عُـمْـرِكِ أَيُّ فَـرْقٍ
وَبَـيْـنَ الْـعُـمْـرِ ضَـاقَ بِـهِ لَـبِـيـدُ
تَــلَــقَّـتْـهُ الْـحَـيَـاةُ فَـفَـرَّ مِـنْـهَـا
وَقَــالَ وَصَــلْــتُ لَـكِـنِّـي أَعُـودُ
أَلَــمَّــا أَبْــصَــرَ الــدُّنْــيَــا أَبَـاهَـا
فَــيَــا لَــذَكَــائِـهِ ذَاكَ الـشَّـهِـيـدُ
فَيَا «مَحْمُودُ» فِي رِضْوَانِ رَبِّي
لَــعَـمْـرِي أَنْـتَ مَـوْلُـودٌ سَـعِـيـدُ

عن القصيدة

  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: الوافر
  • عصر القصيدة: الحديث

عن الشاعر

محمد توفيق علي: شاعِرٌ مِصريٌّ يَنْتَمِي إِلى مَدْرَسةِ الإحْياءِ والبَعْثِ فِي الشِّعرِ العَرَبِي؛ تلكَ المَدْرَسةِ التِي وُصِفتْ بأنَّها أَحْيَتِ الشِّعرَ مِن مَرْقَدِه؛ حيثُ أعادَتْ بِناءَ القَصِيدةِ الشِّعريةِ بِناءً يُجدِّدُ فِي أَغْراضِها الشِّعريةِ ولا يَتَصرَّفُ فِي صُورتِها التَّقلِيديةِ المُتمثِّلةِ فِي وَحْدةِ الوَزنِ والقَافِية.

وُلِدَ محمد توفيق فِي قَرْيةِ «زاوية المصلوب» بمُحافَظةِ بني سويف عامَ ١٨٨١م أثناءَ الثَّوْرةِ العُرَابِية، وكانَ والِدُهُ مِن أَثْرياءِ الفَلَّاحِين، فأَلْحَقَه بِكُتَّابِ القَرْيةِ بِوَصْفِهِ أَوَّلَ بابٍ يُفْضِي إِلى مَدِينةِ العِلْمِ والدِّينِ فِي هَذا الزَّمَان، ثُم أَوفَدَهُ إلَى القاهِرة؛ فانْتَظَمَ بِمَدْرَسةِ «القِرَبِيَّة» حتَّى نالَ الشَّهادةَ الِابتِدَائِية، والْتَحقَ بَعدَها بِمَدرَسةِ الفُنُونِ والصَّنائِعِ فِي بولاق، ودَرَسَ بِها فُنونًا مِنَ الأَدَبِ العَرَبِي.

وكانَ القَدَرُ يَدَّخِرُ مُنْعطفًا آخَرَ فِي حَياةِ الشاعِر؛ إذِ اغْتنَمَ فُرصَةَ الإعْلانِ عَنِ الحَاجَةِ إِلى ضُبَّاطٍ بالمَدرَسةِ الحَرْبِية، فالْتَحَقَ بِها وتَخَرَّجَ ضَابِطًا عامَ ١٨٩٨م، ثُمَّ الْتَحَقَ بالجَيشِ المِصرِيِّ فِي السُّودان، وهُناكَ الْتَقَى بِشاعِرِ النِّيلِ حافظ إبراهيم ونَهَلَ مِن فَيْضِ شِعرِهِ الزَّاخِر، وبَعْدَ انْقِضاءِ مَهَمَّتِهِ فِي السُّودان عادَ إِلى مِصرَ وقرَّرَ أنْ يَهَبَ مَا بَقِيَ مِن عُمُرِهِ لِنَظْمِ الشِّعْر.

وعَلَى الرَّغْمِ ممَّا مُنِيَ بِه شاعِرُنا مِن ضائِقةٍ مالِيةٍ عصَفَتْ بثَرْوةِ أبيهِ وأَحالَتْهُ إِلى الفَقرِ والشَّقاءِ بَعدَ رَغَدٍ مِنَ النَّعِيمِ والثَّرَاء؛ فإنَّ ذلِكَ لَمْ يَمنَعْهُ مِن أنْ يُثرِيَ السَّاحةَ الأَدَبيةَ بالعَدِيدِ مِنَ الذَّخائِرِ الشِّعْرية؛ مِنْها دِيوانُهُ الكَبيرُ الذِي أَخرَجَهُ فِي خمسةِ أَجْزاء؛ هي: «قِفَا نَبْكِ»، و«السَّكَن»، و«الرَّوْضَة الفَيْحَاء»، و«تَسْبِيح الأَطْيَار»، و«تَرْنِيم الأَوْتَار».

وقَدْ وافَتْهُ المَنِيَّةُ عامَ ١٩٣٧م عَن عُمُرٍ ناهَزَ ٥٥ عامًا، ودُفِنَ فِي مَقْبرةِ أُسرَتِهِ الواقِعةِ عَلى مَشارِفِ الصَّحْراءِ شَرْقِيَّ النِّيل.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤